أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » حوارات ولقائات

العلامة الحسيني: جولة خادم الحرمين الشريفين استثنائية وتصب في خدمة قضايا الأمة

- حوار: سامي العثمان
  رأى العلامة محمد علي الحسيني الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي أن جولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العربية لها أهمية تكاد تكون استثنائية من حيث قيمتها والاعتبارات المتعلقة بها، خصوصا ان المنطقة تمر بظروف بالغة التعقيد وحساسة جدا وان الامة تتطلع بشوق وبأمل كبير الى نتائج إيجابية ملموسة من هذه الجولة.
واضاف في حوار مع «اليوم السعودية » اننا نرى في مختلف تحركات وجولات واتصالات ونشاطات خادم الحرمين الشريفين أنها صبت وتصب في خدمة قضايا الامتين الاسلامية والعربية.
وهنا نص الحوار:
القمة الرباعية المرتقبة والتي تأتي لتعزيز اتفاق الدوحة والتي تضم السعودية وقطر وسوريا ولبنان كيف ترونها.. خاصة في هذة الفترة العصيبة من الاجواء التصاعدية التي يشهدها المشهد السياسي اللبناني؟
- أرحب بشدة بانعقادها، وأحث القادة الاربعة على اللقاء الدائم، الآن وفي المستقبل، لتوحيد الموقف بشأن لبنان وغيره من الدول التي تعاني من مشاكل سياسية وغيرها.
اما بالنسبة لتعزيز اتفاق الدوحة فأعتقد ان خير من يتولى الامر المملكة العربية السعودية التي كانت في الاساس راعية الحل اللبناني التاريخي من خلال اتفاق الطائف.
وانا واثق كل الثقة ان جهود خادم الحرمين الشريفين مع شقيقه امير قطر والرئيسين اللبناني والسوري ستثمر بإذن الله تهدئة للمواقف في لبنان.
زيارة خادم الحرمين الشريفين لسوريا وبعدها للبنان كيف ترون التحرك السعودي هذا والذي يدفع باتجاه الاستقرار والتهدئة في لبنان؟
- ان اهتمام الملك عبدالله بن عبدالعزيز بلبنان ليس جديدا فقد شمل دائما هذا البلد الصغير برعايته الابوية، ويمكن القول انه لولا هذه الرعاية لدخل لبنان النفق المظلم منذ زمن طويل.
كذلك فان خادم الحرمين الشريفين تعاطى مع الاخوة في سوريا من منطلق الحفاظ على المصلحة العربية، وجعلها فوق كل اعتبار، فكانت مبادرته الشجاعة والحكيمة خلال قمة الكويت الاقتصادية، محطة تاريخية لا يستطيع صناعتها الا الكبار، فتم تجاوز الخلافات والتباينات حفاظا على المصلحة العربية العليا، وتكرست المصالحة العربية العربية.
واليوم فان زيارة الملك الى كل من لبنان وسوريا ضمن جولة عربية، تصب في الاطار نفسه، اي لتكريس مناخ المصالحة، والانطلاق جماعة في معالجة اية اشكالات آنية، والتصدي لاية تحديات قد تواجه البلدين الشقيقين، على مستوى علاقاتهما الثنائية، او على مستوى اقليمي اوسع.
كيف ترون قدرة خادم الحرمين الشريفين على ترسيخ العلاقات اللبنانية السورية؟-
ليست مسألة مراهنة بل هي ثقة بدور سعودي لم يكن يوما من الايام الا عاملا للمصلحة العربية. ان خادم الحرمين الشريفين هو شخصية استثنائية على المستوى العربي والعالمي، وهو يحظى باحترام كبير في سوريا ولبنان، كما في سائر الدول.
هذه المكانة اكتسبها بفضل عوامل عديدة خاصة بالمملكة العربية السعودية كدولة سيدة مستقلة وقوية في قرارها وسياستها الخارجية، من جهة.
ومن جهة ثانية دولة حيادية ومنزهة عن اي غرض او مصلحة خاصة في التعاطي مع الدول العربية، دولة همها الاول الذود عن امة الاسلام والعرب.
كما ان هذه المكانة لجلالة الملك تأتي من صفاته الخاصة، فهو العارف المعتدل، والحكيم القادر، وهو الحاكم الرؤوف والحازم في آن.لذلك نجزم ان الملك سيوفق باذن الله في رأب الصدع لو وجد، وفي معالجة اي خلاف لو وقع، فكلمته مسموعة من قبل كل القادة العرب، لانها كلمة صادقة.
