أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » حوارات ولقائات

رئيس تحضيرية الحزب الليبرالي اليمني:الاسلام السياسي خطر يقود البلاد الى منزلق الانقسام والطائفية والتشظي

منصور الصمدي
- حاوره: معين النجري*

 

هاجم رئيس اللجنة التحضيرية لـ"الحزب الليبرالي اليمني" منصور الصمدي ما أسماهم بـ"جماعات الإسلام السياسي" في اليمن بطرفيه السني والشيعي باعتبارهما خطرًا يقود اليمن إلى منزلق التشظي والانقسام والحروب الأهلية.

واكد الصمدي ان الساحة اليمنية بحاجة الى قوى سياسية جديدة واصفًا الأحزاب والقوى السياسية اليمنية بالشائخة والهرمة وانها لم تعد قادرة على تقديم مشاريع سياسية هادفة وحقيقية تتماشى مع روح ومتغيرات العصر – معتبرا الاحزاب الجديدة عبارة عن مشاريع هشة مكررة لبعضها البعض في البرامج والأهداف والتوجهات.

ونفى الصمدي مشاركة حزبه في مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده في(18 آذار/ مارس) المقبل وان الحزب اختار دور المراقب, مبينا ان الترتيبات والتحضيرات الخاصة بمؤتمر الحوار غير صحيحة ولا سليمة, مبديا احتجاجه على عدم اجراء اصلاحات جدية تكون بمثابة تهيئة حقيقية وجاده لحوار وطني حقيقي فاعل ومثمر, معتبرا مؤتمر الحوار فاشل مسبقًا بدليل رفض عدد من القوى السياسية الجنوبية المشاركة فيه.

وتطرق رئيس تحضيرية "الحزب الليبرالي اليمني" – في حوار لـ"14 أكتوبر" الى جملة من القضايا والمشكلات الهامة التي تشهدها الساحة اليمنية الوقت الراهن – فإلى حصيلة الحوار:

 

 

·         كيف تقبل الشارع اليمني الإعلان عن تأسيس حزب ليبرالي؟

في الحقيقة أننا وقبل اشهار الحزب كنا واضعين في حساباتنا ان تقابل الفكرة بانتقادات, لكننا فوجئنا أن الغالبية رحب بها بل وباركها وتفاعل معها – ومنذ الوهلة الاولى للاشهار انهالت علينا الرسائل والاتصالات التي تهنئ وتبارك من مختلف المحافظات والمدن اليمنية من المغتربين اليمنيين في عدد من دول العالم, وما فاجئنا اكثر أن عدة من تلك الرسائل جاءت من شخصيات اجتماعية وقبلية لم نكن نتصور ان مثلها يؤيد ويعي ماهية الفكر الليبرالي, هذا طبعا الى جانب التفاعل الكبير الذي ابدته وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية والتي تعاطت مع خبر الاشهار بشكل غير مسبوق – وبصراحة هذا التفاعل والاهتمام الكبير اوصلنا الى حقيقة هامة ربما الكثير يجهلونها وهي ان التيار الليبرالي داخل الشعب اليمني واسع وعارم وقوي وواعد بمستقبل كبير يظم قوى هائلة, وان الانسان اليمني بفطرته وطبيعته بغض النظر عن التركيبة الاجتماعية والفكر الديني يعد ليبراليا لأنه يتعامل بواقعية كبيرة مع ظروفه اليومية, كما انه يمتلك فكرا متحررا, ربما ما اصابنا بالشلل هي افكار دينية وثقافية وافدة من خارج المجتمع اليمني كـ"الوهابية – والشيعية" – لكن في حقيقة الامر الانسان اليمني ليبرالي بالفطرة.

