أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

المعركة تصل إلى دائرة الأسد- فما سر قوة المعارضة المسلحة؟

- متابعات

تشهد العاصمة دمشق اشتباكات عنيفة بدأت منذ أيام وكانت ذروتها في الهجوم الذي استهدف مبنى الأمن القومي، وأدى إلى مقتل كبار القادة الأمنيين لنظام الأسد، ما يطرح عدة أسئلة تتعلق بسر قوة المعارضة المسلحة خلال الأيام الماضية.

بعد أيام من اشتداد المعارك في قلب العاصمة دمشق بين المعارضة المسلحة والجيش النظامي واجهت الدائرة المقربة من الرئيس السوري بشار الأسد هزة قوية، سببها انفجار ضرب مبنى الأمن القومي وسط دمشق وأودى بحياة وزير الدفاع داوود راجحة ونائبه آصف شوكت، وهي العملية التي وصفها مراقبون بالنوعية والأخطر على نظام دمشق منذ بدء الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد قبل 17 شهراً. ووصفها المحلل السياسي الألماني ميشائيل لودرز بأنها "أهم تطور تشهده سوريا منذ بدء الاحتجاجات". وأكد الجيش الحر في بيان له "أن هذه العملية النوعية هي ضمن خطة بركان دمشق- زلزال سوريا، وما هي إلا محطة البداية لسلسلة طويلة من العمليات النوعية والكبيرة على طريق إسقاط الأسد ونظامه بكل أركانه ورموزه".

لكن ما تأثير هذه العملية على نظام الأسد؟ وهل ستكون نقطة تحول في الصراع الدائر في البلاد؟ وما السر في القوة التي أظهرها الجيش الحر في تنفيذ عملياته المسلحة داخل العاصمة المحصنة؟

الانشقاقات وميزان القوة

تزداد أعداد المنشقين عن الجيش النظامي يوماً بعد آخر، فمواقع التواصل الاجتماعي لا يكف عن عرض تسجيلات مصورة لضباط وجنود وهم يعلنون الانشقاق عن جيش الأسد وانضمامهم إلى الجيش الحر، بل وقد شملت هذه الانشقاقات مقربين من الأسد كان آخرهم مناف طلاس، وهو أعلى مسؤول عسكري سوري انشق عن نظام دمشق، وهو موجود حالياً في باريس، كما أكد ذلك الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند.

ويشير المحلل السياسي خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس، في حوار مع DWأن "العملية النوعية التي قام بها الجيش الحر اليوم على مبنى الأمن القومي وسط دمشق ستزيد من حجم الانشقاقات"، وقد تحدثت تقارير إعلامية، لم نستطع التأكد من صحتها، عن انشقاق العديد من المجندين التابعين للفرقة الثالثة مدرع وتركوا أسلحتهم ومعداتهم في أماكن الحواجز الأمنية، التي كانوا يقيمونها على أطراف دمشق وذلك مباشرة بعد انتشار خبر مقتل وزير الدفاع السوري.

ويقول محللون إن الدائرة المقربة من الأسد بدأت تدرك أنها تواجه أزمة خطيرة، إذ يرى المحلل السياسي الألماني ميشائيل لودرز إن "الانشقاقات جعلت من قادة الجيش النظامي يشُكون في حسم المعركة لصالحهم". لكن الجيش السوري أكد بعيد تفجير دمشق أن الحادث الذي أودى بحياة مسؤولين كبار، سيزيدهم إصراراً على "التصدي للإرهاب".

