أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » حوارات ولقائات

تهريب الأطفال والدعارة والزواج السياحي والرق.. ظواهر خطيرة باليمن

- المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر
أجرت صحيفة الراية القطرية حوارمطولا مع رئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشرفي اليمن سلط فية الاضواء على مظاهرالاتجاربالبشر في اليمن
والمعضلات التي تواجهة نشاط المؤسسة نشرفي عددها رقم 10418الصادريوم الاثنين الموافق 15/11/2010م وفيما يلي نص الحوار:

تتعدد الصعوبات والمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها اليمن، فاليمن السعيد صار اليوم يرزح تحت وطأة مشكلاته المتزايدة يوما بعد اخر.. ولعل في جانب الصورة ما يشير إلى مشكلة الاتجار بالبشر هناك والتي تتعدد أشكالها وتتنوع مسمياتها.. وفي هذا الحوار يسلط الاستاذ علي ناصر الجلعي مؤسس ورئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ورئيس دائرة العلاقات العامة والاعلام بمجلس عام تنسيق منظمات المجتمع المدني في اليمن الضوء على خفايا مشكلات الاتجار بالبشر في اليمن وعن تفاصيل تتعلق بالتوجهات العربية والعالمية المتصلة بهذه القضية.
< بداية اسألك من هم ضحايا الاتجار بالبشر. !!
ــ عرف الاتجار بالبشر بانه: الاستخدام والنقل والاخفاء والتسليم للاشخاص من خلال التهديد أو الاختطاف أو الخداع واستخدام القوة والتحايل أو الاجبار أو من خلال اعطاء أو أخذ فوائد لاكتساب موافقة وقبول شخص يقوم بالسيطرة على شخص آخر بهدف الاستغلال الجنسي أو الاجبار على القيام بالعمل وهذا التعريف ساد اطلاقه على الاتجار بالبشر لاعتماده على النص القانوني لبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر وخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة وينقسم إلى قسمين هما :-
1- الاتجار بالبشر لأغراض جنسية حيث يتم فرض ممارسة جنسية مقابل أجر بالقوة أو بالخداع أو بالاكراه ويكون الشخص الذي أجبر على القيام بذلك النشاط لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر.
2- تجنيد أو ايواء أو نقل أو توفير أو امتلاك البشر من أجل العمل أو الخدمة عن طريق القوة أو الخداع أو الاكراه بهدف الاخضاع لعبودية قسرية أو الاستغلال غير المشروع كضمان الدين أو الرق مضيفا إلى ان المستهدفين للاتجار بالبشر هم الأطفال والنساء والعمال.
< حدثني عن فكرة انشاء مؤسسة لمكافحة الاتجار بالبشر في اليمن؟
ــ فكرتها انطلقت من دوافع إنسانية ووطنية. فمشكلة الاتجار بالبشر تنشأ في البلدان التي تظهر فيها الصراعات السياسية واقتصادها ضعيف ونحن في اليمن ظروفنا معروفة وكذلك ما يحدث في الصومال له تأثير على اليمن وتكبد الاقتصاد اليمني خسائر كثيرة كونه البلد الوحيد المتبني للاجئين الصوماليين وعندما شاهدت الأطفال اليمنيين يتسولون في الشوارع وكذلك اللاجئين من الصومال ودول القرن الافريقي يضطرون تحت وطأة الحاجة إلى العمل في أي أعمال من أجل لقمة العيش،إلى جانب ما لاحظته وغيري من تغيرات كبيرة في السلوكيات والممارسات التي لم تكن معروفة في المجتمع اليمني إلى ماقبل سنوات والتي للاسف كان دافعها اقتصاديا بدرجة اساسية.. كل ذلك كان محفزا لاخراج فكرة تبني انشاء المؤسسة إلى الوجود وتحويلها من مجرد فكرة إلى حقيقة.