 

·         اقترنت مصطلحات "الليبرالي" و"العلماني" في الخطاب الديني بالكفر, كيف تجاوزتم هذه العقبة؟

هذه التفسيرات أو بالأصح الاتهامات تطلقها الجماعات الدينية خصوصا المتشددة, وباعتقادي أنها في الاصل ناتجة عن جهل هذه الجماعات بحقيقة هذا الفكر الانساني العظيم ومزاياه - الليبرالية فكر بشري مستخلص في الأصل من الأديان السماوية ومن التراث الفكري والثقافي الذي خلفة الرسل ومن جاء بعدهم من المفكرين والفلاسفة العظام - وضع كـلبنة أولى في سبيل تحقيق مبادئ العدل والمساواة والحرية والتعايش السلمي بين الناس دون النظر او التمييز بين الوانهم أو اشكالهم أو انتماءاتهم أو افكارهم - والليبرالية من منظورنا الاسلامي عبارة عن حركة وعي اجتماعية جاءت الى جانب التعاليم الاسلامية لتكمل مكارم الأخلاق وتحث الانسان على التفكر والإبداع والخلق والعمل كما تحث الناس على التراحم والتعاون والمساواة فيما بينهم, وباعتقادي ان هذه هي المظاهر التي يؤكد مطلقو فتاوى التكفير على ضرورة اقترانها بالمؤمنين، كما ان الليبرالية ليست فكرا مقدسا ولا جامدا ولا ثابتا انما مر بمراحل مختلفة واغتنى بمفاهيم جديدة مختلفة، وبالتالي فإن عملية تطويعها وتكييفها وفق ما يتماشى مع قيم وتقاليد واعراف مجتمعنا وديننا ومفاهيمنا أمر وارد لا شك فيه – ونحن لسنا ملزمين بتطبيق الليبرالية بكل مفاهيمها ومبادئها الغربية الحدية, هناك جملة من المبادئ والاسس والمنطلقات الرئيسة توحد كل المنتمين لهذا الفكر – لكن تبقى لكل مجتمع خصوصيته وهذه احد اهم مميزات هذا الفكر انه قابل للتبلور والتكيف وفق خصوصية كل مجتمع, ونحن حريصون على ان يكون لنا ليبراليتنا الخاصة – ربما ما يغيض هؤلاء في الليبرالية هو انها ترفض فكرة سيطرة رجال الدين على المشهد السياسي, ولا اخفيك لدينا نخبة من الناشطين السياسيين والادباء والمثقفين أخذوا على عاتقهم مهمة التأصيل للفكر الليبرالي من منضور يمني عربي, أي من وحي تراثنا الثقافي اليمني والعربي – بمعنى اننا نريد ان نثبت ان الليبرالية راسخة في التاريخ والتراث العربي, وان الليبراليون العرب رافعوا راية الحرية امام التدخل الخارجي والاستبداد الداخلي ودعوا الى الحرية ودولة القانون والعدالة في مناقشاتهم السياسية منذ امد بعيد .. وباختصار طالما أننا مؤمنون بهدفنا ونبل رسالتنا, سنواصل مشوارنا ونحن واثقون أن الله معنا ولن يصيبنا أي مكروه سوى ما هو مقدر ومكتوب لنا.

 

·         ألا تعتقد أن الأحزاب الدينية هي الأكثر حضورا وربما الأوفر حضا في الوصول إلى السلطة والاستحواذ على الشارع؟

لا اعتقد ذلك .. صحيح ان هذه الاحزاب او الجماعات حققت حضورا ملحوظا في الساحة خلال الفترة الماضية وتمكنت من تصدر المشهد السياسي والاستحواذ على الكثير من المراكز القيادية في الدولة – لكن ذلك لا يعني انها الاكثر شعبية في الشارع أو صاحبة الاغلبية وان بإمكانها الوصول الى السلطة .. حضورها هذا جاء نتيجة لاستغلالها الظروف الاستثنائية التي مرت ولا تزال تمر بها البلاد, والتي من خلالها جاءت التسوية السياسية وتم تقاسم السلطة, ونتيجة ايضا لما تحظى به هذه الاحزاب والجماعات من دعم مادي وسياسي كبير من قبل قوى واطراف اقليمية ودولية مختلفة, وقيامها بتخصيص جزء كبير من ذلك الدعم للتسويق والترويج الاعلامي لنفسها ومحاولة الظهور امام الاخرين بأنها الوحيدة التي تستحوذ على الشارع .. لكن في حقيقة الامر وهذا ما ستؤكده وتثبته الفترة والانتخابات القادمة – حضور هذه الاحزاب والجماعات محدودا ومحصورا على المؤمنين بها عقائديا وهم قلة قليلة, وعلى العكس مما تعتقده وتتوهمه قيادات هذه الاحزاب بأنها استطاعت ان تكسب الشارع وتضاعف من شعبيتها خلال الفترة الماضية, فإنني استطيع الجزم بان ما قامت به من اعمال وممارسات خلال فترة الثورة وتحديدا داخل ساحات الاعتصام والتي اتسمت جميعها بالإقصاء والتهميش والقمع والمغالطة والاستحواذ, الى جانب ما تقوم به اليوم من انتهاكات وقمع وتصفيات للناشطين السياسيين, بالاظافة الى التمييز بين الجرحى – جميعا افقدتها أعداد كبيرة من جماهيرها وخلقت حالة من السخط العام ضدها لدى الكثير من انصارها ولدى الشارع اليمني عموما .. كما ان الفشل الذريع الذي منيت به الجماعات الاسلامية التي صعدت الى الحكم في كلا من مصر وتونس وما تمارسه من قمع وانتهاكات وتصفيات بحق معارضيها – كشفت هي الاخرى حقيقة النوايا السيئة التي تضمرها الاحزاب الدينية للشعوب العربيةعموما, وبالتالي فان الرهان على ان هذه الجماعات صاحبت الحض الاوفر في الوصول الى الحكم خاظئ وغير واقعي.

