أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » حوارات ولقائات

جابر الفيفي: تأثرت بفكر «تكفير الدولة» أثناء اعتقالي في غوانتانامو

جابر الفيفي
- عبد الكريم الحزمي

المنشق عن «القاعدة» قال إن هناك من يؤصل لهذا الفكر داخل المعتقل

واصل جابر الفيفي، المنشق عن تنظيم القاعدة اعترافاته، التي بثت أمس على التلفزيون السعودي، وقال إن رحلة أخرى بدأت إلى معتقل غوانتانامو بعد أن انتقل جابر مع مجموعة أخرى عندما اعتقلوا في باكستان وتم تسليمهم عبر الطائرات إلى قندهار.

وأوضح الفيفي أنه تم تسليمه، ومن معه، إلى الجنود الأميركيين في باكستان، حيث عادوا بعد ذلك عبر الطائرات إلى أفغانستان، وبالتحديد في معتقل في مطار قندهار، تابع للقوات الأميركية، قضوا فيه 14 يوما، لتكون المحطة الأخيرة قبل التوجه إلى معتقل غوانتانامو.

وقال الفيفي إنه خلال هذه المرحلة في معتقل مطار قندهار كانت أعداد المحتجزين كبيرة من مختلف الجنسيات، عانوا خلال الـ14 يوما من شدة التعذيب وأساليب معاملة قاسية، مثل الضرب وحمل المعتقلين ورميهم بشدة بعد أن يتم تكبيلهم، إلى جانب تغطية وجوههم، مضيفا أن التحقيقات الأولية بدأت هناك في خيمة خاصة بالمعتقل في قندهار، مشيرا في الوقت عينه إلى أنه خضع خلال تلك الفترة إلى التوقيع على ورقة تفيد بأن «الحراس لهم الحق في قتلي حال حاولت الهرب».

وبعد فترة دامت أسبوعين في معتقل قندهار، توجه الفيفي ورفاقه، بحسب ما رواه إلى «التلفزيون السعودي»، أمس، إلى معتقل غوانتانامو مكبلي الأيدي ومغطاة وجوههم وآذانهم، حتى ركوبهم الطائرة.

ووصف الفيفي حاله والمعتقلين في الطائرة، حيث جلسوا على مقاعد صلبة لا يعرف بعضهم بعضا ولا يسمعون ولا يرون أي شيء، حتى إن المأكولات توضع تحت المقاعد، الأمر الذي يعد في غاية الصعوبة لالتقاط الأكل، لا سيما حينما يكونون مكبلين وتغطي آذانهم معدات، قال بأنها سببت جروحا تركت أثرا بعد ذلك.

وذكر الفيفي أنه عندما كان في الطائرة لا يعلم إلى أين هو ذاهب، ولا حتى الوقت، ولكن اتضح له بعد ذلك أن الرحلة استمرت ليومين، مبينا أنه دخل معتقل غوانتانامو دون أن يعرف وهو في الزنزانة نفسها، ودون أن يعرف أين موقعه في العالم.

وبعد وصوله هو ومن معه إلى غوانتانامو، قال الفيفي إنه تم وضعهم على الأرض بعد فترة طويلة كانوا جالسين على أرض خرسانية ممتدة، يصعب الحركة فوقها بعد أن تم تكبيلهم وتغطية أعينهم، لتبدأ بعد ذلك مرحلة إدخالهم في خيام لإتمام إجراء البصمات والاستقبال في المعتقل، «ومن بين ذلك طلب مني كتابة رسالة، علمت بعد ذلك أنهم يريدون معرفة خط كتابتي، وبعدها يتم نزع الرسالة بشدة والضرب بقسوة».

