نشرت صحيفة واشنطن بوست – نقلا عن وكالة أسوشيتدبرس تقريرا بعنوان: "إجتماع قادة الجامعة العربية يكشف عن النفوذ السياسي المتنامي لقطر" ، جاء فيه أنه بعد أن رحب أمس أمير قطر بالقادة العرب المشاركين في قمة الجامعة العربية إنتقل للحديث عن أولويات قطر: حشد مزيد من الدعم للمعارضة السورية ومساعدة الفلسطينيين من خلال جهود مثل الصندوق المقترح لحماية التراث العربي في القدس برأسمال قدره مليار دولار. لم يبد أحد دهشة تجاه تلك اللهجة الأبوية أو تجاه أحدث مبادرة مالية.
خلال سنوات قليلة تولت قطر دورا قياديا متناميا، كانت مصر تتولاه ذات يوم، وساعدت في إعادة تعريف الكيفية التي تتبعها الدول العربية في قياس حجم النفوذ والطموح.
أصبحت قطر الآن لاعبا أساسيا في كل التحولات التي شهدها الشرق الأوسط منذ الربيع العربي تقريبا، مستخدمة دبلوماسية دفتر الشيكات في حالات متباينة تراوحت بين الحرب الأهلية في سوريا ودعم ورش الحرفيين في إيطاليا، والتي تعاني بسبب الأزمة المالية في منطقة اليورو، وملاعب كرة القدم في فرنسا باعتبارها مالكة لفريق باريس سان جرمان. لكن النفوذ يأتي مصحوبا بالتوترات.
ظلت قطر توصف بأنها تتحلى بعبقرية متغطرسة في تعاملها مع دول مثل العراق ولبنان، حيث تعترض بعض الفصائل على صعود نجم الدوحة. كذلك فقد أثار تنامي نزعة قطر صوب الإستقلالية في صنع القرار مخاوف شركائها الخليجيين.
أيضا تواجه قطر، وكذلك الدول الخليجية الأخرى وتلك الحليفة للغرب، أسئلة بسبب دعمها لبعض انتفاضات الربيع العربي في حين تظل موالية للنظام الملكي المحاصر في البحرين. من الصعب حاليا أن توجد بقعة على خارطة الشرق الأوسط دون أن يكون لقطر صلة بها. خلال السنوات الأخيرة توسطت قطر في النزاعات القائمة بين الطوائف اللبنانية وحثت الحكومة السودانية على إجراء محادثات سلام في إقليم دارفور. مضت قطر لأبعد من ذلك فخرجت من صف شركائها الخليجيين وسمحت بإقامة مكتب تجاري إسرائيلي قبل أن تقوم بإغلاقه مطلع عام 2009 احتجاجا على الهجمات الإسرائيلية ضد غزة.
كانت قطر واحدة من قلة من الدول العربية التي قدمت مساعدة عسكرية خلال الهجمات التي قادها حلف ناتو ضد نظام القذافي، كما كانت تساعد في مد ثوار ليبيا بالأسلحة والأموال. في مصر أتاح سقوط مبارك المجال لرد الفعل القطري السريع حيث حازت قصب السبق على الدول الخليجية الأخرى بسبب علاقاتها طويلة الأجل مع تنظيم الإخوان المسلمين الحاكم حاليا. يكاد يكون لقطر صوت في كل ما يتعلق بالمعارضة السورية، وقد تزعمت أمس نقل مقعد سوريا في الجامعة العربية للإئتلاف الوطني المعارض.
قال محللون أن النظر إلى صعود نجم قطر كمجرد انتصار للثروة المفرطة هو بمثابة صورة غير مكتملة، فقطر تمثل تحولا في النفوذ العربي باتجاه نمط جديد إذ أنها دولة تتوسط معسكر الدول ذات الميول الغربية، لكنها أكثر رغبة في الشروع في تبني سياسات وخطط يمكن أن تزعج أمريكا.
من المرجح أن تسهم المبادرات كصندوق حماية هوية وتاريخ القدس، والذي تعهد أمير قطر بالمساهمة فيه بمبلغ 250 مليون دولار، في تعميق نفوذ قطر في أوساط الفلسطينيين، كما يمكن أن تمثل قطر بصورة غير مباشرة مزيدا من التحدي لواشنطن باعتبارها القوة الخارجية الرئيسية التي تتولى صياغة السياسات في خضم النزاعات الإسرائيلية الفلسطينية.