 

·         كيف ستتعاملون مع الجماعات الدينية التي تعتبر الليبرالية كفرا بواح؟

اولاً كما قلت لك الليبرالية ليست كفر ولا علاقة لها بالإلحاد, ومن يعتبرها كذلك ليس سوى جاهل وامي ومتطرف واحمق فاقد لملكة التفكير الخلاق لا يفقه مما يدور حوله ومن الحياة بشكل عام شيء, وكل أفكاره وقناعاته مبنيه على اقاويل ودعاوى ماضوية عتيقة, ولذلك نقول لهؤلاء: اقرأوا اولاً واطلعوا وابحثوا ودققوا عن ماهية هذا الفكر, وعندما تكتمل لديكم الصورة تعالوا ناقشوا واطلقوا احكامكم وفتاويكم – اما كيف سنتعامل معهم فنحن يمنيون مؤمنون بالله موحدون نعمل في ظل واقع ديمقراطي يحترم التعدد والتنوع والاختلاف, وهذا معناه ان العمل السياسي او الحزبي ليس حكرا على احد, ونحن لسنا ملزمون بأخذ الاذن او التصريح بمزاولة نشاطنا من احد, ومثلما نحن نحترم الاخرين بمختلف انتماءاتهم وقناعاتهم وتوجهاتهم وافكارهم وايديولوجياتهم يجب عليهم ايضا ان يحترمونا, كما ان العمل السياسي تنافسي والشعب هو من يقرر من هو الاصلح ومن هو الاجدر بإدارة شئونه, كما اننا نزاول نشاطنا بطريقة سلمية ولسنا ممن يحملون السلاح ولا نجيد اساليب التصفيات ولا علاقة لنا بالعنف, شعارنا السلام وليس لدينا مشكلة مع احد, الكل حبايبنا واخواننا, وسنواصل مشوارنا على ذات النهج, لكننا وفي حال اكتشفنا ان احد وقف في طريقنا او سعى الى عرقلة نشاطاتنا, او استهداف احدنا – لن نسكت وسنتصدى له بكل الطرق والاساليب القانونية وغير القانونية الممكنة – واحب اشير هنا الى انه سبق وتلقينا تهديدات بالخطف والتصفية الجسدية اكثر من مرة, عبر اتصالات ورسائل مختلفة, وأخرى عبر اشخاص نقلوا لنا تلك التهديدات بشكل غير مباشر عن طريق النصح, وجميعها تطالبنا بالتخلي عن فكرة تأسيس الحزب, لكننا وبصراحة لم نلقِ لأياً منها بالاً, ولم نوظفها سياسياً واعلامياً كما يفعل البعض – نحن واثقون بأنفسنا ومؤمنين بأهمية وعظمة رسالتنا, ولن نخاف احد.

