أخبار الساعة » شخصيات ومشاهير » اجتماعية

اسلم على يده أكثر من 11 مليون شخص.. رجل بأمة .. الشيخ الدكتور: عبد الرحمن السميط رحمه الله (سيرته)

- ويكيبيديا + متابعة خاصة

عبد الرحمن بن حمود السميط (15 أكتوبر 1947- 15 أغسطس 2013) داعية كويتي ومؤسس جمعية العون المباشر - لجنة مسلمي أفريقيا سابقاً - ورئيس مجلس إدارتها، ورئيس مجلس البحوث والدراسات الإسلامية،ولد في الكويت عام 1947. أسلم على يديه أكثر من 11 مليون شخص في إفريقيا  بعد أن قضى أكثر من 29 سنه ينشر الإسلام في القارة السمراء  ما يقرب حوالي 972 مسلماً يومياً في المعدل. قبل أن يصبح ناشطاً في العمل الخيري، كان طبيبا متخصصاً في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي. تخرج من جامعة بغداد بعد أن حصل على بكالوريوس الطب والجراحة، ثم حصل على دبلوم أمراض مناطق حارة من جامعة ليفربول عام 1974، واستكمل دراساته العليا في جامعة ماكجل الكندية متخصصًا في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي.

نال السميط عدداً من الأوسمة والجوائز والدروع والشهادات التقديرية مكافأة له على جهوده في الأعمال الخيرية ومن أرفع هذه الجوائز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام والتي تبرع بمكافأتها - 750 ألف ريال سعودي - لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء أفريقيا ومن عائد هذا الوقف تلقت أعداد كبيرة من أبناء أفريقيا تعليمها في الجامعات المختلفة.

تعرض في أفريقيا لمحاولات قتل مرات عديدة من قبل المليشيات المسلحة بسبب حضوره الطاغي في أوساط الفقراء والمحتاجين، كما حاصرته أفعى الكوبرا في موزمبيق وكينيا وملاوي غير مرة لكنه نجا. بالإضافة إلى لسع البعوض في تلك القرى وشح الماء وانقطاع الكهرباء. وتسلق جبال كلمنجارو في سبيل الدعوة إلى الله  وتعرض في حياته لمحن السجون وكان أقساها أسره على يد البعثيين.

قضى ربع قرن في أفريقيا وكان يأتي للكويت فقط للزيارة أو العلاج  كما مارس الدعوة في كل من الأسكيمو والعراق. كانت سلسلة رحلاته في أدغال أفريقيا وأهوال التنقل في غاباتها محفوفة بالمخاطر وذلك بتعريض نفسه للخطر لأجل أن يحمل السلام والغوث لأفريقيا بيد فيها رغيف ويد فيها مصباح نور وكتاب، وسلاحه المادي جسده المثخن بالضغط والسكر والجلطات وأما سلاحه الإيماني الذي حسم معارك السميط في سبيل الله والمستضعفين فآيات استقرت في قلبه.

استمر السميط يعمل في الدعوة بعد أن طعن في السن وثقلت حركته وأقدامه ورغم إصابته بالسكر وبآلام في قدمه وظهره. وفي أواخر سنواته استحالت حالته الصحية غير مستقرة وأخذ يعاني من توقف في وظائف الكلى وخضع لعناية مركزة في مستشفى مبارك الكبير. واستمر على تلك الحال حتى توفي يوم الخميس 15 أغسطس 2013.

الطفولة

أحب السميط القراءة منذ صغره حتى أن والده هدده في أكثر من مرة أنه لن يصطحبه إلى السوق، لأنه كان إذا رأى صفحة جريدة أو مجلة ملقاة على الأرض ركض لالتقاطها وقراءتها أثناء المشي، وكثيراً ما كان يصطدم بالناس بسبب عدم الانتباه إلى الشارع، وقد أمضى فترة طويلة يتردد على مكتبة حولي العامة للقراءة، وكانت تضم أمهات الكتب، هذه القراءة فتحت عينيه على معلومات مهمة لم تكن متاحة لأقرانه، وقراءاته كانت متنوعة حيث شملت العلوم الشرعية والأديان الأخرى والسياسة والاقتصاد وغيرها، وكان من عادته إذا أمسك بكتاب مهما كانت عدد صفحاته لا يتركه حتى ينهى قراءته. وفي بعض الأحيان كان يذهب إلى مكتبة حولي قبل موعد الدوام ليكون أول الداخلين إليها وعندما تغلق أبوابها يكون آخر الخارجين. وكانت معظم أمواله متجهة إلى شراء الكتب من المكتبات خاصة التي كانت تأتي من مصر.

إلى جانب ذلك كان متديناً بطبعه منذ أن كان عمره 6 سنوات، حريصاً على الصلوات خاصة صلاة الفجر، وكان أهل الحي يطلقون عليه "المطوع"، كما أن اشتراكه في الكشافة لمدة 7 سنوات ترك في حياته بصمات واضحة من حيث التكوين الإسلامي وتحمل المشاق والصبر على شظف الحياة. وبسبب حبه للقراءة وإقباله على مطالعة الفكر المناوئ للإسلام كان بهدف البحث عن الحقيقة وتوسيع مداركه ومعارفه، وكان كلما قرأ في النظريات اليسارية والماركسية وغيرها ترسخت في عقله ووجدانه عظمة وأهمية الإسلام وأزداد فخراً وعزاً بالانتماء إليه، بسبب اعتباره أن في تلك النظريات أفكار غثة وخرافات وأساطير تصطدم بالفطرة الإنسانية، مما كان يدعوه إلى التمسك بالإسلام والدعوة إليه والعمل على نشره حتى أصبح من المؤمنين بأن الإسلام سبق جميع النظريات والحضارات والمدنيات في العمل التطوعي والإنساني وغيره.
التعليم والعمل

