تأتي هذه الذكرى فيحتفل جزء من الوطن بها ، ويتغنى يمجدها ويحتفل الجزء الآخر -- أو بعض منه -- بطريقته مطالبا بفك الإرتباط...والعجيب الغريب أن هناك من يتسابق في مجلس الحوار ومن بعض الأحزاب للتنظير للفدرلة والأقلمة "الأقزمة"
وكأن الوحدة هي السبب في الفوضى التي عاشتها البلاد ردحا من الزمن،وكأن الوحدة هي السبب في قطع الكهرباء المتواصل ، وكأن الوحدة هي سبب شقاء ومعانات 3 مليون مغترب في العربية السعودية ، وكأن الوحدة هي سبب التقطعات والسطو، والهنجمة القبلية والحزبية، وكأن الوحدة هي سبب انتشار التعصب المذهبي في دولة عرفت التعايش المذهبي لأكثر من 12 قرنا من الزمان !!

على هؤلاء المنظرين للفدرلة والأقلمة أن يتقو الله في وطنهم وأمتهم ووحدة أرضهم ، فالوحدة ليست السبب الذي أوصل الأمة إلى هذه الحال الذي لا ينافسنا فيه أحد، وليست الوحدة من سبب التنافر بين الأخوة شمالا وجنوبا ،
بل الحكم الظالم، وعدم المسواة في المواطنة، والفساد الذي استشرى في مفاصل الدولة المختلفة، ونهب المتنفذين لمقدرات الدولة، والتخريب الممنهج لكل ما يقود إلى دولة مدنية ، ومحاربة أي توجه صادق يهدف لا نتشال المجتمع من براثن التخلف، وخضوع التعيينات للمناطقية والفئوية والحزبية وليس للقدرة والتمكن، هذه هي بعض الأسباب الحقيقية،وليس الوحدة الطاهرة، فهل من نظرة حصيفة للأمور قبل أن نجد أنفسنا -- نحن الأخوة -- مفدرلين أو مؤقلمين ؟