أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

حوار لن يعجب الكثيرين

- د. محمد حسين النظاري

مرات كثيرة ومن خلال هذه الزاوية وغيرها من الصحف والمواقع الالكترونية تطرقت الى الهم الرياضي الذي تعاني منه وزارة الشباب والرياضة، وعرّجنا خلالها الى ما تحتاجه الوزارة من تصحيح في عملها بغية الوصول لأفضل النتائج كونها تمس أكبر شريحة في مجتمعنا اليمني.
أحسست الآن بأن ما يتم طرحه يُقرأ من قبل الرجل الاول في الوزارة، وخير دليل على ذلك الحوار الجريء الذي أجراه الاخ محمد العامري من قناة السعيدة مع الاستاذ معمر الارياني –وزير الشباب والرياضة- والذي كان شفافاً، وأنا في متأكد انه لن يرضي الكثيرين، ولن يعجب أحداً من الذين كانوا يستفيدون من الوضع السابق، ولكن الحقيقة ينبغي ان تقال مهما كانت مرارتها.
لقد قال الوزير ما لم يقله من سبقه في تولي المنصب الذي يشغله، وبالرغم من الاسئلة المحرجة التي توجه بها العامري، إلا ان اجابات الاستاذ معمر كانت أشد إحراجاً للكثيرين من الذين ساهموا في أن يصل الحال الى ما وصلنا إليه اليوم، على مستوى القطاعين الشبابي والرياضي.
نعم الوزارة بحاجة الى اعادة هيكلة –ثورة جديدة بحسب قول الوزير- لغرض تصحيح الوضع المختل، والجميل ان الوزير من خلال ما طرحه في ردوده، قد تفاعل مع ما طرحناه هنا في هذه الزاوية.. فالوزارة اسندت المهام لقيادات شابة -هي نفسها- من ساهمت في تخريجهم عبر ابتعاثهم لتحضير الماجستير والدكتوراه، مع قيامها على اجراء دورات عديدة للبقية.. ولكن الهم الاكبر ان يستطيع الاخ الوزير استبدال بقية القيادات الغير مؤهلة على مستوى الديوان ومكاتب المحافظات.
من غير المعقول ان تثقل الوزارة كاهلها بكادر وظيفي يصل الى 480 موظفاً، 80 في المائة منهم –كما قال الوزير- بطالة مقنعة، مع أن ما تحتاج اليه فعلياً هو ربع ذلك العدد فقط.. وهذا ما يستدعي اجراء تصحيح في الهيكل الوظيفي للوزارة، من خلال الاحلال على التعاقد، أو تحويل البعض الى غير ديوان الوزارة طالما وأنها لا تحتاج اليهم.
الصندوق تم تحييده عن المسار المعوج الذي كان سائراً فيه، والذي استنزف الكثير من موارده –الضئيلة أصلاً- ولقد استطاعت الوزارة التغلب على العجز الذي كلفها مديونية بلغت مليار وستمائة مليون ريال، عوضاً عن عدم تكريم المبدعين لخمس سنوات ماضية، ليتم التكريم وليتخطى الصندوق تلك النقطة السوداء، وليصبح توريد المخصصات مباشرة لحسابات الأندية، والجميل ان يقتصر توقيع الشيكات على المديرة التنفيذية للصندوق، وهنا نورد شكرنا لطيب الذكر الدكتور عبد الوهاب راوح الذي كان صاحب الفكرة في انشاء الصندوق حينما كان وزيراً للرياضة عام 1996م.
كان الوزير شجاعاً عندما اعترف بوجود فساد في اروقة الوزارة والصندوق، وانه يحاول جاهداً محاربته، من خلال تجفيف منابعه، وفي اعتقادي ان ابتعاد الوزارة عن العمل السياسي كما يعمل الاخ الوزير، هو من سيساهم على ان تظل الوزارة وصندوقها في احضان الشباب والرياضيين، وبعيداً كل البعد عن استغلال المشائخ وذوي الوجاهات.