نشأ عبد الرحمن السميط في الكويت وتعلم في مدارسها حتى المرحلة الثانوية ثم ابتعث في يوليو عام 1972 إلى جامعة بغداد للحصول على بكالوريوس الطب والجراحة. غادر بعدها إلى جامعة ليفربول في المملكة المتحدة للحصول على دبلوم أمراض المناطق الحارة في أبريل 1974 ثم سافر إلى كندا ليتخصص في مجال الجهاز الهضمي والأمراض الباطنية. تخصص في جامعة ماكجل ـ مستشفى مونتريال العام ـ في الأمراض الباطنية ثم في أمراض الجهاز الهضمي كطبيب ممارس من يوليو 1974 إلى ديسمبر 1978 ثم عمل كطبيب متخصص في مستشفى كلية الملكة في لندن من عام 1979 إلى 1980. ثم عاد إلى الكويت عاملاً فيها بعد سنين الخبرة في الخارج،حيث عمل إخصائياً في أمراض الجهاز الهضمي  في مستشفى الصباح في الفترة من 1980 - 1983 ونشر العديد من الأبحاث العلمية والطبية في مجال القولون والفحص بالمنظار لأورام السرطان، كما أصدر أربعة كتب هي: لبيك أفريقيا، دمعة على أفريقيا، رسالة إلى ولدي، العرب والمسلمون في مدغشقر، بالإضافة إلى العديد من البحوث وأوراق العمل ومئات المقالات التي نشرت في صحف متنوعة، تولى منصب أمين عام جمعية مسلمي أفريقيا عام 1981 وما زال على رأس الجمعية بعد أن تغير اسمها إلى جمعية العون المباشر في 1999. منذ 1983 تفرغ السميط للعمل في جمعية العون المباشر كأمين عام ثم رئيس مجلس الإدارة حتى 2008 وهو حالياً مدير مركز أبحاث دراسات العمل الخيري في الكويت.

كان السميط ممن تشغله قضية تحري الحلال والحرام، فقد أمضى 5 سنوات في كندا و3 سنوات في بريطانيا لم يدخل أية مطاعم ولم يتناول مأكولاتها خشية الحرام حتى الجبن لا يتناوله خاصة بعد أن اكتشف أنهم يستخدمون في صناعته مادة الرنيت أحياناً ومصدرها الخنزير أو أبقار لم تذبح حسب الشريعة الإسلامية. وعندما زارهم الشيخ القرضاوي سألوه عن أكل هذه الأجبان فأجازها، واحتراماً منه لرأي الشيخ وتقديراً لمكانته ذهب إلى السوق واشترى جبناً لأبنائه ولكنه لم يأكل منه. وكان السميط طبيباً إنسانيًا، إذ عُرف عنه تفقده أحوال المرضى، في أجنحة مستشفى الصباح - أشهر مستشفيات الكويت - وسؤالهم عن ظروفهم وأحوالهم الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، وسعيه في قضاء حوائجهم، وطمئنتهم على حالاتهم الصحية، بعد أن ينتهي من عمله المهني.

من أبحاثه العلمية

    الفتحة بين البنكرياس والقولون ـ نشرت في مجلة الجمعية الطبية الكندية في الفاتح من أبريل عام 1978.
    سرطان بقايا المعدة بعد جراحة القرحة الحميدة ـ بحث قدم في مؤتمر الكلية الملكية للأطباء في كندا ـ مدينة كويبك ـ فبراير 1979.
    الفحص بالمنظار للورم الأميبي بالقولون ـ نشر في مجلة منظار الجهاز الهضمي ـ عدد 3/1985 في الولايات المتحدة الأمريكية.
    دراسة أهمية المنظار الطارئ في حالات نزيف الجهاز الهضمي (تطبيقات في 150 حالة). بحث ألقي في مؤتمر الجهاز الهضمي في مستشفى مونتريال لعام 1978.
    فيتامين (B12) كعامل لعلاج سرطان الكبد (لم ينشر).

أعمال الخير

المساهمات في الجمعيات والمؤسسات

شارك في تأسيس ورئاسة جمعية الأطباء المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا 1976 م. كما شارك في تأسيس فروع جمعية الطلبة المسلمين في مونتريال 1974- 1976، ولجنة مسلمي ملاوي في الكويت عام 1980 م، واللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة 1987 م، وهو عضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وعضو مؤسس في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، وعضو في جمعية النجاة الخيرية الكويتية، وعضو جمعية الهلال الأحمر الكويتي، ورئيس تحرير مجلة الكوثر المتخصصة في الشأن الأفريقي، وعضو مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، وعضو مجلس أمناء جامعة العلوم والتكنولوجيا في اليمن، ورئيس مجلس إدارة كلية التربية في زنجبار ورئيس مجلس إدارة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في كينيا. ورئيس مركز دراسات العمل الخيري وحتى تاريخه.]
مساعدة المحتاجين