ظواهر وسلوكيات

< ماذا تعني بالممارسات والسلوكيات التي لم تكن معروفة في أوساط المجتمع اليمني؟
ــ فرضت الاوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية عاما بعد اخر على بعض شرائح المجتمع اليمني وخاصة تلك الفقيرة والمعدمة ان تلجأ إلى الحصول على المال باي طريقة كانت.. الامر الذي اوجد شبكات للدعارة بكل أسف، والى بروز ظاهرة الزواج السياحي وتهريب الأطفال للعمل في دول الجوار واستغلالهم في أعمال ومهن تحط من طفولتهم.
< هل هناك مشكلات حقيقية للاتجار بالبشر في اليمن؟
ــ هذه المشكلات موجودة وتتسع في تنوعها يوما بعد اخر.. فبعد ظاهرة تهريب الأطفال برزت ظاهرة الزواج السياحي وبعد ذلك جاءت ظاهرة المتاجرة بالاعضاء البشرية وقبلها اتساع الانشطة غير الاخلاقية واخيرا الكشف عن وجود الرق في بعض المناطق اليمنية وان هناك اتجارا بالبيع والشراء للبشر.

قضية حيوية

< ما هي المعالجات التي لديكم لمواجهة قضية الاتجار في البشر باليمن؟
ــ لدينا مشروع متكامل بحاجة إلى تمويل والذي يندرج في محورين المحور الاول يتضمن التوعية بمفهوم هذا المشكلة وتحديد صورها للمجتمع عبر الحملات والندوات التوعوية للضحايا وتثقيفهم بحقوقهم ومناصرتهم والتعريف بهذة الظاهرة والاثار والمخاطر المترتبة عليها والمحور الثاني تنموي وحماية للضحايا وهو عمل المشاريع الخيرية والتنموية وانشاء دار لايواء ضحايا الاتجار بالبشر واعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع ويهدف هذا المحور إلى معالجة المشكلة الاساسية وليس مكافحة الاتجار بالبشر لان المكافحة إذا كافحتها اليوم في مكان ما ستنتقل إلى مكان اخر وهذا لا يحل المشكلة.. نحن لدينا برامج تتمثل في عمل الدراسة للضحية ومعالجة الاسباب الرئيسية التي ادت إلى وقوعها ضحية للاتجار بها قد تكون مادية أو اجتماعية أو أو.. .. فهذا هو هدفنا والمحور الثالث هو التصدي للجريمة قبل وقوعها عن طريق العمل المتكامل مع الأجهزة الحكومية المعنية.

< هل تعتبر قضية الاتجار بالبشر حيوية من الناحية الشرعية والإسلامية؟
ــ نعم قضية حيوية وموقف الشريعة الإسلامية واضح جدا والدين الإسلامي هو من كرم البشر في قولة تعالى "ولقد كرمنا بني ادم" وتعتبر جريمة الاتجار بالبشر محرمة شرعا كونها تنتهك الكرامة الإنسانية وهي مرفوضة جملة وتفصيلا وبالنسبة لحيويتها فهي أصبحت قضية من قضايا العصر كونها تهدد السلم والأمان الاجتماعي وبدأت العصابات تستخدم التقنية الحديثة لتنفيذ مخططاتها الاجرامية ولا بد من مواجهتها بأقوى من التقنية التي يستخدمها المجرمون حتى نستطيع الحد منها.

