الشاب محمد أحمد عبدالجليل المحيا واحد من ألاف الشباب اليمنيين الذين قطعوا الاف الاميال مشيا على الاقدام على الحدود اليمنية السعودية للبحث عن لقمة العيش والرزق الحلال ، غير آبه بالمخاطر والتحديات التي قد تعترضه أثناء تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر.
اصرار الشاب العشريني للتخلص من حالة الفقر التي تعاني منها أسرته والعيش بكرامة قللت بنظره المصاعب التي واجته أثناء رحلته.
أدلف الشاب محمد إلى السعودية قبل ثلاثة أشهر متجاوزا تلك المخاطر يحدوه الامل لبناء مسبقل له ولأسرته التي لطالما حاولت معه مرارا لمنعه من القيام بتلك الرحلة ، لكنها تبوء بالفشل امام تطلع “محمد “واصراره على تغيير الوضع المعيشي لاسرته.
أنهى” محمد ” فصلا من فصول رحلة ” الكرامة ” فور وصوله عاصمة المملكة الرياض وهاتف أسرته ليبشرهم بنجاح رحلته في محاولة منه للتخفيف عنها القلق والخوف ليبدأ الفصل الاهم من رحلته بالبحث عن فرصة عمل.
حصل محمد على فرصة عمل في ورشة ” منشار ” لكنه لم يكن يعلم أنه سيفقد أحد أعضائه في هذا العمل والادهى من ذلك أنه لم يكن يتوقع أسلوب التعامل معه ومع زملائه بتلك الوحشية المجرده من الانسانية من قبل رب العمل .
في احدى الأيام وكالعادة استيقظ محمد مبكرا ليذهب الى العمل بجد ونشاط وحيوية ليمارس عمله على ذلك المشار ” الشئوم ” المسخر لقطع الحديد وتشكيله وغير ذلك، إلا أنه وبفعل غلطة ارتكبها ” محمد ” التهم ” المشار ” يده اليمنى وهو يقوم بعملية التقطيع،.
صرخ ” محمد ” باعلى صوته ” أسعفوني ” ” أسعفوني ” سمع زملاؤه تلك الاستغاثة فهرعوا إليه ، لكنهم لم يتجرؤ من إسعافه إلى المستشفى كونه مجهولا ” لايملك اقامة.
هول الوقف وستمرار نزيف الدم بشكل مخيف أجبر رب العمل اسعاف ” محمد ” إلى مستشفى الملك خالد ، هذا الموقف لرب العمل حاز على تقدير واحترام لدى “محمد” لكنه لم يدوم ذلك طويل ،، فما ان وصل ” محمد ” إلى المستشفى سمع رب العمل يقول للممرضين والقائمين على المستشفى انه عثر على الشخص ” محمد ” مصاب بحادث مروري وقام باسعافه كعمل انساني، لم يصدق ” محمد ” ماسمعه، وأصيب بصدمة ضاعفت الام إصابته.
تم تقديم الاسعافات الاولية لـ ” محمد ” لكنه فؤجي باحد الموظفين في المستشفى يدخل غرفته وبيده قيد من الحديد ويقترب من سريره ليضع جهة من ذلك القيد الحديدي في قدمه والأخرى بالسرير.
لم يستوعب ” محمد ” مايحدث له والتعامل معه بتلك الطريقة وهو على سرير المرض من اشخاص يحملون قيم الانسانية وأخوة في الدين والعقيدة.
ظل محمد مقيدا إلى سريره في المستشفى لأسابيع بتلك السلاسل الحديدية التي طالما قام بترويضها وتشكيلها اثناء عمله خدمة للتنمية في الجاره السعودية والتي يعتبرها “محمد” بلده الثانية ، وكان تلك السلاسل تثأر لنفسها منه ولم تقارقه طوال تلك الأسابيع الا بضع دقائق أثناء ذهابه إلى الحمام مرة واحدة في اليوم .
اخذت الحالة الصحية لـ ” محمد” تتحسن وبدأ جرح يده التي بترت من الكتف يلتئم فجاءه رب العمل الذي لم يزره منذ أوصله إلى المستشفى واطلق التهديد والوعيد بحق ” محمد ” إن تكلم بماجرى له وأجبره على التنازل عن كافة حقوقه .
أخذ الشاب الجريح تلك التهديدات على محمل الجد فرضخ لها فوقع بيده اليسرى على ذلك التنازل الظالم عن حقوق اليد المبتورة وصاحبها الذي توقع ان ذلك التنازل سيطوي نهاية رحلته الماسوية ولم يكن بحسبانه أنه مازال هناك مشاهد أخرى اكثر إثارة ودهشة ،فبعد أيام من مغادرة رب العمل غرفة محمد ظافرا بذلك التنازل الظالم دخل عليه شخص عرف بنفسه بأنه احد المسئولين في القنصلية اليمنية بالرياض فشكى له ” محمد ” له ماتعرض من معاملة سيئة في داخل المستشفى وخارجه وتفاءل بدور ايجابي للجهة الرسمية لبلاده ازاء الانتهاكات والتعسفات التي يتعرض لها المغتربون ، لكن ذلك التفاؤل قتل في اللحظات الاولى من ولادته عندما طلب المسئول في القنصلية اليمنية ” نحتفظ باسمه ” من ” محمد ” 1200 ريال سعودي مقابل إخراجه تصريح خروجه من المستشفى.
غادر ” محمد ” المستشفى تحت حراسة امنية مشددة لتوصله إلى سجن الترحيل ليتم نقله إلى بلده وأنهى الشاب محمد المحيا قصة رحلته الماساوية بوصوله العاصمة صنعاء ودخوله على امه التى أبيضت عيناها من الحزن والبكاء على فلذة كبدها والذي عاد إليها مبتور اليد مكسور الجناح.