التقى نائب السفير الإيراني في صنعاء، الأحد الماضي، قيادات من حزب اتحاد الرشاد (السلفي) اليمني، في أول لقاء من نوعه يجمع دبلوماسياً إيرانياً بقيادات حزب سلفي في اليمن.
وبحسب المعلومات، التي حصل عليها «المصدر أونلاين» من مصادر متطابقة، فإن اللقاء الذي جمع قادة حزب الرشاد (السلفي) بنائب السفير الإيراني في صنعاء مرتضى عابدين في مقر حزب الرشاد بالعاصمة صنعاء ناقش إمكانية التقارب بين الطرفين خلال المرحلة القادمة.
وفيما قالت مصادر مقربة من الرشاد أن أمين عام الحزب الدكتور عبد الوهاب الحميقاني وجه انتقادات للدور الإيراني «المنحاز» في اليمن، خصوصاً والمنطقة عموماً، أشارت إلى أن المسؤول الدبلوماسي حاول الرد عليها وتبريرها بالحديث عن إيران الجديدة المنفتحة على كافة التيارات.
وعن الهدف الرئيسي من اللقاء، أكد نائب السفير الإيراني، في اتصال أجراه معه «المصدر أونلاين» الأربعاء بهذا الشأن بالقول: «قلت لهم نحن نريد أن نكون على مساحة واحدة من التيارات الإسلامية والسياسية بشكل عام».
وتأتي هذه الخطوة بعد قُرابة أسبوعين من لقاء جمع السفير السعودي في صنعاء محمد بن علي الحمدان بقيادات في جماعة الحوثيين في السابع من الشهر الجاري. في لقاء فريد من نوعه، خلَف تساؤلات عدة بشأن طبيعته ومضمونه، لاسيما في مثل هذه الظروف الراهنة، بين طرفين عُرفا بتصارعهما التاريخي، وخاضا مواجهات عسكرية طاحنة على الحدود السعودية–اليمنية أواخر العام 2009.
وعرفت اليمن بأنها تمثل ميدان صراع خلفي يدار بالوكالة بين المملكة السعودية، الداعمة للتيارات (السنية) السلفية، والجمهورية الإيرانية الإسلامية الداعمة للتيارات الشيعية والتي يدخل بضمنها جماعة الحوثيين في اليمن.
وينظر إلى اللقاءين السابقين لدبلوماسيي الدولتين مع تيارات ميدانية محسوبة على أطراف أخرى بأنهما تطور لافت في العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين أطراف عرفت بعدائية تاريخية متبادلة تقوم على خلفيات مذهبية متباينة (أحدهما يمثل التيار الإسلامي السني، بينما يمثل الآخر التيار الإسلامي الشيعي)، وخاضت ومازالت تخوض صراعات وحروباً باردة شرسة على مستوى الدول والجماعات التابعة لها والمدعومة منها في المنطقة والعالم، بينها على وجه الخصوص: لبنان، سوريا، واليمن.
ومؤخراً نجحت لجنة وساطة رئاسية في إيقاف المواجهات المسلحة في منطقة دماج بمحافظة صعدة بين جماعة سلفية (تتهم بأنها مدعومةُ من المملكة السعودية) ومسلحين يتبعون جماعة الحوثي (المتهمة بتلقيها دعماً إيرانياً كبيراً). وهي المواجهات التي تجددت مؤخراً بعد توقف دام أكثر من عام تقريباً في إثر توقيع اتفاقية تم بموجبها إيقاف مواجهات مسلحة سابقة كانت شهدتها المنطقة العام الماضي واستمرت أشهراً، وراح ضحيتها العشرات من الطرفين.
وقال مصدر مطلع على المحادثات الأخيرة إن نائب السفير الإيراني، الذي يعتبر أيضاً قائماً بأعمال السفير، كان طلب لقاءً مع قيادة اتحاد الرشاد، فوافق الأخيرون على أن يتم اللقاء في مقر الحزب، وليس في مقر السفارة الإيرانية، وهو ما قبل به نائب السفير الإيراني.
وأكد الدبلوماسي الإيراني لـ«المصدر أونلاين» ذلك، لافتاً إلى أنه والسفير السابق كانا منذ شهور يرغبون في التواصل مع حزب الرشاد، وأنهم بادروا بدعوتهم إلى العيد الوطني قبل 8 شهر. وأضاف «ونهاية الأسبوع قبل الماضي اتصلت بأمين عام الحزب الحميقاني واتفقنا على اللقاء الذي التأم الأحد الماضي».
وأشار نائب السفير بالقول «ولا يقتصر تواصلنا مع حزب الرشاد السلفي فقط، فنحن أيضا لدينا تواصلات جيدة مع حزب الإصلاح»، مؤكداً «نحن نريد أن نتواصل مع كل الأحزاب بما فيه المؤتمر، ولكن حسب الظروف، ولو عند كل حزب استعداد نلتقي بهم فهذه مهمة السفارات والدول التي عليها ألاّ تختاروا جهة على حساب جهات أخرى».
وجاء هذا التوضيح من المسؤول الدبلوماسي الإيراني في سياق رده بالنفي لمن يفسرون لقاءه مع قادة اتحاد الرشاد (السلفي) على أنه جاء رداً على لقاء السفير السعودي بقيادات من جماعة الحوثي مطلع الشهر الجاري.
