بإعلان القاعدة تبني العمليات الانتحارية التي شهدتها الجوف وصعدة الأسبوع الماضي وضع التنظيم حداً للتحليلات التي سبقت تبني العملية والتي كانت معظم مؤشراتها تدل على وقوف القاعدة وراء العمليتين لعدة أسباب نوضحها في سياق هذا المادة .
القاعدة ورغم إعلانها تبني عملية الجوف وتوعدها بمزيد من العمليات ضد الحوثيين إلا إن ذلك لم يغير من موقف الحوثيين واتهاماتهم المخابرات الأمريكية والإسرائيلية بالوقوف وراء التفجير الانتحاري الذي استهدف موكبا قبليا من أبناء محافظة مأرب في منطقة آل مزرو محافظة صعدة صباح الجمعة الماضية.
وقال الناطق باسم الحوثي في تصريح لقناة الجزيرة إن من قام بذات عملية يوم الأربعاء في محافظة الجوف واستهدف تجمعا للحوثيين هو ذاته من نفذ الهجوم في صعدة.
وكان الشيخ مبارك المشن الزايدي الذي يشغل منصب مستشار وزير الداخلية، أعلن في زيارة سابقة لضحيان الولاء للحوثي، على رأس الوفد القبلي للمشاركة في تشييع جثمان الزعيم الروحي للحوثيين بدرالدين الحوثي الذي أُعلن وفاته الخميس الماضي ووري الثرى الاثنين بضحيان.
ويعد التفجير الثاني من نوعه في غضون أيام ثلاثة، استهدفت سيارة مفخخة من نوع فيتارا موكبا للحوثيين في محافظة الجوف الأربعاء 24 نوفبر، ما أسفر عنه مصرع مالايقل عن 20 شخصا وإصابة عشرات الحوثيين.
وقال عبدالسلام أن الهجوم ليس استهدافا للحوثيين بشكل مباشر معتبرا أن من سقط في عملية صعده من أبناء قبائل مأرب، ومن سقط في عملية الأربعاء من أبناء قبائل الجوف. مؤكدا أن هدفها إدخال البعد الطائفي والمذهبي ضمن الأطماع الأمريكية والإسرائيلية ووقف المناسبات الدينية وخلق الفوضى واستهداف حياة المسلمين.
صدى الانفجارين
الأجهزة الأمنية سارعت إلى إدانة الحادثين عبر اللجنة الأمنية العليا ، فيما قالت مصادر أمنية إن الهجومين يحملان بصمات القاعدة، وهو ماذهبت إليه مصادر محلية بالإشارة إلى أن هجوم الجوف بمثابة ردة فعل من طرف القاعدة أخذا للثأر نظرا لأسر الحوثيين عناصر من إتباعها سلمتهم للدولة نظير مكافأة مالية بلغت عشرة ملايين ريال.
وعلى صلة بالحادثين حذر ملتقى أبناء شباب بكيل الحوثيين والقاعدة ودعاهما لمغادرة محافظتي الجوف وصعدة، داعيا في بيان صدر الجمعة الماضية كافة الشخصيات الاجتماعية والمشائخ والمواطنين في محافظتي صعدة والجوف إلى القيام بواجبهم في مواجهة مثل هذه الأعمال الإجرامية التي تنتهجها القاعدة وتسعى إلى تحويل المحافظتين إلى مسرح للعنف الطائفي.
واعتبر الملتقى هذا العمل ابتكارا جديدا للقاعدة في المحافظتين ومحاولة لشق الصف دون التفريق بين عدو ومواطن أعزل، وحمل القاعدة مسؤولية الهجومين الانتحاريين ودعا القاعدة والحوثيين إلى لملمة اغراضهم ومغادرة المحافظتين وعدم تصفية حساباتهم على حساب ارواح المواطنين.
من جهتها هاجمت صحيفة إباء الالكترونة المقربة من الحوثيين من وصفتهم بالوهابيين في تناولها للحادثة الجمعة الماضية.
واتهم الحزب الديمقراطي اليمني السلطات بالوقوف وراء تفجيرات صعدة حيث اعتبر الأمين العام للحزب الديمقراطي اليمني سيف الدين الوشلي ان بدء مسلسل السيارات المفخخة والتفجيرات التي تستهدف الحوثيين يؤكد وجود بصمات نظام صنعاء الذي يقف وراء هذه الهجمات لإدخال البلد في صراعات طائفية.
