ياسين سعيد نعمان: أحد الذين حاولوا اغتيالي عام 92 أبلغني مؤخراً أنه رُشح للعمل في منظمة لمكافحة الإرهاب، وسيطرة الإصلاح على المشترك مجرد اراجيف
بتاريخ 2012-09-14T02:25:52+0300 منذ: 12 سنوات مضت
القراءات : (3916) قراءة
اخبار الساعة - صنعاء
■ الحوار لم يعد ترفاً
■ لا سيطرة للإصلاح على «المشترك»
■ حل قضية الجنوب أساس العملية السياسية
يتمسك الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، ياسين سعيد نعمان، بأهمية الحوار الوطني وضرورة تهيئة الظروف لانعقاده. وفيما حذّر من تخريب العملية السياسية، شدد على ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية، ونبه إلى خطورة سير بعض القوى في مشاريع الفوضى
حاورته: جمانة فرحات- جريدة الاخبار اللبنانية
■ تعرضتم لمحاولة اغتيال قبل أيام، من تتهمون بالوقوف خلفها، ومن هي الأطراف المستفيدة؟
خلال فترة وجيزة تعرض عدد من قياديي الحزب الاشتراكي لمحاولات اغتيال وتهديد بالتصفية الجسدية والتحريض عليهم، ثم المحاولة التي تعرضت لها والتي خُطِّط لها بذكاء لتبدو كأنها اشتباك في نقطة تفتيش، وهي من النقاط المنفلتة التي يسهل اختراقها لتنفيذ مثل هذه الأعمال الإجرامية، وأخيراً إحراق مخيم شباب الحزب وأنصاره في ساحة التغيير.
الجبهة الواسعة من المهمات الوطنية التي تصدى لها الحزب الاشتراكي خلال الفترة الماضية لا بد أن تستفز القوى المناهضة لعملية التغيير، والتي يؤكد تاريخها السياسي تورطها في اغتيال خصومها بدم بارد وبطرق تنوعت بين السافرة والملتوية والمستأجرة وفقاً لظروف المرحلة... واليوم يوظف المتورطون في هذه ــ وتلك ــ الأعمال الإجرامية، التي شملت يومذاك العشرات من الكوادر القادمين من الجنوب وغيرهم من كوادر الحزب الاشتراكي، آلية إعلامية لتشويه الحقيقة والتقليل من خطورتها لأغراض لا تقل دناءة عما مارسوه في مراحل سابقة.
في عام 1992 قصف منزلي في صنعاء بصاروخ متفجر أطلق إلى غرفة النوم التي كنت قد غادرتها قبل دقيقتين فقط، وأخفي المنفذون وجرى التستر عليهم بل وحمايتهم. وبعد اثنتي عشرة سنة، وبعد عودتي من المنفى، التقيت بأحد المنفذين وأخذ يشرح لي كيف كُلِّفوا المهمة. وقال لي إنه بعد سنوات من متابعة مستحقاته رشحوه ليلتحق بإحدى منظمات مكافحة الإرهاب.
■ نشرت صحيفة الوسط اليمنية يوم الأربعاء مقابلة مع الجندي المتهم بإطلاق النار على سيارتكم، قال انه لم يكن يعرف من داخل السيارة وأطلق النار في الهواء فقط. وتحدثت الصحيفة عن صرف مكافأة لأفراد النقطة العسكرية الذين أوقفوا سيارتكم؟ في أي سياق تضعون ما نُشر؟ وماذا عن سفركم إلى الإمارات بعد محاولة الاغتيال؟
كل ما أستطيع أن أقوله في الوقت الحاضر عن محاولة الاغتيال انها دبرت بإحكام شديد، وكونها فشلت لا يقلل من خطورتها. وتناولها إعلامياً في الوقت الحاضر بهذا الأسلوب من قبل بعض الصحف أرجو أن لا يكون هدفه الضغط على التحقيق الجاري بهدف التأثير عليه سلبياً. وشخصياً فضلت الاكتفاء بالتقرير المكتوب المقدم لوزير الداخلية عن الحادث حتى لا يؤثر ذلك على التحقيق. أما سفري فقد كان مخططاً له من قبل الحادث، وما أخرني هو الارتباطات المهمة مع لجنة الإعداد للحوار الوطني. والعودة إلى اليمن ستكون بعد أن أنتهي من الغرض الذي غادرت من أجله.
■ يشبّه البعض الأوضاع التي يمر بها اليمن اليوم بتلك التي سبقت اندلاع حرب 1994. فما هو تقويمكم للمرحلة الراهنة؟ وهل بات اليمن على شفير حرب جديدة؟
الثورة مهدت الطريق لتغيير وجه الحياة في اليمن، ولا يمكن اليمن أن يعود إلى الوضع القديم الذي ثار عليه الشعب. ومظاهر العنف والعراقيل التي تبرز بين الحين والآخر هي مجرد محاولات يائسة من القوى التي استهدفها التغيير...
