أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

اغتيال هادي السيناريو الكارثي

- بدالعزيز ظافر

يتهمني بعض الاصدقاء بالتشاؤم  في رؤيتي للتطورات المختلفة على الساحة الداخلية وتداعياتها المحتملة على مستقبل البلاد ،لكني اؤكد لهم  باستمرار  ان ذلك ليس تشاؤما بقدر ماهو قراءة  واقعية للأحداث ومحاولة استشراف  مالاتها المستقبلية ،وفي السياق لا اخفيكم ان اكثر مايثير الخوف في نفسي هذه الايام احتمال تعرض الرئيس عبدربه منصور هادي لعملية اغتيال .
-افراطي في التشاؤم حيال احتمال تعرض الرئيس هادي للاغتيال ،لايغير من حقيقة ان هذا الامر ليس بعيدا عن الواقع خاصة مع تطرق جهات مختلفة لهذا الاحتمال من قبل ومن ذلك :
-عدم استبعاد الرئيس هادي تعرضه للاغتيال ،ففي ال 6 من اغسطس الماضي نقل مراسل الجزيرة في اليمن –حسب يمن برس -عن الرئيس هادي قوله أمام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني "علينا العمل بحذر وإلا فان سيارة مفخخة أو حزام ناسف سيستهدفنا وسوف يرتاح صالح بعدها".
- اغتيال الرئيس هادي كان السيناريو الرابع المحتمل لمسار الاوضاع في اليمن ،الذي توصلت اليه دراسة اعدها مركز "تشاثام هاوس" البريطاني الشهير ،والتي نشرها موقع المركز نهاية اغسطس الماضي.
-اعتبر البعض اغتيال قيادات محسوبة على الرئيس هادي كالشهيد سالم قطن في يونيو الماضي و تعرض قيادات اخرى مقربة منه لمحاولات اغتيال كوزير الدفاع ومحافظ ابين وغيرهم، اعتبروها بمثابة رسالة تحذيرية للرئيس هادي خاصة ان خلية السنينة الارهابية ،التي تم اكتشافها في مايو الماضي كانت تخطط لاستهداف قيادات من حراسات الرئيس هادي حسب تأكيد مصدر امني لصحيفة الشارع  في ذلك الوقت.
-ترويج وسائل اعلام حزبية ومستقلة من حين لآخر لمعلومات غير مؤكدة عن وجود مخططات للانقلاب على الرئيس هادي تارة من قبل الرئيس السابق واقاربه وتارة اخرى من قبل على محسن والاصلاح ،وكذا الترويج لشائعات عن تعرض الرئيس هادي لمحاولات اغتيال كخبر تعرض موكب الرئيس لإطلاق نار اثناء توجهه لأداء صلاة عيد الفطر المبارك او خبر اكتشاف محاولة اغتيال الرئيس عبر تسميم مياه الشرب قبل ايام من حلول عيد الاضحى المبارك، وللأسف  لاتدرك هذه الوسائل خطورة ماتقوم به ،وانها من دون ان تدري قد تساعد القوى المتربصة بوحدة اليمن ونظامه الجمهوري في تنفيذ مشاريعها المشبوهة . - يظل احتمال اغتيال الرئيس واردا بقوة  لاكثر من سبب ومن ذلك:
- اضطرار الرئيس للدخول في مواجهات مع مختلف القوى الفاعلة جراء تنفيذه لبنود المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وبالذات مايتعلق بالقرارات المرتبطة بإعادة الهيكلة واجراءات التهيئة لعقد مؤتمر الحوار الوطني .
- عودة التصفية الجسدية كأحد الخيارات التي يتم اللجوء اليها للتخلص من الخصم في المشهد اليمني وبالذات منذ حادثة مسجد النهدين وماتلاها من تعرض عدد من الشخصيات السياسية البارزة  لمحاولات اغتيال في الاشهر الماضية.
- ضعف الاجراءات الامنية الخاصة بحماية الرئيس وعدم كفايتها حتى مع المساعدة الامريكية في ذلك مقارنة بحجم الاخطار المحيطة بالرئيس ،وليس خافيا ان أمن الرئيس هادي الشخصي في حقيقة الامر الى الان مايزال في يد غيره خاصة مع بطء الجهود التي يبذلها من اجل تولي اقاربه هذه المهمة.
