أخبار الساعة » حقوق وحريات » المرأة والطفل

المغرب:تقرير تفصيلي لندوة الاعلام والسلطة الذي نظمته منظمة حريات الاعلام والتعبير

- ادريس علوش

منظمة حريات الإعلام والتعبير

 

 تقرير  تفصيلي لندوة الإعلام والسلطة

المنعقدة بنادي المحامين بتاريخ 02 شتنبر 2010

الجزء الأول من انجاز مصطفى الكمري

 

في البداية ألقى رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير محمد العوني بصفته مسيرا للندوة كلمة ترحيبية بالحضور، تلتها مقدمة بسيطة لأشغال الندوة أبرز فيها محمد العوني علاقة موضوع الندوة بدوافع تأسيس المنظمة. ليتلو بعد ذلك علال البصراوي عضو المكتب التنفيذي للمنظمة ورقة تقديمية للندوة فيما يلي نصها:

يبدو ومنذ البدء انه من الصعب الحديث في المغرب عن معادلة الإعلام والسلطة هكذا في عموميتها، ذلك انه إذا كانت السلطة واحدة مهما تعددت أوجهها ومظاهرها أو الآليات التي تستعملها في علاقتها بالإعلام (قضاء، مال...) ولها مركزيتها وتركزها  كسلطات في دائرة  محددة فان الشق الآخر من المعادلة (الإعلام) متعدد في كل حيثياته تعددا لا يمكن إنكاره: إعلام رسمي كان من المفروض أن يكون عموميا، إعلام حر، وثالث حزبي. ولكل ظروف ولادته وتاريخه واكراهاته ومشاكله التي تضيق أو تتسع بقدر ضيق أو اتساع المساحة بينه وبين السلطة.

 

ولعل هذه المساحة نفسها هي مجال الرهانات في علاقة الإعلام بالسلطة بالاضافة للرهان الاساسي الذي ينبغي أن يكون الهاجس والانشغال الاهم عند الفاعلين السياسييين بما فيهم دوائر السلطات تشريعية, قضائية  وتنفيذية والفاعلين الاعلاميين ألا وهو رهان تلبية الحاجبات الاعلامية للمواطنين وللمجتمع.

 

كل هذا وغيره يطرح في محيط  يتسم ب :

1) الطفرة الرقمية الكبيرة التي يشهدها مجال الإعلام الاتصال.

2) غياب قوانين مؤسسة وداعمة لحريات الاعلام والتعبير وضمنها قانون لحرية الصحافة ولحقوق الاعلام وقانون للولوج للمعلومات. والتي تظل الدولة محتكرة لها بل وتوظفها في صراعها ضد خصومها. علما انه لا اتصال ولا تواصل بدون معلومات.

3) تخلف بعض العناصر الأساسية في المحيط الذي يشتغل فيه الإعلام و خاصة : - نقص الوعي والمساهمة من قبل فعاليات المجتمع والنخبة مثل دور الجامعة المغربية في طرح القضايا الأساسية في البلاد والتي من المفترض أن يعتمدها الإعلام كجسر بين البحت العلمي والمجتمع و من تم تكوين رأي عام. – ضعف الجسم الإعلامي تنظيما وتضامنا وفعلا. -  أزمة القوى السياسية الديمقراطية باعتبارها الحاضن الطبيعي للإعلام المساهم في أي تحول ديمقراطي. -طغيان التدخل البوليسي والهاجس الأمني وهو ما يهدد في الحقيقة الأمن الإعلامي للوطن والمواطنين .                                                    

و إذا ما اعتبرنا بان وجود إعلام قوي و قادر على أداء أدواره، كإعلام وليس كبديل على أطراف أخرى، هو عامل بل شرط أساسي لأي انتقال ديمقراطي، فان السؤال يطرح حول توفر الإرادة الرسمية لوجود هذا الشرط في ظل الظروف التي اشرنا إليها؟ وإذا ما اعتبرنا أن السياسة الإعلامية لأي بلد هي مجموع المبادئ و المعايير و الآليات التي يشتغل بها و ضمنها الإعلام، فإننا نتساءل حول و جود سياسة إعلامية وطنية واضحة المنطلقات والأهداف  تؤطر الحقل الإعلامي؟ مع استثنائنا لأسلوب الوصاية و/أو القمع والتضييق الثابت في سلوك  الدولة اتجاه مكونات الإعلام، لان القمع والتضييق لا يمكن اعتباره سياسة. كما أن الوصاية ليست سوى تعبير عن العجز وعدم نضج من يتجه إليها في عصر يسمى عصر المعرفة والإعلام والتواصل الإلكتروني.