سببها الفقر

< باعتقادكم ماهي اسباب تعدد وتنوع مظاهر الاتجار في البشر في اليمن ما هي خلفيتها؟
ــ كل مشاكل اليمن تنشأ بسبب عدم تطبيق النظام والقانون فإذا ماتم تطبيق النظام والقانون في كل مفاصل الدولة ومحاسبة من يقصر أو يتجاوز عملة اعتقد ان المشاكل في كل نواحي الحياة سوف تحد ومنها مشكلة الاتجار بالبشر.. ولعل العنصر الاقتصادي والمعيشي هو من أبرز الاسباب التي تدفع إلى تعدد وتنوع مشكلة الاتجار بالبشر في اليمن – يضاف إلى ذلك قلة الوعي التعليمي والديني.. وضعف الاداء الرقابي لأجهزة الدولة وضعف التشريع القانوني.
< ألا ترى ان هناك تضخيما متعمدا لمثل هذه القضايا؟
ــ لا ليس صحيحا ذلك.. هذه المشكلة موجودة.. وليس هناك تضخيم لها وربما ان الحديث حولها يدفع بالسلطات والأجهزة الحكومية إلى وضع نفسها امام مسئولية التصدي لهذه المشكلات ومعالجة اسبابها التي تدفع بها إلى الظهور.
< يعني ان مواجهة هذه المشكلات مقتصرة على الجانب الرسمي؟
ــ لا من قال ذلك.. لمؤسسات المجتمع المدني دورها في مواجهة قضية الاتجار بالبشر بمختلف اشكالها وانواعها.. ونحن في المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر لانستطيع أن نقوم باي دورمالم تتعاون معنا الجهات المختصة فإذا ما مكنتنا الدولة وسهلت لنا كل الاجراءات سنبذل جهود ونتائج طيبة ولن يتعاون معنا أي شخص اويزودنا باي معلومات مالم تكن لدينا موافقة رسمية.
< ما الذي تقصده بالموافقة الرسمية؟
ــ اقصد ان عدم قبول الأجهزة الحكومية المعنية بمشاركة أطراف اخرى لها في التصدي للمشكلات التي يعاني منها المجتمع وكذا عدم اعترافها بوجود هذه المشكلات يعد من بين أهم المعوقات التي تحد من نجاح أي توجه أو نشاط – حكوميا كان أو تطوعي – نحن في المؤسسة اليمنية لمكافحة الاتجار في البشر ومنذ اشهار تأسيسها في بداية شهر مارس 2009م واجهنا تعنت حكومي في منحنا الترخيص من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بالرغم أننا قدمنا ملف متكامل وتم تأسيس المؤسسة بموجب قانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية رقم (1) لعام 2001م.
< هل كان هناك مبرر لذلك التعنت؟
ــ لا.. بالتأكيد لايوجد مبررا لذلك فالمؤسسة اشهرت وتم تأسيسها بعد ان أنجزت اللجنة التحضيرية المكونة من 14 شخصا منهم تسعة من اساتذة الجامعات وباحثين وشخصيات اجتماعية من الذكور والاناث ويمثلون محافظات امانة العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات - ذمار- المحويت- لحج - ابين - اب - حضرموت - البيضاء مشروع النظامها الداخلي، ووفقا لذلك فقد تأسست بموجب قانون الجمعيات والمؤسسات رقم (1) لعام 2001م الذي منحها الحق في ان تكون حائزة على الصفة القانونية والرسمية.

