بقليل من التدقيق والرؤية لأحداث الربيع اليمني بتفاصيله الكثيرة والمعقدة وتلك المقدمات الضرورية والممهدة له والمرتبطة بخصوصيات الواقع اليمني التي اسفرت جميعها عن النتائج المزدوجة والحتمية والتي أضحت معروفة لدينا جميعا , مما تشكل بمجملها تفاصيل الواقع الراهن والمشهد السياسي اليمني القائم وتتحكم به , الذي يستدعي بدوره مزيدا من التعقيدات المعيقة لاستكمال بناء المشهد في لوحته الجديدة التي تحدد ملامح العهد المنشود مما يفرض أيضا أعباء اضافية في سلم مهام واولويات رواد العهد الجديد كما يفرض تحديات صعبة ومعقدة ومتداخلة تواجه قيادته المحنكة والمجربة .
وهنا أنبرى كثير من قواعد وبعض قيادات العهد الجديد من المندفعين بعواطفهم والمتحمسين بثوريتهم لاستعجال تحقيق الأهداف المطلوبة لاستكمال رسم تفاصيل المشهد القائم بصورته المثلى المطلوبة ووضع خاتمة عاجلة له , وشاب ذلك شيئا من السلوك الغوغائي وبعض الأفعال المدمرة ,على طريقة استعجال المراحل وحرقها , ولذلك كان على الرئيس هادي الذي قبل بالأمانة الكبرى والمسؤولية الوطنية العظمى التي فرضت عليه في ظل هذه الظروف والمحن المصيرية أن يعمل في جبهتين متناقضتين وأن يسيطر على أفعال مزدوجة , الاولى في التصدي لمهام التغيير الصعبة والمتمثلة في استكمال اجراءات الانتقال السلمي والسلس للسلطة بحسب بنود المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة وكذا احتواء الأفعال المغامرة من بعض رواد المشهد والعهد الجديد .
ذلك المشهد القاتم فرض النهج الضروري والمطلوب من هادي لاستيفاء انجاز المهام الملحة والوفاء للمسؤولية الصعبة الملقاة على عاتقه مما أستدعى منه استحضار المزيد من الحكمة والصبر والامتثال للنهج العقلاني الرصين فوجد نفسه في مواجهة مع الطرفين المتحاربين (في معركة الخاسر الوحيد فيها هو الوطن والشعب اليمني ) أحدهما خصم اليمن المتربص والأخر فصيل متهور من صناع الغد المنشود , هذه المعركة الفائضة عن الحاجة والتي كان يمكن تجاوزها بشيء من حسن التدبير والاعداد المتقن في الوقت السابق للتوقيع على المبادرة الخليجية ولاحقا بالاصطفاف خلف قائد واحد سبق ان اخترناه بأنفسنا في 21فبراير 2012م وهو قبطان ماهر يدير الدفة بكل حنكة واتقان ان كنتم تعلمون .
نعم بمقدار عزيمة او وهن الرئيس هادي ترتسم ملامح انتصار او هزيمة وطن , اما بدخوله اعتاب مرحلة جدية واعدة بالخير والازدهار او انزلاقه في غياهب المجهول وهو نفق طويل مظلم من الضياع والتشرذم والاقتتال والدمار , فماذا نحن فاعلون وعلى أي محطة قادمون ؟.
حدثني زميل وهو من مواطني احدى المحافظات الشمالية (الذي يجهل حينها كل شيء عن قائده العسكري هادي ) وهو ايضا من القيادات العسكرية التي رافقت هادي في قيادته لمحور البيضاء في الحرب سيئة الصيت العام 1994م , قال لي مستحضرا المواقف والعبر, نحن ظلمنا (هادي ) مرتين , الاولى كقائد عسكري كفؤ ومحنك في حرب العام 1994م حيث كنا نحن قادة الكتائب في جبهة البيضاء نضع التصورات لكلفة المعركة القادمة من افراد وعتاد في مهاجمة الطرف المقابل واقتحام مواقعه الحصينة ونتهيأ نفسيا ومعنويا للقادم من مهامنا القتالية ونتسأل في قرارة نفوسنا عن كفاءة قائدنا الجديد وقراره العسكري المرتقب , هذا القائد الذي نجهل عنه اشياء كثيرة بل كل شيء , ليفاجئنا بخطط عسكرية محكمة ومتميزة وغير متوقعة منا مطلقا, خطط تحرص على أقل الخسائر في القوات والعتاد في الطرفين , حجم المفاجأة حينها أن القائد هادي لم يكن يضع في اولوياته الحرص على أرواح ودماء جنوده فقط , بل والحرص على الطرف الاخر أيضا , اليس هم يمنيون ايضا ؟ ومجبرين على حمل السلاح بالأمر العسكري واجب النفاذ عليهم ؟, يستطرد قائلا يومها واصلنا المعركة تحت قيادته بروح معنوية وقتالية عالية حتى وصلنا مشارف عدن وكلنا ثقة وايمان مطلق بقدرة وكفاءة قائدنا العسكري هادي الذي لم نحضي بقائد مثله من سابق ومازلنا .