كانت بداية رحلته مع العطف على الفقراء انه لما كان طالباً في المرحلة الثانوية في الكويت وكان يرى العمال الفقراء ينتظرون في الحر الشديد حتى تأتي المواصلات فما كان منه إلا أنه جمع هو واصدقائه المال واشترى سياره قديمه وكان كل يوم يوصل هؤلاء العمال مجاناً رحمة بهم. وفي الجامعة كان يخصص الجزء الأكبر من مصروفه لشراء الكتيبات الإسلامية ليقوم بتوزيعها على المساجد، وعندما حصل على منحة دراسية قدرها 42 دينارًا كان لا يأكل إلا وجبة واحدة وكان يستكثر على نفسه أن ينام على سرير رغم أن ثمنه لا يتجاوز دينارين معتبراً ذلك نوعا من الرفاهية. وأثناء دراساته العليا في الغرب كان يجمع من كل طالب مسلم دولارًا شهرياً ثم يقوم بطباعة الكتيبات ويقوم بتوصيلها إلى جنوب شرق آسيا وأفريقيا وغير ذلك من أعمال البر والتقوى.

واستمرت معه عادته وحرصه على الوقوف إلى جانب المعوزين وأصحاب الحاجة، حينما شعر صاحبها بخطر المجاعة يهدد المسلمين في أفريقيا، وأدرك انتشار حملات التبشير التي تجتاح صفوف فقرائهم في أدغال القارة السوداء، وعلى إثر ذلك آثر أن يترك عمله الطبي طواعية، ليجسد مشروعاً خيرياً رائداً في مواجهة غول الفقر، واستقطب معه فريقاً من المتطوعين، الذين انخرطوا في تدشين هذا المشروع الإنساني، الذي تتمثل معالمه في مداواة المرضى، وتضميد جراح المنكوبين، ومواساة الفقراء والمحتاجين، والمسح على رأس اليتيم، وإطعام الجائعين، وإغاثة الملهوفين.

الإنتماء

وعن انتماءاته الفكرية والثقافية فقد تقلب في بعض الجماعات الإسلامية كالتبليغ والإخوان المسلمين، فقد أسهموا في تشكيل فكرة، وتكوين وصياغة طريقه، وانتهى به المسار إلى احتراف العمل الخيري بعد أن شعر بلذة ومتعة مساعدة الآخرين الذين هم في أمس الحاجة إلى الحد الأدنى من ضرورات الحياة وخاصة المجتمعات المهمشة في أفريقيا.
دخوله السجن

سجن السميط مرتين، الأولى في بغداد عام 1970 وكاد يعدم، والثانية عام 1990 عندما اعتقلته المخابرات العراقية أثنـاء غـزو العراق للكويت ولم يعرف مصيره وقتها. عذب في بغداد حتى انتزعوا اللحم من وجهه ويديـه وقدميه، ويقول عـن ذلك: كنت على يقـين مـن أنني لن أمـوت إلا فـي اللحظة التي كتبها الله لي.

في أفريقيا

ترك السميط حياة الرفاهية بعد حصوله على شهادة الطب وما تحققه هذه المهنة من دخل كبير وآثر حياة المخاطر من أجل نشر الدعوة الإسلامية القائمة على التوحيد في قارة إفريقيا أفقر قارات العالم وأكثرهاعدم استقرار بعد أن تحركت مشاعر الرحمة في قلبه. فبسببه أسلم ملايين البشر في قرى نائية في أفريقيا، وبسببه سلطت الأضواء على ما تعانيه أفريقيا من فقر فهبت الشعوب المسلمة في مساعدتها فأصبح اسمه مربوطاً بهذه القارة بعد أن نقل عمله من عمل فردي إلى عمل مؤسسي قائم تمثل أولا في جمعية مسلمي أفريقيا التابعة للجنة النجاة الخيرية ثم استقل بجمعية متخصصة لها صفتها الرسمية الخيرية أطلق عليها اسم جمعية العون المباشر. فالسميط لم يتعذر بالإمكانيات المتواضعة في بداية عمله الخيري بل غامر موقناً بأن العمل المخلص لله سيجلب له الإمكانيات التي ستعينه. ضارباً الأمثلة في حب الدعوة ونشرها من خلال العمل الخيري حتى ولو كانت الشعوب المستهدفة شعوباً لا يفهم لغتها ولا يفهم عاداتها وتقاليدها.
البداية

كان السميط من المؤمنين بأن الإسلام سبق جميع النظريات والحضارات والمدنيات في العمل التطوعي الاجتماعي والإنساني، وتعود قصة ولعه بالعمل في أفريقيا حين عاد إلى الكويت في أعقاب استكمال دراساته العليا، حيث تكمن في داخلة طاقة خيرية هائلة أراد تفجيرها فذهب إلى وزارة الأوقاف وعرض على المسئولين رغبته في التطوع للمشاركة في الأعمال الخيرية، غير أن البيروقراطية الرسمية كادت أن تحبطه وتقتل حماسه، لكن قُدّر له أن يسافر إلى أفريقيا لبناء مسجد لإحدى المحسنات الكويتيات في ملاوي، فرأى ملايين البشر يقتلهم الجوع والفقر والجهل والمرض، ويعيشون على مساعدات البعثات التبشيرية، ومن ثم فقد وقع حب هذه البقعة في قلبه ووجدانه وسيطرت على تفكيره.

