أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

حصدت أكثر من31شخصاً وأصابت أكثر من 40 بعضهم يعاني من إعاقات دائمة "كُشَر" بحجة.. العيش في حقل ألغام

- حجة - محمد درمان

لا تزال كشر بعد عامين من الحرب التي دارت رحاها هناك تعيش أوضاعاً مأساوية وتعاني القهر والحرمان، يشكو أهلها تجاهل الدولة لمناشداتهم ومطالبهم الملحة في ظل تدهور مريع للأوضاع هناك.

المصدر أونلاين رصد أهم تلك الجوانب ووقفت على حقيقة الأوضاع لقرى كشر وعاهم والعزل التابعة لهما.

تحتل كشر وعاهم التابعة لها أهمية كبيرة بين أخواتها من مديريات حجور حيث تعد الممر الرئيسي القريب والتجاري إلى محافظات الشرق و الغرب (عمران و صعدة و الحديدة)، كما تحد 12 مديرية من مديريات المحافظة و كذا محافظة عمران ومن ثم العاصمة، ربما كانت أهمية موقعها سبباً في شقائها، حيث أصبحت هدفا للتوسع الحوثي في المنطقة بحسب ما يتداوله المواطنون هناك.

وقد خلفت الحرب التي خاضها المواطنون وقبائل حجور ضد الحوثي عدداً كبير من الضحايا وشردت عدداً آخر من الأسر التي نزحت إلى المناطق المجاورة كمنطقة الخميسين واسلم وعبس وحرض.

حيث تشير الإحصائيات الأولية لهذه الحرب التي شهدتها المنطقة بين قبائل حجور والحوثيين منها ما هو خسائر بشرية ("129" شهيداً منهم 6 أطفال ممن حصدتهم الألغام، و"215 "جريحاً بينهم 5 أطفال و 37 معاقاً إعاقة دائمة، كما كشف عن وصول عدد الأيتام الذين فقدوا آباءهم في تلك الحرب إلى 442 يتيماً و يتيمة).

فيما وصل عدد الأسر التي نزحت إلى "5516" أسرة نازحة، وكلهم من مديرية كشر ومستبأ، و"2200 فرداً" و "300" أسرة نازحة من وشحة و"100" أسرة نازحة من مستبأ، وما تبقى من الأسر في كشر فكثير منها تقبع تحت الحصار من كل الجهات.

وقد خلف هذا الواقع آثاراً سلبية على الحياة هناك، حيث أصبحت مشلولة ومعطلة تماماً وفي كل مناحيها، والتي من أبرزها تعطيل سوق عاهم الذي لا يزال معطلاً من بداية الحرب وحتى يومنا هذا، فالتجار والبساطون وأصحاب الورش والباعة المتجولون والمترددون على السوق من أبناء المديرية والمديريات المجاورة والمحافظات الأخرى استبشروا خيرا بعد سماعهم بأن الحرب انتهت، ليعودوا إلى السوق الذي يعتبر قلعة اقتصادية كبيرة في المحافظة لاستئناف الحياة فيه من جديد، إلا أن حرب الألغام التي استحدثت في المنطقة بعد هدوء الحرب كان الحائل بينهم وبين العودة إلى السوق وكان أول ضحية بانفجار تلك الألغام صاحب ورشة أثناء محاولته الرجوع إلى ورشته وتفقدها ومعاودة العمل فيها ليفاجئه لغم أرضي في إطار ورشته مزق جسده أشلاء، مما جعل العودة إلى السوق وممارسة التجارة فيها ضرب من المستحيل.

* المأساة تتعدد جوانبها وتتجاوز جانبها الاقتصادي أيضا إلى جانبها النفسي والاجتماعي التي يتعرض لها أبناء حجور، والذي لا يمكن أن يتخيله عقل، فالآثار النفسية التي يتعرض لها الأهالي والأطفال والنساء، وخاصة في أوساط النازحين تتمثل في الفزع الليلي لأطفال بعضهم فقدوا آباءهم والبعض الآخر تأثرت نفسياتهم بفعل ظروف العيش في النزوح ، إلى جانب فقدان العقل كما حصل لطفل في أحد مخيمات النزوح والذي ربطته أمه إلى جذع شجرة بعد أن فقد عقله جراء المعاناة والقلق، والشعور بعدم الراحة.

كما كشف فريق حقوقي ومعنيون في الجوانب النفسية زاروا المنطقة عن انتكاسة للمئات من الأطفال في بعض المهارات التي كانوا قد اكتسبوها في بيئتهم، وتم فقدانها بسبب النزوح والحالة المأساوية التي يعيشونها في المخيمات , مؤكدا أن من الأمراض التي انتشرت بين الأطفال كالتبول اللاإرادي، بسبب الخوف والهلع الذ أصابهم أثناء معايشتهم للقصف الذي شهدته المنطقة.

كما أن من الآثار النفسية التي يعيشها الأطفال، ظهور بعض الاضطرابات السلوكية بينهم مثل أكل الأظافر باستمرار، وكذلك اضطرابات الأكل وظهور الكآبة على وجوههم، إلى جانب الاضطراب النفسي لمن فقد جزءاً من أعضائه نتيجة الألغام، أو الذين أصيبوا بتشوهات جسمية، وكذلك لمن أصيب بإعاقة دائمة نتيجة الحرب.