أما المرة الثانية فكانت في الحاضر , في اساتنا لتقدير كفاءته وقدراته القيادية في الجانب السياسي والعسكري ايضا,عندما حشرنا أنوفنا في مواضيع عمل اللجنة العسكرية المنبثقة عن المبادرة الخليجية واصرارنا على نقد عملها واتهامها بالتأخير والتقصير في انجاز مهامها الخاصة بإعادة هيكلة الجيش و متجاهلين اتها تحت رئاسته وتعمل بتوجيهات منه وهو أكثرنا خبرة وقدرة وكفاءة في هذا الجانب ولكنه القلق المشروع احيانا والمبالغ به احيانا أخرى من بعضنا .
ولكل ما سبق وجدت أنه من المناسب والمفيد أن اسوق في مقالي هذا بعض من الحقائق الثابتة والمتمثلة في مقتطفات من تصريحات الرئيس هادي المسؤولة وشيئا من مواقفه المشرفة التي تعبر عن فهم عميق لطبيعة المرحلة المعقدة ومهامها الكبيرة وتجسد حرص كبير منه على أمن وسلامة واستقرار الوطن والمواطن اليمني , بل ان الأمر في حرصه يتجاوز الوطن اليمني ليصل إلى الاقليم والوطن العربي ويشمل الانسانية جمعاء .
وهاكم الأمثلة البينة الدالة على حقيقة ما أقول من واقع مواقف الرئيس هادي وما جري على لسانه : .
• هادي : شاءت الظروف وطبيعة المرحلة التي تعيشها البلد وما يفرضه واجبي نحو وطني أن يحل الاحتفال بالذكرى الخمسين لثورة سبتمبر الخالدة فيما أنا لست معكم، إلا أن ما خفف من وطأة غيابي في هذه المناسبة العزيزة كوني احمل معي قضايا بلدي وهموم شعبي باحثا عن دعم يدير عجلة اقتصاد منهار ومتلمسا لعون يساعدنا جميعا على استكمال السير في إنجاز مهمة التغيير بسلام ودون خسائر .
• في نموذج رائع للإيثار يغيب عن معظم الرؤساء والزعماء العرب , وفي موقف شجاع يحفظ للأخرين حقوقهم ويصون للجميع كرامتهم ,وجلهم غائب عن السلطة أو مغيب عن الحياة ذاتها , هادي الاخير في سلم الرؤساء اليمنيين يعيد لأسلافه كافة في جنوب اليمن وشماله الاعتبار (ان ما يتوجب قوله هو ان كل من تحمل مسئولية هذه البلد قد عمل بقدر ما يستطيع عليه بحسب امكانياته وان ايا ممن سبقونا في الحكم قد حققوا شيئا قل او كثر ولم يقف أي من هؤلاء بالوطن من حيث استلمه وهو ما ينطبق على حكام اليمن السابقين شماله وجنوبه) .
• قال الرئيس هادي للشعب اليمني (لا يمكنني ان اكون الا بك ومعك حتى نثبت للعالم اجمع من اننا قادرون على تجاوز التحدي ومن اننا نستحق حياة افضل.) .
• إن أي حكم يقوم على أساس عصبوي أو سلالي أو قبلي أو بواسطة الاحتلال الاجنبي غصبا عن رغبات الشعب فان استمراره يعد ضد سنن الحياة، ومهما طال استمراره فلا بد ان تسقطه ارادة الجماهير .
