أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

عقيد: عبدالغني الوجية . واقعنا الشرطي المؤلم ..إلـــى متـــــى؟

- عقيد: عبدالغني الوجيه

الأحد, 19-أكتوبر-2014

عقيد / عبدالغني الوجيه

قائد شرطة الدوريات الراجلة – سابقا.

 

 

حتى لا ندخل في دائرة الخيانة بصمتنا , ما الأسباب التي يمكننا أن نبرر بها كل هذا التجاهل واللامبالاة تجاه الانفلات الأمني في البلد؟

 

الحقيقة أن كل ما يتمترس خلفه من وقعوا في وحل الإخفاق الأمني من مبررات (سياسية في أغلبها) هي محض افتراء بغية خصخصة الموازنات المهولة للمنافع والمصالح الشخصية البحتة دون اعتبار لمصلحة الوطن .

 

الشخصنة إرث بغيض تأصل في الذات القيادية حتى تلك التي نادت في حين من الأحيان بمحاربة الفساد ولم يكن ندائها خفيا أو حتى خفيفا بل كان مؤلما لكل الوطن بقدر الدماء التي سالت من الأطفال والفتية الأطهار الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل حياة أفضل لمن عاش بعدهم .

 

أحاول قدر الإمكان الابتعاد عن السياسة التي صدرت إلينا مثل جهاز حديث معقد التقنية تعمد مصدره إخفاء كتيب التعليمات (الكاتالوج) الذي يشرح كيفية الاستخدام , لذلك نجد كل حزب وكل شخص يصل إلى السلطة أو جزء منها يستخدم تلك السياسة وفق المنظور الذي يتوافق وشعارات حزبه أو طائفته ,حتى أضحى مجتمعنا حقلا للتجارب, ولو أن مجهودات تلك التجارب خصصت لاختراع نظام سياسي حديث نصنعه بأيدينا ليلائم حياتنا (التي نحن أدرى بشعابها) لكانت خسارتنا أقل ولوفرنا دماء زكية منها ما أهدر ومنها ما ينتظر.

 

في الجانب الأمني وحين قامت ثورة الشباب في فبراير 2011م كنت (كضابط شرطة) أستغرب غياب بعض رجال المرور من الشارع حينها !!

من قد يستغني عن خدماتهم من الاطراف المتنازعة على السلطة آنذاك ؟

ومن عساه قد يعتدي عليهم أيضاً؟

فكان المبرر الوحيد لغياب أولئك النفر منهم هو نقص الوطنية لديهم حتى كانت سيارات الأجرة تقطع الأرصفة وتعكس خطوط السير طولا وعرضا , وغياب الوازع الوطني هو ذاته المبرر الوحيد لما رأيناه مؤخرا من نهب بعض الضباط والأفراد لما أمكنهم حمله من الأسلحة والذخائر وترك المعسكرات مفتوحة أبوابها!!!

 

اليوم يغيب عن الظهور والعمل معظم رجال الشرطة ونقاط التفتيش الرسمية ولا أرى ما يمنع مزاولتهم لأعمالهم الأمنية , بل يكاد يجمع كل المختلفين سياسيا على أهمية وجودهم !!!

الشرطي ضابط كان أو فرداً يحتاجه الوطن للعمل في مثل هذه الأوقات العصيبة بجهد اكبر ولذك فإن عرفنا الشرطي يقتضي رفع الجاهزية ورفع درجة الاستعداد في الظروف الاستثنائية ولا يهمنا طابعها السياسي بقدر ما يهمنا أن تكون وفق القانون ولوائحه التنفيذية , هذا عملنا الذي من أجله وجدنا.

 

الانتماء الحزبي في الشرطة والجيش جريمة حرمها الدستور النافذ في المادة ( 40 ) منه , كما جرمتها المادة ( 21 ) من القانون رقم ( 67) الخاص بالجرائم والعقوبات العسكرية , والمادة ( 58 ) من القانون رقم ( 67 ) بشأن الخدمة في القوات المسلحة والأمن , وعقوبتها تتفاوت من التجريد من الرتبة إلى الطرد من الخدمة العسكرية أو الحبس وفق مواد القانون آنفة الذكر.

 

كان ولا يزال واقع الشرطة في بلادنا مريراً , حيث انتقل من فساد جعل الواسطة والمكانة الاجتماعية هي العامل الرئيسي في التعيين للمناصب القيادية قبل ثورة فبراير 2011م إلى يد أشد فساداً اعتمدت ( الى جانب ما سبق ) المكانة الحزبية (المجرمة قانونا) هي المعيار الأساس في تولي المناصب العليا والدنيا إلا من تم استثناؤهم من منطقة معينة من الوطن لاعتبارات سياسية مناطقية بحتة !!!

 

رسالتي اليوم الى كل من في مواقع القيادة هي للتذكير بأن الحساب أمام الله سبحانه لا تجدي فيه أعذار الدنيا الواهية فكل نفس تزهق وكل قطرة دم تسيل وكل عرض ينتهك أو مال يسلب , كل ذلك يحاسب عنه المسؤولون أمام لله مهما ساعدتهم الظروف في الافلات من العقاب في الدنيا .

 

نحن في الشرطة نخطب ود المجتمع الذي نأمل تعاونه معنا بينما لا زال تقصيرنا وسوء أعمال بعضنا تزيد المجتمع لنا كرها ويزداد عنا نفورا, فإلى متى ؟

 

همسة أمنية :

حمل السلاح سبب رئيسي في كثير من عمليات القتل الخطأ والقتل الناجم عن حالات غضب , ترك حمل السلاح ثقافة تميز المتعلم من الجاهل , لنترك حمل السلاح طوعا و ثقافة ولا ننتظر صدور القانون والقوة التي تنفذه إجبارا.

 

دام اليمن و دمتم بإذن الله سالمين.

 

alwajih@yahoo.com

Total time: 0.0524