إشراك الشباب في الوزارة الوصية عليهم أمر جميل، وخاصة اعتزام الوزير على تعيين هيئة استشارية من الشباب في الوزارة، وقد دعيت في مقال سابق الى تشبيب الوزارة، وسعدت كثيرا بأن رأيت من الذين درسوا معي وقد تقلدوا مراكز يستحقونها.
المراكز الصيفية اشبعناها تناولاً في هذا المكان، وخلصت شخصياً الى ضرورة إلغائها، لأنها لا تقدم شيئاً للفئة المستهدفة، والحمد لله أن الاخ الوزير قد وجه بالغائها من هذا العام، بعد ان قام بزيارة مفاجئة لأحد المراكز، ليتضح له حقيقة ما تناولناه، من انها فقط للتصوير امام الكاميرات عند زيارة الضيوف، اما بقية الاوقات فلا يوجد فيها أحد.
فكرة جميلة تطرق اليها الاخ الوزير وهي اعطاء نسبة 1 بالمائة للذين يقومون بتحصيل ايرادات الصندوق، خاصة انه عندما طرحها في عهد الوزير السابق رفعت الايرادات من اثنين مليار وثمانمائة مليون الى ثلاثة مليار وأربعة مليون، ولكن الشيء السيء ان تلك النسبة لم تعطى رغم ارتفاع المبلغ المورد.. فحافز النسبة يساعد على عدم تهاون المحصل مع الجهة الاخرى أو تواطئه معها، مما يحرم الصندوق مئات الملايين.
ايرادات الصندوق بحاجة الى زيادتها من خلال زيادة نسب التحصيل من القات والسجائر والإسمنت، وكذلك الجدية في التحصيل، وهو الاهم عبر محاربة التهريب، لأنها تقلل المبيعات وبالتالي تقل النسبة الموردة للصندوق.
من خلال ما تم التطرق اليه اُحس ان للإعلام الرياضي دور مهم في تنوير الاطر القيادية، وان هذه القيادات تستجيب متى ما رأت ان تلك الانتقادات بنّاءة ولا تستهدفهم بصفة شخصية، بل لما فيه الصالح العام، وهذا فعلاً ما ينبغي ان يقوم به رجال الاعلام الرياضي بكافة وسائله فشكراً لكل منبر رياضي نستطيع من خلال مخاطبة المسئول، وشكراً لكل مسئول يتجاوب لما فيه تغيير الوضع نحو الأفضل... الحوار بطبيعة الحال قد يعجب البعض وقد لا يروق للبعض الاخر، ولكنه من وجهة نظري حمل شجاعة تمثلت في الاجابة العفوية للأخ الوزير، الذي تكلم بأريحية دون ان ينمق كلامه، أو يحسب لردة فعل الاخرين –الذين بطبيعة الحال لن يعجبهم ما جاء في الحوار، مع أني تلقيت اتصالات تشيد بما قاله الوزير من آخرين- مع ذلك يظل ما قاله الاخ الوزير جميل من وجهة نظري، وللآخرين الحق في رؤيته كيفما شاءوا.
ما لم اسمعه في الحوار، التحدث عن المؤتمر الوطني الاول للرياضة الذي سيعقد في تعز منتصف مارس القادم –وربما كان تسجيل الحلقة سابقا لانعقاد اللجنة التحضيرية- فقد كان التطرق اليه أمراً مهماً، كونه الاول الذي سيعقد على الساحة الرياضية اليمنية، فلم يسبق لوزارة الشباب والرياضة تنظيمه من قبل.. وكانت فرصة ممتازة كي يعرف الجميع عن المؤتمر وأهداف ورؤاه.. فتأخر الرياضة اليمنية التي ظل –العامري- ومعه جميع الجماهير يتساءلون عن أسبابه، ولا سبيل للكشف عنها ووضع الحلول لها، سوى بالتقاء أهل الرياضة وطرح انشغالاتهم من خلال ورق عمل، تحمل المشاكل الحقيقية، وتتضمن الحلول الممكنة لتجاوزها.
.أستاذ مساعد بجامعة البيضاء

Total time: 0.0481