أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » حوارات ولقائات

ألبرفيسور والسياسي الألماني هشام حماد ليس ربيعاً هذا الذي نشهده إن لم تكن القدس هي بوصلته

- عباس عواد موسى
ألبرفيسور والسياسي الألماني هشام حماد 
 
ليس ربيعاً هذا الذي نشهده إن لم تكن القدس هي بوصلته 
نحن كالذي يستعين بسجانه على تحقيق حريته 
ألتغيير في سوريا ليست مهمة الغرب 
ألبرفيسور والسياسي الألماني هشام حماد   ليس ربيعاً هذا الذي نشهده إن لم تكن القدس هي بوصلته
لا أستطيع المقارنة بين بطش الأنظمة لنا كفلسطينيين وبين البطش الصهيوني الأكثر دموية 
 
درس طب الأسنان في جامعة بلغراد بيوغوسلافيا المفككة التي تلقيت فيها دراستي أيضاً وكان ناشطاً فلسطينياً بارزاً . تخصص وحصل على الدرجة العليا في تقويم الأسنان في ألمانيا ودرس في جامعاتها .
كان نائباً برلمانياً وقيادياً في حزب الخضر وكذلك في قمة لجان اتحاد مكافحة العنصرية . والدكتور الطبيب هشام لاجيء من قرية كفرعانا إحدى قرى منطقة يافا وهو نجل المرحوم سعيد بطل معركة الدبابة كما يسميه أهالي القرية فبعدما استولى على دبابة للعدو اعتلاها ليقاتل الصهاينة المجرمين . ولذا , ف هشام دبلوماسي صلب , عروبي حتى النخاع وفخور بإسلامه .  تعلمت منه الكثير أثناء زيارتي له في دورتموند حيث ينشط في اتحاد الأطباء والصيادلة الفلسطينيين أيضاً .
إستمعوا إليه معي ولندون أقواله معاً 
ألبرفيسور والسياسي الألماني هشام حماد   ليس ربيعاً هذا الذي نشهده إن لم تكن القدس هي بوصلته
 