 

·         تشهد الساحة اليمنية تكتلات حزبية هل سينظم حزبكم إلى أي تكتل؟ وهل هناك أي تنسيق بينكم والأحزاب الأخرى؟

نحن ندرك أهمية التحالفات السياسية, ونعي ايضا اهمية وجدوى الاهداف والمكاسب السياسية الكبيرة التي يمكن تحقيقها من خلالها, وهذا الامر يعد واحداً من الاجندة التي سنعمل عليها في المرحلة القادمة .. والحقيقة أننا حتى الان لم نعقد اية اتفاقات مع أي حزب او جماعة او تيار, لأننا نرى ان هذا الامر سابق لأوانه, ولان لدينا مهام واولويات نحن عاكفون على استكمالها وانجازها في الوقت الحالي.. لكن ذلك لا يعني اننا نغفل هذا الجانب بل اننا على تواصل مع العديد من الاحزاب والتكتلات السياسية, ونحن عازمون على التحالف مع عدد منها خصوصا الفاعلة والمؤثرة على الساحة, وبالتحديد القريبة منها من الافكار والمبادئ والتوجهات الليبرالية والمدنية .. ولدينا رؤى وافكار جديدة نحن نثق أن بإمكاننا من خلالها أن نؤسس لتكتل سياسي قوي وفاعل ومؤثر لا يمكن لاحد تجاوزه.

 

·         عشرات الأحزاب تشكلت بعد ثورة الشباب ومعظمها تظل مجرد أسماء؟ برأيك هل هذا الحراك الحزبي سيخدم الديمقراطية أم سيضرها؟

اعتقد ان المسألة تحتمل الجانبين بمعنى ان لها جانب ايجابي وآخر سلبي .. ايجابياتها تكمن في انها تساعد على خلق جو من التفاعل والحراك والحماس والمنافسة السياسية الجادة, وتحرك المياه الراكدة في الشارع السياسي, وتتيح ايضا للأفراد خيارات متعددة يستطيع من خلالها كل واحدا منهم اختيار ما يتناسب ويتوافق مع قناعاته وتوجهاته ويلبي تطلعاته ومصالحة, هذا طبعا اذا ما افترضنا اننا نعيش في مجتمع ديمقراطي وكلاٌ من هذه الاحزاب له ايديولوجيته وفكرة الخاص – أما سلبياتها فتنحصر في أن هذه الكثرة قد تتحول مع الايام الى اشكالية يصعب التمييز بين مكوناتها أو التعاطي معها, خصوصا عندما يكون غالبيتها مجرد مسميات هشة لا اهداف لها ولا برامج ولا افكار – وهذا للأسف ما هو حاصل لدينا .. فغالبية الاحزاب في بلادنا سواء الجديدة منها او القديمة عبارة عن كيانات ضعيفة تكرر بعضها البعض في التوجهات والاهداف والبرامج والسياسات, تدار من قبل افراد وجماعات الكثير منهم لا يفقهون من العمل السياسي والحزبي شيء, وكل همهم منصب على الاسترزاق وكيفية تحقيق مكاسب ومصالح فردية رخيصة, وخير مثال على ذلك ما شهدناه مؤخراً عندما سارع عدد من الاحزاب الجديدة بتشكيل انفسهم "وكلفتوا" امورهم بشكل عشوائي وذلك بغية حصولهم على التراخيص والاعترافات من لجنة الاحزاب, وكل ذلك بهدف حصولهم على حصص من مقاعد لجنة الحوار – متناسين ان تأسيس حزب يعني تأسيس نظام سياسي جديد ووطن جديد - لذلك نؤكد أن تعدد هكذا كيانات بلا شك له انعكاسات سلبية خطيرة تهدد أي تجربة ديمقراطية في بلد في العالم .. وباختصار بلادنا بحاجة الى قوى سياسية جديدة لان اغلب القوى الموجودة بما فيها المسيطرة على الساحة السياسية والمالكة لسلطة صنع القرار - شاخت وهرمت ولم تعد قادرة على تقديم مشاريع سياسية هادفة وحقيقية تتماشى مع روح ومتغيرات العصر, وتستطيع من خلالها اقناع الاخرين للاتفاق حولها, قياداتها هي نفسها التي عرفتها بلادنا وشعبنا قبل ثلاثين سنة لم تتغير ولم تتبدل, وهذه القيادات هي الاخرى شاخت وفقدت ملكة التفكير الخلاق, استهلكت كل ما لديها من طاقات ورؤى وافكار, ولم تعد قادرة على تقديم أي جديد يذكر .. لذلك مطلوب من القوى التحررية الشابة والجديدة داخل هذه الجماعات والاحزاب تحمل مسئولياتها الوطنية, وادراك ان استمرار مكابرتها وتغنيها بتراث وماضي احزابها وقياداتها الجامدة لن يمكنها من الدخول الى رحاب العصر بل سيبقيها اسيرة التخلف والعيش ضمن اوضاع من التحجر والجمود, مطلوب منها تحييد جميع القيادات العتيقة والهرمة وتولي مسئولية ادارة هذه الاحزاب وتجديد برامجها ورؤاها, واذا لم تتمكن من ذلك فليس امامها سوى اختيار اماكنها ضمن الاحزاب السياسية الجديدة التي ترى انها جديرة بحمل المشروع الوطني في المستقبل.

