تجار بشر، بل مجرمون اجتمعت فيهم كل صفات الاجرام، من قطع للطريق واختطاف الناس من الطرقات، والأسواق بطريقة أو بأخرى فإذا ما تمكنوا منهم وأوصولهم إلى تلك الأماكن المعدة فعلوا بهم ما تقشعر منه الأبدان، وتنخلع له القلوب، وتذهب بالعقول لما لم يُسمع به في التاريخ مما سيأتي بيانه وتوضيحه.
إن ما يقوم به قطاع الطرق في منطقة حرض وفي وضح النهار، خاصة نقطة (حيران معي) ونقطة (الجبل العسكرية) ونقطة (المثلث) التي بعد الجمارك ونقطة (شفر) وغير ذلك من الأماكن لينذر بشر مستطير وعذاب يأخذ الجميع، إنه صوت المظلوم يصرخ من خلف الجدران، التعذيب حتى الموت، أو التشويه أو إتلاف بعض الأعضاء، وهتك الأعراض، وقصص كانها أحلام، قصص خيال الأفلام، كل ذلك حتى يحول أهل المختطفين باموال باهظة من خارج اليمن باقل ما يكون عشرة آلاف سعودي، لافتداءه، وتجنيبه الويل والعذاب، والإغتصاب والموت تحت سياطهم.
إن هؤلاء المجرمين قد جمعوا بين أنواع الجرائم كلها من قطع الطريق والسرقة والزنا واللواط والقتل والتعذيب بكل صوره، وبما لا يتخيله العقل.
أحواش الموت بحرض هي منازل بها أحواش كبيرة استخدمها أصحابها لغرض السجن والتعذيب وممارسة كل أنواع الجرائم من اغتصاب، وفواحش، وتعذيب وقتل.
العام الماضي تمكنت قوات من الامن والجيش من مداهمة قلة قليلة من تلك الاحواش، فيما تركت الباقين تمارس طقوسها الإجرامية بكل حرية، ووسط تواطؤ العديد من قيادات الأمن بالمنطقة، وايضا تعاون الكثير من جنود النقاط العسكرية، وهو ما يعد جريمة نكراء من جرائم العبودية والإتجار بالبشر، نضع في هذا الحلقات الحقيقة للدولة ممثلة برئيس الجمهورية ووزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب، كون هذه الجرائم تقع في إطار صلاحيات حكمة بمنطقة حرض.
هذه قصة يرويها أحد من ذاقوا مرارة التعذيب، وعاش لحظات الاختطاف لفترة، واخذوا جميع ما يملك من أموال كان يود الذهاب بها للحج براً وبتواطؤ نقطة عسكرية، وامنية وفيما يلي نص ما كتبه ينشره موقع أخبار الساعة على عدة حلقات:
الحلقة الأولى:
أنا "عيسى محمد السيد عيسى" مواطن طالب وداعي إلى الله عزوجل، أوراقي سليمة، مصري الجنسية اعيش باليمن منذ عام 1994م وقد كنتُ قبل ذلك بعيدا عن الاستقامة فتاب الله علي، وتوجهت للخير ولطلب العلم الشرعي، وانا متزوج بيمنية ولي منها ولد وعمره 8 سنين وأخرى صومالية ولي منها خمسة أولاد.
خرجت من دار الحديث بدماج للبحث عن عمل وحقيقة كنت اود الحج لوالدي رحمه الله الذي مات من نحو خمسة عشر عاماً وكان عندي وديعة مسموح لي بالتصرف فيها للحج عن والدي فخرج إلى حرض يوم الثلاثاء الموافق 24ذو القعدة عام 1424هـ .
وفي نقطة حيران بحرض وهذه النقطة معروفة أن القائمين عليها يتعاملون مع قطاع الطرق ومثلها كثير، ولما كنا نحو نصف الليل طلب مني العسكر الهوية فأخرجت لهم جواز السفر، فحجزه، أحدهم عنده، فنزلت من السيارة واخبرته أن اوراقي سليمة، فاعتذر لي وقال: سأوصلك بسيارة أخرىن وأدخلني في غرفة من قش فيها رجل مدني يحمل سلاحاً وهو يخزن بالقات، وشكله مخيف جداً وفتشني العسكري واخذ مني (500) دولار بالقوة وتهديد السلاح، ثم ذهبوا بي غلى الحوش وأخذوا باقي ما معي وهي (1200) دولار وطلبوا من أهلي في مصر تحويل مبلغ عشرة آلاف ريال سعودي، مع العلم أنه قد تبلغ التعويضات عن جريمة الاختطاف والتعذيب والتهديد بالقتل أكثر من عشرين مليون سعودي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بعتق العبيد في جريمة التعذيب، فقط والقانون يعاقب على ذلك بأشد العقوبة.