رسالتنا إنسانية

< هنا أسألك عن أهداف مؤسسة مكافحة الاتجار بالبشر ما هي؟
ــ المؤسسة وهي تتحمل رسالة إنسانية تتلخص في مكافحة الاتجار بالبشر بكل أشكاله وأنواعه وصوره تسعى من خلال ذلك إلى الاسهام والعمل على مكافحة جميع استغلال البشر بصورة غير شرعية والمعاملات غير الإنسانية تجاه أي شخص كان ومكافحة تهريب الأطفال وتقديم الخدمات الإنسانية والخيرية لكل شرائح المجتمع مما يمنع استغلالهم فكريا اضافة الحفاظ على التماسك الاجتماعي داخل المجتمع ومحاربة الإرهاب والمناطقية والطائفية والعنصرية في أوساط المجتمع اليمني.
كما وضعت المؤسسة ضمن اهدافها الاساسية ممارسة كل وسائل التحفيز والضغط من أجل اصدار قانون مكافحة الاتجار بالبشر.. كما اننا معنيون بمحاربة استغلال واضطهاد المرأة في المجتمع وفقا للدستور والقوانين النافذة في اليمن.. وبالدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته العامة والخاصة أمام القضاء والنيابات وأجهزة الضبط وبرصد أي ظاهرة بالاتجار بالبشر وتقديم مرتكبيها للعدالة واطلاع الرأي العام عليها.
إلى جانب تدريب وتأهيل المحامين والإعلاميين وغيرهم لتطوير قدراتهم في مجال قضايا الاتجار بالبشر والتوعية بها ومكافحة ظاهرة أطفال الشوارع والعمل على رعايتهم وتأهيلهم علميا مما يمنع استغلالهم فكريا وأخلاقيا بالتنسيق مع المؤسسات الخيرية العاملة في هذا المجال وتوعية فئة الشباب – ذكورا واناثا – وبقية شرائح المجتمع بالأهداف والمبادئ والثوابت الوطنية وتثقيفهم بأهمية مكافحة الاتجار بالبشر.
< لتحقيق هذه الأهداف.. ما هي وسائلكم؟
ــ وسائلنا بايجاز هي وسائل العمل المدني التطوعي الذي تعتمده كل منظمات المجتمع المدني في العالم وتتلخص في الترافع أمام المحاكم والنيابات وأجهزة الضبط القضائي ضد المتورطين في اشكال الاتجار بالبشر وتسخير المحامين وذوي الخبرة القانونية المنتسبين إلى المؤسسة لتحقيق أهدافها وتقديم المساعدة القانونية وعقد الندوات والدورات التأهيلية والتوعوية وورش العمل التي توضح نشاطها في مكافحة الاتجاربالبشر وإصدار النشرات والمطبوعات ونشر التوعية عبر وسائل الإعلام بهذه القضايا في جوانبها وأشكالها المختلفة وذلك بالتعاون مع المؤسسات والجمعيات والنقابات المحلية والخارجية.
كما تتضمن وسائلنا إنشاء وحدة خاصة برصد ظاهرة الاتجار بالبشرواقامة المشاريع الخيرية والتنموية التي يستفيد منها من يقعون ضحايا لحالات الاتجار بالبشر.

نكشف أمراضنا

< هناك الكثيرون من يرون انكم من خلال هذه القضايا تنشرون الغسيل القذر لمجتمعكم؟
ــ تلك نظرة قاصرة واتهامات مسبقة، لاتستند إلى دليل ومردودة على اصحابها ومطلقيها.. والامر غيرذلك فنحن حين نبادر إلى الاسهام في الكشف عن الأمراض التي يعاني منها مجتمعنا وفي المبادرة إلى معالجة المشكلات التي تطبق بخناقها على مجتمعنا – مهما بدأت في اول الامر صغيرة، ننطلق من واجبنا الديني الإسلامي ومن حرصنا على قيمنا واخلاقنا العربية ومن التزامنا الإنساني.. أما ما يقال غير ذلك فهو مردود لاصحابه الذين يدفنون روؤسهم في الرمال.
< تلك الاتهامات تشير إلى التمويل الخارجي؟
ــ نحن في المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر نعمل بشكل تطوعي وبجهود وامكانات مادية فردية وسبق ان نبهنا وحذرنا من توسع وتنامي ظاهرة الاتجار بالبشر، وذلك بعد ان رصدنا وقوع ما يقارب من 500 حالة إتجار واستغلال لآلاف الأطفال والنساء في البغاء داخل البلاد وخارجها.. ونبهنا إلى خطورة قيام عصابات بتهريب آلاف الأطفال اليمنيين الذي يتم عبر الحدود الدولية التي تربط اليمن بدول مجلس التعاون الخليجي حيث يتم تسخيرهم واستغلالهم في أعمال شاقة وأعمال جنسية أو التسول.
كما نبهنا إلى خطورة الاستغلال البشع لبعض السواح الاجانب – ومن دول الخليج تحديدا – لحالة الفقر الذي تعاني منه فئات واسعة من الاسر اليمنية في نشر ظاهرة الزواج السياحي وفي اغراء بعض الفتيات إلى امتهان مهنة الدعارة، والتي بكل أسف تتورط فيها فتيات لا تتجاوز أعمارهن 15 عاما يتم استغلالهن لتجارة الجنس في الفنادق والنوادي في صنعاء وعدن وتعز، فيما يتم تهريب آخريات إلى دول غنية مجاورة لليمن.
< يستند اولئك إلى تقارير أمريكية وأوروبية؟
< ليس ذلك سرا فقد اتهمت وزارة الخارجية الامريكية اليمن انها مصدر الاتجار بالأطفال والنساء داخليا وخارجيا لاغراض التسول والاستغلال الجنسي واعتبرت ان اليمن تعد وجهة ممكنة للنساء العراقيات ودول القرن الافريقي وان هناك مسؤولين نافذين كبار في الدولة وراء هذه التجاره.. وهذا الامر اعتبره استغلالا غير بري من قبل من يوجهون تلك الاتهامات لنشاط ومقاصد المؤسسات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والتي تقف في مواجهة ظاهرة الاتجار بالبشر في اليمن وغيرها من الدول العربية والإسلامية.

