قال الخبير العسكري والطيار العراقي السابق العميد سلمان العجيلي إن الاحتمالات التي تؤدي إلى سقوط أي طائرة إما طبيعية نتيجة الظروف الطبيعة التي يدخل ضمنها العمر الافتراضي للطائرة وأخرى فنية التي قد تكون بفعل فاعل وتعتبر التهديدات الأرضية أهمها.
واعتبر العجيلي، في تصريحات لـ«المصدر أونلاين» من مقر إقامته في الولايات المتحدة الامريكية، أن الحالة الصحية للطيار تعتبر أهم نقطة في سلامة الطيران وعلى جهات التحقيق العودة أولا إلى السجل الصحي للطيار لمعرفة الأمراض التي كان يعاني منها بالإضافة إلى رتبته العسكرية وخبرته وعدد ساعات الطيران التي دونت في سجله.
والعميد العجيلي هو طيار عراقي ينحدر من قرية العوجة التابعة لمحافظة تكريت مسقط رأس الرئيس الراحل صدام حسين وتربطه به قرابة، وشارك في حروب الخليج الثلاث حيث كان إبان الحرب مع إيران قائداً لسرب طيران ميغ 23 وشارك في عدة لجان للتحقيق في حوادث طيران الميغ وتم طرده من الجيش العراقي بعد قانون اجتثاث البعث الذي أعقب الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة بعد التدهور الأمني الذي حصل في العراق ومنح حق اللجوء السياسي ويعمل حاليا فني جودة في أحد مصانع السيارات في الولايات المتحدة.
وحول حوادث سقوط الطائرات المقاتلة في سلاح الجو اليمني، قال «مدينة صنعاء محاطة بالجبال وعلى المحققين أن يأخذوا بأقوال شهود العيان فيما إذا كانت الطائرة قد اصطدمت بقمة جبل قبل انهيارها المفاجئ ومقتل الطيار»، فشهود العيان حسب العجيلي وسيلة أسهل للتعرف عما إذا كانت الطائرة تحترق أو شوهد دخان يتصاعد منها قبل سقوطها وما إذا كان هناك أي جسم أرضي قد تحرك باتجاهها أو سمع دوي إطلاق نار من المحيط الذي سقطت به أو قريب منه، ومعرفة طبيعة الواجب المناط بالطيار تنفيذه، حسب قول العجيلي، شيء مهم في مراحل عملية التحقيق لمعرفة هل كانت الطائرة مسلحة أم لغرض التدريب أم طيران اعتيادي أو فحص جوي أو أسرع من الصوت, وكذا طبيعة المنطقة والارتفاعات التي حلق عليها الطيار من خلال محطات الرادارات الموجودة في الجبال.
وأضاف «الصندوق الأسود يعتبر الحلقة الأهم وليس كل المسالة لأنه عادة في الطيران المحلي تكون المحطات الأرضية خاصة مركز التحكم والسيطرة الموجود في القاعدة الجوية أو ما يسمى بــ«الإيه تي سي» لديها معلومات كافية عن ارتفاعات الطائرة ومناطق تحليقها بالإضافة إلى التسجيلات الصوتية للاتصالات التي جرت مع الطيار أثناء تحليقه منذ الإقلاع إلى لحظة فقدان الاتصال به.
وفي رأي العجيلي فإن فريق التحقيق يجب أن يشمل كوكبة من الطيارين والمهندسين وخبراء الملاحة الجوية ذوي الرتب العالية من الذين لديهم الخبرة والمعرفة الكافية بمثل هذه الأحداث ومارسوها تطبيقا ويشترط أن يكونوا مختصين في نفس نوع الطائرة المنكوبة.
وأشار العجيلي إلى أن عملية التحقيق متسلسلة ولا يمكن فصل خطوة عن بعضها, فبعد أخذ الصندوق الأسود أو جهاز (السارب) وتحميضه وعرضه على الطاقم التحليلي, والاستناد إلى السجل الصوتي الموجود في القاعدة الجوية الرئيسية وأخذ محتوى السجل من الرادارات المنتشرة على المرتفعات المحيطة بالمنطقة وكذا الاستناد إلى ملف الطائرة والسجل الفني الخاص بها لمعرفة عمرها وعدد ساعات طيرانها وعدد المرات التي خضعت فيها للصيانة، والطيارون الذين تناوبوا عليها مع الأخذ بأقوال شهود العيان في المنطقة الذين تمكنوا من مشاهدة الطائرة قبل وأثناء سقوطها.
وقال «بعد تلك الخطوات هناك خطوة مهمة لا يستطيع فريق التحقيق تخطيها إلا بالاستعانة بجهاز الاستخبارات العسكرية التابعة لسلاح الجو لمعرفة توجهات الطاقم الفني المخول بالصيانة والفحص الدوري للطائرات وعلاقتهم بالطيار وما إذا كان لدى الطيار خلاف شخصي أو عائلي أو حزبي مع أحد أفراد هذا الطاقم لان تخريب الطائرة قد يكون الغرض منه التخلص من الطيار أو التخلص من الطائرة بهدف إضعاف سلاح الجو للدولة وهذا الأمر -إن وجد- فهو يعني أن هناك أيد خارجية مستفيدة من هكذا عمل».
