أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

دراسات وبحوث وتصريحات هدفها التضليل

- العميد المتقاعد برهان إبراهيم كربم

 قُدر لنا أن نرى بأم العين تردد, أو تخبط, أو مكر, أو نفاق بعض الساسة والانظمة والحكومات والزعماء.
وفي ظل هذا الكم من هؤلاء, مضافاً إليهم أدواتهم الرخيصة من بعض وسائط الاعلام  المقروءة والمرئية والمسموعة, وبعض مراكز الدراسات والبحوث,  باتت الازمات والمشاكل تزهو بتيه وخيلاء وغرور, وهي تكشف لنا عن مفاتنها من الأحزان والنكبات والآلام والدمار وزهق الارواح, والتي تبكي وتدمي القلوب.
تصريحات ومواقف بعض الزعماء, وما تنشره مراكز البحوث والدراسات, يدعوا للدهشة والعجب والاستغراب.

فمركز خدمة أبحاث الكونغرس الاميركي, أتحفنا بدراسته الجديدة, بعنوان النزاع المسلح في سوريا, والتي يبشرنا  فيها بمستقبل مظلم, تدعونا لليأس والقنوط, ويخدرنا بدراسته الرمادية. وهذا بعض ما جاء فيها:

•       النزاع في سوريا سيستمر, نتيجة غرق الاطراف في صراع دموي منهك ومرير.

•    وأن هناك قلق وخوف كبيران في أوساط السلطتين التشريعية  والتنفيذية  الامريكيتين, من وصول الاسلحة لأيدي مجموعات ارهابية كجبهة النصرة في حال زيادة المساعدات, والتي تشمل الاسلحة, وإقامه منطقة حظر جوي محدودة فوق سوريا على الحدود مع الاردن.

•     وأن هناك المزيد من التصعيد في القتال في سوريا, قد يعرض للخطر تامين الاسلحة الكيمائية,  ومخزونات الاسلحة التقليدية,
•       والنزاع يؤدي إلى تهديد الاقليات. وقد يقود إلى نزاع إقليمي أوسع.
•        والروس يضربون تحت الحزام, في إطار سعيهم لإخراج الولايات المتحدة الامريكية من آسيا الوسطى بالكامل, لتليها جورجيا وأذربيجان. خاصة بعد أن صوت المشرعون في قيرغيزستان, لإغلاق القاعدة الجوية الامريكية في مطار ماناس, والتي ترغب واشنطن ببقائها  بعد خروجها من افغانستان.
ومثل هذه الدراسة الثعلبية تفتقد النزاهة والموضوعية وهدفها خدمة الادارة الاميركية في مواقفها من الاحداث.
أما معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى فمنهمك بنقل تصريحات حكام إسرائيل, وكل تصريح  ينقله لنا يتناقض وتصريحات سابقيه. فالمركز المذكور نقل تصريح لوزير الدفاع الاسرائيلي موشي بوغي يعلون. قال فيه:

•       تأتي عناصر تنظيم القاعدة من العراق إلى سوريا بهدف زعزعة استقرار سوريا ومن ثم لبنان, وبعدها الاردن والمملكة العربية السعودية, من خلال معاقلهم في سيناء, وبذلك يقومون بتطويق إسرائيل.
•       إن أسوأ نتيجة في سوريا هي وقوع حالة من الفوضى,  بحيث تشكل جميعها تحدياً لنا, وتحدياً للأردن, ولاستقرار المنطقة.

•       من الممكن انهيار فترة السلام النسبي التي تمر بها إسرائيل  في الآونة الاخيرة ,من جراء تمدد الصراع , وعدم الاستقرار مع جيرانها.
•       من أجل تجنب الخيار العسكري ينبغي دراسة جميع الخيارات الاخرى واستنفاذها. وهذا الكلام يتناقض ويتضارب مع ما قاله باراك ونتنياهوا وبيرس وباقي عصابة الارهاب التي تحكم إسرائيل, ويسارع مركز أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي, ليدلي بدلوه ويقدم لنا رؤاه ووصفته البلهاء, ويقول فيها:

•  السياسة الروسية تحدت الغرب ونجحت, وتحديداً في كل ما يتعلق ببقاء الرئيس الاسد في منصبه.
•       المعركة حول سوريا تحولت إلى معركة دولية.