بدأ السميط من الصفر وكانت أمنيته أن يعمل بإفريقيا منذ أن كان بالثانوية، فقد كان يتمنى أن ينتهي من الطب ثم يذهب إلى هناك وتحقق له هذا الحلم بسبب تبرع إحدى المحسنات في الكويت - زوجة جابر الأحمد الصباح أمير الكويت السابق - والتي طلبت من السميط أن يبني لها مسجد خارج الكويت وفي بلد محتاج فبنى لها مسجد في جمهورية ملاوي في أفريقيا وهناك رأى المبشرين الأوروبيين متمكنين بعملهم، وقد بنوا للسكّان عدّة كنائس، أما المساجد فإن وجد أحدها يكون غالبًا صغير الحجم مبني من القش يتعرض في بعض الأحيان لنهش الأبقار من شدة جوعها والإمام لا يقرأ الفاتحة والناس عراة وهناك أناس لا تلقى شيء تأكله الوجبة عندهم السيما عبارة عن ذره. استمر هو وزوجته في جمهورية ملاوي ثم رحلا إلى أربعين دولة في أفريقيا وبنيا فيها المساجد والمراكز ودور الأيتام والمستوصفات.

كان سبب اهتمام السميط بإفريقيا هو دراسة ميدانية للجنة أكدت أن ملايين المسلمين في القارة السوداء لا يعرفون عن الإسلام إلا خرافات وأساطير لا أساس لها من الصحة، وبالتالي فغالبيتهم - خاصة أطفالهم في المدارس - عرضة للتنصير، وقد نتج عن ذلك أن عشرات الآلاف في تنزانيا وملاوي ومدغشقر وجنوب السودان وكينيا والنيجر وغيرها من الدول الأفريقية اعتنقوا المسيحية، بينما بقي آباؤهم وأمهاتهم على الإسلام.
التطبيق

بدأ السميط عمله الخيري والدعوي والتنموي بدايات بسيطة في دولة الكويت حيث غلفه بطموحات كبرى، وكان ذلك في أواخر السبعينيات الميلادية من القرن الماضي, وكما هي العادة الدنيوية والنواميس الكونية للبدايات ففيها تكون التحديات والصعوبات والأبواب المغلقة، ثلاث أشهر من العمل الشاق والجاد والتواصل الكبير مع الناس في بلد غني مثل الكويت ومع ذلك لم يستطع السميط إلا أن يجمع ألف دولار فقط، خاب أمله بالطبع ومع ذلك لم يرفع العلم الأبيض، ولكن غير الإستراتيجية فتحول من مخاطبة الأغنياء والأثرياء إلى مخاطبة الطبقة الوسطى هناك، وتحديداً الشريحة النسوية، فكانت كنز السميط المفقود، ففتحت عليه أبواب الخير بعد ثلاثة أشهر عجاف، وانطلق بكل قوة نحو حلمه في تنمية وتغيير وتطوير القارة السمراء، ذلك المكان الموحش للبعض، ولكنه للأنفس التواقة التي تعشق التحدي والمغامرة وتطلبها، وكان ذلك النجاح الرهيب والمدوي بكل المقاييس. فكان يجمع التبرعات من الناس العاديه ولا حتى من الدولة.

السميط عاملاً في إحدى مراكز جمعية العون المباشر في إفريقيا.

ترك السميط حياة الراحة والدعة والحياة الرغيدة وأقام في أفريقيا مع زوجته  في بيت متواضع في قرية مناكارا بجوار قبائل الأنتيمور  يمارسان الدعوة للإسلام بنفسيهما دعوة طابعها العمل الإنساني الخالص الذي يكرس مبدأ الرحمة فيجتذب ألوف الناس لدين الإسلام ويعيشان بين الناس في القرى والغابات ويقدمان لهم الخدمات الطبية والاجتماعية والتعليمية، بل زرع السميط حب العطاء وفن القيادة في من حوله، وكان من أبرز من التقط هذا المنهج حرمه أم صهيب التي تبرعت بجميع إرثها لصالح العمل الخيري،وهي أيضاً قائدة بارزة في مجالها، فقد أسست الكثير من الأعمال التعليمية والتنموية وتديرها بكل نجاح وتميز، وهي بدعمها ومؤازرتها أحد أسرار نجاحه أيضاً، وهذه أحد تفاعلات النجاح وخلطاته السحرية، حيث النجاح الجماعي حيث يكون التكامل.

كان السميط يركب السيارة لمده عشرين ساعة وأكثر حتى يصل إلى الأماكن النائية وأحياناً يكون سيراً على الأقدام في الوحل والمستنقعات. تعرض للأذى هو وزوجته وأبنائه. ففى مره من المرات مر على ناس مجتمعين فجلس قريباً منهم من التعب الذي حل به من طول السير وفجئه فوجىء بالناس واحد واحد يأتي ويبصق على وجهه وبعد ذلك اكتشف أنه كانت محاكمه في القبيلة وممنوع الغرباء أن يحضروا. وفى مره من المرات دخل مع زوجته إلى قبيله من القبائل فتعجب الناس من ارتدائها للحجاب وكادوا أن يفتكوا بها لولا أنها انطلقت تجري إلى السيارة.

كان أكثر ما يؤثر في السميط إلى حد البكاء حينما يذهب إلى منطقة ويدخل بعض أبنائها في الإسلام ثم يصرخون ويبكون على آبائهم وأمهاتهم الذين ماتوا على غير الإسلام، وهم يسألون: أين أنتم يا مسلمون؟ ولماذا تأخرتم عنا كل هذه السنين؟ كانت هذه الكلمات تجعله يبكي بمرارة، ويشعر بجزء من المسئولية تجاه هؤلاء الذين ماتوا على الكفر.

