المتابع لواقع العمل الاثري في بلادنا يلاحظ انه شهد خلال السنوات القليلة الماضية العديد من الأختلالات والعشوائية ،مما أدى الى تدميرالعديد من المواقع والمعالم الأترية والتاريخية في مختلف المناطقوالمحافظات اليمنية ، وبالتالي ضياع العديد من الحقائق العلمية والتاريخية عن حضارة وتاريخ اليمن .
والمتابع للشأن الأثري في بلادنا لن يبذل جهدا جبارا لمعرفة انجازاتالهيئة العامة للاثار والمتاحف خلال هذه السنوات ، لأنها واضحة للعيان وتتمثل هذه الانجازات في هروب كوادر الهيئة للعمل في القطاع الخاص أو مع الصندوق الاجتماعي، وكذلك تزايد وتيرة عمليات تهريب القطع الأثرية الى خارج الوطن وبشكل يومي تقريبا وسرقة المتاحف الوطنية كما تم في متحف عدن خلال الفترة الماضية وغيره من متاحف الجمهورية ، أوأغلاقها ونهب محتويتها تحت ذريعة الترميم ،مستغلا بذلك عدم توثيق محتويتها قبل الأغلاق كما تم في متحف الموروث الشعبي بصنعاء والذي تم اغلاقه منذ سبع سنوات بحجة الترميم وتم حشر جميع محتوياته والتي تعتبر من أبرز الكنوز اليمنية في غرفة ليس متواضعة جدا وغير محكمة الأغلاق، كما أن جميع محتوياته غيرموثقة توثيقا علميا صحيحا كما توضح بذلك جميلة الديلي مدير عام المتحف المغلق منذ سبع سنوات تقريبا .
أيضا من الانجازات العظيمة لهيئة تدمير الاثار اليمنية نبش العديد من المواقع الأثرية تحت ذريعة التنقيب وتركها مكشوفة وبدون حراسة مما يسهلعملية تدمير الموقع ونبش مختلف محتوياته كما تم بتلك الصورة المرعبةلموقع العصيبية بمحافظة اب ، هذه الحادثة التي لو وقعت في بلد غير اليمنلأطاحت فورا بمسؤولي الاثار ولأحالتهم الى الأجهزة القضائية للمحاسبة ،هذه الحادثة كمايرى العديد من المختصين في الجانب الأثري أفقد اليمن أحدى أهم حلقات التاريخ اليمني، ومع ذلك مازال مسلسل تدمير المواقع والمعالم الأثرية والحضارية مستمرا وبشكل يومي كما يتم يوميا من تدمير ونهب مجمل المواقع الأثرية في محافظة الجوف، أيضا من الانجازات العظيمة لهذه الهيئة عزوف البعثات الأثرية عن الأستمرار في عمليات التنقيب الأثري بسبب عشوائية العمل الأداري في الهيئة أو تعويض هيئة الأثار لمهربي الأثار والمتاجرين بتاريخ وحضارة اليمن ،والأهم من كل ذلك هو الاهتمام الكبير بمشاريع المسح الأثري الوهمي ووجود اسم المسؤول الأول في الهيئةفي جميع كشوفات الصرف المالية بأسم المشرف العلمي حتى ولو كان كشفاباسماء فنيين وأجور زهيدة لا تتعدى السبعمائة ريال لفنيين كهربائيينقاموا ببعض الاعمال السهلة كتركيب زينة الاحتفالات بمناسبة عيد الوحدةاليمنية المباركة.
هذه باختصار شديد أهم وأبرز أنجازات الهيئة العامة لتدمير الاثار خلالالسنوات القليلة الماضية.والعجيب من هذا أن كل ذلك يتم والجهات المختصة لا تحرك ساكنا، ولم نسمعللأسف أن الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد قد قامت باحالة مسؤوليهذه الهيئة الى النيابة العامة لمحاسبتهم عن هذاالأهمال والفساد الواضح ،بالرغم ان تقرير لجنة السياحة والثقافة بمجلس النواب وهو أبرز التقارير الرسمية وأرفعها فضح العديد من الاختلالات والعشوائية التي تدار بها هيئةالاثار ، وقدم العديد من التوصيات لمعالجة هذةالاختلالات ألا أن كل ذلكتجمد أو ذهب أدراج الرياح وكأن الأثار اليمنية والتاريخ اليمني هو ملكيةخاصة لبعض المتنفذين في هيئة الاثار الذين لا يجب أن تطالهم يد المسائلةوالمحاسبة عن هذا العبث والأهمال المتعمد لتاريخ شعب وحضارة أمة بأكملها.
لذلك يجب علينا جميعا اعلاميين ومثقفين وأكاديميين دعوة الجهات المختصة ومطالبتها لمحاسبة كل من تسبب في العبث بتاريخ وحضارة اليمن، وتبني عقدالندوات العلمية لتدارس وضع الأثار اليمنية ومعالجة مختلف الاختلالاتالتي يعاني منها العمل الأثري في اليمن وأنشاء مجلس أعلى لأثار اليمنيةيكون برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء،كما هو معمول به في العديد من دولالعالم وذلك لحفاظ على ما تبقى من أرث حضاري هو أمانة في أعناقنا للحفاظعليه ، وليس لتدميره والعبث به كما يتم حاليا تحت مرأى ومسمع مختلفالجهات المختصة .