تهريب أطفال اليمن

< وماذا عن أول أسباب ظاهرة الاتجار بالبشر التي ظهرت في اليمن، وهنا اقصد – قضية تهريب الأطفال واستغلالهم؟
ــ من اسباب تنامي تهريب الأطفال هو عدم اعتراف السلطات اليمنية بوجود هذه الظاهرة وعدم وجود مؤسسة مجتمع مدني تحارب هذه الظاهرة واخفاق وزارة الشئون الاجتماعية في عملها ورفضها وضع شراكة لمنظمات المجتمع المدني في هذا الجانب . ونحن نصنف عمالة الأطفال وتهريبهم إلى الخارج مشكلة بحد ذاتها فمعظم الأطفال يضطرون للعمل في حرف ومهن وضيعة من أجل توفير ما يكفي من المال لاعالة اسرهم.
< يقتصر الامر على تهريب الأطفال.. فماذا عن استغلالهم في النزاعات المسلحة؟
ــ نحن ادنا واكدنا مسؤولية الجانب الحكومي والمتمردين الحوثيين في صعدة وكذا عناصر الحراك الجنوبي في الزج بالأطفال في الصراع السياسي والعسكري واعتبرنا ان ذلك يندرج تحت ظاهرة الاتجار بالبشر حيث ان القانون اليمني يحرم انخراط من هم دون 18 عاما في السلك العسكري.
< تحديدا كيف يمكن مواجهة هذه المشكلة والحد منها؟
ــ لن يتم ذلك إلا من خلال مواجهة هذه المشكلة ومعالجة مسبباتها وهي بحاجة إلى مشاريع تنموية تتبناها الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية بحيث تفي الغرض من عمالة الأطفال وهو إعالة أسرهم وتوفير التعليم المجاني لهم وتعتبر من جرائم الاتجار بالبشر كونهم لم يبلغوا السن القانونية وهذا هو الحل الجذري لها. لأننا إذا اردنا حل أي مشكلة يجب معالجة اسبابها ومشكلة عمالة الأطفال في اليمن هو من أجل الانفاق على اسرهم واستمرارهم في التعليم فإذا ما قمنا هذة المشكلة وقضينا على اسبابها فإنها ستظل قائمة.
< تحديدا هل لديكم ارقام اواحصائيات عن مشكلة الاتجار بالأطفال؟
ــ احيلك إلى دراسة علمية وضعها الاستاذ الدكتور وخبير الاقتصاد والتنمية على الفقية حول تنامي مشكلة عمالة الأطفال في اليمن واستغلالهم في امتهان وظائف واعمال وضيعة وتسخيرهم في اعمال منهكة وغير ادمية وخاصة اولئك الأطفال الذي يتم تهريبهم إلى دول اخرى مجاورة لليمن حيث أوضحت الدراسة ان عدد الأطفال اليمنيين الذين تم تهريبهم لدولة مجاورة خلال أربع سنوات بلغ 51 الف طفل بتقارير رسمية والبعض افاد عن 39 ألفا وتقارير افادت انه يزيد عن (50) الف أما التقارير الدولية فإنها اشارت انها تزداد بمعدل 12%شهريا فيما وصل عدد الذين تم القبض عليهم إلى (39260 ) طفلا وطفلة وعدد من رحلوا عبر منفذ حرض الحدودي مع السعودية من الأطفال اليمنيين (9765) طفلا وطفلة خلال عام 2004م ونسبة النمو السنوية للأطفال المتاجربهم هي 1.4?.
وفي تقرير لمركز الطفولة في مديرية حرض افاد انه تم استقبال وايداع 976 طفلا ومن يتم القبض عليهم لايمثلون نسبة 20-30% من اجمالي الأطفال المهربين والفئات العمرية للأطفال تقع بين سن 16-12 سنة منهم 85%ذكور و15% اناث وفي تقرير رسمي كشف ان الأطفال الذين تم تهريبهم عام 2007م بلغ ( 622) وان من اسباب تنامي تهريب الأطفال هو عدم الاعتراف بوجود هذه الظاهرة وعدم وجود مؤسسة مجتمع مدني تحارب هذه الظاهرة واخفاق وزارة الشئون الاجتماعية في عملها ورفضها وضع شراكة لمنظمات المجتمع المدني في هذا الجانب.