قطع السميط على نفسه العهد أن يمضي بقية عمره في الدعوة إلى الله هناك، كان كثيراً ما يتنقل براً وقد سافر بالقطار في أكثر من أربعين ساعة بفتات الخبز، ويقوم بالزيارات التي يقطع فيها الساعات بين طرق وعرة وغابات مظلمة مخيفة وأنهار موحشة في قوارب صغيرة ومستنقعات منتنة. كان هم الدعوة إلى الله شغله الشاغل حتى في اللقمة التي يأكلها، فإذا وصل إلى قرية واجتمع أهلها قال لهم السميط :
« ربي الله الواحد الأحد الذي خلقني ورزقني وهو الذي يميتني ويحييني.»


كلمات يسيرة يدخل بها أعداد منهم إلى الإسلام, كانت طرق الدعوة كثيرة ومتنوعة منها أنه كان يحمل معه ملابس ليقدمها هدية لملوك القرى تأليفاً لقلوبهم إلى الإسلام والحلوى لأطفال القرى من أجل إدخال السرور على نفوسهم. إضافة إلى أن السميط كان شخصاً ملماً بحياة القرى والقبائل الأفريقيا وعاداتهم وتقاليدهم، فالداعية الحق هو الذي يعرف طبيعة من يدعوهم، فليس كل داعية يصلح للدعوة في كل مكان، بل لابد من مواصفات معينة يسبقها العلم التام بطبيعة المدعوين وأحوالهم، وتميز أيضاً بمحاسبة من يعمل معه بكل دقة ويقف بنفسه حتى على طعام الأيتام، وكان يقول:
«أموال الناس التي دفعوها لعمل الخير لا يمكن أن أفرط في ريال واحد منها.»

عبد الرحمن السميط ممسكاً بطفل يعاني من المجاعة. كان السميط شخصاً ملماً بحياة القرى والقبائل الأفريقيا وعاداتهم وتقاليدهم، فالداعية الحق هو الذي يعرف طبيعة من يدعوهم. (فهد السنيدي)



وفي كل مساء عندما يرخى الليل سدوله يقف السميط على الحلقات المستديرة التي تجمع فيها أبناء الأيتام يقرأون القرآن وهو ينتقل من حلقة إلى أخرى ليطمئن على حفظهم للقرآن الكريم ويبتسم في وجوهم، فضلاً عن خروجه بعد العشاء ليطمئن عليهم هل ناموا. كان يقول لمن يسأله عن صنعه:
«يا أخي نحن لا ننتظر شهادات من أحد نحن عملنا في الميدان وننتظر من الله فقط أن يتقبل منا.»

هذا ونادراً ما يقدم السميط مالاً للفقراء ولكن يقدم مشروعات تنموية صغيرة مثل فتح بقالات أو تقديم مكائن خياطة أو إقامة مزارع سمكية، فهذه تدر دخلاً للناس وتنتشلهم من الفقر، وغالباً تترك أبلغ الأثر في نفوسهم فيهتدون إلى الإسلام. إن جهود عبد الرحمن السميط أثمرت عن إسلام ما لا يقل عن 10 ملايين إنسان وعشرات الألوف من القبائل بأكملها وزعماء قبائل ودعـاة لأديان أخرى أسلموا فتحولوا إلى دعـاة للإسلام أنقذهـم الدكتور وساهم في مد يد العون لهم من خلال توفير المسكن والعمل والمستشفيات والمدارس وغيرها من الاحتياجات.

أسلم على يديه وعبر جهوده وجهود فريق العمل الطموح الذي يرافقه أكثر من سبعة ملايين شخص في قارة أفريقيا فقط، وأصبحت جمعية العون المباشر التي أسسها هناك أكبر منظمة عالمية في أفريقيا كلها. يدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب وتمتلك أكثر من أربع جامعات وعدداً كبيراً من الإذاعات والمطبوعات وقامت بحفر وتأسيس أكثر من (8600) بئر وإعداد وتدريب أكثر من (4000) داعية ومعلم ومفكر خلال هذه الفترة وقلب الآلاف من طالبي الصدقة والزكاة إلى منفقين لها بكل جدارة فقد طبق المنهج الإسلامي الواسع في التنمية المستدامة للأمم والشعوب. أسلمت هذه الأعداد لما رأوا من أخلاقه وحبه للفقراء في الوقت الذي كانت فيه بعض الجمعيات التبشيريه البروتستنتيه لاتعطي الطعام أو تعالج الفقراء إلا أن تشترط عليهم الدخول في المسيحيه. بل كان يعرف أن السميط سكن في هذه المنطقة الأفريقية أو زار تلك من خلال التغييرات التي حصلت فيها. فقد تميز بإسهاماته الفاعلة في نشر الدعوة وإغاثة المجتمعات الإفريقية الفقيرة، لاسيما في فترات الجفاف، وحرصه على الوصول إلى المحتاجين في أبعد المواقع، متحملاً قسوة الظروف المناخية والجغرافية. فقد كان السميط داعية بعلمه وعمله وبخلقه وزهده، لم يبغ من الدعوة إلا مرضاة خالقه من باب خدمة خلقه، فلم يسمح لكسب شخصي أو هدف سياسي أو إنتماء حزبي أن يشوب نقاء دعوته أو يشوّه صفاء عباءته.