اليمن كان مؤهلاً لحرب أكثر شراسة وعنفاً مما شهدته وتشهده بلدان أخرى، لكن اليمنيين قرروا تحقيق التغيير على قاعدة أهداف الثورة الشعبية عبر عملية سياسية تجنب البلاد الحرب... المشكلة تكمن في عدم تنفيذ الرئيس السابق حتى الآن للاتفاق في ما يخص التخلي عن السلطة والمتمثلة في استمرار رئاسته للمؤتمر، فضلاً عن إصرار من بقي من أنصاره على تحويله إلى مركز استقطاب لكل القوى المناهضة للعملية السياسية، وهو ما يجعل الوضع يبدو كأنه في حالة مواجهة مستمرة بسبب مواقفهم المقاومة لقرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق وما يرافق ذلك من توترات بمظاهرها المسلحة وما تشهده البلاد من تفجيرات وأعمال عنف واغتيالات، التي لا يمكن أن تقوم بها إلا قوى تمتلك إمكانات هائلة ومدعومة لوجستياً.
من جانب آخر، نجد أن بعض الجيوب والأجنحة في بعض القوى والنخب مصرة على التمسك بما تعتقده مكاسبها «التاريخية». فهي ترفض الاعتذار عن الحروب التي كانت أدواتها في بسط سيطرتها ومد نفوذها، وخاصة حرب 1994... اليوم نجاح الحوار في كفة، والعودة إلى الحروب في كفة أخرى. ولن ينجح الحوار إلا بمغادرة ثقافة تمجيد الحروب وإعلان القطيعة معها والاعتذار الحقيقي عنها. وما عدا ذلك هو مغالطة لا أقل ولا أكثر.
■ تواجه أحزاب اللقاء المشترك اليوم اتهامات وانتقادات حادة من شباب الساحات، فما هو ردكم؟ وكيف تنظرون إلى أداء أحزاب اللقاء المشترك والعلاقة بين مختلف أطيافه، وتحديداً في ظل وجود حديث عن سيطرة حزب التجمع اليمني للإصلاح على المشترك؟
- أولاً، لا أحد فوق النقد. ونحن في اللقاء المشترك نستطيع القول إننا اتخذنا قرارات تاريخية مناسبة في اللحظات المناسبة عبر نقاشات داخلية اتسمت بالديموقراطية والمستوى المناسب من التقدير السليم والقراءة المعقولة للمعطيات المحيطة... ولننظر إلى اللوحة التي تمثلها اليوم اللجنة الفنية التحضيرية للحوار الوطني التي تشارك فيها القوى السياسية والشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني والحوثيون، حيث لا يمثل المشترك فيها غير ثلاثة أعضاء من إجمالي خمسة وعشرين عضواً، لنعرف أن المشترك لم يخط نحو العملية السياسية إلا بعد أن أنجزت الثورة مهمتها الرئيسية في نقل السلطة على قاعدة التغيير التي قامت من أجلها الثورة. أما ما يُقال عن سيطرة حزب الإصلاح على المشترك، فهي مجرد أراجيف يرددها خصوم المشترك. فأحزاب المشترك متكافئة في علاقاتها ولا يوجد فضل لحزب على آخر.
■ ما هو موقفكم من خطاب صالح الأخير، وكيف ترون دوره في هذه المرحلة؟
- صالح أعطي الحصانة، وعليه أن يحترم التعهدات التي منح بموجبها هذه الحصانة، والحصانة لم تمنح له لكي يشارك المشترك في الحكم، وإنما ليتخلى عن السلطة سلمياً... وإقصاؤه عن السلطة ليس مهمة المشترك، بل مهمة كل القوى التى وقّعت المبادرة وآليتها التنفيذية وكذا القوى الإقليمية والأممية التي رعتها ولا تزال ترعاها...
أما في ما يخص خطاب صالح الأخير، فشخصياً أرى أنه محاولة لاقتحام مسار العملية السياسية في أهم محطاتها بهدف إرباكها. وصالح الذي صادر المؤتمر مثلما صادر الدولة، لا يمكن أن يتعامل اليوم مع المؤتمر إلا كزانة قفز عالٍ. يقفز بواسطته فوق الجراح التي خلفها حكمه، وفوق حاجة اليمن إلى مغادرة سنوات حكمه...
