أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

افتتاحية الحياة: الوضع اليمني لا يقل خطورة أي فشل للوساطة الخليجية سيفتح أبواب الدم على مصراعيها

- الحياة

قال السياسي «إن المخاض سيكون طويلاً ومكلفاً. ستكون لدينا أكثر من مصراتة وطرابلس. وأكثر من صنعاء وعدن، وأكثر من درعا. التجربة التونسية مختلفة. ومثلها التجربة المصرية. سقوط جدار الخوف في العالم العربي أخطر بكثير من سقوط جدار برلين. أوروبا الشرقية كانت محظوظة إجمالاً. سارعت أوروبا الغربية الديموقراطية والمستقرة إلى احتواء النار التي اندلعت قربها. ساعدت الوافدين إلى الديموقراطية وكان العامل الثقافي مساعداً».

وأضاف: «المشهد العربي مختلف تماماً. ها نحن نشهد حرباً طاحنة في ليبيا. تصريحات القذافي تكشف غربته العميقة عن هذا العالم الذي تغيّر. لم يفهم الرسالة التي وجهها إليه الشعب. لم يفهم أن القاموس الذي جاء منه وحكم بموجب مفرداته بات قاموساً ميتاً وقديماً.

الوضع اليمني لا يقل خطورة. أي فشل للوساطة الخليجية سيفتح أبواب الدم على مصراعيها. علي عبدالله صالح يبالغ في ملاعبة الوقت، اللعبة قد تنفجر بنظامه وبلاده معاً. انفجار اليمن سيكون مروّعاً. مهارة اللاعب في حقبات سابقة تنسيه أن القاموس الذي جاء منه انتهت صلاحيته.

انضمام سورية إلى نادي الدول المضطربة ليس حدثاً بسيطاً. وقع أي انهيار في سورية سيكون أشد تأثيراً على المنطقة من وقع اقتلاع نظام صدام حسين. تفادي مصير من هذا النوع يستحق اتخاذ قرارات كبرى وسريعة ومؤلمة. الحل الأمني يعمق الأزمة ويرشح سورية لانفجار مروع. بعض الخسائر أفضل من المجازفة بخسارة كاملة. ان القاموس السابق لم يعد صالحاً. العلاجات التقليدية كانت صالحة لأمراض قديمة. لا تصلح بالتأكيد لمعالجة الزلازل. على الأسد أن يتحرك سريعاً لقلب الأوضاع».

في الطريق من الفندق إلى المطار كنت أقلب ما سمعت في العاصمة الخليجية. فجأة قرر السائق مغالبة الوقت والضجر بافتعال حوار. قال انه يعمل منذ ما يزيد على العقد في تلك الدولة. وانه اشتاق إلى بلاده. سألته عما ينتظر لترجمة حنينه فرد بابتسامة عريضة: «الشعب يريد إسقاط النظام»، وكررها بتفاؤل واضح.

قال إنه يشعر بالحزن لأن الاريتريين لم يتدفقوا بعد إلى الساحات لإزاحة الديكتاتور. وان عهد الرجل الوحيد المتسلط على بلاده ومقدراتها في غياب أي دستور أو قانون قد انتهى. هذا كلام قديم لم يعد مقبولاً. ان الدور الذي لعبه أسياس أفورقي في السعي إلى الاستقلال لا يبرر هيمنته وبطشه بكل رأي معارض.

فرح الرجل كمن حصل على منبر. قال إن الاريتريين يريدون الخبز وفرص العمل والحرية. يريدون دولة طبيعية يتغير حاكمها عبر صناديق الاقتراع ولا تجرؤ أجهزتها على احتقار حرية الناس وانتهاك كراماتهم. ان التذرع بالأخطار الخارجية والمؤامرات الأجنبية كذبة لم تعد تنطلي على أحد. بعد عشرين عاماً من حكم أفورقي ازداد الفقر وازداد القهر وطموح كل اريتري أن يفر إلى الخارج كأنه يفر من سجن.

سألته ماذا يفعل بعد الانتهاء من عمله، فأجاب: «أجلس أمام الشاشات. تابعت ما جرى في تونس ومصر. أتابع حالياً ما يجري في اليمن وليبيا وسورية. أنتظر يوماً أرى فيه الاريتريين يحتشدون في شوارع أسمرا يطالبون فيه أفورقي بالرحيل وبمحاكمته إذا رفض. وعلى رغم الهدوء الحالي أشعر ان هذا اليوم يقترب.

تسربت مشاهد الشاشات إلى مشاعر الناس. ذكرتهم بحقوقهم وبقدراتهم وأتاحت لهم فرص المقارنة. أعطتهم جرعة من الأمل وأشعرتهم بالقدرة على تغيير ما كان يعتقد بأنه سيدوم. تسرب العالم إلينا عبر الشاشات والهواتف الجوالة والانترنت. عالم التعددية واحترام الآخر والعمل بكرامة والانتاج. سقط قاموس التسلط والتهميش والتلاعب بأرقام التنمية وأصوات الناخبين. سقط القاموس الذي جاء منه الحاكم ولكل زمان حاكم وقاموس.

Total time: 0.0767