والسميط لديه قناعة قارة في نفسه وهي أن المسلمين وصلوا إلى أفريقيا قبل أن يصلوا إلى المدينة المنورة، فهناك ـ كما يوضح هو ـ مسجد في جزيرة بتي في كينيا عمره 1320 سنة، هناك مسجد في زنجبار اكتشفته بعثة بريطانية عمره 1370 سنة وما زالت حتى الآن موجودة أطلاله، هناك عشرات بل مئات المساجد موجودة في أفريقيا، خصوصاً في الساحل الشرقي الذي يبدي فيه إهتماماً كبيراً فعمرها أكثر من ألف سنة، ووجدت قبراً في زيمبابوي.

في العراق

بعد أن وضعت الحرب - الأنجلو أمريكية - أوزارها ضد العراق قام السميط بمهمة خيرية لإعانة الشعب العراقي، وكانت جمعية العون المباشر قد خصصت مليوني دولار لدعم الطلاب العراقيين الفقراء وإغاثة الأسر المتعففة، وألقى محاضرة في ندوة في قاعة المركز الثقافي الملحق بملجأ العامرية في بغداد، وفي تلك الأثناء تعرض رئيس الجمعية إلى حادث مروري في منطقة الكوت - 160 كيلومترًا جنوب شرق بغداد - بعد أن اصطدمت السيارة التي كانت تقله ومرافقيه بشاحنة، توقفت فجأة وهو ما أسفر عن إصابته بكسور وجروح متفرقة عولج خلالها في أحد مستشفيات الكوت ثم نقل إلى مستشفى الرازي بالكويت لاستكمال علاجه، وخرج الدكتور من المستشفى معافاً.

في مدغشقر

هاجر الدكتور عبد الرحمن السميط إلى مدغشقر هو وزوجته أم صهيب بشكل نهائي للتفرغ لدعوة قبائل الأنتيمور ومتابعة أنشطة جمعية العون المباشر في أفريقيا. منذ سنوات قاد حب الاستطلاع السميط لزيارة قرية نائية اسمها مكة, ثم بدأ بحثاً علمياً موسعاً عن قبيلة الأنتيمور ذات الأصول العربية الحجازية وهي نموذج من العرب والمسلمين الضائعين في أفريقيا مثلهم قبيلة الغبرا في شمال كينيا والبورانا في جنوب إثيوبيا وبعض السكلافا في غرب مدغشقر والفارمبا في جنوب زيمبابوي, توجب عليه إنقاذهم من الضلال والشرك وأغلبهم ذوو أصول إسلامية. وشعوراً بعظم المسئولية قرر السميط أن يقضي أغلب وقته وأنذر ماتبقى من حياته لصالح قبيلة الأنتيمور، رغم أن الطريق ليس سهلاً.

الأنتيمور

استقر السميط بينهم وبنى بيتاً له لكي يخدم الدعوة في هذه الأصقاع. وعمل أمور كثيرة في خدمة هذه القبيلة من بناء مساجد وكفالة أيتام ودعوة وتعليم وصحة وحفر آبار, وإنشاء مقبرة للمسلمين لعدم توافر واحدة هناك. كل هذا تحت عنوان مشروعه الدعوي المسمى بأسلمة قبائل الأنتمور تفرغ السميط للدعوة في أفريقيا وقرر العيش وسط قبيلة الأنتيمور ذات الأصل العربي المسلم فقدت هويتها وضاع منها دينها وتحولت إلى الوثنية، أصلها من الحجاز هاجرت قبل 800 سنة إلى جنوب شرق مدغشقر، ولم يبق لها من الإسلام إلا تحريم أكل لحم الخنزير وكراهية الكلب وكتابة كتابهم المقدس بالحروف العربية ولكن بلغتهم، لقد نسيهم الدعاة، فنسوا دينهم وعبدوا الأحجار والأشجار. فقرر السميط أن يعيش بينهم في منطقة نائية في مدغشقر ينعدم فيها كثير من الخدمات، لمساعدتهم على العودة إلى دينهم واستعادة هويتهم, عددهم نصف مليون وهم بحاجة إلى جهود كبيرة وأموال كثيرة، خاصة وأن الكنيسة بدأت العمل بينهم منذ 110 سنوات، وقد وضع خطة لنشر الإسلام بينهم لمدة 25 سنة وهو بصدد جمع مبلغ 50 مليون ريال وقفاً على المسلمين الضائعين من أمثالهم. ومن ريع هذا المبلغ سوف ينفق على رواتب الدعاة والقوافل والدورات الدعوية وكفالة الطلبة في المدارس والجامعات والأيتام وحفر الآبار وتنمية المنطقة دعوياً وتعليمياً واقتصادياً وصحياً.

وقد أسلم عشرات الألوف من أبناء هذه القبيلة، ومعدل تكلفة هداية الشخص الواحد للإسلام 312 ريالاً سعودياً، وقيمة السهم الواحد في هذا الوقف 3125 ريالاً سعودياً، وهم بحاجة ماسة إلى كفالة المزيد من الدعاة حتى يسهموا في هداية هذه القبيلة إلى الإسلام، وطبع وترجمة الكتيبات، وبناء دور الأيتام وحفر الآبار. كانت هي آخر بلد عمل بها السميط لكن وجن جنون الجمعيات التبشيريه فقلبت عليه الحكومة حتى طرد من البلد ومنع من العمل الخيري ومنعت عنه التبرعات الخارجيه حتى التبرعات من الملابس والحجه كانت أنه إرهابي.

السميط في لقاء مع فهد السنيدي على قناة المجد الذي يعد اللقاء الأكثر شهره للسميط على التلفاز.



