يخشى على الوزير علي أحمد العمراني ، وزير الإعلام في حكومة الوفاق الوطني، من أن ينحو منحى سابقيه من الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الإعلام ، وأصابهم مرض "الكساح الوزاري" ، الذي يدفع بصاحبه إلى العجز عن الحركة بعد أشهر قليلة من توليه منصب الوزارة ، واكتفائه بمتابعة أمور وشئون وزارته والمؤسسات التابعة لها من خلال ما يصله من تقارير من هذه الجهات ، أو من خلال "البطانة " الملوّنة التي تتشكّل من حوله من الصالحين والطالحين ،الذين يأملون من القرب منه تحقيق مآرب ومكاسب شخصية ، في غالب الأحوال.
وبالرغم من أن الوزير العمراني لم يقع حتى الآن كما يبدو في أسر المرض "الكساح الوزاري" ، فقد بدأ متجاوباً ،نشيطاً ومتابعاً وحريصاً على اصلاح مع يعانيه الإعلام من مشكلات ، وكان بحق عنواناً وأملاً للإعلاميين في المؤسسات الإعلامية المختلفة ، لقيادة وإصلاح وتغيير واقع الإعلام في اليمن إلى الأفضل ، من خلال تغيير رموز وقيادات بعض المؤسسات الإعلامية ، وتشجيع الإعلاميين على نقد وكشف وتعرية القيادات الغير صالحة لقيادة المؤسسات الإعلامية الحكومية ....الخ؛ إلا أن الوزير العمراني في المقابل لم يكن بنفس الجدية والحماس مؤخراً، ويبدو أنه " تفرمل " في معالجة ما تعانيه بعض من المرافق التابعة للمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون ، رغم تجاوبه مع مشكلات هذه المؤسسات ، وتشكيل لجان للنزول إليها لمعرفة طبيعة المشكلات ، والنظر في معالجتها ، ومثال على ذلك ما شهدته وتشهده إذاعة عدن ، هذه الإذاعة التي تبنّت نقابة العمال فيها غداة إشهارها جملة من الفعاليات ، ومنها الاحتجاجية المطالبة بتغيير قيادة الإذاعة ومعالجة الأخطاء والسلبيات التي تراكمت بفعل سوء وفشل قيادتها ،واتخاذها لعدد من الإجراءات الخاطئة ،وممارساتها وتصرفاتها التي دفعت بالإذاعة ورسالتها إلى مستوىً، جعل العديد من المبدعين المخلصين إلى دق ناقوس الخطر لانتشال الإذاعة من وضعها غير الطبيعي ، ودفع الموظفين فيها من المعدين والمحرّرين والمذيعين والمهندسين والفنيين والإداريين إلى الاعتصام والمطالبة بمحاسبة المسئولين الذين أوصلوا الإذاعة ومبدعيها إلى ما آلت إليه .
لكن بالرغم من كل تلك الأصوات والمطالبات والدعوات والانتقادات والمناشدات التي تم إطلاقها عبر الصحف والمواقع الإلكترونية والموجهة إلى قيادة وزارة الإعلام ، والداعية إلى الوقوف إزاء ما تعانيه الإذاعة ، وتغيير قيادتها ، فوجئ الموظفون مؤخراً برسالة تقدير من الوزارة موجهة لقيادة الإذاعة والشئون الإدارية والمالية "على وجه الخصوص" لحسن إدارتها المالية وتنظيمها لتغطية وتصفية العهد المالية من بدل سفر ، وغيرها من المصروفات المالية للعام 2011، وهو أمر بلا شك إن كان في محله يصب في صالح القيادة الشابة التي تدير الأمور المالية والإدارية ، أما إذا كان مجرد تلميع وترقيع لقيادة الإذاعة ، فأن الأمر يختلف تماماً ، وهذا ما لا نتمناه ، لأن موظفي ومبدعي الإذاعة يتمنون أن تمتد استجابة ومعالجات وإجراءات الوزارة والوزير العمراني للنظر في أوجه الممارسات والأخطاء والإجراءات التي تمارس من قبل قيادة الإذاعة تجاه العمل الإبداعي البرامجي والإخباري والهندسي ، وتجاه العاملين من الإعلاميين في هذه الحقول ، فلا يكفي أن ينظر للفساد بأنه فقط فساد مالي ، فالفساد أشكال وألوان ، وبالتالي فأن الممارسات السلبية المتمثلة في سوء قيادة الإذاعة وفشلها في إدارة شئونها برنامجيا وإخبارياً وهندسياً ، هو أمر بالغ الخطورة ، لأن المحصلة الناتجة عن ذلك أصبح واضحاً للعيان ( تدهور أوضاع الإذاعة ، وسقوطها إلى حافة الانهيار ، وضعف أداء رسالتها الإعلامية والقيام بدورها المطلوب ) فالمتتبع لمسيرة وأداء إذاعة عدن لاشك أنه قد لمس ولاحظ تردي ما تقدمه الإذاعة برنامجيا وإخبارياً ، كما هو الحال أيضاً وضعها المتردي فنياً وهندسياً ..
فهل يستجيب وزير الإعلام لدعوات وصيحات نقابة وموظفي ومبدعي الإذاعة في إنقاذ الإذاعة وتغيير قيادتها التي أوصلتها ألى هذا الوضع المتردي ؟؟ أننا لمنتظرون , ونتمنى أن يبادر الوزير العمراني بنفسه في تفقد أوضاع الإذاعة للمرة الثانية والثالثة ، ولقاء موظفيها ،دون الاكتفاء بلقاء قيادتها فقط , ومن ثم الإطلاع على حقيقة الأوضاع التي تعيشها عن قرب ، واتخاذ الخطوات والإجراءات الكفيلة بإخراجها من دائرة الخطر.