* أما في الجانب النسائي فقد تعرضت بعض النساء الحوامل لحالات إجهاض نتيجة الخوف من الحرب، وظهور حالة من الذعر والهلع في الأوساط النسائية نتيجة القصف العنيف وإصابة بعض النساء بحالات إغماء دائمة نتيجة فقدانهن أزواجهن أو احد أفراد العائلة.



وقد اصيبت بعض النساء بالقلق و الهلوسة واختلال العقل خاصة من اللواتي فقدن العائل وخوفهن من المستقبل الذي ينتظرهن وأطفالهن.



وكذلك هو الحال من الناحية الاجتماعية فمئات الأطفال يعانون من فقدان العطف و الحنان نتيجة فقدان آبائهم في الحرب، وكذلك التفكك الأسري نتيجة ظروف الحرب من خلال نزوح الأسرة إلى عدة أماكن وعدم استقرارها.



كما خلقت المواجهات واقعاً مأساوياً تمثل بانتشار ظاهرة العنوسة في أوساط النساء نتيجة فقدان أزواجهن، فالمرأة والطفل هناك يعيشون معاناة حقيقية ومأساة متواصلة حيث يمسي ويصبح كثير منهم في العراء.



فالطفولة محرومة من قيم الحياة ومعانيها، ومن الحقوق التي كفلتها الشرائع السماوية لها، طفولة ليس في أجندة أصحابها ارتياد المدارس أو اللعب، وإنما يفكرون في كيفية حماية أنفسهم من ألغام تتربص بهم مع كل خطوة يخطونها، زرعت هناك لتضاعف من مآسيهم وتسرق منهم أرواحهم، كما أنهم لا يحلمون بغير الماء و الغذاء و المأوى والأمن والاستقرار.



أمهات تتمزق أرواحهن وهن ينظرن إلى فلذات أكبادهن وقد تحولوا إلى كومات من الأشلاء، وآخرون كتب عليهم أن يعيشوا بقية حياتهم بإعاقات دائمة.



وقد أشارت إحصائية أعدتها جمعية المرأة اليمنية بحجة أن "124 امرأة فقدن أزواجهن في المواجهات التي شهدتها المنطقة وأصبحن أرامل، و125 امرأة فقدن من أولادهن، و11امرأة أجهضن، و105 نساء فقدن عائلهن ما بين أخت وبنت، و17 امرأة مريضة نفسيا، و211 يتيمة، و13500 امرأة نازحة خرجن للعيش في الخيام تحت ضغوط الخوف على أولادهن من الظلام والأمطار والأمراض والجوع, وتحت هم التفكير للرجوع إلى منازلهن ومعاناتهن في البحث عن وسائل الطبخ المعتمد "الحطب والطرق البدائية القديمة".



وأوضحت رئيسة الجمعية عائشة الهاتف أن رسالة كل امرأة نزحت من الحرب في عاهم ومستبأ، أو فقدت عائلها أو ابنها أو أحد أقربائها هو أن تحس الإنسانية بهم و تنظر إلى الطفولة المشردة والأم الثكلى والإنسانية على أنها قيمة خالدة تنتهي عندها كل القيم, و أن يقوموا بدورهم وواجبهم الإنساني حكومة و منظمات وإعلاميين و خطباء وأحزاب لتخفيف معاناة هؤلاء و زرع الابتسامة على وجوههم و توفير ابسط متطلبات الحياة الكريمة والآمنة".



* منظمات أخرى حقوقية تحدثت عن الوضع القانوني والحقوقي للانتهاكات التي حدثت في كشر وعاهم وخاصة ما يخص جانب الألغام التي حصد ت أكثر من31شخصاً ما بين طفل وشاب وامرأة وشيخ وأصابت أكثر من 40آخرين، البعض منهم أصيب بإعاقة دائمة، في حين أن تلك الألغام لا زالت تقوم بدور الحرب التي هدأت من باب المواجهات بين الحوثيين والقبائل .



هادي وردان عضو فريق منظمة هود بحجة تحدث للمصدر عن النظرة القانونية للألغام وتجريمها دوليا كونها تعتبر "جرائم حرب لا تسقط بالتقادم" ، مستعرضا أثر الألغام على الأبرياء وآثارها النفسية على أقاربهم، مؤكداً رصد كل الانتهاكات وإعدادها الإعداد القانوني والدستوري ليتم عرضها أمام القضاء ليكون له الرأي في ذلك.



كما أشار إلى تواصل الفريق مع المنظمات الحقوقية والإنسانية وإطلاعهم على ما يجري في عاهم ومستبأ وإعداد رسائل إلى المنظمات الدولية والمهتمة بالشأن الإنساني واطلاعهم على ما يحدث، إلى جانب إبلاغ المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي و مجلس حقوق الإنسان الذين أدانوا ذلك وسيصدر لهم موقف في ذلك قريبا.



