يشهد المجتمع المعاصر موجةٌ غير مسبوقة من التطور والتغيير تمتد بظلالها لتشمل كافة الأبعاد السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والتكنولوجية، ولم يعد هناك ما يمكن وصفه بأنه ثابت؛ فكل ما حولنا أصبح يدور في فلك التطور والتغيير ولذلك كان لزاما على الدور الجديد للدولة فى اليمن ان تجعل التعليم والتنمية من الاولويات لديها ليكون هناك حملة وطنية واسعة لتطوير التعليم وتجويده كما فعلت الدول التى إهتمت بالتعليم من الصفوف الاولى وحتى الجامعة فكانت لتلك الدول معنا اخر بعد مضى سنوات من التعليم المتميز الذي به تتحقق التنمية البشرية الشاملة فى شتى المجالات المختلفة وبه تبنى الاوطان وتزدهر وبخاصة بعد ثورة التغيير التى شهدتها المنطقة العربية ومنها اليمن ..
وأمام هذه الموجه الكبيرة من التغيير والتطوير كان لابد للأساليب الإدارية أن تُغير فلسفتها الإدارية الحاكمة لتكون مناسبة مع الواقع الإداري الجديد الذي أفرزته هذه التغيرات والتطورات السريعة، الأمر الذي يتفق عليه المحللون وخبراء الإدارة العامة فيما يواجه البيئة المحيطة بأن نتائج هذه التغيرات سوف يؤدى حتماً في شكل مجموعة من الفرص والتهديدات ؛ والتي بدورها يمكن أن تشكل ما يمكن أن نطلق عليه عنق الزجاجة الذي تجعل المنظمات في مفترق الطرق... فإما إلي تقدم وازدهار، وإما إلي تدهور وانحدار، فإذا لم تسعى المنظمات إلى استغلال الفرص ومواجهة التهديدات أصيبت بالاختناق، وإذا نجحت في استغلال ما يتاح لها من فرص بلا شك أنها اهتدت إلى المسار الصحيح وخرجت من العنق الضيق إلى مجال أوسع وأرحب.
وقد أدى هذا التغير والتطوير إلى تحولات أساسية في إطار المفاهيم الخاصة بإدارة المنظمات الحكومية، فقد تحول الحديث من الإدارة إلى الريادة Entrepreneurship، ومن السيطرة المهنية والإدارية إلى سيادة العميل، ومن ضبط أو مراقبة التكاليف إلى إدارة الأداء، ومن زيادة كمية المخرجات إلى تحسين جودة الخدمات، ومن تقييم مدى سلامة الإجراءات إلى المساءلة عن النتائج ومستويات الأداء.
ونظراً للنجاح الملحوظ الذي سجله تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة في القطاع الخاص في ظل التنافس الاقتصادي والإداري بين المنظمات الحكومية ومنظمات إدارة الأعمال، فقد دفع ذلك إلى تبنى نفس معايير هذا النظام، ويعالج نظام إدارة الجودة الشاملة في المنظمات الحكومية المشكلات المزمنة التي تعانى منها الأجهزة البيروقراطية ، والتكلفة المتعاظمة لتقديم الخدمات للجمهور وما يصاحبها من إهدار للمال العام ، فالمنظمات الحكومية على وجه الخصوص تواجه تحديات حرجه أخرى مؤثرة يقع على قمة هذه التحديات الصورة الذهنية السلبية لدى المواطن العميل الرئيسي للمنظمة الحكومية بشأن مستوى جودة الخدمة التي تقدمها هذه المنظمة، وتتكون تلك الصورة الذهنية من خلال تراكمات تاريخية مستمرة ومتصلة بأداء المنظمات الحكومية وسلوكيات موظفيها.ومخرجاتها.
إلا أنه بتوسع الخدمات التي تقدمها الدولة للفرد مثل ( التعليم – الصحة – الأمن وغيرها)، كان من الضروري أن تلجأ الدولة إلى البحث عن دور جديد تستطيع أن تكون أكثر فاعلية في دعم التنمية المستديمة في مختلف المناحي؛ بهدف تحقيق تطلعاتهم وحقوقهم الاجتماعية والثقافية والصحية، وتهدف الحكومات من اهتمامها بالمنظمات العامة الخدمية إلى تحقيق ما يسمى في النهاية بالرضاء العــام public consent أي رضاء الجماهير .
ولذلك أصبحت التنمية البشرية اليوم محور اهتمام دول العالم المختلفة، سواءً كانت الدول على درجة كبيرة من التقدم أم نامية، وينبع هذا الاهتمام من أنها أساس التنمية بصفه عامة لذا أصبح من المسلمات أن التعليم عليه العبء الأكبر في إحداث التنمية باعتباره يشكل القاسم المشترك في عملية التخطيط لإعداد القوى البشرية.
وتحتل الخدمات التعليمية مكانة خاصة بين سائر الخدمات التي تتعلق بحياة الإنسان ؛ فالخدمات التعليمية حق دستوري لكل مواطن، كما أن ارتفاع المستوى التعليمي للفرد يساعد على تحقيق أهداف التنمية، فالتعليم يحظى بعناية فائقة ومتزايدة من قبل الإدارات الحكومية والدولية على حدٍ سواء نتيجة لازدياد الوعي بدورة وأثره في مستقبل الشعوب والأفراد ؛ ومع ترسخ الوعي بأهميته تدريجياً بين غالبية المجتمعات خاصة بعد أن تركزت عليه عملية التنمية البشرية، ويعتبر التعليم دعامة الأمن لأنه يسهم في بناء المواطن المستنير القادر على الإسهام بفاعلية في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولذلك فإن هناك إجماعاً عربياً رسمياً وشعبياً يؤكد أن التعليم أحد أبرز المدخلات لمستقبل أفضل، فلا يمكن تحقيق ديمقراطية بلا تعليم ولا يتصور أيضا تحقيق تقدم اقتصادي، وزيادة معدلات الإنتاج بدون تعليم ذات جودة عالية