 

Demonstrators are seen at the al-Tadamun area in Damascus July 15, 2012. Picture taken July 15, 2012.    REUTERS/Shaam News Network/Handout (SYRIA - Tags: POLITICS CIVIL UNREST CONFLICT) FOR EDITORIAL USE ONLY. NOT FOR SALE FOR MARKETING OR ADVERTISING CAMPAIGNS. THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. IT IS DISTRIBUTED, EXACTLY AS RECEIVED BY REUTERS, AS A SERVICE TO CLIENTS

لودرز: "النجاحات التي حققها الجيش الحر في الآونة الأخيرة ترجح أنها تلقت مساعدات عسكرية من أطراف خارجية حتى وإن لم يعلن عنها"

ويرى المراقبون أن تفجير اليوم من شأنه أن يحدث هزة قوية في دائرة الأسد المقربة التي تضم أيضاً المستشار الأمني علي مملوك ورئيس المخابرات العسكرية عبد الفتاح قدسية إضافة إلى محمد ناصف خير بك، وهو مسؤول مخضرم من عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد والد بشار.وقال بشار الأسد البالغ من العمر 46 عاماً الشهر الماضي إن سوريا في حالة حرب وأمر حكومته ببذل كل ما في وسعها لتحقيق النصر على المعارضين الذين يصفهم بالإرهابيين.

من أين السلاح؟

لكن يبقى التساؤل عن سر القوة التي ظهرت بها المعارضة المسلحة خلال الأيام الأربعة الماضية، لاسيما في دمشق العاصمة وإعلانها إطلاق عملية "بركان دمشق"، وشملت الاشتباكات أحياء كفرسوسة وجوبر والميدان والتضامن والقدم والحجر الأسود ونهر عيشة والعسالي والقابون. وتشكل هذه الإحياء ما يشبه نصف الدائرة في جنوب وشرق وغرب العاصمة، فيما حي الميدان هو الأقرب إلى الوسط.

وعلى الرغم من تعذر التحقق مما يحدث على الأرض بسبب استبعاد وسائل الإعلام المستقلة إلى حد كبير من العمل في سوريا، يرى مراقبون أن الصراع تحول الآن من انتفاضة في بلدات وقرى فقيرة إلى حرب أهلية وصلت إلى شوارع العاصمة. وتأتي شدة المواجهة بعد أن فشل أعضاء مجلس الأمن في الاتفاق على مشروع قرار، يتيح للمجتمع الدولي التحرك بسبب استمرار وقوف روسيا إلى جانب نظام الأسد.

 

 

وقد تحدثت تقارير إعلامية عن "انجازات" حققتها المعارضة المسلحة على الأرض، وذلك بالرغم من إحجام واشنطن ودول غربية أخرى عن تقديم أسلحة للمعارضة، التي ناشدت المجتمع الدولي في أكثر من مناسبة بمد يد المساعدة إليها "لحماية السكان وتجنيبهم المجازر".

في هذا الإطار يقول لودرز إن "النجاحات التي حققها الجيش الحر في الآونة الأخيرة ترجح أنها تلقت مساعدات عسكرية من أطراف خارجية حتى وإن لم يعلن عنها"، بيد أن المحلل خطار أبو دياب يؤكد أن الحديث كان لحد الآن عن "بعض المعدات الخاصة بالاتصال والتي وصلت الجيش الحر من فرنسا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى أسلحة قليلة قدمتها بعض الدول العربي، لكن في الإجمال فإن أكثر من تسعين في المائة من أسلحة الجيش الحر كان مصدرها داخلي، وذلك إما عن طريق الانشقاق أو الاستيلاء على مخازن الأسلحة".

من جانبه يرى فولكر بارتز، المحلل السياسي الألماني ورئيس مؤسسة العلوم السياسية في برلين، في حوار لـ DW، أن دعم المنشقين من الخارج قد أظهر مفعوله، وعلى وجه الخصوص المساعدة التي جاءت من قطر والسعودية والتي كانت على شكل مساعدات مالية مكنت المقاتلين من شراء أسلحة من بلدان مجاورة كلبنان، وعلى ما يبدو فقد مكنتهم تلك الأموال من شراء أسلحة بشكل مباشر من الجيش النظامي نفسه، ليكن يبقى السؤال إلى أي مدى يمكن لهذه الأموال أن تفتح مخازن الأسلحة أمام مقاتلي المعارضة بشكل أكثر؟".

Total time: 0.0486