بدأت إيران مؤخرا محاولات لتخفيف حدة الخلاف مع السلطات اليمنية بعد سنوات من توتر العلاقات بين البلدين, وشهدت الأيام الأخيرة قدوم وفد من وزارة الخارجية الإيرانية لليمن التقى بمسؤولين يمنيين وناقش معهم القضايا العالقة.
وبدأت بوادر الأمل بعودة العلاقات الودية أواخر الشهر الماضي، حين قدم وفد من وزارة الخارجية الإيرانية برئاسة رئيس دائرة شؤون الإيرانيين في الخارج سيد كاظم سجادي إلى اليمن، والتقى خلال زيارته بمسؤولين يمنيين, حاملا طلبا من حكومته بتشكيل لجنة مشتركة لمعالجة القضايا العالقة بينهما.
وكانت العلاقات بين البلدين تدهورت منذ اندلاع الحرب الأولى في محافظة صعدة عام 2004 بين نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وجماعة الحوثيين, واتهام إيران بدعم مسلحي الجماعة, وساءت أكثر مع ضبط صنعاء سفينة أسلحة عام 2009 اتهمت طهران بتوجيهها للحوثيين.
وتصاعدت الخلافات بين البلدين إلى أعلى مستوى في عهد الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي, الذي وجه اتهاما لإيران بالتدخل في شؤون بلاده, وأعلن نهاية سبتمبر/أيلول 2012 القبض على "خلايا تجسس إيرانية" في صنعاء.
وارتفع منسوب غضب النظام اليمني على طهران على خلفية دعم فصيل الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال الذي يتزعمه علي سالم البيض نائب الرئيس اليمني الأسبق, غير أن طهران ظلت تنفي الاتهامات على الدوام.
السقاف: اليمن يريد دوام العلاقة مع إيران ولكن على أساس قواعد جديدة صحيحة تقوم على احترام سيادة كل دولة للأخرى وعدم التدخل في شؤونها ودعم السلم والمصالحة والحوار |
مبادرة إيجابية
وأكد فارس السقاف مستشار الرئيس اليمني في حديث للجزيرة نت, أن العلاقات بين البلدين شهدت توترا خلال الفترة الماضية بسبب قيام إيران بأعمال خارج الأعراف الدبلوماسية ودعمها قوى داخلية ضد الدولة اليمنية وهناك قضايا شحنات الأسلحة وخلية التجسس.
وعن شكل العلاقة مع إيران مستقبلا, أوضح السقاف أن اليمن يريد ابتداء دوام العلاقة وليس القطيعة ولكن على أساس قواعد جديدة صحيحة تقوم على احترام سيادة كل دولة وعدم التدخل في شؤونها ودعم السلم والمصالحة والحوار في اليمن وليس على قاعدة عفا الله عما سلف.
وأرجع رغبة طهران في تطوير علاقتها مع اليمن إلى شعورها بعدم صواب تعاملها في الفترة السابقة ولاقتناعها بأن اليمن دولة مهمة تحظى بموقع إستراتيجي وليس من مصلحتها خسارتها.
وشدد السقاف على ضرورة التزام إيران بتعهدات لتسوية كافة القضايا وليس بعضها، وأن تقدم طمأنة للجانب اليمني بأنها لن تكون لاعبا أو تعبيرا عن الحوزات في لعبة توزيع الأدوار بين الجهات الرسمية وغير الرسمية.
صبري: الفرصة حاليا سانحة لتعزيز العلاقات الرسمية بين اليمن وإيران (الجزيرة نت) |
فرصة سانحة
من جانبه اعتبر الكاتب الصحفي عبد الله علي صبري أن الفرصة حاليا سانحة لتعزيز العلاقات الرسمية بين البلدين، خاصة إذا انتهجت صنعاء سياسة منفتحة على دول الإقليم بعيدا عن الانحياز لهذا الطرف على حساب طرف آخر.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن حادثة اختطاف الدبلوماسي الإيراني بصنعاء أحمد نور يوم 21 يوليو/تموز الماضي جاءت كمدخل لتحريك المياه الراكدة في العلاقات الرسمية, لاسيما وأن إيران بدأت تتعامل مع مستجدات المشهد اليمني كأمر واقع، في ظل أن أهم المكونات السياسية التي كانت رافضة للتسوية ممثلة بجماعة الحوثي تشارك في الحوار، أحد بنود المبادرة الخليجية التي كانت تتحفظ عليها من قبل.
وأضاف صبري أن عاملا آخر وهو أن هناك قناعة جديدة لدى إيران -المتهمة بدعم فصيل علي سالم البيض المتمسك بخيار الانفصال- بأن اليمن الموحد سيكون عامل استقرار للمنطقة، خاصة وأن الأمن القومي الإيراني يبدأ من باب المندب.
وردا على سؤال بشأن التحديات التي تعترض طريق تطوير العلاقات بين البلدين, أوضح أنه لا توجد صعوبات كبيرة ويمكن استئناف هذه العلاقات إذا نجح الحوار وقدم معالجة عملية للقضية الجنوبية ولقضية صعدة, ويمكن لإيران أن تدعم هذه المعالجات في مقابل تحسين العلاقات الرسمية بصنعاء.
وأكد أن النفوذ الإيراني بات واقعا في اليمن، وهذا يقتضي إذا كانت الحكومة عاجزة عن كبح جماحه أن تفتح الباب لعلاقات رسمية تدار في الضوء وفي إطار المصالح المتبادلة.