• أن تجاوز أخطاء الماضي والتطلع إلى المستقبل لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريقِ إحداث مصالحةٍ وطنيةٍ وعدالة انتقالية تتجاوز التعويض المادي إلى التعويض المعنوي وتشمل جبر الضرر ليس للأفراد فحسب وإنما للمجتمع كله بما في ذلك المناطق التي تضررت من المواجهات العسكرية، فإننا بصدد إصدار قانونِ المصالحةِ الوطنية والعدالة الانتقالية والبدء في تنفيذه قبل نهاية العام الحالي
.• نسعى لبناء اليمن الجديد القائم على الديموقراطية و لأن يختار الشعب اليمني حكامه بكل ديموقراطية في فبراير 2014 داعيا كل الأطراف للمشاركة في الحوار الوطني لصياغة دستور وعقد اجتماعي جديد,
• ما كان اليمن سيشهد ترسيخ عملية الانتقال السلمي للسلطة، لولا إصرار اليمنيين على تحقيق أهداف الثورة اليمنية المتمثلة بالتحرر والسيادة، وإنهاء الحكم الفردي والأسري إلى الأبد وإقامة نظام جمهوري محكوم بالدستور كعقد اجتماعي جديد بين السلطة والشعب .
• لقد اجتاحت العالم الإسلامي خلال الأسابيع الماضية موجة من السخط والغضب على إنتاج فيلم احتوى على إساءة صريحة لنبي الاسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولقيم الدين الإسلامي الحنيف ومما يؤسف له أن هناك حملة من الإساءات المتعددة للإسلام وأتباعه تستهدف تشويه صورتهم في العالم وتسهم في زرع بذور الفتنة وإثارة الكراهية بين الشعوب من مختلف الاديان وبالرغم من ذلك تجد هذه التصرفات من يدافعوا عنها تحت مبدأ حرية الرأي متجاهلين ان هناك حدود يجب أن توضع لحرية الرأي خاصة عندما تمس معتقدات الشعوب وتسيء الى رموزها .
• إن مؤتمر الحوار الوطني الشامل معني برسم مستقبل اليمن ومعالجة مختلف الملفات والصراعات والحروب والمشاكل العالقة وكل مظاهر الاستقواء والتعالي والاستئثار بالسلطة والقوة والثروة وصولا الى بناء دولة مدنية حديثة تقوم على احترام وسيادة النظام والقانون والمساواة والشراكة ومبدأ تكافئ الفرص والتوزيع العادل للثروة والمشاركة في اتخاذ القرارات وادارة المفاصل السيادية المختلفة للدولة الجديدة على أسس وطنية في اطار النظام السياسي الذي يقره الشعب ويجمع عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني المنتظر .
• أجددُ دعوةَ اليمن إلى كل الأطرافِ المعنية بالأزمة في سوريا سلطةً ومعارضة إلى تحكيم العقل والاستجابةِ للدعوات المتكررة للاحتكام إلى الحوار ومنطقِ العقل والتنازلات المتبادلة باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لوقف نزيف الدم، مبينا أنه لابديل أمام الأشقاءِ في سوريا سوى الاتفاق على مبادرةٍ ترسمُ الطريق للتغييرِ والانتقالِ السلمي للسلطة عبر صناديقِ الاقتراع .
• اعتبر هادي بان جولته الخارجية الحالية فاتحة خير وبشائر أمل لمساعدة اليمن في أزمته وظروفه الصعبة الراهنة، قائلاً إن هذه الجولة لها أبعادها ومقاصدها التي تصب في مجرى تجنيب اليمن ويلات الحرب والانقسام والانشقاق وإخراجه إلى بر الأمان.
• دعا الرئيس عبد ربه منصور هادي اليمنيين إلى الالتفات للمستقبل وترك خلافات الماضي.. وقال «خمسون عاماً قضيناها في اليمن ونحن (يا قاتل يا مقتول).. حروب مستمرة وخلافات لا تنتهي، ولا بد لليمنيين من أن يتركوا وراءهم ماضي الحروب والخلافات، وأن يتوقف النهج الذي يؤدي إليها".
• هادي : «وضعنا في اليمن لا يحتمل المزيد من الكلام نحن نريد المزيد من العمل»، ونحن مقبلين على مرحلة الحوار الوطني الذي شدد على أنه سيكون مفتوحاً ومن دون شروط مسبقة.
• شبه هادي سير الأمور على مستوى التحول السياسي وبناء اليمن الجديد «بسيارة تحاول شق طريقها في طريق رملي تغوص فيه عجلاتها، ويحتاج سائقها إلى التوقف بين الحين والآخر لإزالة الرمال المتراكمة حول إطارات السيارة، ووضع بعض الألواح المعدنية تحت الإطارات لتمكين السيارة من المسير والخروج من بحر الرمال".