 

كل هذه العناصر تطبع علاقة الإعلام بالسلطة وتؤثر في رهاناتهما مما يجعل المعضلة كامنة بالدرجة الأولى في هذه العلاقة (الإعلام بالسلطة) وليس في علاقة الإعلام بالمجتمع.

 

لتنطلق بعد ذلك مداخلات الضيوف.

 

مداخلة د.يحيى اليحياوي

بدأ بسرد بعض الملاحظات الأولية: 1) ملاحظة حول غياب السلطة طرف المعادلة الثاني في موضوع الندوة 2) علاقة الاعلام بالسلطة من الزاوية النظرية كتب حولها الكثير ولم تعد تستهوي الباحثين في الغرب 3) لا وجود لصحافة مستقلة على أرض الواقع فكل كيان صحفي رهين بأجندة الجهة التي تموله والاسم الصحيح لمثل هذه الكيانات هو الصحافة غير المتحزبة 4) في المغرب هناك حالة من التوتر والممانعة والتجاذب بين الاعلام وبين السلطة وخصوصا بين بعض روافد الصحافة غير المتحزبة والسلطة 5) صياغة الاشكالية بين الاعلام والسلطة هي أكثر صوابا من تلك المتعلقة بين الاعلام والمجتمع كما يحاول البعض الترويج لذلك وهو ما يحمل تمييعا للنقاش 6) احتكار الدولة للصورة عبر التلفزيون.

 

ثم انتقل بد ذلك لصياغة أطروحتين: الأطروحة الأولى وجه فيها نقذا لاذعا للإعلام المغربي حيث سحب صفة مهنة المتاعب عن الصحافة المغربية نظرا لغياب صحافة التحقيق عن الساحة الصحفية المحلية. أما الأطروحة الثانية فهي ضرورة عدم نسيان واجب الصحفي في ايصال معلومة صحيحة وموثقة ولديه عليها حجج في غمرة المطالبة بحقوقه في حرية الرأي والتعبير.

 

وفي الخلاصات أكد د.يحيى اليحياوي على نسبية العلاقة بين الاعلام والسلطة مبينا أن الصحفي هو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة. وللخروج من حالة الاحتقان على طرفي المعادلة القيام كل بواجباته، فالسلطة مطالبة بالتخفيف من حدة الاحتقان عبر سن قانون واضح للصحافة لا يكون سالبا للحريات وتكون غايته تأطير العمل الصحفي عبر تحديد الحد الأدنى للحرية وليس الحد الأقصى، وأيضا عبر سن قانون أسمى للنفاذ للمعلومات وهو ما سيمكن الاعلاميين من الوصول الى الأرشيفات ومصادر المعلومات وبالتالي الابتعاد عن فتات المعلومات والاشاعات التي تجعل الصحافيين في كثير من الأحيان يسقطون في فخ المتابعات المجانية. أما الاعلامي فمطلوب منه الخروج من وهم كونه سلطة رابعة لأن هندسة النظام المغربي تقوم على ما تحدده السلطة، والمطلوب منه أيضا الخروج من وهم المعارضة الجديدة في ظل غياب وتراجع الأحزاب والنقابات، والمطلوب ثالثا الخروج من وهم الاستقلالية لأن الدولة على دراية بكل ما يحدث داخل الحقل الصحفي خصوصا فيما يتعلق بالتمويل والاشهار، والمطلوب رابعا الخروج من بعض الممارسات العنترية التي يقوم بها بعض الصحفيين والتي تنتهي برسائل الاستعطاف. فالرهان حسب د.يحيى اليحياوي سيكون حول المهنية وهي ما ستجعل حدة الاحتقان تخف.