الاتجاهات التي شملها خطابه تضع المؤتمر في مأزق حقيقي تجاه الحوار... وشخصياً ألوم أكثر منه المؤتمر الذي يعد الآن طرفاً في العملية السياسية، فهو إما موافق على هذه السياسة، وهذا يعني أنه يتحمل مسؤولية فشل العملية السياسية والعودة إلى مربع العنف، وإما أن يقف أمام التزاماته ويحسم أمره داعماً المسارات السياسية لأمينه العام الأخ عبد ربه منصور هادي... ولا بد من الإشارة هنا إلى أن علي عبد الله صالح خسر حتى الآن معركة استخدام القوة العسكرية، ويكاد يخسر على نحو كبير معركة التخريب الأمني وإشاعة الفوضى، ويريد أن يجرب معركة المؤتمر لتخريب العملية السياسية.
■ هل أنتم راضون عن تطبيق المبادرة الخليجية، وهل ترون أنها لا تزال قائمة؟
- المبادرة الخليجية بمعناها الشامل، الذي يضم الآلية التنفيذية وقرارات مجلس الأمن، هي أساس العملية السياسية الجارية في اليمن. تحقق منها الكثير، ولا يزال هناك الكثير. أهم ما بقي هو استكمال نقل السلطة وتوحيد الجيش بقيادة وطنية ومهنية، آخذين في الاعتبار كل مكونات الجيش منذ ما قبل 1994، وتهيئة المناخات لحوار ناجح من خلال البدء بتنفيذ النقاط التي اقترحتها لجنة الحوار للرئيس. وأود في هذه المناسبة أن أشير إلى أن المواقف المتطرفة الرافضة لهذه النقاط إنما تأتي من الأطراف المسكونة بثقافة القوة والفوضى في آن واحد... لذلك، على قوى التغيير أن تملأ الفجوات التي يتربص بها البعض للنفاذ إلى قلب العملية السياسية لتخريبها باستعادة الإمساك بزمام المبادرة وتوجيه دفة المسار إلى الأمام بقوة الدفع الثوري الذي يجب أن يتخلص فوراً من الأورام التي ملأت جسمه.
■ كيف تقوّمون عمل لجنة الحوار، التي قدمت 20 نقطة اعتبرت أنها تمهيدية للحوار، بينها الاعتذار للجنوب وصعدة، وقيل إن الرئيس هادي أبلغ اللجنة أن تنفيذ بعض هذه النقاط يفوق قدرته وقدرة الحكومة؟
- اللجنة حتى الآن تعمل بصورة جيدة ولا ينقصها سوى مشاركة ممثلي الحراك في الجنوب. أما في ما يخص القدرة على إجراء الحوار، فلا شك في أن الحوار لم يعد ترفاً يمكن الاستغناء عنه... وفي كل الأحوال، إن الزمن الذي كان بإمكان (بعض) القوى أن تفرض فيه شروطها قد طوي إلى الأبد، وحتى إذا قررت هذه القوى السير في مشاريع العنف والفوضى إلى النهاية، فإن ما يمكن أن تحصل عليه سيكون مجرد نتف من بلد ممزق...
النقاط التي اقترحتها لجنة الحوار هي الحد الأدنى لما يمكن البدء بمعالجته لو أردنا تهيئة المناخات لحوار ناجح. والرئيس هادي في موقعه هذا يواجه ضغوطاً كثيرة من القوى التي لا تزال مسكونة بالقوة والحروب والفوضى وتأخذها العزة بالإثم حينما يطلب منها الاعتذار للشعب مما لحق به من أضرار بسبب الحروب القذرة التي خططت لها ونفذتها لفرض هيمنتها ونفوذها. إصرار البعض على أن يحمل اليمن معه دوماً قذارة هذه الحروب مسألة غير مفهومة في ظل ثورة شعبية ثارت على كل قاذورات الماضي. كذلك إن الانتقائية في اختيار موضوعات الثورة بمقاسات خاصة مسألة من شأنها أن ترسم الثورة داخل عقول لا ترى في الثورة أكثر من صراع شخصي بين أطراف لن تستطيع في هذه الحالة أن تبرر اختلافها موضوعياً. إذا لم تعالج قضايا الجنوب بدءاً بإدانة الحرب وما ترتب عليها من سياسات وأخطاء وانتهاكات لحقوق الناس فكيف بالله يمكننا أن نركن على ضمير مشوش كهذا في تقرير مستقبل هذا البلد... عندما تحدثنا عن اعتذار رسمي، ومن كافة الأطراف، عن حروب صعدة، قفز هذا الضمير المشوش من داخل كهفه ليفسر الاعتذار بأنه لطرف سياسي ليؤلب عليه الناس بصورة منافية تماماً لمعناه... فلماذا هذا التضليل الذي يلجأ كل من له مصلحة في إبقاء أجواء الصراع كما لو كانت هي قدر هذا البلد إلى يوم الدين.
