أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

رسالتي إلى القمة العربية الـ24 في ذكرى تأسيس الجامعة

- د/علي عبد القوي الغفاري *

في مثل هذا اليوم 22 مارس تم إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 ،وبهذه المناسبة تأتي رسالتي إلى القمة العربية العادية ال 24، متمنياً أن يأتي اليوم الذي تتحقق فيه الأهداف التي أنشأت الجامعة من أجلها  وخلال أيام معدوددة وتحديداً يومي الثلاثا والأربعاء القادمين تنعقد القمة العربية العادية  التي تستضيفها الشقيقة دولة قطر ، ووحده الأمين العام للجامعة العربية د/ نبيل العربي يعرف مستوى تمثيل كل دولة إلى هذا الإجتماع الذي يتم في ظل أوضاع إستثنائية تمر بها دول الجامعة بعد أن إندلعت في بعض دولها ثورات الربيع العربي التي أنهت وقضت على أنظمتها الدكتاتورية وكسرت حاجز الصمت والقهر الذي طال أمده  لتعبر الجماهير الكادحة والمحرومة بل والمسلوبة حقوقها  عن حاجتها للحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والكرامة الإنسانية .
دون شك أن الأوضاع العربية  لاتسر أحداً من المحيط إلى الخليج ، غير العدو الإسرائيلي  وحده هو الذي  يتشفى بالأوضاع ا لعربية حالكة السواد بسبب الخلافات وأجواء التنافر المخيم على الزعماء العرب جراء الأوضاع التي يمر بها وطننا العربي والتي ساهم زعماؤها وقادتها الذين لم يخلصوا لشعوبهم  مما أدى إلى إندلاع ثورات الربيع العربي في عدد من دول الجامعة
 .
لقد أنهت وقضت هذه الثورات وإلى الأبد سياسة القبضة الحديدية على حرية هذه الشعوب والتي إستولت  الأنظمة السابقة بفعل سياساتها القهرية على السلطة والثروة دون رحمة ، ولم تكتفي بذلك بل أنها  زادت في تماديها بانفرادها وكبتها لحرية وحقوق الأخرين التي أهدرتها  إلى أن ألغت أسمى مفاهيم المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان .

والجامعة العربية وهي تعقد دورتها العادية على مستوى القمة فإ ن اليمن الذي إحتفظ باسمه ( اليمن )عند إنشاء الجامعة العربية يوم 22 مارس عام 1945 وعند إنضمامه لهيئة المتحدة في 30 سبتمبر عام 1947 لم يغير إسمه ، وسيضل كذلك إن شاء الله ، وعلاقات اليمن بالدول العربية الشقيقة مبنية على الإحترام المتبادل ويشارك في كافة الأنشطة العربية ويعمل دون كلل مع الجميع بما يصون الأمة ويخدم المبادئ والأهداف ، فضلاً عن ميثاق الدفاع العربي المشترك  الذي لم نسمع عنه شيئ ،وقد حرصت اليمن أن عملت في مطلع العقد الأول من القرن الحالي أن إقترحت في قمة القاهرة على الإنعقاد الدوري سنويا للقمة العربية ، هذا المقترح يعد الأبرز الذي وافق عليه الملوك والرؤساء العرب وهكذا توالت القمم العربية كل عام بعد أن كانت عند نشوب الأزمات وأهمها الصراع العربي الإسرائيلي .

 لقد دخلت الجامعة العربية مرحلة جديدة أساسها الإيمان بالمتغيرات التي حدثت بفضل ثورات الربيع العربي  ومن الضرورة بمكان أن تعمل الجامعة على وضع آليات جديدة في العمل العربي المشترك وتكون الجامعة فاعلة في تقديم المشورات اللازمة لدولها  بما يضمن الإستفادة من الدروس والأحداث التي نشاهدها في مسرح السياسة العربية  ، وهي الأن  في طريقها لتحريك المياة الراكدة في العلاقات العربية العربية من خلال مواقفها المعلنة والمؤيدة لحرية المواطن العربي  الذي يطالب بالمزيد من الكرامة الإنسانية  ، فإنها من خلال ذلك تقف مع الجماهير صاحبة المصالح الحقيقية في ثورات التغيير ، وإن الجامعة بذلك تشعر بمسؤليتها تجاه الجماهير العربية المطالبة بأنظمة إقليمية عادلة  وصولاً إلى قيام الوحدة العربية الشاملة وهو الهدف الخامس للثورة اليمنية النابع من أن اليمن الذي عمل على تشطيره الإستعمار البريطاني عند إحتلاله لعدن عام 1839 قد أعاد وحدته في 22 مايو 1990.

وها هيالقمة العربية  التي تعقد في العاصمة القطرية  تتزامن مع بدء أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن الذي دون شك أن مؤتمر الحوار اليمني سيكون من أبرز ملفات جدول أعمال القمة ، كيف لا وقد عقد أبناء اليمن العزم أن المرحلة التي تمر بها بلادهم مرحلة حرجة وفي غاية الدقة ، وهناك إجماع عربي ودولي على إنجاح المؤتمر الذي تم تدشينه يوم 18 مارس الجاري بحضور معظم المكونات السياسية اليمنية من مختلف أنحاء اليمن والتي أجمعت وأجمع معها الأشقاء والأصدقاء في الشرق والغرب على أن خروج اليمن إلى بر الأمان  مما لايحمد عقباه هو مطلب دولي ، ويتوقف ذلك على قدرة وصدق وشفافية المتحاورين الذين أقسموا اليمين بأن يغلبوا مصلحة اليمن على كافة المصالح الحزبية والفردية والمناطقية والشللية  والمحسوبية والمنسوبية التي صبرعليها شعبنا ردحاً من الزمن فأوصلتنا إلى  ما نحن فيه ,