ثم اتصلوا بقطاع الطرق، فجاءوا بسيارة وهددوني بذبحي بالسلاح الأبيض ووضعوه على عنقي مرتين وحملوني إلى مكان قطاع الطرق، وهو حوش السفاح (يحيى عبده الحسني) وهناك أحواش كثيرة منتظرة رزقها من نقاط الشرطة والأمن، وقد قالوا لي إن الشرطة تبيع لهم بعض الناس بـ (2000) ريال سعودي والبعض بـ (4000) ريال سعودي والبعض بأكثر من ذلك ويشترون النساء والأطفال والشيوخ، وقد رأيت شيخاً كبيرة من جيبوتي عمره نحو 60 عاماً وهم يضربونه ضرباً شديداً وقد نُزعت الرحمة من قلوبهم وذلك من أجل تحويل المال لهم.
ثم دخلت حوش السفاح (يحيى الحسني وأولاده) وكانوا يقولون إن الضابط ينظر في أوراقي فإن كانت سليمة سيسلم لي المال (1200) دولار، وفجأة وجدت اكثر من 20 شخصاً نائمين على الأرض في هيئة مفزعة وثياب مقطعة، وبعضهم بدون ثياب عليهم سراويل قصيرة وهم لا يتحركون كأنهم موتي أو نائمين من أثر التعذيب الشديد، حيث أنه يبدأ التعذيب من الساعة السادسة صباحاً، حتى الواحدة بعد نتصف الليل، وربما أكثر من ذلك لأنهم يتناوبون على ذلك التعذيب مناوبة، فعلمت اني وقعت فريسة سفاحين قلوبهم قلوب الشياطين، لا يعرفون إلا القتل والتعذيب والسرقة والزني والخمور والمخدرات وابتزاز أموال الناس وإفزاعهم.
لقد رايت السفاح (يحيى عبده الحسني) يعلم أبنه الصغير الذي لم يتجاوز عمره خمس سنوات يضرب المساجين بعصا ويقول لهم حولوا المال حتى نخرجكم.
لما عرفت الحقيقة أصابني فزع شديد وهبوط في ضغط الدم والسكر، ودوخة وقلت حتى خارت قواي فطلبت منهم الدواء فاستهزأوا بي وضحكوا علي، لأن المريض ليس له اي اهتمام عندهم بل يعذبونه حتى يحول لهم المال أو يحتجزونه للعمل عندهم.
إنني لم أذُق طعم النوم إلا نوم المعذب وسط صياح وبكاء المعذبين، حتى كنت أخطب الجمعة في السجن وهم يعذبون الناس وبصورة وحشية، وأنا اخطب وأسمع صوت السياط والعصي.
وفي الصباح ذكرتهم وخوفتهم بالله، فلم ينفعهم ذلك بل سبوا الدين مراراً وتكراراً واستهزأوا بالدين في تكبر إبليس وفرعون وضربوني وقالوا لي: لا نريد نسمع قرآنا ولا حديثاً ولا شيء، واتصلوا بأهلي في مصر، وأسمعوهم صراخي، وأنا أعذب، وهددوهم بقتلي إذا لم يتم تحويل المال ولا تسمع منهم إلا الضرب والسب والشتم والفحش إلى أبعد الحدود وبشكل لا يتصوره مسلم، ولا يستحيون من شيء، حتى أن احدهم خلع ثيابه ومشى عرياناً.
وقال (يحيى عبده الحسني) للأخ السوري سأفعل فيك الفاحشة، إن لم تحول لي (بخمسة عشر ألف سعودي) ورفع ثيابه يشير إليه بفعل الفاحشة، والعياذ بالله ثم ضربوه حتى أُغمي عليه أمامي، وأنا انظر إلى هذا الواقع المأساوي، المؤلم الشديد على النفوس.
حتى منعونا من الصلاة، وكنا نعصيهم فنصلي فيأتون فيضربوننا حتى وجدت رائحة الموت من شدة التعذيب، عندئذٍ فكرت في الهرب، ودعوت ربي من حينها حتى جاء صباح اليوم الثاني، وجاء الوقت المناسب وهم نائمون من اثر السمر والفجور والمعاصي، التي يمارسونها، فهربت واختبأت خلف الشوك، امام حوش السفحاين فرآني نساء الصوماليين الذين يعملون معهم، وهم نحو العشرين، وبلغوا عني السفاحين فجائوا من فوقي وانا مختبئ فقالوا سلم نفسك فهربت مرة ثانية حتى وصلت إلى بيت (علي سالم) أمام المسجد وبيته من الطين وعنده دراجة نارية واستغثت بهم فإذا هم قطاع طرق مثلهم فهربت منهم ودخلت بيت آخر وعليه حوش كبير فإذا بنساء واطفال صوماليين وأحبوش محبوسين فعلمت أن هؤلاء قطاع طرق أيضاً فهربت غلى المزارع فوجدت مالا يخطر على البال.
... يتبع غداً الحلقة الثانية إن شاء الله