أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

ما علاقة تاريخ (بن دغر) بتكنولوجيا الاتصالات?

- عبدالرحمن البخيتي

ساؤل ساذج تبادر إلى ذهني بمجرد أن سمعت قرار تعيين الدكتور أحمد عبيد بن دغر وزيراً للاتصالات في حكومة الوفاق الوطني المشكَّلة بموجب المبادرة العربية وجاءت نتيجة لثورة الشباب السلمية.
ومن لحظتها عرفت أن الاتصالات ما زال ينظر إليها ويعتبرها البعض فيداً وغنيمة، بعد أن أبهرت بنجاحاتها الناس في الأمس وكانت نموذجاً للعمل الوطني الجاد وخاصة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.. لتغدو بعد ذلك جزءاً من التاريخ .
الاتصالات اليوم في حالة يرثى لها فنيا وإداريا وماليا، وتتضافر فيها كل عوامل الفشل الأكيد. هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى فإن اختيار شخصية هادئة ومحترمة ولها تاريخ نظيف وسمعة طيبة كأبن دغر يعتبر إحراقاً له ولكفاءته؛ حيث تم وضعه على رأس وزارة خدمية وفنية لها تاريخ عريق ولكنها في حالة احتضار وتعيش أسوأ أوضاعها منذ تأسست، وهو توقيت يوحي بأمرٍ دبر بليل! فصرح اقتصادي كهذا وفي هذه الوضعية كان يحتاج إلى مهندس كفؤ من أبناء الاتصالات وهم بالآلاف.. هذا لو أنهم أرادوا إصلاح الأمور فيها، ولكن تسليم الاتصالات لأي شخص من خارجها مهما كانت مؤهلاته فإن الفشل مصيره ونهاية لمستقبله.. ليس لأنه فاشل أو غير كفؤ ولكن لأنه لا يعرف مع من يتعامل، ولا كيف يتعامل معهم، ولا يعرف أن من سيقابلهم هم الأشخاص المناسبين لتوضيح ما غمض عليه من الأمور وكلها غامضة؟.. أم أنه سيعمل ويتعامل مع أناس هم سبب المشاكل أو الجزء الأكبر منها؟.. وحينها تصبح النتيجة معروفة.. الانهيار يتواصل والمشاكل تتفاقم؛ فيفشل الربان وتغرق السفينة.
وهذا ما لاح وظهر من خلال التغييرات الأخيرة التي حدثت داخل مؤسسة الاتصالات، فقد كانت عبارة عن تحريك بيادق الشطرنج من موقع لآخر؛ فالأسماء نفسها وإن اختلفت المواقع، وبدلا من مدير عام واحد لمؤسسة الاتصالات أصبحوا أربعة.. كل واحد في مكتب له شأن يغنيه! وأعمال الترضية لنقل الصلاحيات تؤخذ من هنا وتوضع هناك؛ فمن كان مديرا ليمن موبايل ترقي وأصبح أرفع درجة؛ حيث صار مديرا عاما لمؤسسة الاتصالات، وسلفه اختار لنفسه المنصب الذي يريد فأصبح مديرا لشركة (تليمن) تلك الدجاجة التي تبيض دولارات أكثر من الريالات، ومرتبات موظفيها بالملايين وما زالوا غير مقتنعين بذلك، وأخذ معه توفية ما نقص للمنصب (رئاسة مجلس إدارة يمن موبايل) دجاجة أخرى تبيض ذهبا للبعض طبعا! في خطوة غير مسبوقة وغير مفهومة إلا من ناحية أن الاتصالات أصبحت فيدا ومغنما توزع حسب المشيئة والرغبة. ولأن ذلك كذلك نلاحظ أيضا أن مالك شركة يمن نت ومديرها السابق لم يتنازل عن منصبه إلا إلى منصب يساويه من حيث المكانة والدخل؛ فأصبح مديرا لشركة يمن موبايل بدلا من مديرها الذي رقي صوريا إلى منصب مدير عام المؤسسة ولكن بصلاحيات محدودة، وكأنه وضع هناك لتمرير ما يريد المخرج تمريره. ومما يؤكد أن التعيينات تمت في المواقع الغنية وذات السيولة المادية- وهو ما يعنيهم فقط وجل ما يريدونه- هو السيطرة على تليمن، ويمن موبايل ،ويمن نت.
أما الهاتف الثابت فلا يعنيهم في شيء، لا هو ولا موظفيه. والدليل أن أهم منصب فيه مازال شاغرا وربما تم نسيانه؛ لأن المعنيين لا يطالبون به.. ذلك (مدير عام الصيانة والتشغيل) لأنه على ما يبدو منصب لا يؤكّل عيش. ولأن الشرح قد يطول فلابد من مقالة أخرى لتوضيح أسباب انهيار الاتصالات، ولكن ما يعنينا اليوم هو توضيح حجم التآمر على الاتصالات، وأنه تم اختيار الدكتور أحمد بن دغر( دكتوراه في التاريخ ) في هذه المرحلة لقيادة الاتصالات بالذات لأنه سيجد أمامه أشخاصاً محددين لهم ارتباطات بجهات أخرى ذات نفوذ فيتم تعيينهم في مناصب أعلى، ولكنها تفي بالغرض لتمرير وإخفاء ما سبق من أعمال دمرت الاتصالات بشكل عام. والآن يريدون أن يقولوا لنا أنهم من سينهض بها من جديد.. وهذا هو المستحيل بعينه! فالتاريخ يبقى تاريخاً لا يمحى، والتكنولوجيا تبقى تكنولوجيا.. ويكفى أن نكتشف أن هناك علاقة بين التاريخ والتكنولوجيا ولكنها علاقة في غير صالح التكنولوجيا...
 

المصدر : كتابات

Total time: 0.0258