ليس لأنني كنت قائد شرطة الدوريات الراجلة التي اهتمت بأمن مدارس البنات الإعدادية والثانوية لسنوات وقامت بتأديب المتسكعين حول تلك المدارس , وإنما لكوني أحد أعضاء مجلس الآباء في المدرسة التي تدرس فيها طفلتي ذات الثماني سنوات، طلبتني مديرة المدرسة لأخذ المشورة حول الحالة التي وصلت اليها مضايقة الفتيات الملتحقات بالمدرسة خصوصا طالبات المدرسة الثانوية , شباب وطلاب مدارس بنين بعيدة عن الحي يكثرون من تواجدهم حول المدرسة وحركاتهم تضايق الطالبات , سيارات يقودها طائشون تمر مسرعة أمام المدرسة فيما يشبه سباق الراليات مع وسائل الإزعاج المختلفة كل يوم , ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل عديد من الدراجات النارية تأتي وتغدو حين دخول الطالبات وحين خروجهن !!!
في يوم الأربعاء الماضي أطلقت طلقتين ناريتين بالمسدس من على دراجة نارية يقودها شخص ومعه راكب وهما ملثمان ولم يكن الإطلاق جوا بل إلى جوار تجمع من الطالبات عند باب المدرسة أثنا الدخول !!! قال لي حارس المدرسة أن أحدا من مركز الشرطة (يبعد عدة أمتار عن المدرسة ) لم يحضر رغم أنه اتصل بهم !!!
كل ذلك جعلني أتساءل عن الحالة المزرية التي وصل إليها بعض شبابنا ويجعلني أضع يدي على قلبي وأنا أتصور مستقبل بلادنا عندما يكون هؤلاء الشباب أنفسهم أرباب أسر مسئولون على تربية أطفالهم!!!
لا أتحرج من القول إننا مقصرون فالاعتراف بالخطأ أفضل من إنكاره ويجب أن يكون أداؤنا الأمني أكثر جدية ولكن ... هل للمجتمع دور في كل هذا ؟
ألا تتحمل الأسرة جزءاً من المسئولية؟ وكذلك المدرسة التي يجب أن يكون للتربية فيها دور يساوي دور التعليم على الأقل إن لم يكن أكبر لأهميته؟ فما فائدة العلم إن لم يكن مكسواً بالأخلاق الحميدة؟
هل يدرك خطباء المساجد ووعاظها الأفاضل أن من واجبهم الاهتمام بأمور التربية في خطبهم ووعظهم بدلا من الولوج في أمور السياسة التي طغت على كل مفاصل حياتنا ؟
حتى لا تكون الصورة قاتمة إلى أبعد الحدود , أنا أشارك كثيراً من الشباب فعالياتهم وأرى عدد المتطوعين منهم وأرى أن الخير لا زال يملك عتادا يواجه به جنود الشر لكن يجب أن نتحرك اليوم قبل غد , يجب على أفراد المجتمع أن ينسوا كل خلافاتهم السياسية والطائفية وأن يقفوا مع إخوانهم رجال الأمن في خندق مواجهة تلك الحالات قبل أن تتحول إلى ظواهر تستفحل ويصعب السيطرة عليها.
لا أريد أن يكون الحديث هنا عن تلك المدرسة بذاتها لأنني على يقين أن تلك الأفعال تطال كل مدارس النات الثانوية في مختلف أنحاء الجمهورية، ولذلك أتمنى على جهات الاختصاص سرعة وضع الخطط المدروسة لتأمينها وكذا التعاون مع وزارة التربية ومكاتبها في تفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين لمعالجة ما يمكن علاجه من حالات أولئك الشباب مع الأخذ بعين الأعتبار أن واقع التجربة يؤكد ما جاء في الأثر عن أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .
همسة أمنية :
حزام الأمان يقيكم كثيراً من الخسائر عند وقوع حادث لا سمح الله , لا تنتظروا فرضه بقوة سندات المخالفة واجعلوه ثقافة تدل على التزامكم بقواعد المرور الآمن.
دام اليمن ودمتم بإذن الله سالمين.
قائد شرطة الدوريات الراجلة – سابقا
alwajih@yahoo.com
__
الأمن والمجتمع دعم المجتمع
اخبار الساعة - عقيد/عبدالغني علي الوجيه