وقال الوشلي في مقابلة مع قناة العالم الإخبارية ذات يوم الحادث: إن النظام اليمني يسعى للهروب من المأزق الذي أصبح يعيشه، وان مسلسل التفجيرات مخطط جديد وخبيث ولم يستبعد كذلك وجود مخططات خارجية سواء من قبل الأميركيين او الإسرائيليين.
الوشلي انتقد بشدة اداء السلطات اليمنية فيما يخص الاحداث الاخيرة معتبرا ان القاعدة هي اداتها المباشرة لتنفيذ مثل هذه الاعتداءات واضاف: ان ادوات نظام صنعاء واميركا واسرائيل للقيام بمثل هذه الاعتداءات هي تنظيم القاعدة ونحن نعتقد ان القاعدة في اليمن جزء من النظام، صنعته المخابرات الاميركية والاسرائيلية بالتعاون مع النظام اليمني ـ الامر الذي يتسق مع توجهات ورؤى الحوثيين حيال الحادثين.
وفي هذا السياق أيضاً قالت المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية، المعنية بالدفاع عن معتقلي حرب صعدة، في بيان وزعته الاثنين 22 فبراير، إن المعتقلين بذريعة أحداث صعدة تعرضوا للضرب المبرح من قبل عناصر متهمة بالانتماء للقاعدة، باستخدام أدوات حادة من المفترض عدم توافرها داخل السجون مثل السكاكين والهراوات، ما أسفر عن إصابة العديد منهم بجروح، حسب للمنظمة.
واتهمت السلطة بالاتكاء على ثقافة الكراهية والتحريض حسب البيان: كما تنبه المنظمة إلى خطورة ثقافة التحريض والتطرف وثقافة الكراهية التي تمارسها السلطة في المساجد والمدارس والإعلام للتحريض المذهبي، والتي انتقلت إلى الأجهزة الأمنية للتحريض بين المعتقلين أنفسهم والمختلفين مذهبيا بتهمة الحوثية أو الانتماء للقاعدة ودعم طرف ضد طرف آخر بهدف اكتمال صورة الاعتداء والتعبئة ضد الآخر.
بذور صراع الحوثيين والقاعدة
يمكن في هذا السياق الإشارة إلى ما كشفت مصادر قبلية حول تشكل مايشبه مثلث مواجهة للقاعدة في صعدة يضم ثلاثة أطراف جماعة الحوثي والسلطات اليمنية وكذا الأجهزة السعودية باعتبارها عدو مشترك للجميع وبمباركة أمريكية.
وكشفت المصادر التي فضلت عدم الكشف عنها عن اجتماع عقد في إحدى الدول الغربية أعقب إعلان وقف الحرب السادسة وضم ممثلين عن الأطراف المشار اليها اتفقت فيه على توحيد الجهود لمواجهة القاعدة ومناصبتها العداء بكل السبل المتاحة، مستندة الى انطلاق حملة حوثية ضد القاعدة أعقبت الإجتماع وبشكل مفاجئ وغير مسبوق.
وخلال الفترة التي أعقبت إعلان وقف الحرب السادسة، بدأت جماعة الحوثي شن حملتها المناهضة للقاعدة ومهاجمتها عبر عبارات رسمت على الجدران المشرفة على الطرقات العامة وشملت الأسواق ومراكز المدن ومختلف الطرق من سفيان وحتى البقع ومنفذ علب الحدودي، مخالفة بذلك ما كانت عليه في الماضي.
وخرج عبدالملك الحوثي قائد حركة الحوثيين في محافظة صعده بالعديد من الاتهامات التي كالها ضد تنظيم القاعده مطلع اغسطس الماضي، اعتبر ان القاعدة أداة إستخباراتية بيد أمريكا وإسرائيل، وقال الحوثي: هذا ما نؤمن به وتثبته الدلائل، وعلاقة رموزه القديمة بأمريكا معروفة من أيام أفغانستان والاتحاد السوفيتي سابقا، واضاف قوله وهذه الأداة تلعب لعبة قذرة وإجرامية، الغاية منها تشويه الإسلام وخلق الذرائع لأمريكا لاكتساح شعوب المنطقة إضافة إلى مباشرة الإضرار بالشعوب وارتكاب الجرائم بحقها.
واتهم القاعدة بالتنسيق مع الاستخبارات لحكومات المنطقة وبشكل واضح، وقال الحوثي في حوار نشر على الموقع الالكتروني لحركة الحوثيين أن الوعي تجاه هذه اللعبة والمؤامرة كفيل بإفشالها والوقوف صفًّا واحدا في مواجهة ألاعيبها حتى لا يكون المجتمع حاضنا للشر، حسب وصفه.
