مررت على الجولة في يوم عيد, فوجدت من يقف ومعه أدوات عمله باحثا عن عمل, اختزلت الموقف, فوجدت نفسي ترسم حكايته, كيف بات ليلة العيد بعيدا عن أهله, وكيف دس رأسه على وسادة بالية في تلك الليلة , وهو يذكر أسرته , وما منعه من السفر إليهم , رغم القرب منهم إلا إنه لم يجد ما يحمله إليهم ,فما استطاع أن يوفره استدان فوقه , ليوفر لهم ملابس العيد وبعضا من احتياجاتهم, دمعة سقطت منه تلتها أخرى , وهو يتخيل الحنا على يد ابنته زهور البالغة أربعة أعوام في هذه الليلة , طمس ذكرياته مع زوجته حتى لا يتحول بكاؤه الصامت إلى عويل فيوقض من بالغرفة, حرقة تعتصره , يشعر بغبن الحياة له , لكنه ذهب بتفكيره إلى منحى آخر قائلا : ولو, لو تعبت اليوم ها أنا أعلم أولادي , لينفعوني في عجزي, نام على خيال ابنه محمد وهو يلبس بدلة التخرج , ابتسم والدمعة في عينيه , وها هو يقف على قارعة الطريق يبحث عن عمل يسد رمقه, كسرة خبز ناشفة لن يأكلها حتى يعمل , هذا إذا وجده في مثل هذا اليوم.
يا هل ترى ....عندما قام من نومه في هذا اليوم ؟ هل وجد أطفاله منتشيين بثياب العيد,؟ هل لبس الجديد, هل وضع رشة عطر على ثيابه , قبل أن يودع زوجته متجها لصلاة العيد, هل ترك لأولاده الخيار أن يمشوا من أمامه أومن خلفه ,؟ هل عاد إلى بيته والإفطار وحلويات العيد تنتظره لم يجد بجانبه غير رفيقه الذي يلبس المعطف الممزق رغم الحرارة الشديدة, وبيده عدته " الكريك " يبحث عن عمل مثله , ويخالجه نفس الشعور, ربما بطعم مختلف.
غبن الزمن
اخبار الساعة - عباس القاضي
المصدر : كتابات