اخبار الساعة
تعرضت شابة باكستانية ثرية للتعذيب والاغتصاب في باكستان قبل قطع رأسها، ما أثار غضبا واسعا في البلاد.
وسلطت الجريمة الضوء على مستوى صادم من العنف تواجهه المرأة في البلاد، وسط مطالبات بإصلاح نظام العدالة الجنائية في باكستان.
في 20 تموز/ يوليو من العام الماضي، رنّ هاتف في أحد أقسام شرطة العاصمة الباكستانية إسلام آباد.
وأبلغ المتّصل، دون أن يفصح عن هويته، عن جريمة كانت تقترف في المنطقة.
وعندما وصلت الشرطة إلى المكان المبلغ عنه، كانت الشابة نور مقدم قد ماتت بالفعل، بحسب تقرير لشبكة "بي بي سي" البريطانية.
وكانت الضحية تبلغ من العمر 27 عاما، وبحسب الشرطة كانت نور قد ظلّت رهينةً مدة يومين لدى شخص تعرفه يدعى زاهر جعفر، سليل إحدى العائلات الثرية في باكستان.
وحاولت نور الفرار، بحسب ما كشفت عنه تحقيقات الشرطة، وأظهرت مقاطع فيديو التقطتها كاميرات مراقبة أنها حاولت الهرب مرتين على الأقل.
وتعرضت نور داخل المنزل للتعذيب والاغتصاب والقتل قبل قطع رأسها من قاتلها الذي رفضت الزواج منه.
وسرعان ما تردد صدى الجريمة البشعة في أنحاء باكستان.
ونزل الناشطون في الدفاع عن حقوق المرأة إلى الشوارع، وأوقدت الشموع، وأقيمت الصلوات، ودُشّنت وسوم من أمثال #العدالة_لنور على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
وتقدّمت سيدات عديدات إلى واجهة المشهد، وشاركن قصصهن عن العنف المنزلي والعنف الجنسي.
وعلى مسافة مئات الكيلومترات من إسلام آباد، وتحديدا في مدينة لاهور.
تقول الحقوقية خديجة صديق لـ"بي بي سي": "الحادثة كانت دالة على واقع مؤلم، كما أحالتني إلى ذكرى حادثة خاصة بي؛ وربما كنت أنا الضحية مكان نور".
وفي عام 2016، كانت خديجة قد تعرضت للطعن 23 مرة على يد صديق لها بعد انفصالهما في شارع يغصّ بالمارة في مدينة لاهور.
وقد حكم على مهاجمها بسبع سنوات، لكن الحكم خفف بعد ذلك إلى سنتين فقط.
ثم بعد ذلك، وفي عام 2018، برأت محكمة استئناف لاهور ساحة المهاجم نهائيا، مستندة في حكمها إلى أنه لا يمكن الاعتماد على أقوال الضحية وحدها.
لكن بعد ذلك أعادت المحكمة العليا في باكستان إجراءات المحاكمة مرة أخرى.
وفي النهاية، أُطلق سراح المهاجم في تموز/ يوليو السابق، قبل ثلاثة أيام فقط من جريمة قتل نور مقدم المروعة.
كانت خديجة محظوظة بأن لها عائلة تدافع عن حقوقها، فضلا عما حظيت به قضيتها من اهتمام على وسائل الإعلام وهو ما لا يحدث مع كثيرين.
ورغم أن إجراءات المحاكمة جرت بوتيرة سريعة، لكن، وكما تقول خديجة، لم يتحقق العدل كما في معظم قضايا العنف ضد المرأة في باكستان.
تقول خديجة لـ"بي بي سي": "ضعف الخبرة وقلة أعداد المحققين الأكفاء من الضباط تقود إلى تحقيق معيب، ولا يتم التوصل إلى أدلة دامغة لتقديمها للمحكمة".
ولا تتوفر في باكستان إحصاءات موثوقة لمعدلات الجرائم ضد المرأة.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، لا تتجاوز معدلات الإدانة في هذه القضايا أكثر من 2.
5 بالمئة.
وإذا ما لجأت إحدى ضحايا العنف إلى المحكمة، فقد تتعرض للهجوم، لتدخل من جديد في قضايا يطول أمدها ويعمد المحققون فيها لا إلى التدقيق في الواقعة ولكن إلى البحث في مسألة نزاهة المرأة من عدمها.
وفي ذلك، تقول خديجة: "تخشى النساء من تشويه السمعة، ومن إلقاء اللوم على الضحية.
وتقودهن تلك المخاوف إلى عدم الإبلاغ عمّا يتعرّضن له من عنف على أيدي رجال من عائلاتهن أو من دائرة معارفهن".
"طريق طويل" تأتي باكستان في المرتبة رقم 153 من بين 156 دولة حول العالم من حيث المساواة بين الجنسين، وذلك رغم جهود على مدى السنوات الأخيرة لسن قوانين جديدة تستهدف حماية المرأة، فضلا عن تدشين محاكم مخصصة للنظر في قضايا العنف القائم على أساس الجنس.
لكن الأوضاع لم تتغير للأفضل، بحسب رئيسة اللجنة الوطنية المعنية بوضع المرأة نيلوفر بختيار التي تقول: "لطالما كانت هناك حوادث تخص أشخاصا بارزين في المجتمع، لكنها لم تكن تحظى باهتمام الإعلام.
وقد أصبحت عائلات الضحايا تقدم دعما قويا لبناتها من الضحايا.
ولم تكن الحال هكذا في الماضي".
وترى بختيار أن الضجة المجتمعية حيال حادث مقتل نور مقدم جزء من التغيير.
تقول بختيار: "برز إصرار مجتمعيّ على الحد من هذا النوع من العنف ضد المرأة.
واشترك في ذلك الإصرار رجال، لا سيما من أولئك الذين يتبوأون مكانة رفيعة.
ولم يعد المشرعون يرغبون في غضّ الطرف أكثر عن هذا النوع من القضايا".
ومع ذلك، لا يزال العنف ضد المرأة يمثل مشكلة بالغة الخطورة في باكستان.
ويقدّر تقرير حديث لمنظمة هيومن رايتس ووتش أعداد القتلى من ضحايا ما يُعرف بجرائم الشرف في باكستان بألف ضحية سنويا.
ويعتقد نشطاء أن عقلية الحط من شأن المرأة متجذرة في المجتمع الباكستاني، وأن الأمر قد يستغرق سنوات حتى يتغير هذا الوضع.