القبائل الأخرى

بعض القبائل المسلمة في غرب أفريقيا فرحت بالسميط كعربي مسلم يزورهم وأهدوه ثوباً ملكياً ونصبوه ملكاً عليهم وعندما عرضوا عليه جارية لخدمته رفض. وفي زيارة للسميط إلى قرية في سوازيلاند لحفر بئر هناك وجد محكمة تقليدية منعقدة تحت شجرة، ولأنه لا يعرف العادات وقف احتراماً للمحكمة، ويبدو أن هذه جريمة في عرفهم فمروا في طابور يبصقون عليه أو يقذفون حرابهم بين أرجله وقالوا إن المفروض أن يحاكمونه لإهانته عاداتهم، طبعاً لم يحفر السميط البئر، ولم يرجع مرة أخرى لهذه القرية. وقد عرض عليه الزواج أكثر من مرة من بنات زعماء إلا أنه مشغول بما هو أهم وهو الدعوة ومن تزوج بالدعوة لا وقت له للزواج من بنات الناس. كما يقول.

في كل سنة يكتشف السميط قبيلة أو اثنتين كانوا مسلمين ولكن بسبب انقطاع الدعاة عنهم، أو بسبب تصرفات رعناء لدعاة لايعرفون الحكمة تحولوا للوثنيه. وقد اكتشف مؤخراً قبيلة اللهويا ثاني أكبر قبيلة في كينيا أسلمت قبل 140 سنه وأقامت مملكة إسلامية هي مملكة مومياس الإسلامية لكن بسبب عدم قيام الدعاة بواجبهم بدأ الانحراف حتى وصلت نسبة الإسلام بينهم الآن إلى 2% وتحتاج إلى برنامج دعوى ضخم وإمكانيات هائله تشمل فتح مدارس ومعاهد وتعيين دعاة وشراء وسائل مواصلات ودعم للطلبه المسلمين في الثانويات والجامعات وترجمة الكتب وأمور أخرى كثير. ويقول السميط: أنا على يقين بأنه لو توفرت الإمكانيات لأستطعنا أن نحقق خططنا خلال 25 عاماً. ونعيد الملايين إلى الإسلام، ولكن أكرر ان هذا يحتاج إلى إمكانيات مالية وبشرية هائلة ولكن الأمل كبير في تعاطف أخواننا المسلمين.

غلاف كتاب خادم فقراء أفريقيا. (مجموعة مؤلفين)
 


النهاية

يقول السميط: سألقي عصا الترحال يوم أن تضمن الجنة لي، وما دمت دون ذلك فلا مفر من العمل حتى يأتي اليقين فالحساب عسير. كيف يراد لي أن أتقاعد وأرتاح والملايين بحاجة إلى من يهديهم وكيف أرتاح بدنياً وكل أسبوع يدخل الإسلام العشرات من أبناء الأنتيمور - قبيلة عربية تعيش في أفريقيا - من خلال برامجنا ونرى كل يوم أن المناوئين للإسلام لا يدخرون جهداً ولا مالاً في سبيل إبعاد أبناء هذه القبيلة التي كانت عربية مسلمة عن الإسلام وينفقون كل سنة عشرات الملايين ولديهم عشرات من العاملين هنا. فقد كرس الدكتور السميط حياته وجميعته جمعية العون المباشر والجمعية الخيرية الدعوية للدعوة في القارة الإفريقية وقد أثمر هذا الكفاح الطويل عن نتائج كبيرة فهناك آلاف الدعاة الذين يعملون في جمعية العون المباشر وهم ممن أسلم على يد الدكتور السميط وأصبحوا دعاة لإإسلام ومنهم قساوسة ورجال دين نصارى اعتنقوا الإسلام.

إنه شخص ترك الدنيا وراءه وانطلق إلى الأمام في خدمة المسلمين في أنحاء العالم ضحى بشبابه وعمره من أجل الفقراء والضعفاء والمساكين وارتبط بهم وعاش معهم. ارتبط اسمه بالقارة الأفريقية وصار معروفاً لدى الكثير من دول القارة السمراء عاش فيها كداعية ومربي وأب للأيتام عايش حالة الناس فيها وساهم في تخفيف معاناتهم تعرض للاخطار حتى كاد أن يفقد حياته من أجل قلوب الضعفاء والمساكين لولا ان تتداركته رحمة من ربه بسب دعاء ألالاف المساكين نجا وتمكن من العيش سنوات وسنوات رغم كل تلك المخاطر. رسم أروع صور التضحية في العالم الإسلامي حتى إستحق أن يلقب بـأبو أفريقيا العربي فهو أب برحمته وحنانه وعطفه على الضعفاء والمساكين وطبيب بارع في دراسته وعمله وداعية إلى الله وإداري ناجح في مشاريعه وإدارته للمؤسسة العون المباشر لجنة مسلمي أفريقيا.