وبعد ذلك قال جابر الفيفي إنه تعرض لمعاملة سيئة حتى دخوله الزنزانة، إلى جانب إجراءات قاسية تتمثل في عدم إخراج يديه خارج البطانية، ومنع الأذان ومنع الجهر في الصلاة، والتحدث بصوت عال. وأشار الفيفي خلال حديثه إلى أنه تعرض لحلق لحيته عنوة، كما أن حراس المعتقل يتفننون في حلق لحى وحواجب المعتقلين، ويفرضون أوامرهم على المحتجز ين دون أن يقدموا لهم أي رد، مضيفا أن الجنود لا يتجاوبون معهم على أبسط الأمور في ما يتعلق باتجاه القبلة وما إلى ذلك، حتى وصل المعتقلون إلى مرحلة اليأس والقنوط، في حين أنهم لا يعلمون مكانهم.

وبعد مرور 3 أشهر على هذا الحال، عرف الفيفي أنه في معتقل غوانتانامو في كوبا، وذلك بعد أن أخبره المترجم.

جابر الفيفي قال إن التهديد راوده خلال الـ5 سنوات التي قضاها هناك، حيث تمثل في التعذيب وأصنافه الذي أودى بحياة الكثيرين وزوال العقل والجنون وفقد أطرافهم، مضيفا أن من كان مريضا من المعتقلين ويستوجب عملية جراحية، فهناك شروط يوقع عليها وتقتضي استئصال أي جزء من الجسم دون الرجوع إلى المريض، إلى جانب أن المحققين يتمرنون على حساب صحة المعتقلين.

ولفت الفيفي إلى أن كل 4 أشهر خلال فترة الاعتقال تشهد محققين جددا، يسألون نفس الأسئلة التي وجهت إليك من قبل.

وذهب الفيفي في حديثه إلى أن المحققين يصنفون المعتقلين حسب جنسياتهم فيصفون بعض المتشددين بـ«الوهابيين»، ومسلمي أوروبا بـ«مسلمي أوروبا»، ومسلمي المغرب العربي بـ«مسلمي المغرب العربي».

وعن أساليب التعذيب النفسي التي تقود الإنسان إلى مرحلة من مراحل تبلد الإحساس، «طلبت من المحققين أن يقتلونا برصاصة لا تكلف شيئا مقابل ما يقومون به تجاهنا»، كما قال.

وأضاف الفيفي أنه مر ومن معه بعدة تحولات، فالفترة الأولى كانوا لا يعلمون أين هم، وما هو وضعهم بالضبط، وإلى أين يسيرون، وكيفية التعامل مع من هم ليسوا من جنسهم ولا يتحدثون لغتهم، «ولكن بفضل وجود بعض من المعتقلين ممن جيء بهم من أوروبا، بدأنا نتعلم بعض الأمور المهمة في التعامل مع أولئك الحراس لتلبية مطالبنا، مثل الإضراب عن الطعام، وكتابة بعض الجمل على حوائط المعتقل نطالب فيها بحقوق المساجين، وفعلا بدأوا في التعاطي معنا».

وأوضح الفيفي أنه مر بـ5 سجون من واقع 6 سجون في معتقل غوانتانامو، وكل سجن يختلف عن الآخر، إلا أن أغلبها عبارة عن غرف يستطيع الشخص داخلها التحدث عن طريق فتحة في الباب ويستمع للموجودين، الأمر الذي أحدث نوعا من المشاركة بين المساجين مثل المحاضرات، والأحاديث الجماعية، والمواعظ، والسعوديون في هذا الجانب كانوا يركزون في مواعظهم على الصبر على البلاء، ومسائل العقيدة.

وفي هذا الصدد، أوضح الفيفي أن هناك من يؤصل لفكرة التكفير من مختلف الجنسيات، كأن يكفروا بعض الدول الإسلامية، ويأخذوا في هذا الجانب منحى تدريجيا لكي يصدموا البعض بدولهم وأممهم، وفي ظل عدم وجود علماء أكفاء للرد على هذه الأفكار ترى الكثيرين يتأثرون بذلك.

وقال جابر الفيفي: «أتتني قناعات وتأثرت بفكرة تكفير الدولة أثناء اعتقالي هناك، ولكن لا يوجد لدي دليل أو برهان أنطلق منه للمناقشة في ذلك».

