أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

هل أصبحت المعارضة السورية أكثر عزلة مع عودة الأسد للجامعة العربية؟

شكلت إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية بعد نحو 12 عاماً من تجميد مقعد ، حدثاً بارزاً في الملف السوري، بالنظر إلى توقيتها المتزامن مع حراك دولي وإقليمي لإيجاد حل سياسي، وتوقف جبهات القتال.
 
وفي حين ترى مصادر تحدثت لـ"عربي21" أن النظام نجح في فرض الأمر الواقع بدلالة التطبيع معه دون حدوث أي تقدم في مسار الحل السياسي، تبدو خارج الحسابات.
 
وأمام هذا المشهد، اكتفت المعارضة بالبيانات الرافضة للتطبيع مع النظام السوري، معتبرة أن إعادة النظام إلى تعني أن "الشعب السوري عاد اليوم وحيداً من دون دعم رسمي عربي".
 
المعارضة ترفض وفي بيان وصل "عربي21" نسخة منه، عبر الائتلاف المعارض عن رفضه قرار إعادة النظام إلى الجامعة العربية، قائلاَ إن الخطوة: "تعني التخلي عن الشعب السوري وعن دعم مطالبه المحقة، وإهدار تضحياته العظيمة عبر 12 عاماً من الثورة على الظلم والإرهاب والاستبداد، وانحيازاً واضحاً لصالح المجرمين".
 
وذكّر الائتلاف بأن النظام "لم يلتفت إلى المطالب العربية في وقف القتل والاعتقال ووقف تصدير المخدرات، ولم يأخذها على محمل الجد"، معتبراً أن "المراهنة على تغيير سلوك مجرم الحرب بشار هي مضيعة للوقت، كما أنه من غير المقبول السماح له بالإفلات من العقاب على جرائم الحرب التي ارتكبها بحق السوريين".
 
اظهار أخبار متعلقة وشدد البيان على "ضرورة الانتقال السياسي الكامل في سوريا وفق القرار الدولي 2254 وتقديم بشار الأسد ومجرمي نظامه للمحاسبة والمحاكمة"، منوهاً بأن "أي مبادرة خارج إطار القرار الدولي هي التفاف على مطالب السوريين، وانحياز لنظام الأسد المجرم واستسلاماً له وحلفائه".
 
وقال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف، عبد المجيد بركات، إن إعادة النظام إلى الجامعة وقبلها خطوات التطبيع مع النظام السوري لن يخدم الاستقرار في سوريا، ولن يخفف المعاناة عن السوريين.
 
وأضاف لـ"عربي21" أن أسباب تجميد عضوية النظام في الجامعة ما زالت قائمة، ومكانه الحقيقي هو المحاكم الدولية، والتطبيع المجاني لن يساهم في تحقيق تطلعات السوريين، مشدداً على رفض المعارضة أن يكون الملف السوري عرضة للمساومات الإقليمية.
 
وأكد بركات على تمسك المعارضة بالقرارات الدولية، والدعوة إلى تطبيق الحل السياسي، أي الانتقال السياسي الحقيقي.
 
اظهار أخبار متعلقة ويقلل السياسي والمعارض السوري زكريا ملاحفجي، من تأثيرات إعادة النظام إلى الجامعة العربية، قائلا لـ"عربي21": "كل ما سبق لن يغير الواقع، مأساة اللجوء والنزوح مستمرة، والملايين يرفضون العودة إلى كنف النظام، رغم تعويمه عربياً وإقليمياً"، لافتاً إلى الرفض الدولي للتطبيع مع النظام والقرارات الدولية التي لا يمكن تجاوز بنودها بخصوص الحل في سوريا.
 
ومع ذلك، دعا ملاحفجي المعارضة إلى العمل بطريقة مختلفة، داعياً المعارضة إلى "الالتحام أكثر بالشارع السوري، وتعزيز صفوفها حتى يكون صوتها مسموعاً وقوياً".
 