-اللجوء الى الاغتيال :
لجوء طرف من الاطراف الى خيار التخلص من احد خصومه السياسيين عبر التصفية الجسدية ،يرجع في الغالب الى واحد او اكثر من الاسباب التالية :
1-في حال تحول الخصم الى عقبة رئيسية تحول دون تحقيق الاهداف الرئيسية ،او انه بات يلحق ضررا كبيرا بالمصالح الحيوية.
2-الاقتناع  بأن الخصم قد تجاوز كل الخطوط الحمراء، وتحول الى خطر جدي يهدد بقاءه  ككيان فاعل على الساحة.
3-الاقتناع التام باستنفاذ جميع الخيارات السلمية لحل الخلافات مع الخصم ووصولها الى طريق مسدود .
4-الاعتقاد ان التخلص من الخصم سيؤدي الى تحقيق الاهداف المنشودة .
5-ان يؤدي ذلك الى خلط الاوراق بقوة ،وارباك المشهد السياسي من اجل تغيير قواعد اللعبة لصالحه ،او استخدامه كوسيلة للتخلص من المأزق الواقع فيه.
-وهنا نتسأل :من هي القوى التي قد تسعى لاغتيال الرئيس؟وماهي دوافعها؟وهل وصل الخلاف معه الى نقطة اللاعودة  وتجاوز الخطوط الحمر حتى تسعى لتصفيته ؟وللاجابة على هذه التساؤلات لابد من تقييم علاقة الرئيس هادي بالقوى الرئيسية في البلاد، ومعرفة القضايا التي قد تؤثر سلبا في تلك العلاقات وكمايلي :
-الرئيس السابق واقاربه :
-يظل التوتر هو السمة الطاغية على علاقة الرئيس هادي بالرئيس السابق،فقد ظل صالح ينظر الى هادي على انه نائب لعلي محسن وليس نائباله،لذا ظل هادي نائبا بلا صلاحيات و من دون قرار منذ انتخابات العام 2006م ،ولايختلف الحال كثيرا في الوقت الراهن ،فتمسك الرئيس السابق برئاسة المؤتمر الشعبي وابتكاره  لمنصب رئيس الرئيس ،واصراره على مواصلة العمل السياسي ،كلها اسباب زادت من الهوة بين الرجلين ،فالرئيس هادي يرفض الالتقاء بصالح او حضور اي اجتماع للجنة العامة للمؤتمر الشعبي او اي فعالية يشارك فيها صالح ،وفي المقابل توجه وسائل الاعلام الموالية للرئيس السابق وأقاربه من حين لآخر انتقادات للرئيس هادي وطريقة ادارته للبلاد  .
-كما ان اقالة الرئيس هادي لغالبية اقارب صالح والمقربين منه من مناصبهم  خلال فترة وجيزة ،قد زادت من التوتر بين الرجلين سيما مع اعتقاد الرئيس السابق بانحياز الرئيس هادي للواء محسن والاصلاح ،اضافة الى ان جدية واصرار  هادي في محاربة الارهاب ونجاحه في طرد انصار الشريعة من ابين واجزاءمن شبوة في زمن قياسي ،كان بمثابة الدليل العملي للامريكيين على مراوغة صالح وتلاعبه بورقة الارهاب،مما جعلهم يتراجعون عن موقفهم السابق المتمسك ببقاء اقارب صالح في مناصبهم لعدة سنوات ،ولاشك ان هناك غصة في قلب صالح من الرئيس هادي لاعتقاده ان هادي ركز على استخدام ورقة الارهاب لتعزيز علاقته مع الامريكيين حتى وان كانت على حسابه واقاربه.
-في اعتقادي ان الخلاف بين الرجلين يظل في النطاق المسموح به ،ولايمكن ان يتجاوز نقطة اللاعودة  بينهما الا في حالتين هما :
-الاولى ان يقدم الرئيس هادي على اقالة احمد علي من قيادة الحرس الجمهوري او العمل على تقليص حجم وقوة الحرس بسحب مزيدا من الالوية التابعة للحرس الى وحدات اخرى ،وكما اشيع قبل فترة عن عزم الرئيس هادي فصل القوات الخاصة (12لواء )عن الحرس الجمهوري .
