ظلت السعودية عقوداً طويلة رمزاً لخندق حصين للتيارات الإسلامية رغم العديد من الصدامات التي وقعت مع بعض القوى الموجودة على أطراف التيار الإسلامي، وخاصة حركة جهيمان العتيبي أواخر السبعينات وتنظيم القاعدة في تسعينيات القرن الماضي.
وقد اهتزت هذه الصورة بشدة في أعقاب 30 يونيو الماضي بعد عزل الرئيس محمد مرسي، حيث شنت شخصيات رسمية وكتاب قريبون من السلطات السعودية حملة إعلامية شرسة ومباشرة مست أكبر تيارين إسلاميين بالمملكة، هما نظيم "جماعة الإخوان " و"السروريون" وهو تنظيم خرج من رحم الإخوان مع نكهة سلفية قوية، أسسه الشيخ السوري سرور محمد سرور، وله حضور قوي فقط في بعض دول الخليج العربي.
أما أصحاب تلك الحملة فيشيرون إلى أنها مجرد نقد لفكر الجماعتين باعتبارهما "تنظيمين قويين في السعودية، ومن حقنا أن ننقدهما، لا سيما مع تأثيرهما الكبير في شؤون ديننا ودنيانا ومصالح البلاد والعباد"، وفق تغريدات كتبها عضو مجلس الشورى عيسى الغيث الذي يضيف في سلسلة تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي أن "من نماذج عدم عدالة الإخوانيين والسروريين أنهم لم يقدروا للسعودية مواقفها العظيمة مع القضية السورية، ولو كان خادم الحرمين إخوانياً لقدّسوه".
وقد أججت الثورات في عدد من الدول العربية وبروز تنظيم الإخوان بقوة في تلك الثورات مخاوف كثير من الحكومات العربية من أن تمتد إليها الاضطرابات، لكن عزل الرئيس محمد مرسي في 30 يونيو وإعلان خارطة طريق المستقبل في مصر في الثالث من يوليو أنعش آمال الشعوب في تحقيق الاستقرار والأمن.
وعلل كتاب وسياسيون موقف السعودية القوي الداعم لمصر حالياً بأن الرياض "لا تبدي ارتياحاً لبعض مواقف الإخوان السياسية، خاصة وأن مصر تشكل للسعودية عمقاً إستراتيجياً مهماً، واستقرار مصر استقرار للسعودية ومنطقة الخليج".
وحول تفسير موقف السعودية مما جرى في مصر أوضحوا أن "التغييرات الضخمة التي جرت في العراق بعد الاحتلال الأميركي، والنفوذ الإيراني في العراق، ثم توغلها في الشأن السوري واهتزاز الأمن في البلدين وغياب حكومة مركزية قوية فيهما وتنامي تيار القاعدة في سوريا جعل السعوديين يخشون أن تنجرف مصر في نفس المسار".