وأكد أن فريق هود أعد ومنذ فترة ملفا متكاملا يشمل تلك الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية، والتي تحوي بيانات الضحايا والجرحى مع شهادات الوفاة والتقارير الطبية وشهود الواقعة ليتم عرضها على القضاء ليقول كلمته وينتصر لكل المتضررين وردٌ اعتبارهم.



المأساة التي يتعرض لها أبناء حجور .

* النازحون قصة أخرى من قصص المعاناة الطويلة لهذه الحرب العبثية فالأوضاع المأساوية لهم و ما يعانونه جراء اتساع خط التماس الذي أدى إلى زيادة عدد النازحين حيث بلغ عددهم (5900) أسرة موزعة حسب المناطق وهي

مديرية خيران 1150 أسرة

مديرية خيران 270 أسرة

مثلث عاهم 500 أسرة

مديرية كشر 1000 أسرة

مديرية عبس 102 أسرة

مديرية مستبأ 339 أسرة

حيث وان غالبية هذه الأسر لا تستطيع العودة بسبب الألغام التي زرعت في البيوت و المحلات و المزارع و أماكن الرعي والري.



ثم إنهم يعيشون أوضاعاً مأساوية، ومنها "الحرارة المرتفعة في مناطق النزوح، وتواجد كثير من الأسر النازحة في أماكن السيول، كما تعاني غالبية الأسر من عدم وجود مخيمات وكذا الخيام, وكثير مما تم توزيعه من قبل اليونسيف والمفوضية وجمعية الإصلاح وبعض الجمعيات الأخرى لا تفي بالغرض، فالنازحون بحاجة ماسة لأكثر من 5000 خيمة. بينما الموجود لا يتجاوز ـ2000خيمة.



* أما الوضع الصحي للنازحين فيكاد يكون كارثة في حد ذاته حيث يؤكد الدكتور ضيف الله الحملاني عضو جمعية الأطباء بالمحافظة في تصريحه للمصدر أن أبرز معاناة النازحين في الجانب الصحي تتمثل في شحة الأدوية، وبعد المسافة، وعدم وجود سيارات إسعاف لنقل المصابين من الحرب و قلة الكوادر البشرية المؤهلة من أطباء و صيادلة و ممرضين و مخبريين سواء في أوساط النازحين أو المصابين من الحرب.



كما أشار إلى أن وضع النازحين صعب للغاية خلال هذه الأيام، خاصة مع اشتداد البرد، والذي عادة ما يكون مصحوباً بالأوبئة والأمراض, حيث أعاد ذلك إلى عدم وجود مستشفى ميداني متكامل للنازحين أو حتى وحدات صحية فيها بعض التجهيزات التي تقوم بالدور المطلوب في تقديم خدمات صحية جيدة للنازحين، مشيراً إلى أن ما هو موجود من خدمات صحية لا تساوي نسبة 5% وليست بالمستوى المطلوب.



وكشف الحملاني إلى حدوث حالات وفيات في أوساط النازحين جراء انتشار الأمراض، والتي قال أن أكثرها الملاريا والالتهابات والتيفوئيد، وانتشار أمراض أخرى جراء سوء النظافة وازدحام مخيمات النزوح بالبشر، وكذلك سوء التغذية واستخدام أماكن طهي الطعام بين الأتربة وتعرضها للغبار والأوساخ، كون الأماكن مكشوفة، وكذلك بسبب النقص الحاد في العلاج، كما كشف عن حالات وفيات أخرى للجرحى من الحرب بسبب شحة الإمكانات .



ووجه الحملاني نداءاً عاجلاً لتقديم العون الصحي للنازحين وتوفير العلاجات الضرورية لهم وبناء وحدة صحية بتجهيزاتها لمواجهة الأمراض في أوساط النازحين كون ذلك واجب إنساني بحت.



* وعن الوضع التعليمي في المنطقة فمنذ ما قبل الحرب إلى يومنا هذا أوقفت الدراسة في كشر في أكثر من" 20" مدرسة منها "مدارس في سودين، و مدارس خميس القاضي و مدارس بني داوود و مدارس في بني السعيدي، ومزرعة وجحاشة عاهم ومدارس مستبأ", وإن عادت بعض تلك المدارس فبصورة محدودة وفي ظل إحجام الطلاب والطالبات عن الدراسة جراء الخوف من شبح الألغام في الطرقات المؤدية لتلك المدارس.



فالوضع التعليمي ما يزال على نفس المنوال الذي كان في بداية الحرب في عاهم حيث لا زالت أكثر 8 مدارس معطلة في كشر ما بين ثانوية و أساسية و 6 مدارس في مستبأ تم استخدامها متارس للمقاتلين للحوثيين وهي " مدرسة أبو دوار، ومدرسة الخميسي, و كذا مدارس عاهم كـ "مدرسة الفتح، وعائشة، والشهيد يحيى عياش"، وهناك أكثر من 3000 طالب و طالبة في مناطق النزاع محرومون من التعليم حتى هذه اللحظة.

المصدر : المصدر اونلاين

Total time: 0.0495