-اما الحالة الثانية فتتمثل في حال اقدم الرئيس هادي على الانشقاق عن المؤتمر الشعبي وتشكيل حزب جديد يظم تيار الاعتدال في المؤتمر(الارياني ،بن دغر ،القربي ..)الى جانب القيادات المؤتمرية التي انظمت الى الثورة العام الماضي . -شخصيا لا اعتقد ان التوتر بين الطرفين قد يصل الى حد التصفية الجسدية خاصة مع حرص الرئيس هادي على ابقاء بعض الود مع صالح واقاربه ،فنجده مثلا يؤكد في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية ميركل في اكتوبر المنصرم  إن صالح يحظى بحصانة دبلوماسية من البرلمان ولن يتعرض للمحاسبة،كما ان هادي حرص ابقاء قوة امنية كبيرة  لتأمين الحماية لصالح،اضافة  الى وصف هادي لنجل صالح بـ ( الولد الوفي و الشجـاع)حسب ماذكرته  الرأي الكويتية مطلع اغسطس الماضي.
-اللواء علي محسن:
-ليس خافيا قوة ومتانة العلاقة التي تجمع الرئيس هادي باللواء محسن ،فهو من رشحه ودعمه لتولي منصب نائب الرئيس عقب حرب 94م ،كما حرص اللواء محسن منذ انتخاب هادي لرئاسة البلاد على تأكيد ولائه العلني لهادي وامتثاله لقراراته،وماتزال قوات الفرقة الاولى هى المعنية بتوفير الامن لمنزل الرئيس في شارع الستين الغربي .
-حميمية العلاقة بين الرجلين لايعني انها مثالية ،ولاشك انها تمر بأوقات صعبة من حين لأخر ،وهى على موعد مع اختبار حقيقي عندما يجد الرئيس هادي نفسه مضطرا العام المقبل لإقالة اللواء محسن من قيادة الفرقة ،صحيح ان الاخير قد اكد قبوله المسبق بمثل هذا القرار ،لكنه كما يفهم من تصريحاته المختلفة يطمح لتولى منصب اخر ،ولاشك انه يريد منصبا ارفع واكثر اهميه من منصبه الحالي،ومثل هذا الامر سيمثل احراجا للرئيس هادي، ومشكلة  تحتاج الى ايجاد حل لها من الان .  -منذ انتخاب الرئيس هادي في فبراير الماضي اصبح الشائع لدى الكثيرين ان العلاقة بين الرجلين تقوم على قاعدة الحماية مقابل الولاء، وبناءً على ذلك فأن أي محاولات للإخلال بهذه القاعدة سينعكس سلبا على العلاقة بين الرجلين ،وهنا لايستبعد ان يفسر الجنرال محسن بعض توجهات الرئيس هادي على انها اخلال بهذه المعادلة، وخطوة للخروج من تحت عباءته وحاجته الأمنية له كقرار هادي تشكيل قوات الحماية الرئاسية وكذا سيطرته على الاستخبارات العسكرية والامن القومي عبر تعيين مقربين منه على رأس الجهازين.
- اضافة الى سعي الرئيس هادي لرفع مستوى تحالفه مع الامريكيين  ليكون واحد من اهم حلفاء امريكا في المنطقة والحرص الامريكي لتعزيز اجراءات الحماية لهادي ،كل ذلك ربما تقلل من حاجة الرئيس للواء محسن ،الامر الذي قد يثير استياء وريبه محسن ،وربما تفسر الرسالة التي اراد الجنرال ارسالها من كلامه  لصحيفة الجمهورية من انه كان الرجل الاول في بعض الاوقات وتزامنها مع الدعم الدولي الكبير  للرئيس هادي خلال جولته الخارجية  .
-كان لافتا تعمد اللواء محسن اكثر من مرة تسريب معلومات عن القرارات الرئاسية لوسائل اعلام تابعة له قبل ساعات من الاعلان الرسمي لتلك القرارات ،ويبدو واضحا ان الجنرال هدف من ذلك التأكيد على دوره الرئيسي في تلك التعيينات او على الاقل مصادقته الضمنية عليها ،وقبل ذلك نقل عن اللواء صالح الضنين قوله في كلمة ألقاها في الفرقة حسب شهارة نت بتاريخ 26/7 " أن من يظن أنه سيحكم اليمن بدون علي محسن فهو واهم".