وقبل أن يخرج الفيفي من معتقل غوانتانامو، قال إن المعتقل أخضعه لبرنامج، يقوم من خلاله المحامي أو اللجنة العسكرية بإبلاغه أنه سيعود إلى وطنه، إلا أنه - كما أوضح - لم يكن يعتقد ذلك، حيث إن هناك معتقلين آخرين يتم إبلاغهم بذلك، ولكن عندما يصلون إلى المطار يغيرون ملابسهم ويتم إدخالهم في طائرات والعودة بهم مرة أخرى إلى المعتقل ونعتهم بالمجرمين لإحباطهم.

وذكر جابر الفيفي أنهم أخبروه ذات يوم بأنه سيخرج خلال 15 يوما، حيث نقلوه إلى سجن آخر وحده، ثم نقلوه بعد ذلك إلى سجن ثالث، لتهيئته للخروج، وأضاف الفيفي أن الحراس نقلوه إلى إحدى حافلتين كل واحدة بها نحو 7 أشخاص سعوديين.

وقال الفيفي إنه لم يصدق أبدا بذلك، إلا عند وصولهم المطار ورؤيته الطائرة السعودية، حيث كان يتطلع إلى شعار السعودية على الطائرة ليتأكد من ذلك.

وبين الفيفي أنه، وخلال رحلة الطيران إلى السعودية، كان هناك فريق طبي للاطمئنان على صحتهم، وتهدئتهم خلال فترة الرحلة، حتى وصلوا السعودية وتم استقبالهم - بحسب الفيفي - استقبالا غير متوقع، حيث روعيت حالة المعتقلين النفسية، وفي اليوم الثاني من وصوله، استقبل الفيفي أهله وإخوته، في مشهد قال إنه مؤثر جدا.

وأضاف الفيفي، أنه بدأ بعد ذلك بأيام في برنامج المناصحة، لينتقل بعدها إلى مركز الأمير محمد بن نايف، وفي البداية لم يكن يتقبل من القائمين على برنامج المناصحة.

وزاد الفيفي أنه ظل طوال فترة المحكومية يخضع لبرنامج المناصحة، إلا أنه لا يتقبله ولا يقتنع بما فيه، حتى الإفراج عنه، لافتا النظر إلى أن الحكومة قامت بمساعدته بعد ذلك في الزواج وبناء حياته من جديد، إلا أنه كان لا يزال مقتنعا – آنذاك - بفكرة التكفير، على الرغم من إكرام بلده له، وذلك لأن الفكر التكفيري كان يملي عليه في معتقل غوانتانامو عدم الاعتراف بالعلماء، وأن ما تقوم به الدولة من مساعدة له هو غنيمة.

وأوضح الفيفي أن موضوع الجهاد والشهادة في سبيله أمر سامٍ وأمر عظيم، لعب التكفيريون على أوتاره، مما جعله يسلك الطريق الخطأ حتى بعد عودته، إذ قال إنه تأثر كثيرا بأوضاع العراق وأوضاع غزة الأخيرة، التي حركت العاطفة عنده، مما زاد العزيمة لديه مرة أخرى للخروج في سبيل الله، وهذه المرة كانت إلى اليمن.

الفيفي قال إنه فكر في الخروج إلى اليمن، لأنها منطقة سهلة الخروج إليها من أي منطقة أخرى، وإن فكرة اليمن موجودة من قبل لديه، غير أن إجراءات السفر إلى اليمن يضمنها له أصدقاؤه في التنظيم.

وزاد الفيفي أن الفترة التي سبقت ذهابه إلى اليمن، شهدت اجتماع بعض قادة التنظيم الموجودين في خارج اليمن مع بعض الشباب، وخصوصا الخارجين من المعتقل، ومنهم سعيد الشهري، الذي حث على مسألة التحريض، مضيفا: «لأنني وخلال عام ونصف العام لم أخرج، بل كانت فكرة من دون عزيمة»، ومن ثم ذهب الفيفي إلى اليمن وانقطع عن الشهري بحسب اتفاقية معينة.

يشار إلى أن سلسلة اعترافات المطلوب جابر الفيفي ستتواصل الأسبوع المقبل، في انتظار معلومات أخرى سيكشف عنها

المصدر : الرياض

Total time: 0.0731