 

شهادة توفيق بوعشرين

في البداية أبدى بوعشرين عدم اتفاقه مع مداخلة د.يحيى اليحياوي لعدم درايته بخبايا المهنة مبرزا أنه تكلم بصفته الأكاديمية. بعد ذلك أوضح أن اشكالية علاقة الصحافة بالسلطة تضرب حتى الدول الديموقراطية وهو ما يعتبر مسألة طبيعية في نظره لاختلاف طبيعة السلط مع اعتبار الصحافة معنويا سلطة رابعة لقوة تأثيرها وليس لأنها فوق السلط، فالسلطة في حاجة للصحافة والصحافة في حاجة للسلطة وعندما تسود الديموقراطية تسير الأمور على ما يرام وفي غيابها تطرح الاشكاليات.

 

وقال بوعشرين أن إبداء الرأي لا يعني تحول الصحفي الى فاعل سياسي لأن الصحافة إخبار ورأي، مؤكدا أنه فقط الأنظمة المتخلفة فيها وزارة للاتصال وتمتلك وسائل للاعلام.

 

وفي موضوع القوانين المؤطرة للصحافة بالمغرب، أكد بوعشرين أنه يقبل بها على علاتها، ولكن ما لا يقبله هو عدم وجود قضاء مستقل ونزيه يتم اللجوء اليه للفصل بين السلطة والاعلام في حالة وجود صدام، مبديا في الآن نفسه استغرابه من تراجع هامش الحريات في المغرب وهو ما تأكده مجموعة من المحاكمات الجائرة في حق الصحفيين المغاربة وتعززه التقارير الدولية والوطنية الأمر الذي جعل الخوف يطال الجسم الصحفي المغربي ما كون لديه رقابة ذاتية جعلته يتراجع عن اثارة مجموعة من المواضيع الحساسة مبرزا أن الخوف هو أكثر من غلق صنابير الاشهار (الرقابة الناعمة) من هو خوف من القضاء.

 

وفي الختام قال بوعشرين أن أصل المشكل في المغرب هو رغبة السلطة في أن تدخل الى قاعات التحرير الخاصة بالصحف المستقلة لرسم سياساتها التحريرية وليس في افتقار الصحفيين الى أخلاقيات المهنة التي أصبحت حقا يراد به باطل في حين ينسى الكل حق المواطن في الوصول الى الخبر والمعلومة مذكرا كمثال بقضية (بنشيبة) الذي رحل من معتقل غوانتانامو سنة 2002 ليتم تعذيبه بمعتقل تمارة دون أن يتطرق الاعلام الوطني لذلك لأن السلطة أرادت التعتيم... لينهي شهادته بنظرة متشائمة للمستقبل نظرا لغياب رأي عام يدافع عن حقه في تعدد الآراء ونظرا لغياب قضاء مستقل ونزيه.

 

عبد الرحيم تافنوت

في البداية اعتبر تافنوت أن موضوع الندوة يحمل في طياته دعوة لتأسيس الديموقراطية بالمغرب مذكرا برسائل جاكيز التي أسست للصحافة، ففي نظره لا يمكن أصلا تأسيس الدولة بمفهومها الحديث دون فكر نقدي وأحد معالم النقد هو الصحافة.

 

وأكد تافنوت أنه في المغرب لا توجد سلطة غير سلطة الملك والتي كانت دائما وراء الصدام مع الصحافة التي يجب أن يسعى عاملوها الى جعلها سلطة رابعة وهذا في نظره موضوع للنضال، مؤكدا أن غياب صحافة التحقيق راجع الى حائط ستاليني موضوع من طرف الدولة التي تريد من الصحافة إما التصفيق والتطبيل أو الصمت.

 

بعد ذلك أبرز تافنوت أن هناك أيضا اشكالية للصحافة مع المجتمع تشهد على ذلك حجم المبيعات، منتقلا للتساؤل عن ماهية الاعلام العمومي: هل هومخزني أم هو رسمي أم هو انعكاس لتسلط السلطة...؟ مبرزا أن صعوبة التوصيف تقود الى سؤال ولاء قاعات التحرير داخل الاعلام العمومي: هل هو للمواطن دافع الضرائب أم للمعلنين أم للملك أم للوزير الأول...؟ ليخلص الى استحالة الجواب في ظل غموض تام لأنه نظام زراعي أمي على رأسه أناس يتربحون ويصنعون مصالهم ويجهلون التاريخ ولا يملكون سيكوليوجية الاعلام، لينهي كلامه بأن الاصلاح لا يتم الا عبر النضال.

                                                                               ----يتبع----

المصدر : بريد بريس-ادريس علوش

Total time: 0.0461