- اولاد الشيخ عبدالله :
-يغلب الفتور على علاقة الرئيس بأولاد الاحمر مع ميلانها في بعض الاحيان الى التوتر ،وظهر ذلك في انتقادات مباشرة وجهها حميد واخيه حسين للرئيس هادي وطريقته في التعامل مع اقارب الرئيس السابق واعمال التمرد والتخريب التي شهدتها وزارتي الدفاع والداخلية قبل اشهر ،في حين كان الخلاف الحاد الذي استمر لاسابيع طويلة بين الرئيس هادي ورئيس الحكومة باسندوة  في حقيقته خلاف بين هادي وحميد الاحمر بسبب سيطرة و تحكم الاخير بباسندوة .
-وبالمثل اعتبر البعض تصريحات صادق الاحمر الاخيرة بشأن الجنوب على انها نوع من الابتزاز للرئيس هادي واحراجه ومحاولة عرقلة جهوده لعقد مؤتمر الحوار في موعده خاصة انها جائت في وقت ركز فيه الرئيس هادي والمجتمع الدولي جهودهم لاقناع قوى الحراك بالمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني .
-الواضح ان الرئيس هادي لايولي صادق وإخوانه الاهمية التي كان يوليها الرئيس السابق لهم ، فصالح كان يحرص ان يكون صادق الى جواره عند زياراته للسعودية ،في حين ان مرافقة صادق للرئيس هادي خلال زيارته الى السعودية في شهر رمضان جائت بعد الحاح شديد من صادق بصورة لاتليق بمكانته ،مع العلم انها ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها صادق الاحمر لمثل هذا الموقف ،وذلك عندما منع عناصر الامن التابعين للرئيس هادي صادق من الدخول الى المنصة لحضور الاحتفال بعيد الوحدة المبارك بسبب مجيئه بعد دخول الرئيس .   -حزب الاصلاح :
-يمكن وصف علاقات الرئيس هادي بالاصلاح بالعادية ،والواضح ان المصلحة هى العامل الرئيسي الذي يحدد الحزب بموجبه طبيعة العلاقة مع الرئيس هادي ،فنجد الاصلاح يبدي دعما كبيرا للرئيس هادي في انتخابات فبراير الماضي،وهذا الدعم ليس حبا في الرئيس وانما لكونه افضل الحلول المتاحة لازاحة صالح عن السلطة في ذلك الوقت،في حين نجد ان الاصلاح قبل اشهر اعلن على لسان قيادات فيه كالبرلماني منصور الزنداني رفضا تاما لفكرة التمديد للرئيس هادي .
-وليس خافيا الحملة الشرسة التي تشنها مواقع موالية للاصلاح على الرئيس هادي كموقع صحيفة الاهالي مثلا ،وذلك بعد  عرقلة الرئيس تعيين قيادات اصلاحية في وزارة الاعلام ،كما كثف الاصلاح من ضغوطه المختلفة على الرئيس هادي بسبب تدني عدد ممثليه في اللجنة الفنية للحوار ،وقد نجح في دفع الرئيس هادي لإضافة سته اعضاء جدد الى اللجنة اغلبهم موالين للحزب .
-من الواضح ان الاصلاح يرغب في عرقلة عقد موتمر الحوار الوطني وتأجيله الى حين توفر الاجواء المناسبة ،التي تمكنه من السيطرة على المؤتمر ومخرجاته ،وهاهو  يعود مرة اخرى لتحريك تنظيمية الثورة بعد ان كانت هددت قبل اشهر للخروج ضد الرئيس هادي ولكن هذه المرة ضد الحوار الوطني ،حيث احتشد اتباع الاصلاح تلبية لدعوة التنظيمية يوم 2/11 ل في جمعة اسميت ب "لا حوار قبل الإقالة"متخذة من مطلب إقالة أقارب الرئيس السابق ذريعة لرفض الحوار ، وقد اصبح تحركه التنظيمية بمثابة  مؤشر لدى البعض على توتر علاقة الاصلاح بالرئيس هادي .