 

·         هل لك أي تواصل مع الحراك الجنوبي أو جماعة أنصار الله ؟

نحن على تواصل مع كافة القوى والمكونات السياسية والشعبية في عموم المحافظات, وليس لدينا مشكلة او تحفظ على احد .. والحراك الجنوبي كان حاضراً معنا من الوهلة الأولى لتأسيس الحزب, وقد انتخب الاخ عمر احمد عمر عضواً في اللجنة التحضيرية للحزب وهو في الاساس احد الناشطين الشباب في الحراك الجنوبي, كما ان العشرات من الحراكيين بينهم شخصيات قيادية اعلنوا انضمامهم للحزب, ولدينا عدد من الناشطين يتولون عملية استقبال طلبات العضوية وتسجيل المنظمين في قوائم الحزب, وفي الحقيقة نحن في الحزب الليبرالي مع مطالب كل الاقليات وكل الفئات والشرائح الاجتماعية وكل المظلومين في هذه البلد, وقد طالبنا القيادة السياسية والحكومة اكثر من مرة بسرعة إجراء اصلاحات سياسية جدية من شأنها ان تعيد الثقة للمواطنين وتعزز مسار المصالحة الوطنية وتشيع مناخات الاستقرار والتفاهم بين مختلف مكونات المجتمع اهمها كان"إعادة المبعدين العسكريين الجنوبيين الى وحداتهم في الجيش والامن وتعويضهم تعويضا عادلاً عن كل ما تجرعوه من معاناة طيلة السنوات الماضية, والمسارعة ايضا بمعالجة ملف الاراضي في الجنوب" باعتبار هذين المطلبين اهم الاسباب التي ادت الى تشكيل الحراك الجنوبي – أما فيما يخص جماعة انصار الله فهؤلاء في الحقيقة لا نعرفهم.

 

·         ما هو موقفكم من الحوار الوطني؟

لن نشارك في هذا الحوار, ولم نطلب المشاركة, وان طلبت منا المشاركة سنرفض, ورفضنا ليس لأننا لا نؤمن بالحوار بل على العكس الحوار من وجهة نظرنا رسالة الانسان الى اخية الانسان رسالة تلتقي عليها التعدد والاختلاف, وعامل حاسم للبناء والنهوض من جديد, كما اننا ندرك أن أي تيار او حزب يرفض الحوار مع غيرة لن يستطيع ان يؤدي رسالته الوطنية بالشكل المطلوب – ولكن رفضنا نابع من ادراكنا المسبق ان الترتيبات والتحضيرات الخاصة بمؤتمر الحوار هذا غير صحية وغير سليمة, وكما قلت لك نحن طالبنا القيادة السياسية والحكومة قبل فترة وعبر بيان رسمي بضرورة اجراء اصلاحات جدية تكون بمثابة تهيئة حقيقية وجاده لحوار وطني حقيقي فاعل ومثمر, منها (ما يتعلق بالمبعدين العسكريين, ومعالجة ملف الاراضي في الجنوب, وهيكلة الجيش وعزل قيادات النظام السابق العسكرية المسيطرة على الجيش والتي قامت بتقسيمة والمتمثلة في (احمد علي – وعلي محسن), ووضع حد لعملية التقاسم والمحاصصة في التعيينات للمناصب القيادية العليا في الدولة) وهناك حزمة من الاصلاحات التي رأينا ان من الضروري اجراءها قبل الجلوس على طاولة الحوار, الا انه وللأسف لم يتم من ذلك شيء باستثناء صدور بعض القرارات التي وللأسف لا تزال مجرد كلام ولم تنفذ على ارض الواقع بعد – وحتى الان وبعد ان اصبح هناك موعد زمني محدد للبدء بعملية الحوار كل معطيات الواقع السياسي تؤكد اتجاه البلاد الى مؤتمر حوار فاشل مسبقاً بدليل أن هناك عدد من القوى السياسية خصوصا الجنوبية ترفض المشاركة فيه – ومع ذلك يبقى الامل قائم في ان تحكم جميع القوى السياسية العقل وتراعي المصلحة الوطنية وتبادر الى تقديم قوائم مرشحيها الى الحوار, كما ان الامل بنجاح الحوار قائم طالما وان المجتمع الدولي يشرف على المسألة بشكل مباشر – وعموما نحن في الحزب الليبرالي اخترنا دور المراقب على مجمل الاوضاع التي تشهدها البلد, لأننا في الاساس لا نزال عبارة عن مكون سياسي في طور التكوين والتأسيس ويحتاج الى الكثير من الجهد والوقت والامكانات حتى يكتمل بناءة ويرى النور كقوة سياسية حقيقية ومؤثرة.

