أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

ألصهاينة وبذور الصراع البلقانية

- عباس عواد موسى

 

ألصهاينة وبذور الصراع البلقانية
عباس عواد موسى
 
أليونان المحتلة , قُسّمت إلى ثلاثة أجزاء : ألألماني ( كريت , أتيكا وغالبية مقدونيا الإيجية ) , ألبلغاري ( أجزاء من شرق مقدونيا وتراكيا ) والإيطالي الذي ضم بقية اليونان . وقد أدت سياسة البلغرة في مقدونيا الشرقية إلى تمرد يوناني , إنتهى بأبشع وأكبر مجازر بشرية وعمليات إبادة جماعية في العالم على الإطلاق . هذا الذي نقرأه في كتاب التاريخ المعاصر للصف الثالث من المرحلة الثانوية في اليونان . فلنتمعّن أكثر في بذور نزاع سيطفو على السطح بعد طيّ الملف المقدوني , طال الزمن أم قصر . ولنعرف فتناً يغذيها الصهاينة لخدمة مشروعهم , وهم يجعلون الآخرين في البلقان يتوددون إليهم كي لا يُلوّحون بالوقوف ضدهم في الأروقة الدولية .
 
 
كان شائعاً أن لا يقول الواحد للآخر حقيقة ما يجول بخاطره عن شخص ثالث . باستثناء ما يتحدث به البلغاري مع اليوناني ( كم هو حقير جارنا المقدوني ) . ويتجاهل أو يجهل الزعماء اليونانيون ما تؤكده كتب التاريخ الإبتدائية والإعدادية عندهم عن همسات المقدون التي كانت تصف الغاصب البلغاري بالمجرم في سنوات الحرب العالمية الثانية . وتغمر السعادة قادة بلغاريا رئيسها روسين بليفنيلييف ورئيس وزرائها بويكو بوريسوف ووزير خارجيتها نيكولاي ملادينوف وهم يلتقون نظرائهم اليونانيين وتتطابق وجهات نظرهم إزاء الأوضاع الإقليمية والدولية . ولكني أود لفت نظر رئيس الوزراء اليوناني آندونيس ساماراس ووزير خارجيته ديميتريس أفراموبولوس أن حكومتهم وافقت على مناهج المدارس التي تقر بأن بلغاريا كانت دولة فاشية وغاصبة حينئذٍ . وعلى قادة بلغاريا أن يطالبوهم بتغيير المناهج قبل المضي في رسم علاقات للمستقبل المتغير والمتقلب والغير واضحة ملامحه حتى اللحظة . 
ثيودورا ساكيس التي درست الهندسة الكيماوية في جامعة نيش الصربية , دعتني للقاء عمها الذي كان قنصلاً لليونان في مقدونيا . وأثناء الحديث عرجت على تناقضات تاريخية في مناهجهم وعلى سبيل المثال درست في منهاج التاريخ في الصف الثاني الإعدادي موضوعاً حمل عنوانين ألمقاومة والإحتلال وموضوع التحرير ولما سألت المعلم عن تناقض المضمون أجابها أن التناقض جاء من تناقض الحكومة نفسها فهي منقسمة إزاء الحرب العالمية الثانية . كان ذلك يوم الرابع من نيسان عام 1986 . إذن , لا يحتاج الموضوع إلى دليل يدمغ حقيقة حفظها اليونانيون تنعت بلغاريا بالدولة المحتلة ورغم عدم استطاعة اليونان في تغيير المناهج التي بقيت كما هي إلا أن البلغار لم يتطرقوا إلى الأمر ذاته . ولم تتغير نظرة التلاميذ اليونانيين لجيرانهم وقد درسوا في الصف السادس الإبتدائي موضوعاً بعنوان عقد من القتال والموت من أجل الحرية ( 1941 - 1949 ) , وتقرأ فيه أن اليونان كانت  مُستعمَرة من قبل ثلاث دول إحداها بلغاريا .
ألألمان أحكموا قبضتهم على العاصمة اليونانية أثينا ووسط مقدونيا وكريت وخط سكة الحديد وأما البلغار والحلفاء فقد استوصوا على أقسام من مقدونيا وتراكيا فيما خضعت المناطق المتبقية للنفوذ الإيطالي . وتم ذلك بالإغراءات التي قدمها الإحتلال الثلاثي للشعب اليوناني وخصوصاً عندما عمّت المجاعة اليونان في شتاء 1941 - 1942 , حسب تأريخ الفصل المذكور في المنهاج اليوناني .
ما سبق يتعارض مع البلغار , لكنهم لا يستنكرون ذلك . فمنهاجهم وقد قرأته ينتقد الإدارة العسكرية اليونانية التي تحالفت مع الإحتلال الصربي لمقدونيا الفاردارية بعد أن ضم القسم الإيجي منها إلى أراضيه بل وسهّلت قدومه . فالبلغار يعتبرون أن اليونانيين محتلون لمقدونيا الإيجية منذ عام 1912 في حين يعتبر اليونانيون أنفسهم أنهم محررون . واليونانيون يعتبرون البلغار أنهم محتلون عام 1941 . وللآن , لم أجد أيّاً من الطرفين يتهم الآخر بسرقة التاريخ وتزويره .
ألصهاينة يغذون النزاعات في البلقان . ومن أبرز المؤرخين الذين يستخدمونهم الصهاينة لذلك هو غوستِة تربكوفسكي لمنع الوصول إلى أي اتفاق سياسي بين الأطراف البلقانية المتصارعة . وفي كل موضوع يضعون ما يشير إليهم وإن كانوا خارجه . فالهدف الصهيوني , تجلى في تأجيج العداء البلغاري للمسلمين الأتراك فيها في ثمانينيات القرن الماضي ليتمكنوا من ابتزاز بلغاريا سياسياً وهو بالفعل ما حدث ولا زلنا نشهده . وتجدهم , يكذبون على كل الأطراف حتى أصبحْتَ تجد منهم من هو مستشاراً لهذا وذاك في نفس الوقت . ويقول الباحث الألباني صهيب الزبير إن الوضع الحالي يؤشر لنشوء قوى جديدة , تُحيي الماضي , الذي كان فيه اليهود مكرهة للجميع . وطالب بنشر الدور الصهيوني في كل ما حدث وما سيقع لأنهم يريدون أن يكونوا المستفيد الوحيد من الأحداث التي باتت بتسارعها تؤرقهم . فهم يهمسون هنا , لتسليط الضوء على مكامن نزاعات ومنها البلغاري اليوناني للتلويح بالعصا لكل من يؤيد الفلسطينيين في حقوقهم العادلة .
والجامع الوحيد للصهاينة  هو تعاونهم الإستخباراتي مع كل الأطراف البلقانية في التجسس على نشاط المسلمين في شبه الجزيرة بحجة منع الإرهاب .
المصدر : عباس عواد موسى

Total time: 0.0582