- لاشك ان الرئيس هادي سيكون في وضع صعب في حال فشله في عقد مؤتمر الحوار الوطني في موعده ،ومع ذلك فهو يحرص دائما على عدم التصعيد مع الاصلاح واللواء محسن عبر محاولة ارضائهم من خلال تعيين قيادات اصلاحية في مناصب امنية هامة او كمحافظين لبعض المحافظات الهامة للإصلاح ،كما يتحاشى الرئيس هادي التصعيد مع اولاد الاحمر رغم رفضهم سحب مسلحيهم من الحصبة وصوفان الى حد الان ،وكذا عرقلة اعادة ترميم مقار المؤسسات الحكومية في الحصبة التي تضررت في الحرب . - الحوثي وايران :
-من المعروف ان  الحوثي  لايعترف اصلا بالمبادرة الخليجية ولابشرعية الرئيس هادي او حكومة الوفاق ،ويصف الحوثي في خطاباته امام اتباعه الرئيس هادي وكبار المسؤولين في الدولة بالعملاء لامريكا .
- موقع أنصار الله التابع للحوثيين قال نهاية سبتمبر الماضي ان الرئيس هادي خضع لعملية هيكلة عقلية في أمريكا ،وفي بيان جماعة الحوثي حسب الاهالي نت بتاريخ 5/10 وصفت موقف الرئيس هادي من أمريكا بالأحمق،وقالت انه قدم أبناء اليمن للمحتل الامريكي بـوقاحة ،هذا وفي خطوة مثيرة للريبة يلاحظ ترويج الاعلام الموالي للحوثي كالجمهور نت مثلا من حين لآخر لأخبار عن توجه للواء محسن والاصلاح للانقلاب على هادي واتهام الحوثيين بذلك .
على عكس سلفه الذي رفض ان يوجه أي اتهام مباشر لايران بالتدخل في شئون اليمن رغم دعمها الصارخ للحوثيين وبالذات خلال الحرب السادسة،اتبع الرئيس هادي نهجا حازما في تعامله مع ايران،حيث دعا القيادة الإيرانية في منتصف شهر يوليو الماضي إلى الكف عن تدخلاتها في الشأن اليمني، مهددًا باتخاذ إجراءات صعبة ومرة على الإيرانيين ،ثم رفض استقبال مبعوث الرئيس الإيراني ،بعدها رفض السفر الى ايران للمشاركة في قمة عدم الانحياز،كما رفض طلب نظيره الايراني للقاء به في نيويورك على هامش اجتماعات الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
واتهم إيران في محاضرة ألقاها بمركز ويلسون الدولي في واشنطن يوم 28 /9 بمحاولة نشر الفوضى والعنف في اليمن، و تقدم الدعم السياسي والمالي والإعلامي للحوثيين والحراك، مؤكداً الكشف على ست شبكات تجسسية تعمل لصالح إيران.
-اذا الحوثي ومن وراءه ايران ينظرون للرئيس هادي كمشكلة حقيقية امامهم ،بل انه بدأ يتحول الى مصدر خطر عليهم ،وذلك من خلال اعتقاد ايران ان تحريض هادي الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ضدها كان من اجل تعزيز علاقته مع الادارة الامريكية ومن اجل الحصول على مزيدا من المساعدات الدولية ،اما الحوثي فاصبح ينظر الى هادي كرجل "عميل"امريكا الاول في اليمن ،واداة في يد خصمهم اللدود علي محسن ومن وراءه الاصلاح يستخدمونها في المواجهة معهم، واخر الادلة على ذلك تعيين الرئيس هادي لقيادات اصلاحية كمحافظين للمحافظات المجاورة لصعدة(عمران ،حجة والجوف).
-الحراك الانفصالي :
-يظل الغموض هو الطاغي على علاقات الرئيس هادي مع قوى الحراك الانفصالي ،فتصريحات الرجل المختلفة يؤكد فيها باستمرارعلى الحفاظ على وحدة الوطن ،رغم انه يقول ان لاسقف للحوار ،لكن هدف هادي من ذلك على الارجح اغراء القوى المطالبة بالانفصال واقناعها بالمشاركة في المؤتمر ،وتأكيد حق جميع القوى اليمنية في طرح آرائهم ومطالبهم ومناقشتها على طاولة الحوار ،لكن ذلك لايعني القبول او الاخذ بها لان المؤتمر في الاساس مستند الى المبادرة الخليجية وقراري مجلس الامن 2014و2051 وجميعها تؤكد على الوحدة اليمنية وضرورة التمسك بها  .
