استضاف نادي «الاقتصادية» الصحفي الأسبوع الماضي جوناس ميشانيك المختص في الابتكار المؤسسي، حيث ألقى محاضرة بعنوان «عصر الابتكار وتجربة السويد الأولى عالميا في الابتكار»، ونظمت هذه المحاضرة بالتعاون مع شركة الابتكار العربية إنوفيبيا INNOVABIA وبحضور السيد جان ثيسلف السفير السويدي لدى السعودية.
وبدأ عبد الجبار العبد الجبار الرئيس التنفيذي لشركة الابتكار العربيةINNOVABIA – أنوفيبيا الحديث عن الرؤية والتصور الطموح لشركة أنوفيبيا لخدمة المنطقة في اتجاه الابتكار المؤسسي الأمر الذي جعلها تدخل في شراكة استراتيجية إقليمية مع شركة أيدلابوراتوريت والتي أسسها ويديرها الخبير جوناس.
وأوضح عبد الجبار «نحن نعيش عصرا بدأ الابتكار فيه يأخذ الأولوية في أجندة كل من قادة المؤسسات والمختصين في علوم الإدارة وعلماء الاقتصاد والسياسيين المعنيين بتطور دولهم.
ويعود السبب إلى أن الابتكار أصبح الطريق المشترك في كل أساليب التطور والتميز لكل من الاقتصاد وكذلك التطور الخدمي الحكومي.
وأشار عبد الجبار إلى أن العالم استنفد كل الأساليب التقليدية المتعارف عليها في الإدارة وأصبحت هناك حاجة للاستعانة بالعقل البشري من أجل البحث عن الجديد وبأسلوب منهجي وبأسلوب الابتكار المؤسسي بالإدارة العلمية للابتكار بعكس الاجتهادية الفردية وغير المنظمة كما يحصل الآن وكان يحصل سابقا.
ودلل عبد الجبار ببعض كبار الشخصيات العالمية في كبرى المؤسسات والسياسيين الذين أكدوا أو قدموا مبادرات في بلادهم نحو أخذ الابتكار بأولوية وأهمية قصوى وبمنهجية علمية.
من جهته، أكد جان ثيسلف السفير السويدي على سياسة مملكة السويد في تشجيع البحث العلمي والابتكار وجعل ثقافة الابتكار جزءا أساسيا من مجتمع الأعمال والمجتمع عموما.
وأوضح أنه من موقعه في السعودية سيسهم في أي مبادرات بين مملكة السويد والمملكة العربية السعودية، لنقل تجربة السويد في مجال الابتكار لكل من القطاعين الخاص والحكومي، مشيرا إلى أنه سعيد بالشراكة التي نرى مثالها في شركة أوفيبيا الإقليمية وشركة أيدلاوبوراتوريت السويدية.
ومن ثم تحدث السويدي جوناس ميشانيك وقال إنه بالنظر إلى التطورات العالمية نرى اهتماما خاصا بالابتكار من قمة صناع القرار الاقتصاديين والسياسيين عالميا، وقدم في ذلك مثالا لتقرير من الرئيس الأمريكي أوباما عام 2009 وهو «الاستراتيجية الوطنية للابتكار» وهي بالطبع للولايات المتحدة وهذا انعكاس لما للابتكار من أهمية في التميز وتطور الدول.
وركز جوناس على عبارة استراتيجية تقول «اقتصاد يعتمد الابتكار هو اقتصاد أكثر إنتاجية واقتصاد أسرع نموا واقتصاد له مردود أعلى على العاملين ويؤدي إلى زيادة في مستوى المعيشة عموما.
مبينا أنه سيتضاعف متوسط مستوى المعيشة للفرد الأمريكي كل 23 عاما إذا كان للابتكار دور في 3 في المائة من الإنتاجية السنوية.
ولكنه سيأخذ 70 عاما إذا كانت الإنتاجية السنوية تزداد بنسبة 1 في المائة».
وأوضح أننا نجد الأمر نفسه في معظم اقتصادات العالم في التعامل مع الابتكار بشكل علمي ومنهجي على مستوى الدولة لما له من أهمية في التنافسية والمكانة عالميا في عصر يتميز بتنافسية عالية.
وذهب جوناس إلى أن العالم فعلا يعيش عصر الابتكار ولكن هناك مشكلة في تعامل من يرغبون بأن يتقنوا الابتكار، حيث إن هناك منهجيات علمية متبعة وضعها خبراء الابتكار عالميا لضمان حدوث الابتكار بشكل مقصود وبشكل متواصل، مشددا على ألا تكون مبادرات الابتكار مؤقتة أو مرحلية ومن دون استمرارية.