عباس عواد موسى
منذ بداية الربيع العربي وأنا متفائل , رغم معرفتي بضريبته الباهظة الساخنة , فقد جاء الوقت لتأخذ الشعوب العربية زمام المبادرة في التغيير وتحقيق كرامة الإنسان وحريته . وكنت من أوائل العرب الأوروبيين الذين شاركوا في مسيرات التأييد لثورات تونس ومصر وليبيا واليمن . ومع مرور الوقت بدأ يقع المحظوروأخذت أشعر بأن هناك عملية أكثر ذكاءاً من هذه الثورات وببساطة لأنها تسرقها وكان هذا أحد مصادر الإحباط وأما الجانب الآخر الذي حلّ بي فهو  العقلانية لأنه لا بد من توفر فترة زمنية كي تتمكن الثورات من سحق دكتاتوريات دامت طويلا . فالثورة الفرنسية دامت 15 سنة وكلفت ضحايا كثيرة . فزمنياً لا مبرر للتشاؤم , نحن أمام تغيير أجيال,  جيل عايش الدكتاتورية وجيل أتى يتمرد عليها . والتغيير عملية تاريخية يحتاج لوقت طويل ولكن الجيل الشاب بحاجة لقيادات شابة تقي نفسها شر سرقة ثوراتها كما أسلفت.
فوجيء الغرب وأعداء التغيير بهذه الثورات فخلطوا الأوراق بما يمكنهم من الإستمرار في خدمة مصالحهم فمصر سقط مبارك ولم يسقط نظامه ولم تنته البورقيبية في تونس . ويرى المحللون الغربيون أن الإخوان المسلمين استطاعوا إبرام صفقة مع الجيش في البداية فهم يملكون تجربة لا يملكهاالآخرون . والناخب المصري لم يكن مستعداً لحملة متكافئة . ناهيك عن أن المؤسسة العسكرية المصرية هي مؤسسة إقتصادية والجيش المصري إذن ليس لحماية الحدود بل للإستثمار فحدثت الإنتكاسة الأولى لثورة مصر . تغيرت الوجوه ولم تتغير المعادلة السياسية وها نحن نجد الولايات المتحدة وإسرائيل مرتاحتان . لقد أخطأ مرسي ومن أخطائه الأولى مخاطبته للرئيس الصهيوني ( صديقي بيريز ) . كانت هناك لعبة قط وفأر بين الطرفين وكل طرف يجهد لزيادة حصته من الكعكة . 
لقد نجح معارضو التغيير في المنطقة أن يهمشو القضية الفلسطينية بشكل لم نعهده في بداية الخمسينات فلم تعد القضية الفلسطينية حتى لأهلها من سلم الأولويات . 
ألبرفيسور والسياسي الألماني هشام حماد   ليس ربيعاً هذا الذي نشهده إن لم تكن القدس هي بوصلته
وأحب أن أذكّر بأنه في الغرب وأمريكا لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة ولكن توجد مصالح دائمة والذي يقبل بهذه المعادلة هو صديق ومن يبدأ بتهديد المصالح هو عدو .والإسلام هو بعبع يخوف به الساسة الأمريكان والأوروبيون شعوبهم وشعوب المنطقة . ولكنهم استقبلوا مرسي بكل مراسيم الإستقبال وهذا ما يفسر ما قلته إن هناك مصالح دائمة  . 
لا أستطيع المقارنة بين بطش الأنظمة لنا كفلسطينيين وبين البطش الصهيوني الأكثر دموية . 
أرى أن هناك ظلماً وقع بحق العرب الأوروبيين ولا شك بأن هناك بعض الشخصيات العربية تم تجنيدهم لتسويق تهمة الإرهاب وإلصاقها بالدين الإسلامي ولكنهم قليلون جدا . فقد كنا كعرب أوروبيين ومنذ البداية فرحين بالجيل الشاب الذي أسقط دكتاتوريات لم نكن نحلم بإسقاطها وطالبناهم بخلق قيادات شابة أي أننا  علقنا الجرس منذ البداية وحذرنا من التسرع في توقع نتائج إيجابية وقلنا لا يكفي إسقاط رأس النظام بل يجب اجتثاث بقاياه فلا تنجز الثورة بإسقاط الرأس . ولست متفائلا بأن ذلك سيحدث قريبا .
ألتغيير في سوريا ليست مهمة الغرب . 
يجب أن يحدث التغيير بأيدي وإرادة سوريتين وغير ذلك سيتم تفتيت سوريا وتدميرها وسيكون التقسيم حتمياً لأن التقسيم هو نتاج للتفتيت والتدمير . وهذا ما يفسر إطالة عمر النظام ,  فالمطلوب إسقاط سوريا الدولة وليس النظام .وأما الغرب فيحكم موقفه وحجم الموقف ونوعيته هو مصالحه في معادلة الصراع الدائرة أينما كانت . 
ألبرفيسور والسياسي الألماني هشام حماد   ليس ربيعاً هذا الذي نشهده إن لم تكن القدس هي بوصلته
للوطن العربي ثلاثة أعمدة إن سقطت سقط  بأكمله والأعمدة هي العراق ومصر وسوريا وقد سقط العراق وأخرج من معادلة الأمن القومي العربي وسوريا في طور الإسقاط ومصر على سلم الأولويات والمؤلم والمصيبة أن كثيراً منا لم يدرك بأن هذا هو المعيار الأساسي لتدخل الغرب في أي معادلة .
ألحقيقة الثانية أن كثيراً منا نسوا أن تفتيت المتبقي منا هو نتاج الغرب الذي غرس إسرائيل فنحن كالذي يستعين بسجانه على تحقيق حريته (نحن كالذي قلّ مثيله ) فقد وصلت بنا السذاجة أن نتسول من الغرب غارس الدكتاتوريات أن يساعدنا في التخلص منها .
يجب أن تكون يقظاً لأطراف معادلة الصراع والغرب بالطبع منها . وأكثر ما تطلبه من الغرب هو تحييده فهو أكبر دعم . ألغرب هو صاحب وعد بلفور وسايكس بيكو وناهب النفط وهو الذي قسّم المُقسّم ولا يمكن أن يكون أداة من أدوات التغيير . إنها سذاجة وأيما سذاجة وهي من دلائل عجزنا . 
ألدكتاتوريات عرفناها على مدار عقود طويلة وما نشاهده من أفعال مشينة منها حتى بحق الجثث هو متوقعاً وسنغادر صفة صناع التغيير إن واصلنا السماح بالقتل على الهوية كما يحدث في سوريا مثلاً التي يتعاظم فيه أعداد الضحايا من الأبرياء وكذلك الجرحى والمعاقين .
حسني مبارك غادر الحكم ولكن المؤسسة والنهج لم يغادر الحكم ولو ليوم . ولذا فالتغيير يبدأ بإسقاط رأس الهرم ويمتد للقاعدة . 
ألبرفيسور والسياسي الألماني هشام حماد   ليس ربيعاً هذا الذي نشهده إن لم تكن القدس هي بوصلته
ألعامل الذاتي وما اصطلح على تسميته بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني هو المقدمة المنطقية للحديث عن وضع بداية إعادة الإعتبار للقضية الفلسطينية كقضية عربية مركزية . ولا شك أن إسقاط الدكتاتوريات العربية قد يسهل أو يعجل في إعادة المحورية للقضية الفلسطينية ولكنه ليس بديلاً  للعامل الذاتي الفلسطيني الذي تحدثنا عنه . ويتمثل العامل الذاتي في نقطتين 
1 - أن يستعيد الشارع الفلسطيني زمام المبادرة لإحداث ضغط شعبي مستمر على طرفي الإنشقاق الذي سهل وسرع تهميش قضيتنا  
2 - أن نستعيد الدروس السياسية والإجتماعية لأول ربيع عربي وأقصد بذلك انتفاضة عام 1987 .عندما كان التكافل والتضامن والتكاتف . وكي يحدث ذلك لا بد أن تقوم الأجيال الشابة بأخذ المواقع التي تليق بها في سلم السلطة بمعنى أن تأخذ دورا أساسيا في قيادة تنظيماتها من جهة واستبدال جيل سبق وأن أدى دوراً وطنياً يستحق الإحترام والتقدير من جهة أخرى ولكن فشل هذا الجيل من السياسيين في أن يفعّل المقاومة الشعبية والمدنية للإحتلال بل  وربما أنه مارس إدارة الإحتلال بثمن رخيص .وهنا أقصد بالحاجة إلى ضغط شعبي منظم ذي نفَسٍ طويلٍ يساعدنا على الإستئصال السلمي .
هشام يؤمن بالربيع العربي ويؤيد الحراكات الشعبية المطالبة بالحرية والكرامة وينتظر مثلنا زوال أنظمة الإضطهاد والإستعباد . فحرية الشعوب العربية هي حلمه الذي نما معه كي تتحرر فلسطين ... كل فلسطين .   ويظل مبتسماً رغم الجراحات النازفة ويختتم حديثه بالقول :
إذا لم تكن القدس هي وجهة هذا الربيع العربي فلن يكون ربيعا .
 
المصدر : عباس عواد موسى

Total time: 0.986