-اضافة الى موقفه  المتمسك بوحدة بلاده هناك اكثر من سبب  يفترض معه  ان يصنف الرئيس هادي من قبل قوى الحراك في خانة الاعداء ومن ذلك :
- اتهام هادي في جولته الخارجية الاخيرة جزء من الحراك بالتسلح والتحالف مع طهران .
-خطورة الاجراءات التي يتخذها هادي على المشروع الانفصالي  وبالذات فيمايتعلق  بدعمه لاعتماد مبدأ التمثيل المتساوي  بين الشمال والجنوب في لجان مؤتمر الحوار المختلفة،اضافة الى تعيين قيادات جنوبية في عدد من اهم المناصب الحكومية ،كون مثل هذه الاجراءات والتعيينان تسحب اهم ذرائع الحراك في مطالبته بالانفصال كالأقصاء والتهميش وغير ذلك .
-لكن المتتبع لتصريحات ابرز قيادات الحراك تجاه  الرئيس هادي يلاحظ عدم وجود اي تصريح عدائي ضده،فالبيض يقول انه ليس لديه مشكله مع هادي ،ومحمد علي احمد يعتقد ان الرئيس هادي يعمل لمصلحة القضية الجنوبية ،ويرى مع احمد الحسني وقيادات اخرى ان هادي لديه فرصة تاريخية لإنصاف الجنوب.
-كما ان عودة محمد علي احمد والحسني الى ارض الوطن لم تكن لتتم دون التنسيق والتفاهم مع الرئيس هادي خاصة انه كلف اخيه وكيل الامن السياسي في ابين وحسين عرب باستقبال محمد علي احمد في مطار عدن،ولاننسى ان محمد علي والحسني من ابناء ابين ومما كان يسمى بتيار الزمرة ،اضافة الى ذلك تناقلت عدد من الوسائل الاعلامية خلال زيارة الرئيس هادي لبريطانيا عن اجراءمكالمة هاتفية  بين هادي والبيض بوساطة بريطانية. -على الارجح  فان مغازلة ومهادنة قوى الحراك للرئيس هادي الى حد الان ترجع الى سببين :
- الاول :الاجراءات التي يقوم بها هادي تنفيذا للمبادرة الخليجية وبالذات مايتعلق بتفكيك قوات الحرس الجمهوري والفرقة الاولى تحت عنوان اعادة الهيكلة وتقليص نفوذ وسيطرة علي محسن واقارب صالح مستقبلا على المؤسسة العسكرية وفي ذات الوقت تشكيل قوة عسكرية جديدة  تسيطر عليها قيادات جنوبية ،حيث تعتقد تلك القوى ان هذه الاجراءات في نهاية المطاف تخدم مشروعها الانفصالي ،لانها تزيح القوات المسلحة ،التي تعتبرها احد ابرز العوائق الراهنة امام فرض الانفصال بالقوة في الجنوب .
-اما السبب الثاني فهو اعتقادها ان الرئيس هادي سيضغط خلال مؤتمر الحوار بكل ثقله وبعد تفاهمه مع الوسطاء الدوليين على اطراف الحوار القبول باعتماد الفيدرالية مع حق تقرير المصير كأنسب الحلول الممكنة للقضية الجنوبية ،وهو الهدف الحقيقي المنشود من قبل مختلف قوى الحراك رغم تعدد تكتيكاتها.
- بمجرد مرور اسابيع على بدء الحوار الوطني ستجد قوى الحراك نفسها امام مفاجئة صاعقة  باكتشافها ان ماكانت تراهن عليه من دور للرئيس هادي يساعدها على تمرير المشروع الانفصالي ،كان مجرد وهم خدعت به نفسها ،وان الرئيس هادي القائد الميداني الابرز في الدفاع عن الوحدة في حرب 94م هو من نجح في ايقاعها في الفخ وجعلها تشارك في المؤتمر وعلى مرجعية المبادرة الخليجية من الحفاظ على الوحدة المباركة.