دورنا محدود

< أنتم منظمة مدنية ما الذي عملتموه من أجل الحد من تهريب الأطفال اليمنيين إلى دول الجوار؟
ــ مشكلة تهريب الأطفال مشكلة كبيرة جدا وللاسف كل برامج الدولة والمؤسسات التي تنشأها لاتقوم بدورها الحقيقي بل تقوم بدور المدافع ولاتبحث في العمق الاستراتيجي الذي أنشئت من أجله لذلك تظل المشاكل في اليمن متفاقمة فمثلا نذهب لوزارة الشؤن الاجتماعية ولديها دوائر متخصصة وظيفتها الدفاع وتفنيد عدم وجود المشكلة لوسائل الاعلام ونحن حقيقة لم نقم بأي دورفي هذا الموضوع ماعدا اقامة الندوات التي تظهرهذة المشكلة كوننا في دراستنا التي قدمناها للجهات الحكومية اليمنية اقترحنا تشكيل غرفة عمليات مشتركة من وزارة الشؤون الاجتماعية والوزارات والجهات المختصة ومنظمات المجتمع المدني المختصة كمؤسستنا وانشاء فروع في المحافظات التي توجد فيها هذة الظاهرة ومهمتها رصد المعلومات حول تهريب الأطفال وشبكة من المختصين في المنافذ الحدودية وعمل دراسة وبحث اجتماعي للمناطق التي تنشأ فيها هذه المشكلة لنعرف الاسباب ومن خلال الدراسة والاستبيان نعمل الحلول الجذرية لهذه المشكلة.
< بالتالي كيف تنظرون إلى الاجراءات العقابية التي تتخذها السلطات اليمنية الحكومية ضد المتورطين في عمليات الاتجار بالبشر؟
ــ هناك ما يمكن ان نصفة بالضعف لدور السلطات والأجهزة الحكومية اليمنية في هذا الجانب، بل نعتبر ان هناك غيابا شبه كامل لوجود دور حقيقي وفعال للأجهزة الحكومية في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر.
< وماذا عن ملاحقة ومحاسبة المتورطين في ذلك؟
ــ الحكومة اليمنية حتى الان لم تقدم دليلا واحدا يثبت انها قد قطعت شوطا للامام في ملاحقة ومعاقبة المتورطين في قضايا الاتجار بالبشر.

