عندما يصبح انتقاد الحاكم انتقاداً للوطن وانتقاد عالم الدين انتقاداً للدين وانتقاد شيخ القبيلة انتقاداً للقبيلة وانتقاد قائد عسكري انتقادا للجيش وانتقاد محافظ انتقادا لأسرة المحافظ وانتقاد قائد الحزب انتقادا للحزب .... عندما يحدث ذلك لا أجد تفسيرا لهذا غير أننا لم نغادر بعد مربع العصبوية القبلية أو القروية والتفكير المنغلق مهما تغيرت عناويننا وألقابنا
طرأ لي هذا الخاطر وأنا أتأمل عناويين بعض الصحف المحلية في تهويلها للنقد السياسي الذي يطال محافظ محافظة تعز والربط بين نقد أداء المحافظ ونقد المجموعة التجارية التي ينتمي إليها والاستدلال ببعض العبارات التي قد يرددها بعض المدسوسين على المظاهرات أو المنفعلين، وانهمك بعض المحسوبين على المدنية والحداثة في تجريم أي كلمة نقد لشوقي هائل واعتبارها تحريضا على بيت هائل التجاري ويتصاعد الارهاب الاعلامي ليحاصر أبسط حقوق حرية التعبير، وما يجب أن يدركه الجميع أن شوقي هائل عندما أصبح محافظا لم يعد ممثلا لبيت هائل بل متصدرا للشأن العام ومسؤولاً عن إدارة مصالح الناس ومن حق الناس محاسبته ومراقبته دون افتراء أو كذب..
ثمة من يعتقد أن تعميق الصراع مع شوقي سيؤدي إلى تصدع العلاقة بين بيت هائل وحزب الاصلاح وما يجهله هؤلاء أن للإصلاح علاقته الراسخة مع مجموعة بيت هائل التجارية ولن تؤثر عليها البلبلة التي تتصدرها بعض المنابر الإعلامية ما لم تمنحها بعض المشروعية لأن هذه العلاقة كانت محل نقد من بعض المتباكين حاليا على بيت هائل، ولكن هذه العلاقة لن تمنع الاصلاح من النضال لتحرير شوقي من ضغوط عصابة النظام السابق واعادة الاعتبار لكوادر الاشتراكي والناصري والاصلاح وفق مبدأ الشراكة الوطنية ورفض أساليب عصابة النظام السابق في التحايل على الشراكة الوطنية أتمنى أن يواصل الإصلاح هذا النضال ملتحما بالجماهير وشباب الثورة الأنقياء ولو خذله بعض الشركاء.
ما يجب أن يدركه الجميع وتحديدا أعضاء المؤتمر أن تعز لا علاقة لها بالواقع الاجتماعي الذي فرض عملية تتقاسم السلطة معه وعدم اخراجه من السلطة ولو كانت الأوضاع في اليمن مماثلة لواقع تعز لما وافقت قوى الثورة على بقاء المؤتمر في الحياة السياسية ولكان مصيره مصير الحزب الوطني المصري، لقد أبقت الثورة في اليمن على المؤتمر لاعتبارات لا علاقة لتعز بها ومع ذلك يبدو المؤتمر في تعز أكثر جهلا بهذه الحقيقة وانشدادا إلى الماضي الإقصائي، قبلت الثورة مناصفة السلطة معه وهو يصر على احتكارها والالتفاف على استحقاقات الشراكة الوطنية واستخدام المليشيات في فرض احتكاره للسلطة، والاستحضار الاعلامي لعلي محسن وحميد الأحمر من أجل تزييف الصراع الحقيقي و ممارسة التضليل مع محاولة تفريخ القوى السياسية وشراء ولاءات المثقفين والصحفيين والتكرار السمج لاسطوانة الأنظمة السابقة في تخويف القوى السياسية من بعضها البعض وكلما طالب البعض بإقالة فاسد من عصابة النظام السابق واستبداله بأحد الكوادر الوطنية المستقلة أو المحسوبة على الاشتراكي أو الناصري ارتفعت أبواق التحذير من سيطرة الاصلاح على السلطة.
ولهذا لا غرابة بعد كل التضحيات التي دفعتها تعز من أجل الثورة أن يكون أول قرار تفرضه عصابة النظام السابق على المحافظ الجديد فصل الطالبات المؤيدات للثورة عبر لجنة علمية محايدة ونزيهة ومعايير كفاءات أشرف عليها المجلس المحلي.
وهذا ما يجعلني أوكد حق القوى السياسية في رفض لعبة معايير الكفاءات بعد الثورات مباشرة قبل عملية بناء الدولة بصورة توافقية لكونها مجرد حيلة لتثبيت عملية الاقصاء السابقة والمحافظة على كوادر الأنظمة السابقة التي تلقت اعدادا وتدريبا خاصا مع تهميش كوادر القوى الحية والفاعلة التي تعرضت للإقصاء والتهميش هذا ما فهتمه في تونس من ممثلي أحزاب التحالف السياسي الثوري التونسي حول أسباب رفضهم لحكومة التنكنوقراط واصرارها على المحاصصة الحزبية لإعادة الاعتبار للأحزاب السياسية الوطنية واجبارها على تحمل مسؤوليتها في التحول الديمقراطي.
لدى الاشتراكي والناصري والاصلاح كفاءات مهنية ووظيفية من قبل ان يولد المؤتمر ولكن المؤتمر خلال الفترة الماضية تعمد تهميش هذه الكفاءات وهو يتحكم الآن بالسلطات المحلية ويستخدم نفوذه السابق لفرض معايير كفاءات محددة لإعادة إنتاج نفسه ومن هنا تأتي أهمية الاصرار على رفض التحايل على الشراكة الوطنية تحت أي عناوين براقة.
عواقب تغييب الشراكة..تعز أنموذجا
اخبار الساعة - مجيب الحميدي