الوضع التصعيدي الناشئ عن مواقف حسن نصر الله من المحكمة الدولية زاد من اهتمام الدول الراعية للتسوية الداخلية وتشكيل حكومة وطنية،كل هذا يأتي في ظل مخاوف وتوجس من الشارع اللبناني والعربي من الجدية للنزول للشارع نتيجة لذلك التصعيد وكما حدث في مرات سابقة كيف يرى سماحتكم ذلك؟
-الاهتمام العربي والدولي بلبنان امر مشكور في اي وقت، لان هذا البلد، وللاسف الشديد يشهد تدخلات غير ايجابية من قبل قوى اقليمية لا تريد الخير له، واذا كان المقصود من الاهتمام الخارجي مساعدة لبنان على الحفاظ على استقلاله وسيادته فأهلا وسهلا.ا
ما بالنسبة للتوتر الحاصل حاليا، فقد سبق ودعونا من موقعنا، كمرجعية سياسية للشيعة العرب، جميع ابناء طائفتنا في كل مكان يعيشون فيه، الى الالتزام التام والصارم بالنظام العام، وعدم خرق القوانين، واللجوء الى الحوار مع اولي الامر في بلادهم لتحقيق المطالب اذا وجدت، ولرفع المظالم اذا حدثت. كانت هذه دعوتنا الى كل الشيعة في كل الدول العربية.
وهذا ينطبق تماما على لبنان، اذ نعمل في المجلس الاسلامي العربي على تهدئة الامور كلما تأزمت، ونحث ابناءنا على الالتزام بالنظام وعدم اللجوء الى العنف، الا في حالة الدفاع عن لبنان في صد اي عدوان اسرائيلي.قرارنا هو التزام خيار الدولة في لبنان، الالتزام بما تقرره، سواء في علاقتها مع المحكمة الدولية ومجلس الامن الدولي، او غيرهما من المؤسسات العالمية.هل تعتقدون ان هذا الدعم السعودي للبنان سيسهم في اشاعة اجواء التهدئة والبعد عن التشنج والتوتر السياسي والذي ساد في الايام الماضية.
 متى يمكننا ان نرى اجواء مستقرة دائمة وبعيدة عن التأزيم والذي يظهر بين كل فينة وفينة؟
- بالتأكيد سيساهم لقاء خادم الحرمين الشريفين مع المسؤولين والقيادات في لبنان في اشاعة أجواء التهدئة، ودليلنا على ذلك انه بمجرد الاعلان قبل ايام عن الزيارة المرتقبة فان اجواء التشنج خفت الى حد بعيد، وبات الكل ينتظر وصول خادم الحرمين الشريفين للقائه والاستماع الى مشورته ونصيحته.
هذا على المستوى السياسي، اما على المستوى الشعبي فقد جاء خبر زيارة خادم الحرمين الشريفين الى لبنان بمثابة هواء عليل في صحراء قاحلة، اذا انعش الآمال بالحفاظ على الاستقرار، بعد ان لاحت في الافق بوادر انفجار ازمة سياسية تذكر بأزمة السنوات 2006 و2007 و2008، والتي لم تنته الا باتفاق الدوحة.أما عن الاستقرار الدائم في لبنان، فللاسف نعتقد انه غير متيسر بسهولة ويقتضي دائما السهر عليه، والعمل على تجنب انفجار الازمات الكامنة.
ان تركيبة لبنان معقدة وتتيح لبعض القوى الخارجية التدخل لتحقيق بعض مصالحها وأغراضها، لذلك فان حذرنا على الدوام من هذا الخطر، وقلنا بضرورة الالتزام التام بمندرجات اتفاق الطائف، وتطبيقه كاملا، كميثاق ينظم العلاقات بين الطوائف المختلفة، على ان تكون الدولة هي المرجعية الوحيدة لحل الخلافات، بحيث لا تلجأ اية طائفة الى اية مرجعية خارجية.
وقد جاء تأسيسنا للمجلس الاسلامي العربي قبل اربع سنوات ونصف للتأكيد على ان هذا الخيار هو خيار الشيعة اللبنانيين.
