نجحت القوى النامية في ما اخفقت فيه الدول العظمى حيث توصلت البرازيل وتركيا الى اقناع ايران بالقبول بتبادل الوقود النووي مع الغرب على الأراضي التركية ، وبقي عليها ان تقنع الولايات المتحدة الأميركية بهذا الأتفاق الذي تعتبره واشنطن انه لا يشكل إلا حلاً جزئياً للمشكلة بإعتبار ان الملف النووي الإيراني برمته يثير الخوف اقليمياً وعالمياً .
ونص الإتفاق الذي تم التوقيع عليه في طهران بين الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ونظيره البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان على البنود التالية :
• التأكيد على مبادلة اليورانيوم الإيراني المنخفض التخصيب بالوقود النووي الذي يتضمن يورانيوم مرتفع التخصيب, يتم جلبه من الخارج.
• الموافقة على أن تتم عملية المبادلة خارج الأراضي الإيرانية.
• تحدد تركيا المكان لعمليات تسليم اليورانيوم الإيراني المنخفض التخصيب وتسلم الوقود النووي القادم من الخارج.
• القبول بالالتزامات والضمانات التركية القائلة بأن أنقرا تتعهد بشكل مطلق بإعادة اليورانيوم الإيراني المخفض التخصيب متى ما طالبت إيران بذلك.
• الموافقة على تحديد فترة زمنية تبلغ عاما كاملا لإنجاز عمليات المبادلة والتسليم والتسلم.
• الموافقة على أن تستمر إيران في إجراء عملية تخصيب اليورانيوم إلى حين تتم عملية المبادلة.
• أن يشمل التسليم كامل كمية اليورانيوم المنخفض التخصيب البالغة 1200 كغ, مع إعطاء إيران الحق في متابعة ومراقبة تأمين وتخزين هذا اليورانيوم داخل تركيا, وبالتعاون مع وكالة الطاقة الذرية العالمية.
• تأكيد الأطراف الثلاثة: تركيا – البرازيل – إيران, بأن عقد هذا الاتفاق قد تم ضمن جهود لجنة الـ(5+1), وبالتالي فهو امتداد لهذه الجهود وليس إلغاء أو إبطالا لها.
ولقد شكل هذا الأتفاق مفاجأة للغرب وأحدث نوع من
الإرباك لأنه جاء في وقت بات فيه مشروع فرض عقوبات جديدة على إيران شبه منتهي ومتفق عليه بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة الى المانيا . ولهذا اسرعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الى عدم اعطاء اهمية للإتفاق والى التأكيد بأن مشروع العقوبات لا زال ساري المفعول متوافقة بذلك مع الطروحات الإسرائيلية والفرنسية والبريطانية بينما بدت مواقف موسكو وبكين متناقضة حيث باركت الأتفاق كما ايدت في الوقت نفسه مشروع العقوبات .
ولعل هذا ما دفع بالرئيس البرازيلي ورئيس الحكومة التركي الى الدفاع عن اهمية الأتفاق لأنه يشكل برأيهما حلاً دبلوماسياً محذران من مخاطر رفضه لطالما ان الولايات المتحدة الأميركية نفسها هي التي اقترحت مثل هذا الحل قبل خمسة اشهر . ولقي الأتفاق مباركة ايضاً من بعض الدول الإسلامية والعربية مما يعني ان طهران عرفت في اللحظة الأخيرة كيف تلغي حال الإجماع الدولي عن أي مشروع للعقوبات كما وضعت البرازيل وتركيا في واجهة الدفاع عن الأتفاق الذي ما كانت المفاوضات بشأنه تتم لولا اتصالات جرت من وراء الكواليس بين انقرة وبرازيليا من جهة وبين واشنطن وبعض العواصم الغربية من جهة اخرى .
ويبدو ان واشنطن لم تكن تتوقع أي نجاح برازيلي – تركي بدليل انها استبقت المفاوضات بإعلانها عدم ثقتها بإمكانية التوصل الى أي اتفاق ، فجاءت النتائج مخيبة للأمال الأمر الذي دفع بالغرب الى التشدد بدلاً من اعطاء نفسه فرصة استغلال هذه الفرصة ومحاورة طهران من اجل تبديد المخاوف المرتبطة بنقاط أخرى ذات علاقة بالملف النووي الإيراني لجهة تأكيد سلمية المشروع ، وتوقيع طهران على المعاهدات الإضافية لوكالة الطاقة الدولية ، والسماح لمراقبين بالتواجد بشكل مستمر داخل المنشأت النووية لمتابعة كل التفاصيل ، وبفتح ابواب منشأت لا زال محرماً على المراقبين دخولها .
والرفض الغربي يحمل هنا اكثر من تأويل احداهما ان تكون واشنطن تمارس الإبتزاز لجهة قبولها اخيراً بالإتفاق لقاء تنازلات سياسية ايرانية في العراق وأفغانستان ، او اتكون واشنطن قد اعدت العدة للتحضير لعمل عسكري اقله في الصيف المقبل على أن تأتي العقوبات مرحلة تمهيدية وتحضيرية بحيث لو تم خرقها من ايران فسيكون الخرق هو الذريعة التي ستؤدي الى نشوب الحرب.
وحري بالتنويه هنا ان شركات دولية باشرت منذ مدة انسحابها من الأسواق الإيرانية ومنها على سبيل المثال : شركة (ENI) النفطية الإيطالية – شركة (TOTF) النفطية الفرنسية – شركة (LKOIL) النفطية الروسية – شركة (RDSA) النفطية الهولندية – شركة (PETRONAS) النفطية الماليزية – شركة (MUVGN) الألمانية للتأمين – شركة (ALVG) الألمانية للتأمين – شركة (RELI) النفطية الهندية – شركة (TRAFIGURA) النفطية الخليجية – شركة (VITOL) النفطية الخليجية – شركة (INGERSOLL-RAND) الهندسية – شركة (SMITH) النفطية الخدمية – شركة (CATER PILLAR) الهندسية – شركة (SIEGN) الهندسية الألمانية – شركة (GLENCORE) النفطية – شركة (HUNTISMAN) الكيميائية – شركة (KPMG) المحاسبية.
والسؤال الذي يطرح نفسه دون ان يلقى حالياً اي جواب هو هل خروج هذه الشركات كان تحسباً للعقوبات التي ستفرض او تمهيداً لحرب مقبلة ..؟ . مع ضرورة التنويه هنا ان شركات اخرى لا زالت تمارس انشطتها كالمعتاد ومنها : شركة غازبروم الروسية – شركة ريسبول الإسبانية – شركة ديالم الكورية الجنوبية – شركة ENI التايلاندية – شركة (PTT) التايلاندية – شركة (HYUNDAI) الكورية الجنوبية – شركة (GS) الكورية الجنوبية.
رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي