نشر المحامي الدولي خالد الآنسي على صفحته في الفيس بوك عن رغبته في اعتزال الانتماء الحزبي لحزب الاصلاح منهيا بذلك انتمائه سياسيا وتنظيمياً لحزب التجمع اليمني للإصلاح واأكد بأنه يكتفي بالانتماء الجغرافي والوجداني لليمن أرضاً وأنساناً ولحركة حقوق الانسان التي تفرض عليه ان يكون منتمياً للأنسان أياً كان انتمائه او معتقده وللكرامة الانسانية فقط ...
وهذا نص ماكتبه على صفحته بالفيس بوك
الى شباب وشابات وقواعد وقيادات التجمع اليمني للإصلاح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :-
في يوم العاشر من يوليو ٢٠١٢ م أكون قد أمضيت ١٣ سنه كعضو في التجمع اليمني للإصلاح منذ تاريخ تشرفي بالانتماء اليه في الحادي عشر من يوليو ١٩٩٩ م بعد أن غادرت المؤتمر الشعبي العام عقب المشاركة في مؤتمره العام الخامس وبعد تجربة سياسيه فيه لم تكمل عام واحد .
١٣ سنه أمضيتها معتزا بكوني أحد أعضاء الأصلاح ، فخورا بالانتماء له والتعبير عن قيمه ومبادئه ، مساهما فيه بتجربة سياسية متواضعة ، أضاف لها الانتماء للأصلاح خبرة وألق وأضافت للأصلاح شهادة بقدرته على القبول بآراء ومواقف سياسية وحقوقية وثورية لي ، فيما ضاقت بها قوى سياسية وثقافية طالما سوقت نفسها كقوى حداثية وليبرالية .
لقد مثل لي الاصلاح خلال تلك السنوات وطن سياسي يتميز بالحياة والنمو والقابلية للتجديد والعطاء والتحديث وفوق هذا وذاك القابلية للشراكة والتنوع داخلياً وخارجياً ... والخروج من نفق الأيدلوجيات الى فضاء التعايش والشراكة الوطنية والسياسية ..
وعلى الاصلاح ان يدرك ان مصدر القوة الحقيقي لأي مكون أنساني ليس ضعف خصومه بقدر ماهو ارتفاع سقف الحرية فيه عن بقية المكونات والذي بدوره يكفل تنوع وتعايش فيه يمكنه من البقاء والتميز ، وايضا احترام ذلك المكون للقيم والمبادئ والتشريعات التي يتعهد بالالتزام بها وممارستها ....
على الاصلاح ان يسيج نفسه من الاختراق ليس بالسرية وعدم الشفافية و فرض السمع والطاعة وانما ببناء قناعة حقيقية بانه مشروع حياة لكل من ينتمون اليه وصمام أمان لمن لا ينتمون اليه من خلال تحوله لمجتمع مدني مصغر يضمن حقوق وحريات الافراد ولا يكتفي بكفالتها للتيارات في داخله ، وخارجيا بالدفاع عن الحقوق والحريات العامة لمن لا ينتمون اليه وبرفض ان يمارس عليهم مالا يقبل ان يمارس عليه كخيار استراتيجي يرى فيه الاصلاح دفاع عن الذات لا موقف تفضلي على الاخر او تسويقي للإصلاح كحزب مدافع عن الحقوق والحريات ...
ولازلت اراهن على قدرة الاصلاح في استكمال مشروعه في التحول لحزب سياسي مؤسسي ديمقراطي حديث يؤهله للقيام بدور ريادي مع بقية القوى الوطنية في بناء اليمن الحديث ودولته المدنية ... وعلى نحو يجسد احترام المواطنة كقيمة في حد ذاتها ويجعل من الفرد فيه مصدر قوة بغض النظر عن جنسه او قبيلته او مركزه الاجتماعي اوالاقتصادي وأمام الاصلاح فرصة تاريخية وسانحة لان يكون مصدر قوة لكل وبكل من فيه لا أداة للاستقواء بها .
وعلى الاصلاح كحزب ان لا يجعل من ثقة من ينتمون فيه مصدر قوته في وقت بمقدوره ان يكسب ثقة من لاينتمون له بإبراز الأصوات الهادئة والبسيطة والمعتدلة التي غابت بسبب طغيان ضجيج الأواني الفارغة والأقل تأثيرا في القرار التنظيمي ولكنها الاكثر قدرة على احراق مواقف الاصلاح والاكثر قدرة على الترويع منه لكونها تمتلك إدوات ومنابر إيصال صراخها وأصواتها النشاز ...
وكمحام ومدافع عن حقوق الانسان من قبل انتمائي للإصلاح او مزاولتي للعمل السياسي أثمن كثيرا عدم تدخل الاصلاح في نشاطي القانوني والحقوقي حتى في القضايا التي تقاطعت مع مواقف وتصرفات البعض من قيادات الصف الاول فيه ...
كما أثمن تبني الاصلاح لحقوق الانسان كمنهج معلن له والسلمية كخيار لنضاله السياسي والحقوقي .. وأشد على أيادي قواعد وقيادات الاصلاح للمضي في ذلك وعدم التراجع عنه مهما كان الثمن ... كما أتمنى ان يقوم الاصلاح بمراجعات ذاتية وعلنية لادائه في الماضي وخلال ثورة الشباب السلمية وان يستفيد من كل نقد لذلك الأداء و من نقد خصومه قبل حلفائه ومؤيديه ومناصريه ...
واتمنى ان لا تحول الخصومة السياسيه بين الاصلاح وبين الغير من ان يقيم لها وزناً او ان يقابلها بالتجاهل ... بذريعة ان المراجعة لها لن يغير في مواقف الخصوم وهو امر قد يكون صحيح لحد ما ...
لكن ماهو أكيد ان النقد الذي يتجاهل يؤثر في الاخر من غير الخصوم ويحرم الحزب من تحويل سهام خصومه لأعواد تُسد بها الثغرات ...
كما ادعوا الاصلاح لان يراجع سياساته وبرامجه وادبياته ومناهجه السياسية والتربوية ويعيد النظر فيها بما يحررها من اية رواسب تحولها لمجرد خطاب عاطفي دراويشي على حساب العقل والقدرة على التفكير واتخاذ القرار والتي تسببت في الماضي وقد تتسبب في الحاضر والمستقبل في هجرة العقول من الاصلاح بدلاً من هجرتها اليه ..
وانتهز هذه الرسالة لاحيي انحياز الاصلاح لخيار التغيير بالوقوف مع الثورة كحزب وتصدر شبابه وشاباته وقواعده بل والكثير من قياداته للمشهد الثوري وللدفاع عن الثورة مع بقية شباب وقوى الثورة في كافة أرجاء اليمن .
كما اعبر بامتنان عن تقديري لطلائع الثوار من شباب الاصلاح والذين بمبادرتهم الذاتية في تصدر الفعل الثوري مع رفاقهم من الطلاب والشباب المستقلين والمنتمين لبقية القوى الوطنية تمكنوا من ان يكونوا روادا ليس للفعل الثوري وحسب وانما أيضاً روادا لقواهم في مسيرة الثورة والتغيير الوطني ....
واراهن على دور ريادي لهم لاحداث ثورة مؤسسية ديمقراطية تحديثية في بنى تلك القوى بما يؤهلها لان تكون ادوات لبناء اليمن الحديث والدولة المدنية ويحول بها وبين ان تبقى ارث ماضوي عاجز عن الخروج من العادات والثقافات التي جبلت عليها بسبب نشوئها في كنف النظام المخلوع او تعايشها معه .
وادعوا إخواني ورفاقي وأخواتي ورفيقاتي في الاصلاح :-
وضع نصب أعينهم ان الاصلاح كحزب مثله مثل بقية الاحزاب وسيلة لتحقيق غايات وسيكون خطأ تاريخي الانشغال عن المضي نحو تحقيق الغايات بالدفاع عن الوسيلة وتحويلها بسبب الخوف عليها لغاية مقدسة في ذاتها وتحويل القائمين عليها لرهبان سياسيين وسدنة لها ....
حال ان ما تقوم به تلك القيادات هو مهام تنظيمية وسياسية وان لم تنتقد وتقيم تنحرف عن مسارها وتنحرف بمن يقوم بها ... كما تحول الاحزاب الى صنميات سياسية او كيانات للاسترقاق سياسياً واختيارياً او مصانع لأنتاج عبيد ومستبدين بدلاً من كونها كيانات سياسية بشرية تنمي الإبداع في من ينتمون لها .
وتوزع المسئوليات والأدوار بينهم دون ان تنسف فرضية انهم جميعاً عرضة للخطأ والصواب وأن الشفافية والمسائلة هي ضمان عدم الوقوع في الخطأ او الخطيئة.