المعارضة في موت سريري من جانبه، حذر المعارض السياسي والخبير القانوني، محمد سليمان دحلا، من اختزال الحل السياسي السوري، مؤكداً لـ"عربي21" انخراط المعارضة العسكرية والسياسية في المسارات السياسية (الدستورية، وأستانا) التي فرغت قرار مجلس الأمن 2254 تماماً من محتواه، ما يعني قبولها بالتفسير الروسي للقرارات الأممية.
 
وفي رأيه: "لا دور حاليا للمعارضة في منهجية (الخطوة مقابل خطوة)، أو ليس لديها جزرات تقدمها للنظام السوري، وإنما هي بيد الدول".
 
وتوقع الخبير القانوني أن تبقى المعارضة في حالة "موت سريري" إلى حين أن تصل الخطوات إلى مرحلة تحريك اللجنة الدستورية، مستدركاً: "مع ذلك يبقى هناك احتمالات خارج الحسبان سواء على الصعيد المحلي أو الدولي لخلط الأوراق أو قلب الطاولة، علماً أن العلاقات والمصالح الدولية على الجغرافيا السورية متشابكة وليست ثابتة".
 
اظهار أخبار متعلقة أما الباحث في مركز "الحوار السوري" محمد سالم، فيرى في إعادة النظام للجامعة العربية زيادة في تمكين نظام الأسد بما يخص الاعتراف الدولي به ممثلا لسوريا، يقابل ذلك إضعاف المعارضة وإبعادها عن تمثيل السوريين.
 
ويضيف لـ"عربي21" أن الخطوة العربية هي خسارة مزيد من النقاط في الكفاح للحصول على الشرعية الدولية، وقال: "نحن أمام تراجع في شرعية المعارضة، والجامعة العربية لم تُشر إلى المعارضة والشروط متعلقة بالمخدرات واللاجئين فقط، لتبدو العودة دون أي شروط تتعلق بالحل السياسي، وإنما التطبيع مقابل التطبيع".
 
مواقف الدول الغربية من المعارضة في السياق ذاته، يقرأ الكاتب الصحفي السوري إياد الجعفري، في إعادة النظام إلى الجامعة العربية، اعترافاً بـ "شرعيته" وبوصفه ممثلاً للسوريين.
 
ويقول لـ"عربي21": "رغم أن هذا الاعتراف يبقى رمزياً، ذلك أن إعادة العلاقات بين الدول العربية وبين النظام، قرار سيادي يخص كل دولة عربية على حدا، إلا أنه يبقى ذو قيمة سياسية بالنسبة للنظام، بوصفه تعبيراً عن التجاهل العربي للمعارضة السورية المعترف بها دولياً، خصوصا هيئة التفاوض، التي تمثّل أكبر تجمع سوري معارض".
 
وبحسب الجعفري، يبقى سقف تداعيات إعادة النظام إلى الجامعة على المعارضة، مرتبط بمواقف الدول الغربية منها، ومدى تمسكهم بها، بوصفها الممثل الشرعي للحراك المناوئ للأسد، وهي مواقف ما تزال مستقرة رسمياً، كما ويرتبط سقف هذه التداعيات بتطورات مسار التطبيع العربي مع النظام، ومدى تجاوب هذا الأخير مع متطلبات هذا التطبيع، المحددة وفق بيان عمّان الوزاري، وفي مقدمتها، وقف تهريب المخدرات، وتسهيل إعادة اللاجئين، بحسب تعبيره.
 
اظهار أخبار متعلقة يذكر أن الولايات المتحدة كانت قد انتقدت قرار إعادة النظام للجامعة العربية، معتبرة أن "دمشق لا تستحق هذه الخطوة"، مشككة في رغبة رئيس النظام السوري بشار الأسد في حل الأزمة السورية.
 
وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الأحد أن واشنطن تعتقد، مع ذلك، بأن الشركاء العرب يعتزمون استخدام التواصل المباشر مع الأسد للضغط من أجل حل الأزمة السورية التي طال أمدها وأن واشنطن تتفق مع حلفائها على "الأهداف النهائية" لهذا القرار.
 

Total time: 0.0367