-لاشك ان القيادات الانفصالية لن تنسى لهادي هذا وستعمل على التخلص منه كسبيل وحيد للخروج من المأزق الذي وضعها فيه .
- تنظيم القاعدة : -منذ انتخابه اولى الرئيس هادي جل اهتمامه وتركيزه على محاربة تنظيم القاعدة والقضاء عليه ،معطيا الحليف الامريكي مساحة اكبر للتحرك والتدخل المباشر في بلادنا تحت ذريعة مكافحة الارهاب ، وقد تجاوزت الغارات التي شنتها الطائرات الامريكية في اليمن ال40 غارة هذا العام مقارنة بـ10 غارات عام 2011.
- وحتى مع تزايد اعداد الضحايا المدنيين  الذين يسقطون في الغارات الامريكية التي تشنها طائرات من دون طيار في بلادنا ،نجد هادي خلال زيارته الاخيرة للولايات المتحدة يؤكد إنه يوافق شخصياً على كل ضربة امريكية ،بل انه وصفها بالأعجوبة التقنية.
-ورغم الضربات القوية التي تلقتها القاعدة في عهد هادي ،الا ان الرجل مايزال يؤكد باستمرار اصراره على مواصلة الحرب حتى القضاء على الارهاب،مراهنا على القوة  فقط دون ابداء اي اهتمام جدي لاعتماد معالجة شاملة لهذه الظاهرة التي اكدت التجارب السابقة بمافيها التجربة السعودية محدودية نتائج الحل الامني .
- اذا لاشك ان القاعدة اصبحت تنظر الى الرئيس هادي كعقبة حقيقية و خطر جدي يهدد  كيانها ووجودها ،ومن ثم فأن التخلص منه سيكون هدف له الاولوية لديها. -سيناريو افتراضي :
-المرجح في حال حدوث عملية الاغتيال-لاقدر الله- ان يتم اخراجها على النحو التالي :
-تنفيذ القاعدة للعملية عبر اعتماد اسلوبها المعروف في تنفيذ الهجوم الارهابي ( سيارة مفخخة او اكثر مع عدد من الانتحاريين المرتدين احزمة ناسفة ) ،ونظرا لمايتمتع به موكب الرئيس هادي من اجراءات امنية قوية بعد توفير الادارة الامريكية سيارات مصفحة واجهزة تشويش على الاتصالات ومعدات اخرى ،فأن المرجح ان تمد ايران حلفائها في اليمن من اجهزة اللكترونية مناسبة لتعطيل اواختراق اجراءات الحماية في موكب الرئيس وبصورة مقاربة لما حدث في اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري.
-الشكوك و اصابع الاتهام الخارجية ستوجه في معظمها نحو الرئيس السابق واقاربه كأبرز الاطراف المشتبه بتورطها في العملية .
-الدولة اليمنية ستكون على مشارف الانهيار مع انهيار التسوية السياسية وعودة الوضع الامني والعسكري الى مستوى من التوتر والانفلات قد يفوق المستوى الذي بلغه العام 2011م،فخروج الرئيس هادي من المشهد معناه موت المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وانهيار مخرجاتها(انتخابات رئاسية ،حكومة الوفاق ،لجنة الحوار الوطني ،واجراءات اعادة الهيكلة ).
-الحرب الاعلامية المتبادلة بين طرفي الائتلاف الحكومي ستزداد حدتها في زمن قياسي ،وسينطلق كل فريق من اتهاماته للفريق الاخر بالوقوف وراء عملية الاغتيال لدعوة الاتباع والانصار الى حسم المعركة بالقوة او عبر الشارع ،وفي ذات الوقت يتوقع عودة الاشتباكات المتقطعة بين الطرفين في مناطق التماس داخل العاصمة ومحيطها وفي تعز ومناطق اخرى. -ستكون مهمة المجتمع الدولي بالغة الصعوبة في منع الوضع من الانهيار لما يتطلبه ذلك من تحرك سريع لاحتواء الوضع قبل خروجه عن السيطرة ،ووجود خطة احترازية معدة سلفا للتعامل مع مثل هذا الوضع .