خصوصا وقد ثبت عجز العمل السياسي عن احداث تغيير حقيقي مسنود بإرادة شعبية فيما تفوق وبأمتياز في اعادة صناعة الدكتاتوريات او تمكينها من تدوير نفسها ومواجهة كل محاولات التغيير تلك ، بشعوب خائفة من حاكم يستبد بها او من مجهول حرم نفسه بسريته من الاصطفاف شعبيا معه بسبب الخوف على المصلحة الوطنية من التأمر الخارجي ...
وفي هذه الرسالة التي اعلن فيها عن رغبتي في اعتزال الانتماء الحزبي منهيا بذلك انتمائي سياسيا وتنظيمياً لحزب التجمع اليمني للإصلاح والاكتفاء بالانتماء الجغرافي والوجداني لليمن أرضاً وأنساناً ولحركة حقوق الانسان التي تفرض عليا ان اكون منتمياً للأنسان أياً كان انتمائه او معتقده وللكرامة الانسانية فقط ... مؤمنا بحق الانتماء السياسي لكل فرد بمافي ذلك نشطاء حقوق الانسان ...
كما اؤوكد انني علي يقين ان الحزبية والأحزاب من اهم الادوات السياسية لبناء الدولة المدنية والوسيلة للتداول السلمي للسلطة ... ومتطلب أساسي للممارسات الديمقراطية في المجتمعات الديمقراطيه....
منوها في ذات الوقت انه وان كان الانسان الطبيعي ولد غير منتم سياسي ومستقل الا ان أرقى صور الاستقلال هو الاستقلال في الأداء والسلوك والممارسة وقبل ذلك استقلال الفكر والضمير وليس بعدم الانتماء تنظيمياً لفكرة او حزب ...
وان النضال في الاستقلال في الأداء هو تحدي غير هين وفي ذات الوقت أفضل منهج دفاعي يدافع به المرء عن التكوينات والأفكار التي ينتمي لها قبل دفاعه عن نفسه ...
وان من ينتمي لفكرة او حركة ويخفيها لغير ظرف قهري انما هو يعلن بإخفائها عن قبح وعار فيمن ينتمي لها يدفعه للتبرئ منها او قبح في عقله وسلوكه يحوله لمنافق يستغبي نفسه بالتقليل من وعي الشعوب وقدرتها على التمييز والفرز الذاتي للمواقف وغاياتها..
مؤكدا انني سأظل منتميا لكل فرد ولكل جماعة او حركة او حزب مادامت ملتزمة بقيم حقوق الانسان بما تمثله من حرية ومساواة وعدالة وتكافؤ فرص ومواطنة متساوية وتعايش ، ومادامت مدنية وسلمية ورافضة للعنف فكرا وسلوكا وممارسة ... ملتزما بأنني سأكون يساريا حين يغيبه اليمين ... يمينيياً حين يغيبه اليسار .. ووسطياً بينهما ان حضرا ومعهما ان غيبا او اقصيا ...
رفاقي في الاصلاح ... رفاقي خارج الاصلاح ...:-
شأت أقداري ان تحرمني من شرف الاستمرار في الانتماء للإصلاح او لحزب غيره من الاحزاب التي تنتمون لها ... ولكنني ذقت حلاوة الانتماء للقيم والمبادئ المشتركة لتلك القوى ولكل أنسان والتي تصب كلها في نهاية المطاف في قوله تعالى " ولقد كرمنا بني آدم " ولم يعد بمقدوري الانتماء للجزء في وقت أكرمني الله بالانتماء للكل ... الانتماء لفئة من الناس سياسيا او اجتماعيا بعد ان كتب الله لي وعلي الانتماء للكرامة الانسانية والتي صارت جغرافيتي ووطني وحزبي ومذهبي مثلما خلصت انها والحرية والمساواة والعدالة قيم الفطرة وجوهر ديني .
أشكر للإصلاح كحزب الأدوار المساندة والداعمة لمواقفي بما في ذلك المواقف التي تباينت فيها معه ... واشكر لشبابه الرائعين اللحظات الرائعة التي تشاركت معهم فيها مواقف سياسية وحقوقية وثورية وكانوا فيها مصدر الهام لي بتضحياتهم وعطائهم وإخلاصهم لوطنهم ومبادئهم وانتمائهم ...
كما اشكر للقيادات الاصلاح صبرها على عضو طغت لغته الحقوقية على لغته السياسية في خطابه معها داخلياً وخارجياً ...
