أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

عكاظ: لا سعودة في المقابر!

- عبدالله عمر خياط

مضى أكثر من عامين ونصف على ما كتبه أخي الأستاذ خالد حمد السليمان بتاريخ 15/7/1431هـ تحت عنوان (سعودة الموت) والتفرقة بين السعودي والأجنبي في الدفن.. ومع ذلك لا يزال الوضع على ما كان عليه الذي قال عنه الأستاذ السليمان ونصه: يقول ناصر، وهو إنسان عربي تجمعنا به عروبة النسب قبل صلة الإنسانية، إن إحدى قريباته توفيت في أحد مستشفيات جدة، وتم نقلها إلى مغسلة الأموات لتجهيزها والصلاة عليها تمهيدا لدفنها، المشكلة أن مسؤول المغسلة عجز عن توفير قبر لها، فعندما بدأ اتصالاته بالمقابر لتجهيز قبرها فوجئ بالرد عليه بأن طاقتهم في دفن الموتى غير السعوديين في ذلك اليوم قد استنفدت، وإنه لم يعد هناك مجال إلا لاستقبال الموتى السعوديين، وبعد ساعات من الاتصالات نجحوا في إقناع مسؤول مقبرة بعيدة تبعد عن المسجد مسافة 40 كم باستقبال الجنازة!!


إن المرأة التي كانوا يبحثون لها عن قبر يضم جثمانها، لم يكن أهلها -كما قال أخي خالد السليمان-: «لم يكونوا يطلبون لها الحصول على جنسية أو منحة أو قرض أو وظيفة تخص السعوديين، بل كانوا يطلبون حفرة يوارون فيها فقيدة ودعت الحياة وهويتها، ولم تعد سوى إنسانة مجردة من كل تلاوين الحياة ستواجه رحمة ربها، كما يواجهها كل إنسان على وجه الأرض ومر الزمن دون تمييز في اللون أو العرق أو الجنس!! كم هو مؤلم أن نغرق في تعقيدات الحياة حتى ونحن نغادرها، وننتظر أن تودعنا ببعض الحنو للتعويض عن بعض آلامها فإذا بها تودعنا بالتعقيدات، حتى عندما يتعلق بالحفرة الصامتة التي ستطوي صفحة هذا الإنسان في ديوان الحياة للأبد!!».


إنه لأمر عجيب فالذي رواه الأستاذ السليمان وقعت في ما يماثله مؤخرا، حيث أمضينا نصف النهار نبحث عن مقبرة تتسع لمواراة جثمان إنسان في مقبرة من مقابر جدة -وأنا أركز على كلمة إنسان فإنه وإن لم يكن سعوديا فهو مسلم موحد-.


وبعد أن توفقنا في الحصول على مقبرة تقبل بدفن (الإنسان) فوجئت في المقبرة بأن ثلة من البشر يسترحمون المسؤول عن المقبرة الموافقة على دفن قريبهم الذين كانوا يحملون جثمانه بدعوى أنه غير سعودي وأنه لا يوجد في المقبرة إلا ثلاثة قبور تعودوا إبقاءها لدفن من يتوفى من السعوديين، مثلما تترك الخطوط السعودية ثلاثة مقاعد احتياطا لراكب يصدر الأمر بتوفير مقعد له ولمرافقيه.


والواقع أنه أمر مؤسف بل ومؤلم فالمسلم أخو المسلم لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، وهذا ما لا يعرفه إلا رب العزة والجلال، وبالتالي لا مبرر على الإطلاق للتفريق بين السعودي وغيره من المسلمين في الجوانب الإنسانية وبالذات عند الدفن في المقابر فهل إلى ذلك من سبيل؟!.

Total time: 0.0435