 

·         ما الذي سيقدمه الحزب الليبرالي لتفادي صراع مذهبي يوشك اليمن أن يقع فيه؟

فكرة الحزب الليبرالي أساسا قائمة على مفاهيم الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والتمثيل الفردي للإنسان, وفي الفكر الليبرالي لا مجال للمفاهيم والايديولوجيات القائمة على مصالح طبقية او طائفية او عنصرية, كما ان خلاصة ما ندعو الية في الحزب هو العمل لما من شأنه خدمة الانسان الفرد بصفته انسان وتحقيق مصالحة بعيدا عن اية تفسيرات او قولبة– وباعتقادي ان ذلك هو الحل الامثل الذي من خلاله يمكننا ان نجنب بلادنا مخاطر وتبعات اية صراعات طبقية او طائفية, لا شك عمليات التعبئة والتحريض الطائفي الذي تمارسه جماعتي الاسلام السياسي "السنة – والشيعة" في ساحتنا اليوم تمثل خطر محدق لانها تقود البلاد الى منزلق التشظي والانقسامات والحروب الاهلية, وكما تعرف ويعرف الجميع أننا سبق وجربنا الكثير من الحلول التي قدمتها القوى السياسية طيلة العقود الماضية, ولكن جميعها فشلت واصطدمت بواقع صلب, والان الازمة التي نعيشها تبدو اكثر تعقيدا, لذلك فان الليبرالية في ظل واقعنا اليوم اصبحت حاجة ملحة لابد من الاخذ بها .. لأنها المشروع السياسي الوحيد الخالي من مفاهيم الفرز والتصنيف للناس, والذي يتعامل مع الانسان باعتباره انسان لا اكثر ولا اقل - هذا اذا ما كنا فعلا حريصون على المصلحة الوطنية وجادون ايضا في تحقيق العدالة والمساواة والعيش الكريم لكل اليمنيين, واؤاكد لك ايضا أن الصراعات التي تشهدها المنطقة العربية اليوم وفي مقدمتها "مصر, وتونس, وسوريا, والعراق, والبحرين, وغيرها" لن تهدأ ولن تعرف المنطقة العربية بشكل عام طريقها الى الاستقرار والسلم والتعايش الانساني – الا اذا ما اتخذت شعوبها النهج والفكر الليبرالي سبيلا لإدارة شئونها.

 