منتدى الدوحة

< كمنظمة مجتمع مدني شاركتم في منتدى الدوحة التأسيسي لمكافحة الاتجار بالبشر؟
ــ نعم.. نحن لدينا نشاط مكثف وهو نشاط توعوي ونعقد ندوات نصف شهرية لمناقشة جوانب هذة المشكلة وقد انشأنا موقع على الانترنت وتلقينا دعوة من المؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر للمشاركة في المنتدى.
< منتدى الدوحة سلط الضوء اكثرعلى قضية الاتجار بالبشر من خلال اعلان (المبادرة العربية لبناء القدرات الوطنية لمكافحة الاتجاربالبشر)؟
ــ ذلك صحيح.. فقضية الاتجار بالبشر صارت اليوم مع تعدد انواعها واتساع وزيادة ضحاياها مشكلة عربية واقليمية وعالمية !!

وضعت الأسس

< التوصيات التي تضمنتها المبادرة العربية لمنتدى الدوحة .. هل ترى انها قابلة للتحقيق والتطبيق العملي.. !!
< اسمح لي هنا اولا أن اتوجه بالشكر الجزيل لدولة قطر ممثلة بحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى وصاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند راعية المبادرة ولولا رعايتها مانجح منتدى الدوحة.. وكلمة حق أن دولة قطر لديها رؤية كبيرة جدا تجاه تعزيز وحماية كرامة الإنسان وهوهدف استراتيجي وتسعى لتحقيقة على المستوى الدولي، وقطر مساحتها صغيرة ولكن أفعالها كبيرة جدا وتوجهها على الصعيد العربي قومي وعلى الصعيد الدولي إنساني بالدرجة الاولى.. وبالتاكيد ان التوصيات التي خرج بها المنتدى والتي تضمنت دعوة الدول العربية للمصادقة على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولين الملحقين بها واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد وتعزيز التعاون الدولي الذي يكفل رصد هذه الظاهرة ومواجهتها وإنشاء مكاتب حكومية لمكافحة الاتجار بالبشر، وحث الدول العربية على الاسراع بمواءمة تشريعاتها الوطنية مع احكام الاتفاقيات الدولية ذات الصلة واصدار قانون خاص في الدول العربية التي لم تصدر قوانين لمكافحة الاتجار بالبشر مع الاستعانة بالقانونين الاسترشاديين الصادرين عن جامعة الدول العربية والامانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي.
إلى جانب التوصية بانشاء منظمات المجتمع المدني المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر في الدول العربية وكذا اقتراح ان يتم انشاء مكتب عربي موحد لمكافحة الاتجار بالبشر تحت مظلة الجامعة العربية وانشاء شبكة معلومات عربية تتضمن عدد ضحايا الاتجار بالبشر والمجرمين المتهمين في ارتكاب جرائم الاتجار بالبشر من أجل الحد من هذه الظاهرة.. اضافة إلى التوصية بوضع استراتيجية عربية اعلامية عربية لمكافحة الاتجار بالبشر تعتمد من جامعة الدول العربية وتقوم على معايير وقواعد اخلاقية وتحفظ التوازن بين حرية الاعلام ومقتضيات حماية المجتمع العربي من تاثيرات الاعلام السلبية وكذا التوصية واقتراح وضع خطة متكاملة لتأهيل واعادة تأهيل الكوادر البشرية العاملة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر في الدول العربية والتأكيد على وجوب تفعيل دور منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان في المنطقة العربية للقيام بدور الشريك في تعميق ثقافة المجتمع العربي وزيادة وعية بخطورةهظاهرة الاتجار بالبشر.. وهذه كلها توصيات ومقترحات لامست جوهر مشكلة قضية الاتجار بالبشر في الدول العربية.. وبالتالي فإن تلك التوصيات قد وضعت الاسس القوية لكيفية مواجهة هذه القضية وحددت السبل والمعالجات اللازمة لها.

Total time: 0.1282