أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

أمراض الرأسمالية بقلم : إدريس علوش

- ادريس علوش

 

أمراض الرأسمالية

 

*إدريس علوش

 

الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها الرأسمال العالمي الآن هي احد السيمات الأساسية التي ينتجها هذا الرأسمال بفعل تناقضاته المرتبطة عضويا برهاناته على الربح السريع ،ولا شيء عدا الربع السريع،ومن اجل تحقيق أهدافه الإستراتيجية فهو يغامر ويخاطر ويقامر بالطبيعة والإنسان والمجال وكل مكونات الوجود ولو على حساب كل القيم البشرية والإنسانية والآدمية .وأساس هذه الأزمة هو حالة أللإشباع التي يعاني منها هذا الرأسمال في إطار التراكم الذي يحدثه من اجل تلبية نزواته اللامتناهية،إلى حد وصل به الأمر إلى إستيهام وافتراض أرباح خيالية غير موجودة على أرض الواقع المادي والموضوعي.

إنها خلاصة لأمراض الرأسمال المتوحش الذي يأتي على الأخضر واليابس فقط ليبقى مستأسدا على أنماط الإنتاج التي تراكمها قوى الإنتاج والعمل لتواصل مسارها الحياتي ناشدة العيش الكريم.وهي أمراض نفسية تعكس سيكولوجيته البشعة ،أما أمراضه العضوية فتكمن في الضرر المباشر الذي أصاب الطبيعة والبيئة والمحيط والإنسان،نتيجة أخطائه التي توهم انها تراكم له مزيدا من الربح لإنعاشه،كما حدث بالنسبة لم عرف بجنون البقر ،ثم أنفلونزا الطيور والدواجن،والآن أنفلونزا الخنازير، وغدا قد تصاب الثروات السمكية في عمق البحار بنفس الداء ،او بداء اخر وهي أمراض مفبركة ما كان لهذه الحيوانات أن تصاب بهذا الداء أو داء أخر يتم استحداثه،والمؤكد لو أن الرأسمال المستثمر في هذه الحقول اعتمد تغذية تنسجم وطبيعة هذه الحيوانات ما حدث الذي حدث ،لكنه اختار الطرق والسبل التي تدر عليه مزيدا من الربح، وهي التي أدت إلى هذه الأوبة،وعلميا تبث أن هذه الإمراض هي حصيلة المواد التي تستهلكها هذه الحيوانات ليتم تسمينها في سرعة فائقة .غير أن خطورة هذه الأمراض تكمن في إن الإنسان ذاته لن يسلم منها بحيث يصبح هو الآخر مستهدفا من حيث لا يدري ،وما الأرقام والإحصائيات المعلنة والمعتمدة في هذا الصدد وعبر كل وسائل الإعلامية،لا هي خير دليل على مانرمي اليه على مستوى المقاربة.

هذا الرأسمال الذي يستعدي- من العداء – القوانين والضوابط والشرائع ويتوهم أن لا حدود له عدا حدود الربح المتسارعة التي تقوده وتتحكم فيه،ويستعدي كل قيم الجمال والعدل والحق في الوجود الأمن ،هو نفسه الرأسمال الذي ستقتله أمراضه التي ينتجها،وتحيله ربما على التقاعد الذي تناضل من اجله القوى المناهضة لوحشية الرأسمالية وليبراليتها البشعة.
المصدر : ادريس علوش

Total time: 0.0592