·         ما لذي انجزه الحزب الليبرالي اليمني حتى الان؟

أستطيع القول أننا تمكنا خلال الفترة القليلة الماضية من تحقيق نجاحات جيدة خصوصا اذا ما قيست بحجم التحديات والصعوبات التي تواجهنا, حيث استقطبنا عدد كبير من الاعضاء من مختلف محافظات الجمهورية اغلبهم من النخب السياسية والاكاديمية والفكرية والادبية والاعلامية, كما تمكنا وبمبادرات وجهود شخصية من ايجاد مكتب رئيسي للحزب في العاصمة "صنعاء", واصبح لدينا مجاميع من الشباب والناشطين السياسيين والاكاديميين في اغلب محافظات الجمهورية وفي مقدمتها المحافظات الجنوبية يتولون عملية التعريف بالحزب واهدافه واستقبال طلبات الانضمام اليه بمعنى انهم صاروا يشكلون نواة لفروع الحزب في تلك المحافظات, وحققنا حضور اعلامي على المستوى المحلي والدولي لا بأس به, واسسنا "المنتدى الليبرالي الاسبوعي" الذي اصبح يقام كل يوم اثنين اسبوعياً, وشاركنا ايضا في العديد من الفعاليات المحلية وقدمنا خلالها رؤية الحزب حول الكثير من القضايا الراهنة, هذا على المستوى المحلي, وعلى المستوى العربي والخارجي – تمكنا من التواصل والتنسيق وربط علاقات جيدة مع مختلف الاحزاب والمنظمات الليبرالية العربية وعدد من المنظمات الدولية المعنية بالفكر الليبرالي, كما شاركنا في ثلاثة مؤتمرات ليبرالية دولية عقدت في كلا من (تونس, ولبنان, والاردن) مثلنا فيها اليمن, واصبح الحزب عضوا في التحالف العربي للحرية والديمقراطية "شبكة الليبراليين العرب", وايضا شاركنا في تأسيس واشهار «التحالف الليبرالي للخليج والمحيط الهندي» الذي ظم عدد من الاحزاب والمنظمات الليبرالية في كلا من(السعودية, والكويت, واليمن, وجزر القمر) وانتخبت انا نائبا لرئيس التحالف, ولدينا العديد من الاجندة والبرامج وسيتم الاعلان عنها في حينه.

 

·         طيب ماذا عن الأنشطة التي ينفذها الحزب في الفترة الراهنة؟

اما ما يتعلق بأنشطتنا الحالية فنحن مركزون على استكمال عملية التأسيس للحزب, ولا نقصد بالتأسيس هنا استكمال الاجراءات القانونية والحصول على الترخيص والاعتراف الرسمي من لجنة الاحزاب فقط – وانما نقصد استكمال التأسيس لبنية وارضية الحزب بشكل عام, حيث اننا عاكفون على الحشد والتسويق والترويج والتعريف بمشروع الحزب على كافة المستويات, وبصراحة لسنا على عجلة من امرنا بل اننا حريصون على العمل بهدوء وروية لان المسالة في نظرنا كما قلت لك ليست ترخيص فقط .. بل انها في الدرجة الاولى متعلقة بكيفية احداث تغيير حقيقي في الوعي وفي القناعات الفردية للناس – نحن حريصون على عدم تكرار التجارب الفاشلة للأحزاب الاخرى, فقبل ان يكون هناك حزب لابد من التغيير العميق في ذهنية المجتمع في اتجاه تحرري حضاري يواكب متغيرات العصر - أي إحداث تغيير فعلي في وعي المجتمع وابدال مفاهيمه حول العلاقات الاساسية بين الانسان وغيرة من الناس وبينة وبين الواقع الذي يعيشه, وبالتالي فإننا عاقدون العزم على التأسيس لثقافة جديدة في المجتمع تنطلق من مفاهيم وقيم العلم والفكر شاملة لكل الممارسات والعادات والمعتقدات العقيمة التي لم تعد تتماشى مع متغيرات الحاضر.

 

·         هل تعتقد أن القوى السياسية اليمنية مؤمنة بالدولة المدنية أم أنها تزايد بهذا المصطلح "الدولة المدنية" فقط؟

