أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

رسالة أبراج الكهرباء إلى معالي رئيس الوزراء!

- أشرف الكبسي

دولة السيد رئيس الوزراء.. على الرغم من كوننا مجرد أبراج حديدية تحمل أسلاك الكهرباء المعدنية، إلا أن حجم المعاناة ومرارة الواقع الذي يعيشه شعبكم، استحضرت دمعنا واستنطقت كلماتنا، فكتبنا رسالتنا هذه إليكم، وكلنا أمل أن تصلكم وأنتم تهتمون لأمر التيار الكهربائي قدر اهتمامكم بالتيار السياسي، فإن كان الثاني ينتظر الحوار وفقاً لمبادرة الجوار، فإن الأول مرهون بمسئوليتكم في حسم القرار..!
لعل معاليكم تتساءلون عن الأسباب التي جعلتنا نوجه رسالتنا هذه إليكم دون سواكم، وجوابنا على ذلك أنكم ـ وبرغم كل شيء ـ راعٍ مسئول عن رعيته، فكيف لنا أن نخاطب مسئولاً أو سفيراً أجنبياً في شأن داخلي، يمثل وجهاً من أوجه السيادة الوطنية، التي نحرص عليها كما أنتم تحرصون..!
إننا ـ وسائر صحبنا من الأبراج في مأرب ـ وبعد وقوفنا على هذه الأرض الطاهرة لسنوات طويلة، نشعر بالانتماء لهذا الوطن وأهله أكثر من انتماء بعض أفراده إليه، ولما كنا نتحمل مسئولياتنا في إيصال التيار وإنارة أرجاء الديار، كان لزاماً علينا إخلاء مسئوليتنا الأخلاقية عن انقطاع الكهرباء مراراً ومعاناة البشر تكراراً، وإصدار بيان نؤكد فيه أن السبب وراء ذلك كله، ليس عيباً فنياً أو خللاً تقنياً في أدائنا لمهامنا، ولكنه عيب بشري وخلل إنساني أصاب عقول وضمائر بعض بني جلدتكم، فلم تعد تجدي في ثنيهم عن غيهم أبلغ العبارات وأفصح الخطابات وسيل من الدمعات، وصار لزاماً عليكم حمايتنا من هجماتهم العبثية ونزواتهم الابتزازية الغبية، فإن لم تتمكنوا من ذلك توجب عليكم مخاطبتنا ومخاطبة شعبكم بصدق وأمانة، فلا يكفي وأنتم القائمون على الأمر أن تلعنوا الظلام، ولكن عليكم أن توقفوا مسببات ذلك الظلام..!
دولة رئيس الوزراء.. إننا وإن كنا من الجمادات، نعرف أن رب السماء ينهاكم عن قطع شجرة في الحرب مع الأعداء، فما بالكم بمن يقطع النور والرزق عن ملايين البشر، ويهدد حياة الأبرياء في مستشفيات الريف والحضر، ألا ينبغي أن يكون عبرة لمن يعتبر..؟! كما أننا نتساءل وأنتم على أعتاب حواركم الوطني: هل سيجري الحوار على أضواء الشموع! أم أنكم ستنقلون طاولة الحوار إلى دولة أجنبية حيث الضياء والنور؟! وهل سيكون حالكم عندها حال من أضاع شيئاً في شارع مظلم ويبحث عنه في شارع آخر مجاور ومضيء!؟
ختاماً.. تقبلوا فائق تمنياتنا بعاجل الفرج لشعبكم الأبي الصابر، وبلّغوا عنا قولنا لمن لايزال يوجه ويخطط وينفذ عمليات إغراق الناس في ظلمة الانطفاء الجائر، أن ابراج الكهرباء التي تستهدفونها ممتلكات وطنية حرة، لا تنتمي إلى الأحزاب السياسية، ولا تؤمن بالعصبية والطائفية، وأنها صارت تخجل منكم، أفلا تخجلون..؟
!

Total time: 0.062