■ بعض تيارات الحراك الجنوبي، وتحديداً نائب الرئيس اليمني السابق، علي سالم البيض، يؤكد أن الحوار لا يمكن أن يكون إلا بين طرفين شمالي وجنوبي وعلى قاعدة فك الارتباط، فما هو رأيكم في هذا الموضوع؟
- الجميع اليوم يدرك أن الحل العادل للقضية الجنوبية هو الحلقة الرئيسية في العملية السياسية الجارية في البلاد. وأقصد بالحل العادل الحل الذي يمنح الناس في الجنوب حق المبادرة السياسية بعيداً عن الضغوط التي خلقتها السياسات الخاطئة للنظام السابق تجاه الجنوب، أو ضغوط التعبئة العصبوية الانعزالية لبعض القوى التي وظفت المزاج الشعبي الغاضب بصورة مجهولة النتائج. وبالطبع فإن هذا الحل يحتاج إلى بيئة نضالية سياسية أشبه بالبيئة التي أنشأها الحراك السلمي في مراحله الأولى وقبل أن تفرض عليه مشاريع الوصاية التي أخذت تعيد بناءه بروح المغامرة التي لا تخلو من الفوضى والعنف. الأخ علي البيض من أصدق القادة السياسيين الذين عاصرتهم، لكن السياسة بطبيعتها وفي ظروف متحركة لا يمكن أن تسير في خط مستقيم، كذلك لا يمكن أن تعتمد في معطياتها على ردود الأفعال، لا بد أن تكون مستقلة بما فيه الكفاية عن الوجدان وانفعالاته حتى تلتحم بالواقع كما هو لا كما يريده الوجدان وانفعالاته المتغيرة مهما كانت صادقة. ومثل هذه السياسة تكون طاردة للمناضلين والمخلصين وملتقى للمغامرين والفوضويين والانتهازيين، تكون، رغماً عن قيادتها المناضلة، ملتقى لمتناقضات تجمعها المواقف الحادة... إلى الدرجة التي تجد معها القيادة نفسها منقادة للمزاج الذي يسود المجموعة، حتى إذا ما فرضت عليها الظروف تجديد سياستها فإنها تجد نفسها محاصرة باتهامات الخيانة والتآمر على القضية... ولو لم يكن الحراك السلمي أصيلاً، لكان لهذا الوضع نتائج سلبية كبيرة عليه. ومن الطبيعي في مثل هذه الظروف أن تتجه الانفعالات التي تتحكم بالمسار السياسي إلى خيارات مطلقة، كالحديث عن خيار أحادي للحوار من دون أن تبحث في مدى توافر الشروط اللازمة لتحقيق ذلك، وتعبئة القواعد على التمسك به، من دون أن تنتبه هذه القيادات إلى أنها تصعب العمل السياسي على نفسها ومع أنصارها قبل غيرهم...
موضوع القضية الجنوبية يحتاج إلى تدابير استثنائية في ما يخص الحوار بشأنها، وعلى الجميع أن يفكروا في هذه التدابير الاستثنائية التي تكفل حواراً جاداً ومسؤولاً يرقى إلى مستوى أهمية هذه القضية وتعقيداتها... إن التطرف في اتجاه يولد الشروط المناسبة لازدهار التطرف في الاتجاه المقابل، أي إنهما يرضع أحدهما الآخر في عملية لها شروطها الموضوعية.
■ وحدة اليمن باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى. كيف السبيل للحفاظ عليها؟
- جرى تقويض الوحدة منذ اليوم الأول برفض نظام صنعاء إقامة دولة الوحدة ونظامها السياسي وإصراره على التمسك بدولة الجمهورية العربية اليمنية التي كانت سائدة في الشمال ونظامها السياسي والاجتماعي، وعزز ذلك بحرب 1994... ومنذ ذلك التاريخ عمل النظام السابق على مواصلة ضرب الوحدة في وعي الناس... وعندما تحرك الجنوب في ثورة شاملة لرفض هذا الوضع، استخدم ذلك النظام كل ما لديه من وسائل للقمع ولتخريب الجنوب... ليبدو الجنوب كأنه غير مؤهل لحماية مشروعه السياسي، ثم دفع بعد نجاح الثورة الشعبية في تفكيك حلقاته بكثير من أنصاره لرفع شعارات متطرفة حول الجنوب زايدوا فيها على الحراك السلمي الذي حمل القضية وضحى من أجلها منذ البداية، كل هذا بهدف خلط الأوراق والإساءة إلى الحراك وإظهاره بأنه ظاهرة فوضوية. اليوم يختلط الحديث عن الوحدة مع الحديث عن التفكك على أكثر من صعيد، والممهد لما هو أكثر خطورة إذا لم يستعد اليمنيون توازنهم لإعادة الأمر للإرادة الشعبية، وعلى المشاريع النخبوية أن تتوارى..