للأسف أن هذا المصطلح اصبح من اكثر المصطلحات استخداماً في وقتنا الحالي من قبل مختلف الشخصيات السياسية والحزبية والعسكرية القبلية والجماعات الدينية ورموز النظامين "السابق والحالي" وكل القوى التقليدية في بلادنا بشكل عام – حيث ان كل واحد منهم يؤكد ان مساعيه وتحركاته وانشطته جميعها تصب في سبيل تحقيق الدولة المدنية .. حتى اختلط الامر على العامة من الشعب فلم يعودوا يدركون كيفية التمييز بين انصار المدنية واعداءها – تجد الشيخ يستقل سيارته وخلفة سيارة اخرى بها عشرة مرافقين مدججين بالأسلحة يجوبون الشوارع العامة متجاوزين اشارات المرور يعتدون على هذا ويشتمون ذاك ويمارسون كل ماله صلة بالهمجية والفوضى والعبث, وتفاجأ بهذا الشيخ عندما يتحدث بشكل رسمي يقول وبدون أي حياء او خجل " نحن نسعى الى تحقيق الدولة المدنية الحديثة" – لذلك فإن المشكلة تكمن في أن غالبية هؤلاء يجهلون مفهوم المدنية بمعناة الصحيح .. لا يدركون ان المشيخة ومراكز النفوذ القبلي والمناطقي والاقتصادي والعسكري التي يمثلونها – تتقاطع مع المفهوم الحقيقي للمدنية, لا يعون ان التعصب الاهوج الديني والطائفي والتمييز العنصري والمناطقي والفئوي - ضد المدنية, لا يفقهون ان مخالفة القوانين والانظمة والقفز على الواقع وعمليات الاقصاء والتهميش والمصادرة لحقوق وحريات الاخرين وسياسة البسط والنهب والاحتكار الاقتصادي والمغالطات التي يتباهون بممارستها - ضد المدنية – لا يعلمون أن الدولة المدنية تعني أن يحكمها المدنيين وليس المشائخ او العسكر او رجال الدين أو المتنفذين, وتسود فيها المساواة بين الناس والعدالة في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين او الجنس او اللون او القبيلة وأن الجميع فيها سواسية امام القانون – لا يعرفون ان الدولة المدنية تحترم الحريات الفردية بشتى اشكالها وانواعها بما فيها حريه ممارسه الشعائر الدينية وحريه الاعتقاد, وانها ترفض تحويل السياسة إلى صراع حول العقائد الدينية أو الشرائع السماوية -  لذلك فان المشكلة تكمن في ان كل واحد منهم يفسر مفهوم المدنية على هواه وكما يقولون "كلاً يغني على ليلاه" .. وبالتالي فإن الادوات غير المدنية لا يمكن ان تنتج دولة مدنية .

 

·         ماهي المعوقات والصعوبات التي تواجهكم؟

ليست هناك اية معوقات نحن نمارس نشاطنا بشكل علني وواضح, والعائق الوحيد الذي يواجهنا هو عدم توفر الدعم المادي للحزب, فنحن نعمل بإمكاناتنا الذاتية, وكل من يعملون معنا يبذلون جهودهم بشكل طوعي, ومشروع الحزب جاء اصلا بمبادرات فردية وليس بإيعاز من جهة او طرف كان وبصراحة وبعكس ماهو متعارف عليه في ساحتنا السياسية اليوم نحن لسنا نتبع(إيران, ولا السعودية, ولا قطر, ولا تركيا, ولا النظام السابق, ولا أي شيخ, او تاجر, او أي شخصية أو جهة نافذة) وكل هؤلاء وغيرهم من الجهات ومراكز القوى التي تقف وتمول المشاريع السياسية في ساحتنا المحلية اليوم جميعهم في نظرنا حاملين لمشاريع تآمريه مقيتة ورخيصة لا علاقة لها بالهم الوطني ولا بالمطالب والاحتياجات الشعبية, ولا يسعون سوى الى تكريس ثقافة التخلف والحقد والكراهية ونشر كافة المفاهيم التي تجر البلاد الى المجهول – ولأننا لم ننجر ولم نوالي أياً منهم فإننا لانزال نعمل في ظل امكانات يمكن ان نقول عنها صفر - هذه الجهات لا يمكن ان تمنحك أي تمويل الا اذا ما حولت نفسك الى اداه تديرها وتسيرها في سبيل تحقيق مآربها واهدافها الشخصية - وبصراحة نحن نرفض التبعية وحريصون على عدم الوقوع في براثن التمويلات المشروطة, وقد اكدنا اكثر من مرة اننا بحاجة الى دعم وتمويل ولكن دون شروط, وذلك لاننا نريد ان نؤسس لمشروع سياسي وطني نقي مشروع للمستقبل للأجيال القادمة مشروع لاجل الانسان اليمني  ومن اجل ان يعيش بكرامة ويمارس حريته وحياته بشكل عفوي غير مأسور بإعاقات فكرية او ثقافية او مجتمعية – ذلك هو التحدي والعائق الابرز والوحيد الذي يواجهنا في الوقت الراهن, ونحن مدركون ان صعوبات جمة تنتظرنا في قادم الايام, لكننا ورغم كل ذلك متفائلون كثيرا وسنمضي قدما بمشروع الحزب الليبرالي اليمني مهما كانت التحديات والظروف, واملنا كبير في ان يلتف حولنا ويعمل معنا كل الخيرون من ابناء هذا الوطن.

المصدر : *نقلاً عن صحيفة "14 أكتوبر"

Total time: 0.0619