القاعدة ترد
من جهته أعلن تنظيم القاعدة أواخر سبتمبر الماضي اسر نقطة تفتيش تابعة لمسلحي الحوثي بمحافظة الجوف اثنين من عناصره وتسليمهما للدولة وهي ما اعتبرها التنظيم إطلاق شرارة المواجهة مع الحوثيين أعقبت حملتهم المكثفة على التنظيم، بينما تمكن صالح التيس من الإفلات بعد إصابته في اشتباك بالأسلحة مع الحوثيين.
جاء ذلك في سياق بيان تبنى فيه تنظيم القاعدة مسئوليته عن اختطاف نائب مدير الأمن السياسي المسؤول الأول عن ملف القاعدة بصعدة العقيد علي محمد الحسام، وأمهل حينها الحكومة 48 ساعة لكشف مصيره مقابل الإفراج عن حسين التيس ومشهور الأهدل، أكد أنهما أُسرا من قبل الحوثيين، الذين وصفهم بـالروافض، متهماً الحوثيين بتسليمهما إلى مدير الأمن السياسي بصعدة.
وتسبب الحادث في اشتعال وتيرة الصراع بين القاعدة والحوثيين منذ سبتمبر الماضي، وبخاصة اثر فشل التفاوض مع جماعة الحوثي لتسليم التيس والأهدل، ورفضت المساعي حسب مصادر مقربة، وفضل الحوثيون تسليم الشخصين للأجهزة الأمنية مقابل مكافأة مالية بلغت عشرة مليون ريال، وهو الأمر الذي اعتبرته المصادر احد صور مثلث التعاون بين السلطة والحوثيين بمباركة سعودية، غير أن السلطة لم تعر مطالب القاعدة أي اهتمام حيال الافراج عن العنصرين المشار اليهما وحتى بعد خطفها للحسام ومؤخرا قامت قبائل من آل عباده باحتجاز ممثل الجانب السعودي بمستشفى السلام ظافر الشهري ضغطا للإفراج عن سجينها في الأمن السياسي بصنعاء عبدالله حسين عباده، وأفرج عن الطبيب اثر تدخل من مشائخ وايله التي التزمت بمتابعة الأمر.
الصراع الفكري
وأعاد مراقبون تفاقم الوضع بين الطرفين إلى الممارسات التعبوية الفكرية ضد الآخر والتي ينتهجها كل من تنظيم القاعدة وجماعة الحوثي داخل أطرهما الداخلية.
ويظل اللافت في الأمر احتدام الصراع وتسارعه بين القاعدة والحوثيين حيث امتد ليطال سجناء الطرفين داخل سجون الأمن السياسي، ونقلت مصادر متطابقة حدوث اشتباكات دامية بالأيدي بين معتقلي القاعدة والحوثيين داخل غرف سجن الأمن السياسي بالعاصمة صنعاء، اعادتة منظمات حقوقية إلى تعبئة فكرية تنتهجها السلطات اليمنية.
واتهمت قبائل وايلة بصعده الحوثيين باختطاف الشيخ هادي التيس الوايلي الجمعه 19 نوفمبر من مزرعتة في منطقة بني معاذ مديرية سحار، ومع انه تمكن من الإفلات من قبضة الحوثيين بعد ثلاثة أيام من اختطافه بتسهيل من بعض الموكلين بحراسته حسب مصادر محلية، ألا أن عمليات اختطاف تبادلت بين قبيلة وائله والحوثيين، حيث قامت قبيلة وائلة باختطاف ثلاثة من عناصر الحوثي سعيا للضغط لتحرير الشيخ المخطوف، لترد جماعة الحوثي باختطاف ثلاثة من افراد قبيلة وايلة.
والشيخ هادي التيس والد صالح التيس المتهم دون قبيلته بالانتماء للقاعدة والوقوف وراء اختطاف نائب مدير الأمن السياسي بصعده منتصف رمضان الماضي للضغظ لإطلاق سجناء لدى الدولة.
ومن خلال دراما التصعيد بين الجانبين يبدوا الطرفان الحوثيون والقاعدة يساقان إلى مواجهة مفتوحة وربما دون إدراك لخطورة الأرضية الخصبة الجالبة لذلك والتي قد تجر إلى صراع دامٍ وفتنة ماحقة تضع البلاد بأكملها على شفا الهاوية