وفي السياق، أبدى ممثل إيران في اليمن دعمه وتأييده للتقارب الأخير بين المملكة السعودية وجماعة الحوثيين. وقال في تصريحاته لـ«المصدر أونلاين»، بهذا الخصوص: «من حق الحوثيين أن يلتقوا به» أي السفير السعودي. وإذ انتقل للتأكيد أن «هذا أمر يخص الحوثيين والسعوديين»، أضاف «وأنا من جهتي أرحب بهذه الخطوة، وهي خطوة إيجابية»، منوها إلى أنه «من حق السعوديين أن يشعروا بالقلق إزاء حدودهم من المهربين وتجار البشر».
وقالت مصادر متطابقة، كان تواصل معها «المصدر أونلاين» بخصوص ما دار من تفاصيل في اللقاء الأخير بين الدبلوماسي الإيراني وقادة من حزب اتحاد الرشاد، إن أمين عام الحزب السلفي عبدالوهاب الحميقاني وجّه انتقادات لدور إيران السلبي في اليمن بشكل خاص وفي المنطقتين الإسلامية والعربية عموماً.
وأضافت: «وفي الوقت الذي رد فيه ممثل إيران بصنعاء من خلال تأكيده على حرصهم في الوقوف على مسافة متساوية بين التيارات والأحزاب الإسلامية والسياسية في اليمن، إلا أن الملاحظ أنه حاول تبرير موقف الحوثيين المتمسك بإصرارهم على الاحتفاظ بسلاحهم».
وقال خبر نشره موقع اتحاد الرشاد بخصوص اللقاء، إن الدكتور الحميقاني ناقش مع نائب السفير تطورات الوضع في المنطقة بشكل عام واليمن بشكل خاص، وطرحت عدد من القضايا كان أبرزها دور إيران في اليمن.
وبحسب الخبر، فإن الحميقاني أكد على أن هذا الدور (الإيراني) يجب أن يصب في مصلحة اليمن وبما يخدم الشعب اليمني الذي يحتاج اليوم إلى من يقف بجانبه ويحرص على وحدته وتنميته واستقراره وليس العكس.
كما لفت إلى أن الطرفين تطرقا خلال اللقاء إلى الشأن السوري، والذي يعد أهم حدث يشهده العالم العربي والإسلامي هذه الأيام.
وفي هذا الصدد – يقول الموقع–أكد الحميقاني أن «التدخل السافر من حزب الله المدعوم إيرانياً في الصراع السوري بهذه الطريقة يعتبر خطوة سيئة، أثارت استياء المسلمين في كل مكان، وأن هذا التدخل قد يجر إلى اصطفاف طائفي الأمة في غنًى عنه، ويستفيد منه العدو الصهيوني بدرجة أولى».
وضمن تصريحاته لـ«المصدر أونلاين» قال القائم بأعمال السفير الإيراني: «كان أول لقاء عبارة عن لقاء تعارفي»، مضيفاً «تحدثت خلاله عن الشأن اليمني، وعن ضرورة استقرار اليمن ودور إيران والاتهامات ضدنا والتي لا أساس لها من الصحة من قبل بعض الجهات، كما تحدثنا أيضا عمّا يجري في سوريا». وقال: «تحدثنا عن سوريا، وقلت لسنا راضيين أن يقتل أي مسلم في أي مكان».
وأضاف لـ«المصدر أونلاين» أنه أكد لقادة حزب الرشاد موقف إيران الداعم لسوريا ومبرراته، قائلاً لهم: «نحن ندعم الدولة السورية؛ لأن هناك منظمات صهيونية تسعى لتدمير الجيش العربي في العراق ومصر وسوريا أقوى الجيوش العربية، ونحن نعتبرها جيوشاً إسلامية».
وأشار إلى أنه أوضح في اللقاء أنهم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية دعوا الطرفين في سوريا إلى الحوار؛ باعتباره المخرج الأفضل، وأن الحرب هي آخر شيء، مشيرا إلى أنهم يريدون الاستقرار في المنطقة، وقال بأن عدم الاستقرار في اليمن «ليس من مصلحتنا».
وحيث أكد الدبلوماسي الإيراني أن «الاستقرار هو من مصلحتنا..»، قال إن هناك آخرين يدّعون بأنهم يريدون الاستقرار في حين تعجبهم «إثارة الفتن».
وطبقاً للموقع التابع للحزب السلفي الوحيد في اليمن، عبّر أمين عام الرشاد لنائب السفير الايراني عن الاستياء البالغ من المعاملة التي يجدها أهل السنة في إيران، حيث يمارس ضدهم الاضطهاد العقائدي أو الأحكام التعسفية التي تُصدر بحق بعضهم بسبب انتمائهم أو مذهبهم، مؤكداً على حق أهل السنة في إيران في ممارسة عباداتهم وفكرهم وحُرية مذهبهم السني.
وأشارت مصادرنا إلى أن الاجتماع انتهى بالاتفاق على إمكانية مواصلة عقد لقاءات أخرى لاحقة تتضمن مزيداً من الحوارات في المستقبل تهدف إلى مزيدٍ من الفهم والتقارب في سبيل تضييق الهوة بين الطرفين.