• هادي: مخاطباً لجنة الحوار بصراحة متناهية: لن أقبل أي ضغوطات أو إملاءات عليا أو المزايدة باسم الحراك، ومن يرغب أن يستقيل من اللجنة ولا يرغب بالاستمرار فيها فليتفضل وسيتم تعيين بدلاً عنه، ولا نريد مزايدة باسم الحراك, أن قضية تمثيل الحراك في لجنة الحوار تحظى بمتابعة شخصية مني لكل مكونات الحراك وفصائله التي ستحدد ممثليها في الحوار الوطني بعد عقد مؤتمرها في أكتوبر القادم, وفيما يخص البدء بتنفيذ النقاط العشرين فإنه يوجد فيها ما يمكن قبوله وما لا يمكن قبوله، وقد تم تشكيل لجان قانونية ستعمل على صياغة تصورات بشأن بعض تلك النقاط التي تتطلب مسائل قانونية, وعليكم العمل بروح المسؤولية الوطنية بعيداً عن التجاذبات والانتماءات الحزبية وجعل المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبارات حزبية أو مناطقية ضيقة.
• هادي القائد والإنسان لم يستثن أحداً من المشاركة في العيش في الوطن وبنائه وذهب بعيداً في ذلك حد أوصله إعطاء الفرصة لتنظيم القاعدة في العودة عن غيهم والمساهمة في بناء اليمن لا تخريبه وقتل أبنائه حيث قال هادي إنه (ممكن الحديث عن فتح حوار شريطة أن تعلن القاعدة عن موافقتها علي تسليم أسلحتها وإعلان توبتها من أفكارها المتطرفة البعيدة عن الإسلام وتخليها عن حماية العناصر المسلحة من خارج اليمن وبحيث يكون ذلك بمثابة فتح باب للحوار، إلا أن الوسطاء عادة ما يذهبون ولا يعودون مرة أخرى).
• وعن تقاعس بعض الوزراء في حكومة الوفاق وإهمالهم لمصالح الشعب الذي يعاني الأمرين في ظل الوضع الراهن, فإن هادي حثهم على مغادرة مربع السياسة والتفرغ لأعمال وزاراتهم بعيدا عن مساندة أحزابهم بالمناكفات التي لا تساعد على البناء بقدر ما تؤدي إلى الهدم, والشعب بعد كل ما عانى لا يحتاج إلى حكومة حزبية وإنما لحكومة مهنية تعمل لأجله وتلبي احتياجاته في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية والذي لا يمكن العثور على حلول لها إلا عندما يلتزم الجميع بأن يكون الوطن والشعب مقدماً على المصلحة الحزبية والشخصية, كما حذرهم بوضوح تام وقال: سيتم مراقبة أداء الحكومة وتقييم كل وزير ومسؤول وسيكون الحكم على الأداء والانجاز الذي حققه وليس بما أهدر به الوقت من تصريحات سياسية تضر أكثر مما تنفع.
• وفي موقف إنساني وحقوقي مميز دعا هادي كل من اضطرته الظروف للخروج من وطنه أن يعود للمشاركة في بنائه، إذ ليس هناك خط احمر ضد أي مواطن يمني مادام يحترم دستور البلد وقانونه.
• هادي : أن ما يتعرض له مُسلمو ميانمار من عملية تطهير عرقي فظيع يفرض على المجتمع الدولي الالتفاتَ إلى هذه المأساة الإنسانية واتخاذ الخطوات الملموسة لإيقاف مسلسلِ العنف والأعمال الوحشية التي تُرتكب بحق هذه الجماعة وعدم الاكتفاء بعباراتِ التنديد حيال ما حدث من تنكيلٍ وممارسات عنصرية على مدى الشهور الماضية .
• هادي : يؤسفنا أنه وبعد مضي كلِّ هذه الفترة مازالت شعوبٌ كثيرة تشكو من انتهاك حقوقها وأدميتها وفي مقدمتها ما يتعرضُ له الشعبُ الفلسطيني جراء التصعيدِ المخيف للعنف الإسرائيلي واستمرار عملية التوسع في الاستيطان والتنكيل بالفلسطينيين العزل ومحاصرة النشطاء والتضييق على الأسرى والمعتقلين والاستمرار في محاولات هدم المسجد الأقصى من الجانب الإسرائيلي ,وأعلن الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي تأييد الجمهورية اليمنية الكامل لمطلب قبول دولة فلسطين دولةً كاملةَ العضويةِ في الأمم المتحدة تأكيداً لشرعيتها وضماناً لحقوقها وفقاً للقانون الدولي. وتوفير الضمانات لحمايتـِهِم من تكرار العنف والامتهان لحقوقهم.