* التلويح باستخدام القوة في الداخل اللبناني من بعض الافرقاء وعلى حساب فريق اخر كيف تنظرون اليه؟
-هذه مسألة مرفوضة جملة وتفصيلا، فالقوة وجدت للدفاع عن لبنان في مواجهة العدوان الاسرائيلي، واي استخدام لها في الداخل هو خدمة لاسرائيل.ف
ي اعتقاد سماحتكم هل هناك فريق دولي او اقليمي او محلي يستطيع تعديل مسار المحكمة في قضية اغتيال الرئيس الحريري الاب؟
- لا أعتقد أن المسألة ممكن مقاربتها من هذه الزاوية، فالسؤال يفترض انه بالامكان تسيير المحكمة الدولية باتجاه سياسي معين، وهي متهمة بالفعل بذلك من احد الاطراف في لبنان. وفي المقابل فان طرفا آخر يرفض الاتهام ويعتبرها غير مسيسة. ب
رأينا ان هذا النقاش عقيم، وبما ان الدولة اللبنانية وافقت على انشاء هذه المحكمة فينبغي ان يكون التعاطي معها تعاطي دولة، لا تعاطي بالمفرق من قبل اطراف. ومجلس الوزراء اللبناني هو الذي يقرر خطوة بخطوة كيفية هذا التعاطي.
أعلن تيار المستقبل مؤخرا وعلى صعيد المؤتمر التأسيسي للتيار توصيات تنادي بالتنوع والتعدد في المجتمع واعتباره الدفاع عن الوجود المسيحي وصونه مسؤولية عربية اسلامية وبقدر ما هي مسؤولية مسيحية.. كما اكد البيان على تحرير مزارع شبعا وكفر شوبا كيف يرى سماحتكم تلك الاطروحات؟
- في موضوع الوجود المسيحي سبق لنا ان ايدنا بقوة دعوة خادم الحرمين الشريفين الى حوار الحضارات والاديان، ومن يعمل من اجل هذا الحوار حري به ان يعمل اولا على حفظ التنوع الحضاري والديني في منطقتنا.
لقد حمت دولة الاسلام هذا الوجود انطلاقا من ان ديننا الحنيف هو دين التسامح والحوار والانفتاح. ونحن نلتزم التزاما تاما بمبادئ الاسلام.
أما في مسألة مزارع شبعا وكفرشوبا فان تحريرهما هو مطلب لبناني وعربي، ونحن كمجلس اسلامي عربي نضع انفسنا في طليعة حاملي لواء التحرير بالوسائل التي تقررها الدولة اللبنانية.
في رأي سماحتكم هل يمكن المساومة على العدالة؟- العدالة الوضعية نسبية وغير كاملة، وحدها العدالة الالهية هي ملاذ الانسان المطيع لربه ولرسوله الكريم. اما العدالة الوضعية فتخضع لشروط كثيرة لكي يصح حكمنا عليها.
وعلى كل حال، فان عدالة المحاكم اذا جاءت ناقصة او محورة او حتى جائرة، فان العدالة الشعبية لا تنخدع بسهولة.طرح المرجع الشيعي العلامة محمد حسين فضل الله رحمه الله نظرية المرجعية المؤسسة في محاولة لتطوير المرجعية الدينية الى مؤسسة؟- المرجعية لا يمكن ان تكون مؤسسة بالمعنى المتعارف للمؤسسة، من حيث هي بنى وتشكيلات معينة. المرجعية كانت عبر التاريخ مرتبطة بالمرجع الشخص، وليس بالجماعة.
ولم تكن المسائل الفقهية تعرض على التصويت مثلا، وهو من اساسيات العمل المؤسساتي. والمرجعية لا تورث للابناء والاحفاد، انما هي حيثية فكرية وفقهية وشعبية يصنعها المرجع لنفسه.
هذا ما فعله السيد فضل الله الذي تصدى لمسألة المرجعية العربية للشيعة، وعلى الرغم من اقامته عددا من المؤسسات الاجتماعية فهذا لا يعني ان المرجعية تحولت الى مؤسسة.
ان مرجعيتنا للشيعة العرب تأتي من الحاجة الى قيادة دينية وسياسية تحفظ الوجود الشيعي في المنطقة العربية كما كان عبر التاريخ، اي ان يشكل الشيعة في اي دولة عربية جزءا لا يتجزأ من نسيجها الاجتماعي والسياسي والقانوني. فالشيعة اختاروا منذ قرون الانتماء الى هذه الدول، على اساس الرابطة القومية وفضلوها على الرابطة المذهبية.
وقد بلورنا هذا الانتماء بالاستناد الى اطروحة فقهية متكاملة. من هنا جاءت مرجعيتنا من حاجة تاريخية، وتكرست في ضمائر الناس. 


Total time: 0.0726