وعن السلاح الذي يحتمل أن تسقط به الطائرة، قال العجيلي إنها إذا كانت تحلق على ارتفاع اثنين كيلو متر فما دون فيمكن إصابتها بمدفع رشاش 23 ملم وهو سلاح يمكن أن تمتلكه بعض الجهات والمليشيات في اليمن، أما إذا كانت على ارتفاع أربعة كيلو مترات فما فوق ففي هذه الحالة لا يمكن أن يسقطها سوى صاروخ الــ«سترلا» المحمول على الكتف وهو سلاح خفيف بحجم قاذف الـ«آر بي جي7» يمكن استخدامه من أبسط نقطة في أي حي سكني أو من على سطح أحد المنازل وهو معروف بأنه لا يحدث انفجار أثناء انطلاقه لكنه يعرف من خلال الحارق الخلفي الذي يخلف عموداً دخانياً يمكن مشاهدته بوضوح في نطاق واسع.
واستطرد «وإذا كان ارتفاع الطائرة 1500 متر فما دون ذلك فيمكن إصابتها بقاذف الـ(آر بي جي 7) ولا يكون ذلك إلا عن طريق أناس محترفين وفي حالات خاصة».
وتوقع العجيلي، نظراً للسقوط المتتالي للطيران العسكري اليمني روسي الصنع، أن يكون ذلك ناتج عن فعل فاعل والأمر في هذه الحالة يعود للطواقم الفنية المسؤولة عن جهوزية الطائرة وإعدادها للإقلاع, فهي، أي الطواقم الفنية تستطيع إعطال بعض المنظومات الحساسة التي تظهر نتائجها بفترة وجيزة بعد إقلاع الطائرة كمنظومة الوقود على سبيل المثال لا الحصر التي تتكون من عدة مراحل فالمرحلة الأولى ممكن أن تعمل بشكل طبيعي والثانية كذلك والخلل قد يظهر في المرحلة الثالثة التي قد يقوم أحد الفنيين قاصداً التخريب بفصل الإشارة الضوئية الخاصة بهذه المرحلة بحيث تتعطل تماما وعندها يمكن أن ينتهي الأمر بالطائرة إلى السقوط.
وفي حالة استهداف الطيار، قال العميد العجيلي إن أي فني -مخرب - ممكن يقوم بفصل صواريخ كرسي القفز الخاص بالطيار لكي لا يستطيع الطيار النجاة وبالتالي سقوطه مع الطائرة والخلل الفني المتعمد قد يحدث بعد إقلاع الطائرة بعشرين الى ثلاثين دقيقة.
وذكر العجيلي أن حوادث مماثلة لسقوط الطائرات اليمنية حدثت في العراق في عهد الرئيس الراحل صدام حسين خلال حربه مع إيران وتبين بعد التحقيقات أن بعض الفنيين كانوا وراء ذلك فتم محاكمتهم وإعدامهم.
وأوصى بدراسة تاريخ القوات الجوية أثناء التحقيق في أي حادث, فالنزاعات التي حدثت أثناء الثورات المتعاقبة والحروب في اليمن لا يجب إغفالها لاسيما وقد كان هناك خاسر ومستفيد والفريق الخاسر دائما يفتعل المشاكل لإعادة العجلة للوراء، حسب تعبيره.
ونوه العميد العجيلي إلى النتائج التي قد يخرج بها فريق التحقيق وما إذا تبين من خلالها بأن صواريخ القفز الخاصة بالطيار كانت سليمة فهذا يعني أن الطيار أصيب بحالة إرباك نظرا لوجوده فوق حي سكني أو قد يكون أصيب بحالة فقدان للوعي ما أدى لعدم تمكنه من النجاة.
وفي حالة انطفأ محرك الطائرة يقول بأن الطيار لديه فرصة للنأي بالطائرة عن المناطق السكنية أو العودة إلى القاعدة الجوية إذا كان قريبا منها وذلك حسب الارتفاع الذي يطير فيه والسرعة أيضا, فإذا كان ارتفاع الطائرة 1500 متر مثلا وانطفأ المحرك فجأة, فلدى الطيار فرصة لإعادة تشغيل الطائرة ثلاث مرات اعتماداً على بطارية الطائرة وفي كل مرة يحاول تشغيل الطائرة يفقد جزء من البطارية وإذا لم يعمل المحرك في المرة الثالثة هنا يتوجب على الطيار القفز إذا كان ارتفاعه منخفضاً.
واعتبر أن «الأمر في النهاية يعود للطيار نفسه نظرا لخبرته وعدد ساعات طيرانه وتمكنه من التحكم بطائرته فهو يستطيع في حال كانت الطائرة مسرعة نحو الأسفل أن يحول السرعة إلى ارتفاع ومعها يستطيع إبعادها عن الأحياء السكنية أو العودة بها إلى القاعدة الجوية ويستطيع الحصول على فرصة للنجاة.
وطائرة السوخوي 22 التي سقطت في صنعاء قبل يومين هي طائرة إسناد جوي قريب أسرع من الصوت ذات الجنح السهمي المتحرك تعادل الميغ 23 -تقريباً- بالحداثة والعمر وحمولتها أربعة أطنان ويوجد بها سبع حاملات، ثلاث حاملات على كل جنح والحاملة الرئيسية في الوسط وقد تحمل صواريخ أو قنابل أو براميل وقود حارقة.
والعميد العجيلي هو طيار عراقي ينحدر من قرية العوجة التابعة لمحافظة تكريت مسقط رأس الرئيس الراحل صدام حسين وتربطه به قرابة وشارك في حروب الخليج الثلاث حيث كان إبان الحرب مع إيران قائدا لسرب طيران ميغ 23 وشارك في عدة لجان للتحقيق في حوادث طيران الميغ وتم طرده من الجيش العراقي بعد قانون اجتثاث البعث الذي أعقب الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003 ثم هاجر إلى الولايات المتحدة بعد التدهور الأمني الذي حصل في العراق ومنح حق اللجوء السياسي ويعمل حاليا فني جودة في أحد مصانع السيارات في الولايات المتحدة.