-في هذه الاثناء سيعمد الحوثي الى التوسع ومد نفوذه الى مناطق جديدة ،كما سيعمل على تكريس سيطرته على المناطق التي يتواجدفيها اتباعه وبالذات في حجة والجوف ،وفي ذات الوقت سيحرص على دفع الوضع بين الاصلاح واولاد الاحمر وعلي محسن من جهة وبين الرئيس السابق واقاربه والمؤتمر الشعبي من جهة اخرى الى الصدام المسلح كسبيل وحيد لضمان تحقيق اهدافه .
-بدورها ستحرص قوى الحراك على استغلال الحادث لتعزيز فرص نجاح مشروعها الانفصالي وذلك عبر ارجاع اغتيال الرئيس لأسباب مناطقية في اعلامها وفي خطابها للراي العام في المحافظات الجنوبية وستقدمه كدليل على رفض الشماليين لان يحكمهم احد ابناء الجنوب ،وهى بذلك تسعى لتحقيق هدفين رئيسيين هما :
الاول :تأليب الشريحة الصامته والمترددين ومؤيدي الوحدة في المحافظات الجنوبية ضد ابناء المحافظات الشمالية،ومحاولة اقناعهم بتأييد المشروع الانفصالي .
الثاني: تحريض القيادات الجنوبية في النظام الوطني ضد الوحدة وتكثيف محاولاتها لإقناعها بفك ارتباطها بالنظام الوطني والعودة الى عدن .
-خطر التعرض للاغتيال يبقى واردا في أي لحظة ،لكن في اعتقادي ان هذا الخطر سيتعاظم كثيرا منتصف العام المقبل لسببين هما:
الاول :في حال تفاقم  الخلافات بين الاطراف المتحاورة في مؤتمر الحوار الوطني ،ووصوله الى طريق مسدود ،او ان يسعى الرئيس هادي للتدخل والضغط على بعض الاطراف للقبول بمنح ابناء الجنوب حق تقرير المصير او الضغط على الاطراف الاخرى للقبول بالفيدرالية دون تقرير المصير ،وهنا ربما يكون التخلص من هادي في نظر البعض السبيل الامثل لنسف الحوار والتخلص من استحقاقاته . الثاني :عندما تبدأ الدول الراعية للاتفاق السياسي ممارسة الضغط على مختلف الاطراف للقبول بالتمديد للرئيس هادي لعامين اخرين بسبب استحالة تنفيذ بنود التسوية السياسية وملفاتها المعقدة خلال الفترة المتبقية ،صحيح ان الرئيس هادي حرص على وقف الجدل في هذه القضية بنفيه في 26/8الأنباء التي تحدثت عن التمديد لولايته،وذلك بعد ان وجهت له اتهامات في مواقع موالية  للإصلاح تتهمه حينا بالمشاركة في الفلتان الامني وحينا بتقسيط قرارات اقالة اقارب صالح على مراحل وذلك لاستخدامها كمبرر لطلب تمديد ولايته.
-مادفعني للحديث في هذه القضية  عدة اسباب منها :
- التداعيات الكارثية التي قد تحل بالبلاد في حال تم اغتيال رئيس الجمهورية-لاقدر الله- لان حدوثه  سيكون بمثابة نقطة انطلاق لتحول مخاوف غالبية اليمنيين لما قد تؤل اليه الاوضاع في البلاد في المستقبل القريب الى واقع ملموس كانهيار التسوية السياسية واندلاع حرب اهلية وعودة التشطير والامامة بل وتشظي اليمن الى دويلات وسلطنات عديدة - وجود قوى داخل وخارج البلاد تدرك ان التخلص من الرئيس هادي سيقربها كثيرا من تحقيق اهدافها،ومن ثم فان تسليط الضوء على هذه الجزئية وتوضيحها للرأي العام ،سيحد كثيرا من المكاسب التي تمني نفسها في تحقيقها ،الامر الذي قد يدفعها للتراجع عن فكرة الاستهداف لشخص الرئيس ،وليس لي في الاخير الا التوجه بالدعاء بأن الله يحفظ اليمن ورئيسنا هادي

Total time: 0.064