•      النزاع بين موسكو وواشنطن  تحول إلى نزاع دولي, وبدأ هذا الصراع  يتأجج  في جميع أرجاء العالم, منذ بداية ما يطلق عليه تسمية الربيع العربي. وهذا الكلام هدفه السخرية من الادارة الاميركية و تهييجها لتعديل مواقفها من الصين والروس وإيران. وينضم موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي إلى هذه الجوقة, ليمارس الخداع والتضليل, وليقول:

•       لا يتوقع الخبراء العسكريون أن يصمد المتمردون أمام الجيش السوري أكثر من أواخر شهر آب,
•       ويرى المحللون الاستخباراتيون الامريكيون أن يذهب بوتين إلى أقصى الحدود في صراعه مع الولايات المتحدة الاميركية حول الشأن السوري. ويسارع مركز شتات ليصطف مع هذه الجوقة, ليدلي بدلوه هو الاخر, ويرثي حال فضائية الجزيرة ,ليقول:
•       صدمة وقلق يسودان موظفي الجزيرة على خلفيات التطورات السياسية في قطر, ومراسم تأبينيه  لبعض العاملين فيها, والبدء بإعداد حقائب السفر, فقد سرب قرار نقل السلطة إلى الإعلام الاجنبي فيما كانت الجزيرة آخر من يعلم. ما فسره البعض أن أهمية الجزيرة في العهد الجديد لن تكون كما كانت عليه في العهد القديم, خاصة  بعد تراجع مشاهديها, وعدم اتضاح دورها  المستقبلي. ومركز شتات يعلم أن فضائية الجزيرة, أنشأت أصلاً لتكون بوقاً إعلامياً يرفع من قيمة قطر, ويزيد من وزن قطر في المحافل الدولية ,ولتكون ساحة إعلامية للتطبيع مع العدو الصهيوني من خلال استضافة ساسته ومحلليه.
ومعهد كارنيجي هو الآخر يسارع  ليغمد خنجره في  ظهر أردوغان رئيس وزراء تركيا. متهماُ إياه:
•       أن أردوغان أساء فهم قاعدة الدعم الشعبي التي وفرت له نحو 50% من أصوات الناخبين.   وتحول سريعاً إلى حاكم مستبد, وأغفل عن قصد آراء المعارضين.  ومضى في تبني قوانين مثيرة للجدل, لقناعته أن أي خلاف, أو عدم الرضى عن سياسات الحكومة  ينبغي أن يحتكم فيهما إلى صندوق الانتخاب. وهذا الفهم المسطح للديمقراطية من قبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان  يشكل عبئاً.  فالديمقراطية لا يجوز اختزالها إلى مجرد آلية انتخابات.
وهدف كارنيجي من هذا الكلام  دعم عبدالله غول وتبرير انفضاض أوباما والقادة الاوروبيين عن دعم أردوغان.  ومركز رمادا الاستراتيجي ينضم لهذه الجوقة, ويتحفنا بسهامه التي يصوبها لبعض وسائط الاعلام. فيقول:

•  من العجيب أن تصف محطة  BBC تميم بن حمد بأنه يتمتع بمهارات دبلوماسية, وحضور إقليمي ودولي قوي, وهو ما روجت له BBC باعتباره داهية من دهاة السياسة العربية, رغم أنه لم يجرب بعد. ووسائل الاعلام الغربية تصفه بهنري كيسنجر العرب. والمؤكد أنه سيكلف بمهام الدهاء.
ومركز رمادا يقصد من هذا الكلام الاساءة للعرب حين يمجدون ما تنحته له بعض الفضائيات من أصنام.  وبعض الفضائيات راحت تشيد بخطوة الامير حمد حاكم  بالتنازل عن حكم قطر لنجله, وتعتبرها تجسيد لقيم الديمقراطية على أوسع شكل. ونست وتناست وحتى جهلت وتجاهلت, أن مثل هذا التصرف إنما هو إهانة لشعب القطر الذي لم يشاور أو يستشار أو يؤخذ قراره بالأمر. وحتى أن التنازل أقصى الابناء الأكبر للأمير ليعهد بمقاليد الامور إلى الابن الصغير. والديمقراطية براء من هذا تصرف حمد الذي يأبه كل منطق وعقل.
ووزير الخارجية الاميركية جون كيري  في أحد مهرجانات هرجه وتهريجه, يتصدق علينا بتصريح, يقول فيه:
•       لا يوجد حل عسكري للأزمة في سوريا, بل حل سياسي تفاوضي, على اساس بيان جنييف, لأنها ليست ليبيا والحالتان مختلفتان تماماً. ولا ندري  إلى متى سيثبت على هذا الكلام؟ وهذا التصريح لكيري جاء بعد أن جاءت تصريحات رئيس أركان الجيش الاميركي وأمين عام حلف الناتو مخيبتان لجهوده وجهود رئيسه. ولو جمعنا تصريحات جون كيري  القلق والتردد خلال ستة أشهر, ورحنا نحللها ونتأملها, لوجدناها فارغة ولامعنى لها على الاطلاق, وحصيلتها وتساوي الصفر, ولا يأمل منها الخير.
وأمين عام الأمم المتحدة السيد بان  كيمون بعد حيرة أكثر من عامين استقر أخيراً على رأي, عبر عنه بقوله:

•  أنا مقتنع  أن لا حل في سوريا إلا سياسياً, وأنوي الدعوة  لجنييف 2 بأسرع ما يمكن. ونحمد الله ان السيد  بان كيمون اهتدى لما يعتقد أنه الحقيقة, وأنهى حزننا عليه وهو تائه على دروب الازمات.
نقول بصريح العبارة لكل  من تنطح  ليتحفنا بدراساته وتحليلاته, الرمادية والسوداء أو ليفرض علينا من شخصه أولي أمر, أو صاحب قرار سياسي, بحكم منصبه السياسي رئيساً كان أم أميراً أو زير: دراساتكم الجوفاء, وتحليلاتكم الفارغة, ومواقفكم الرمادية والعرجاء, وتصريحاتكم المتناقضة,  دفعت بالعالم نحو عدم الاستقرار, ودفعت بكثير من الشعوب نحو أقصى المعاناة, فعلى يديكم تعطلت المنظمات الدولية والاقليمية من القيام باي دور. وتقاعست منظمات الاغاثة عن إداء مهامها في تقديم المساعدات الانسانية وأعمال الاغاثة لما أصاب الشعوب من سياساتكم الاجرامية والمتوحشة. ففقدتكم كل احترام, وبات ينظر إليكم على أنكم جهلة, أو أغبياء ,أو حمقى, وأنكم أشبه بذكور النحل لا فائدة  ترتجى  منها, وإنما مصدر لكل ضر وخراب ودمار. فالشعوب في كل مكان تريد وترغب وتتمنى وتسعى لتحقيق اهدافها واحلامها وطموحاتها من خلال:
1.      مراكز دراسات وبحوث تضع النقاط على الحروف, لا أدوات لتحقيق اهداف الامبريالية والاستعمار, وإيجاد الذرائع والمبررات لاحتلال بعض الدول بذرائع كاذبة ,كما حدث للعراق وأفغانستان.
2.      وسائط إعلام تنقل الاحداث والاخبار بأمانة, لا بنفاق  لتكون رديفاً لقوى الصهيونية والاستعمار.
3.      زعماء وساسة وإعلاميون يقودهم الضمير والوجدان, لا يقودهم أسيادهم كالعبيد, أو تقودهم شهواتهم  المريضة والقميئة في حبهم وعشقهم  للمال من ذهب وفضة ودينار ويورو ودولار.

4.  منظمات دولية وإقليمية تعالج المشاكل والازمات, لا من تلف وتدور حول المشاكل والازمات.

5.  جهود دؤوبة ومخلصة لإطفاء الحرائق المشتعلة, لا  ساسة يصبون  الزيت على النار لتزداد اشتعال.

6.    منظمات إغاثة تقدم كل عون  للنازحين والمهجرين, لا منظمات تتاجر بالمصائب والنكبات.
7.      تجسيد قيم الحرية والديمقراطية والعدل, لا تزييفها وتوظيفها لتحقيق بعض المصالح والترهات.
8.      تعزيز الامن والسلام  والطمأنينة في ربوع البلاد والعباد, لا نشر  الخوف والرعب والدمار والخراب.
9.      احترام إنسانية الانسان, لا المتاجرة بحقوق الانسان لخدمة مصالح شركات السلاح والنفط والمال.
10.     بناء مجتمع خال من المنغصات والاحزان والالآم, كي يبدع فيه الفرد في كل المجالات.
11.      مسؤولون يكافحون والمرض والغلاء وارتفاع الاسعار, لا مسؤولون يكافحونها بمعسول الكلام.
12.      سيادة منطق  وثقافة الحب والمحبة والتعاون والحوار, لا سيادة ثقافة ومنطق الكراهية والصراع.
       

  الأحد: 30/6/2013م                             

العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

bkburhan@hotmail.com

 

Total time: 0.0495