كما اتمنى ان اكون قد وفقت في توقيت اتخاذ قراري بإنهاء انتمائي سياسياً وحزبياً للإصلاح خصوصا وقد صار الاصلاح فيه في الوقت الراهن شريكا محدودا في سلطة معطلة وقاب قوسين او أدنى من ان يكون عضوا في ائتلاف حاكم بصلاحيات كاملة في سلطة فاعلة وان يكون عزائي انني لم اتخل عن انتمائي للاصلاح يوم كان الانتماء له مغرما .... مثلما تخليت عن انتمائي للمؤتمر الشعبي وهو في اوج مجده يوم ان كان قبلة للطامعين في المعز أو الخائفين من سيفه...
كما أمل من قيادات الاصلاح ان تتوج نضالها السياسي في الدفع بالحزب نحو المأسسة والدمقرطة وتحويله لكتاب مفتوح للمستقبل لا سفر مغلق من اسفار الماضي وان تجعل من خبرتها مخزون معرفي لقيادة شابة تتولى مهمة رسم وتسطير المستقبل بأيادي غير مرتعشة وقلوب وعقول متحررة من مخاوف وصراعات الماضي ...
كما أني على ثقة انها ستكون جسور للشباب ... ان ارادت ان يكون أولئك الشباب امتدادا سياسيا لها لا قطاراً يدوس تاريخها قبل ان يصغر من إنجازاتها ...
وأن هذه القيادات لن تكون تكرار لحوائط الصد امام التغيير الذي لم تصمد أمامه سدود الأنظمة فتهاوت بمن كانوا عليها امام اول نسمات الربيع العربي ...
وادعوا الاصلاح للحفاظ على مصدر قوته وهو قبوله بالتنوع في داخله ولتعزيز قيم الحرية والمساواة والشفافية في كافة سلوكياته وأطره التنظيمية ...
والمضي في بناء الحزب بناء سياسيا قائما على مبادئه وقيمه المعلنه وضمان تكافؤ الفرص لكل من ينتمي له وعلى أسس سياسية وديمقراطية ... وان لا تقع في فخ الفرح بعودة الطيور المهاجره اليه والتي لم يردها الحنين بقدر ماعادت لصيد الأسماك التي يعتقد أن الرياح تدفع بها مجددا نحو شباك الاصلاح ...
والحرص كل الحرص على تعزيز قيم الشراكة الوطنية والإنسانية مع شركاء العمل الوطني والسياسي أفرادا كانوا او قوى سياسية والمبادرة دوما بتجاوز الصراعات التي تقوم على أسس طائفية او مناطقية او طبقية وبالدعوة لتجاوز صراعات ثأرية لمعارك عبثية على مصالح سياسية يمكن التنافس عليها سياسيا وسلميا بمجرد بناء المؤسسات التي تكفل ذلك و على نحو يطمئن الجميع ان قواعد اللعبة لا يغير من شروطها حجم وقوة اي طرف من أطرافها ....
وادعوا الاصلاح كحزب عريق وله تجربة سياسية ان يسوق لنفسه سياسيا بتطمين الناس اليه لا بتخويفهم من خصومه وان لا يقع في فخ مواجهة التخويف بالتخويف ...
لينتهي المطاف بالجميع في مواجهة شعب لا يثق في النخب السياسية لكونه لا يأتمن اياً منها لعجزها عن تطمينه او لتمكنها جميعاً من اقناعه انها نخب في الكذب ... كل ما تتقنه كشف عورات بعضها البعض والسخرية منها ....
كلي أمل في ان يمضي الاصلاح في مشروع توطين قيم حقوق الانسان تنظيمياً ووطنياً سلوكا وممارسة وقبل ذلك منهجا وتربية والاستفادة من الخبرات الحقوقية ايا كان انتمائها او جغرافيتها او معتقداتها باعتبار ان الانتماء الاول للناشط الحقوقي هو للحق ...
في الاخير .... اثمن مجددا تجربتي الحزبية مع الاصلاح التي اضافت الكثير لعضو مثلي كان دوره التنظيمي متواضع وغير فاعل سياسياً ..
واكرر دعوتي للاصلاح شبابا وشابات وقيادة وقواعد لعدم التخلي عن دورهم التاريخي في الحفاظ على الوحدة الوطنية وبناء وطن حر للجميع يسوده القانون وتحكمه العدالة لانه بدون ذلك نكون جميعا شركاء في اغتيال المستقبل... ولان الجغرافيا بلا أنسان أما مقابر واما اماكن لا معنى لها ...
متمنيناً لهم جميعاً التوفيق والنجاح...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... خالد صالح الأنسي العضو السابق بالتجمع اليمني للإصلاح
ساحة التغيير
صنعاء