وأكد أن الابتكار تمكن إدارته بعلمية وهذا ما يجب أن تهتم به المؤسسات، والسويد مثال أفضل للرجوع إليه في تجربة كيف يمكن أن تصبح أي دولة في مركز متقدم في مستوى الابتكار؟
وذكر جوناس توجهات عالمية ستغير كيف نقوم بأعمالنا في الاتجاه الابتكاري وهي:
-
الأفكار الجديدة تقيم اليوم ماديا بالكثير وأصبحت تترجم إلى مال ومن الممكن أن تكون لفكرة ما قيمة مادية تساوي ما يمكن أن يجنيه إنسان طوال حياته بالشكل التقليدي أو تكون مسألة حياة بالنسبة لشركة تصارع في عالم شديد المنافسة.
-
المجتمع المعرفي الحديث هو توجه يؤكد أن للمعرفة شكلا يعتمد على الجديد وبالتالي يصبح للابتكار أهمية متميزة في المجتمعات الحديثة.
-
التفوق بالابتكار يستبدل المفاهيم التقليدية القديمة عن التفوق بالتنافس التقليدي غير الابتكاري.
-
مفهوم مبدأ قوة التصميم يؤكد أن الابتكار ليس بالضرورة مرتبطا بالبحث العلمي ونتائجه (رغم عدم إنكار أهمية البحث العلمي عموما) ويمكن للابتكار أن يؤدي نتيجة للتفوق في اتجاه التصميم والسبب وراء هذا المبدأ أن التكنولوجيا أو مخرجات البحث العلمي أصبحت بمتناول الجميع في العالم.
العالم يتوجه نحو المرحلة الأعلى من مخطط «ماسلو» الذي يضع الرفاهية الشخصية في قمة الهدف الشخصي للإنسان و الابتكار له دور أساسي في جعل الإنسان يشعر بالرضى والإنجاز عند التوصل لفكرة ابتكارية خصوصاً إذا نفذت.
-
تدريب العقل البشري مبدأ حقيقي وأكده علماء مختلفون في تخصصات مختلفة معنيين بفهم العقل البشري وكيف يعمل ولهذا يؤكد علماء الابتكار أهمية الاستثمار في اتجاه تدريب عقول الطاقات البشرية على الابتكار والإبداع عموما.
-
وتطرق المتحدث إلى مقولة معلقة على مدخل أحد أقدم جامعات العالم والموجودة في السويد.
وتقول «من الجيد أن تفكر ولكنه أجدى أن تفكر بشكل أفضل» وهي رسالة نحو السعي للجديد وليس فقط التفكير تقليديا والذي يؤدي إلى نتائج ليس فيها أي ابتكارية.
جزء من الوصول إلى الابتكارية هو بناء ثقافة الأفكار الجديدة في المؤسسات وتشمل أمورا كثيرة يجب الاهتمام بها ومنها: بيئة العمل ونظام الحوافز وجدارة التفكير الإبداعي وأسلوب تحرك الأفكار مع تسلسل العمليات وحالة بيئة العمل نفسيا.
استراتيجية الابتكار في المؤسسات يجب أن تحتضن وتنمي جميع أنواع الشخصيات التي تسهم في إيجاد بيئة مؤسسة مبتكرة وهذه الشخصيات هي:
-
الشخصية الابتكارية التقليدية بأسلوب التصميم الهندسي وأسلوب التسويق.
-
الشخصية التي تعتمد التطور الطبيعي لاختيار الأفضل.
-
الشخصية التي تعتمد المنهجية المتسلسة للوصول للابتكار.
-
-
الشخصية التي تعتمد خصوصية كل سوق أو مجتمع لاختيار قواعد منهجية الابتكار.
وقدم جوناس بعض القوائم والصور البيانية التي توضح موقع مجموعة مختارة من دول العالم، وموقعها في التقييم في مجال الابتكار وجاهزية الدول في هذا الاتجاه وقد أوضح موقع الدول الرائدة في مجال الابتكار ومنها السويد التي تحتل أكثر المواقع تقدما، تلاها الدول التي تتقدم بقوة للمنافسة على المواقع المتقدمة وأخيرا الدول التي بدأت تخسر مواقعها المتقدمة.
وأخيرا قدم ملخصا عن تقرير «مؤشر تصنيف القدرة الابتكارية» لعام 2009/2010 والذي احتلت به السويد المرتبة الأولى عالميا.
وفي ختام المحاضرة أجاب جوناس عن استفسارات وأسئلة الحضور المختلفة ولخص رده بأنه يمكن ويحق لدول المنطقة أن تسعى وبالتدريج لاعتماد الابتكار كتوجه استراتيجي في مؤسسات الدول الخاصة والحكومية من أجل التنافسية والازدهار للإنسان عموما.
وأوضح أنه يجب أن يتم الإيمان بقدرات الفرد المحلي في لعب دور جوهري في هذا التوجه.
وفي سؤال عن دور الابتكار في التميز أكد جوناس أن التميز أصبح عالميا مرتبطا بالابتكار حيث إن أفضل التميز هو ما بني على ابتكار وعلى أفكار إبداعية فريدة وغير مسبوقة.
-