إن من أبجديات أعمال المتحاورين الوقوف بشجاعة  أمام أهداف شباب ثورة التغيير ، وعليهم أيضاً الوقوف بل والمطالبة بتنفيذ النقاط العشرين التي تقدمت بها اللجنة الفنية للحوار الوطني  والتي من خلالها  ومن خلال اللجان التي  سيتم تشكيلها في الأيام القريبة القادمة لوضع حلول للأسباب  التي أدت إلى الثورة  ومعالجة كل موضوع من جذوره وإيجاد الحلول اللازمة دون تأجيل أو إبطاء طالما والمجتمع الدولي قد برهن على صدق تعاونه من خلال مبادرة الأشقاء في الخليج وقدم  المجتمع الدولي مع أشقائنا في الخليج الدعم المادي ورغبته وحرصه على أن أمن  واستقرار ووحدة اليمن  وفقاً لما يتفق عليه المتحاورون نواب الشعب  و الهدف الأول  هو الخروج من عنق الزجاجة ، بما يضمن بديلاً ثورياً  منصفاً عادلاً لجميع القضايا وصولاً إلى  إقامة دولة يمنية حديثة تكون العدالة والمساواة والمواطنة المتساوية أساسها وأن تكون السلطة والثروة ملك الدولة وحدها .

  .
أنتهز هذه السانحة بالقول لأبناء أمتنا العربية أن النوايا اليمنية إن صدقت وغلبت مصلحة الشعب على بقية المصالح فذلك نصر من الله لليمن وللعرب، لأن القضايا المطروحة التسع في غاية الأهمية وتحتاج إلى موقف عربي  داعم ومساند للشأن اليمني الذي  يقف أمام خيارين  تقف القضية الجنوبية  على رأس هذه الخيارات التي إن أخلص المتحاورون وتعاونوا مع القيادة السياسية ممثلة بالرئيس هادي ومعهم عدد من الإخوة في الحراك سواءً الموجودون داخل الوطن أو خارجه في وضع النقاط على الحروف بحيث يتم معالجة كافة الأسباب وإعطاء كل ذي حق حقه والشروع بنفس الروح  في القضايا الثمان الأخرى بحيث تستغل الفرصة المتاحة والوقت الذي لايرحم وغضب المظلوم إن لم يعاد له إعتباره وحقوقه  المنهوبة والضائعة ، ومن خلال المعالجة يتم الإتفاق على الخطوات المؤدية لقيام الدولة اليمنية الحديثة والمنشودة التي نتمنى أن تكون دولة النظام والقانون التي لاتميز بين مواطن وآخر.

القمة العربية أمامها مجموعة من الملفات لابد وأن تنظر فيها بحكم أهميتها وخاصة الجرح الدامي في سوريا العربية الحبيبة وما يمكن أن تؤول إليه الحرب الدائرة بين النظام والجيش الحر وتدمير البنية التحية والموقف الدولي إزاء الأوضاع التي تزداد تدهوراً وهاهو ناقوس الخطر وشيك بعد تفجير جامع الإيمان في قلب دمشق الفيحاء وعدد القتلى تجاوز السبعون ألفاً أما البنية التحتية فكان الله في عون السوريين ، ودون شك أن ملفات كثيرة سيتم إستعراضها ، في مقدمتها  الأوضاع في الأراضي العربية المحتلة وعدم تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وزيارة الرئيس الأمريكي لإسرائيل ورام الله المتزامنة مع إنعقاد القمة ، وما أريد التأكيد عليه أن الحضور اليمني والمشاركة اليمنية الفاعلة  ممثلة بالرئيس هادي ووفده المرافق ستكون على مستوى الحدث من أجل إطلاعهم على مدى تنفيذ المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن والحوار الوطني في صنعاء ومنغصاته وهي كثيرة، و القادة العرب وإن كان عدداً منهم لن يحضر القمة إلا أن الشعوب العربية ممثلة بملوكها وقادتها  وعلمائها ومنظمات المجتمع المدني  في أنحاء الوطن العربي يتابعون التجربة السلمية اليمنية وحريصون على مد يد العون الذي يضمن وضع اليمن في مكانه الصحيح وأن اليمن لم تعد تلك الدولة الفاشلة بسبب إستشراء الفساد نسأل الله أن لايتكرر في اليمن مرة أخرى بالشكل الذي كان حتى لاتقوم ثورة جديدة ،  وما تصريح الدكتور/ نبيل العربي يوم تدشين الحوار إلا مصداقاً لقول الرسول الكريم الإيمان يمان والحكمة يمانية,

في الأخير لابد من الإشارة إلى دور سفارتنا بالقاهرة ممثلة بمندوب اليمن الدائم لدى الجامعة السفير/ محمد الهيصمي الذي أغنى بنشاطه الجم واتصالاته وعلاقاته بدوائر الجامعة ومندوبي الدول الشقيقة بكافة التطورات الجارية في اليمن  وعمل  منذ قيام الثورة دون كلل في توضيح مواقف القيادة السياسية اليمنية من خلال توجيهات المركز   فكان خير مندوب أن وظف ذلك بحكم خبرته التراكمية وحنكته السياسية بما يخدم  علاقات بلادنا بالدول الشقيقة  في إطار الجامعة العربية التي نتمنى لها بذكرى إنشائها الذي يصادف يومنا التوفيق بما يضمن إعادة هيكلتها برؤية  جديدة تمكنها من مجاراة الأحداث والتطورات أولاً بأول وأن تلعب الدور الوحدوي الذي لأجله قامت .
 
                               
* رئيس المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية .
 

Total time: 0.0471