الحالة الأسرية

عندما كان أبناء السميط أطفالاً كانت مرافقته لهم في عطلهم المدرسية هي فرصته لكي يتعرف عليهم ويتعرفوا عليه لأن الصغار منهم لم يتذكرونه إذا جاء إليهم من أفريقيا أما الآن فقد كبروا وتخرجوا جميعاً. ابنه الأصغر عبد الله تخرج طبيباً بيطرياً. ويتمنى السميط أن يرزقه الله الإمكانيه الماديه ليفرغ أصغر أبنائه عبد الله للدعوة في أفريقيا حتى لا يجعله أسير وظيفته، وهو يحب الدعوة في أفريقيا ومارسها سنوات. وهو فيما يرى السميط راغب جداً في العمل في ميدان الدعوة. ولا يمكن أيضاً إهمال أهل الداعية إطلاقاً مالم يتم إشراكهم بالعمل حتى يعرفوا قيمته فإن المنزل يتحول إلى قطعة من الجحيم. فقد قامت زوجة السميط بتربية أولادهما الخمسة خلال غيابه عنهم وتحملت عبئاً ثقيلاً دون أن تشتكى أو تنبس بكلمه. ولولا زوجته لما استطاع أن يتفرغ للعمل الخيري ويشير تكوين الدكتور السميط إلى موسوعيته، وصلابة انتمائه لدينه وأمته، كما تشير مراحل تكوينه أيضاً إلى أن الله حباه شخصية غنية بالمواهب العلمية، والمواهب التأملية، ووهبه شفافية تستقبل ما حولها من أحداث بحساسية عالية، وهي ميزات تنتج الدقة العلمية والعاطفة المنضبطة، التي تكون ثمارها الإنجاز المبهر إن توافرت لها أسباب هذا النجاح.

أحياناً يرتاح الإنسان للشخص الذي يمتلك بشاشة في وجهه أو حلاوة في لسانه وأسلوب خطابه، وأحياناً يرتاح له بسبب ما يراه فيه من إيمان وتواضع وأخلاق رفيعة. السميط استطاع أن يجمع تلك الصفات في شخصيته, وضرب نموذجاً في حب الأعمال الخيرية فهو من الشخصيات الورعة والتقية النادرة. ولم تغره الأضواء ولم يتفاخر بما أنجز ونادرًا ما ظهر في وسائل الإعلام. ويعتقد السميط هو وزوجته وأولاده أنهم وجدوا السعادة في أفريقيا فقد كان بإمكانهم العيش في كندا أو أوروبا وعرِضت عليه فرص رفضها فيقول:«رفضت حتى الإقامة في الكويت مؤخراً بعدما شعرت أني قضيت فترة من حياتي كان بالإمكان نقضيها في عمل خيري أفضل لذلك قررت أن أنتقل إلى إفريقيا وأشعر بالراحة.»

الحالة الصحية في أواخر أيامه

أصيب السميط بثلاث جلطات جلطة بالقلب مرتين وجلطة بالمخ إضافة إلى أنه مصاب بداء السكري ويعاني منه منذ فترة طويلة ويستخدم إبر الأنسولين خمس مرات في اليوم ولديه أدوية لابد من وضعها في الثلاجة وأصيب بالملاريا مرتين عندما كان في الكويت ومصاب بجلطة في القلب عندما كان في الصومال وأجريت له عملية في الرياض وكسرت فخذه وأضلاعه والجمجمة أثناء قيامه بأعمال إغاثة ومساعدة للمحتاجين في العراق فضلاً عن آلام التي يعاني منها في قدمه وظهره وتناوله لأكثر من عشرة أنواع من الأدوية يوماً ومع ذلك لم تثنه هذه المعوقات عن السفر والترحال والبذل في عمله ومشروعه الضخم في تقديم الهداية ودين الإسلام والعيش الكريم ومشاريع التنمية لأناس نسيهم العالم خلف الأدغال. بل كان يوفر الدواء للفقراء ولا يريد أن يأخذ الدواء حتى خاف على نفسه من الموت لأنه كان يهب كل شيء للفقراء ولا يريد أن يأخذ شيء لنفسه. إضافة إلى شلل قد زال وارتفاع في ضغط الدم وجلطات في الساق وتخشن في الركبة يمنعه من الصلاة دون كرسي وارتفاع في الكولسترول ونزيف في العين. ويقول السميط: ولكن من ينقذني من الحساب يوم يشكوني الناس في أفريقيا بأنني لم أسع إلى هدايتهم.

ملصق إعلاني من محبي السميط.

 



رقد السميط في العناية المركزة بمستشفى مبارك الكبير بعد تعرضه لأزمة قلبية استلزمت دخوله للمستشفى. ثم وجه أمير الكويت صباح الأحمد بنقل السميط إلى الخارج للعلاج. وكان السميط قد أدخل مستشفى مبارك الكبير بعد تعرضه لوعكة صحية أدخلته في غيبوبة. وقبل هذا تمكن الأطباء من إجراء عملية غسل كلى السميط التي أوضح ابنه صهيب أنه كان قد استصعب على الأطباء اجراؤها له في اليوم الأول من دخوله للمستشفى بسبب تردي حالته الصحية مما أثر في عمل القلب لديه وأدخله في غيبوبة. وبعد 8 أشهر عاد السميط من رحلة العلاج إلى الكويت قادماً من ألمانيا وقال صهيب أن حالة والده مستقره بصورة عامة وما زال لا يتحرك ولا يرى.

وانشغل المجتمع الكويتي والخليجي والإسلامي بما أصاب عبد الرحمن السميط من جلطة قلبية أدخلته العناية المركزة. وظلت الرسائل الهاتفية والواتساب والتويتر والفيس بوك وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة والاذاعة والشريط الأخباري في القنوات التلفزيونية وحتى الديوانيات كلها تتكلم عنه وتدعو له صباح مساء. فقد اجتمع على محبته وثنائه جميع الأطياف الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، الإسلاميون والليبراليون والمستقلون، الإخوان والسلف، الحضر والبدو، السنة والشيعة، الرجال والنساء. وكان لزيارة رئيس مجلس الوزراء جابر المبارك الصباح للسميط في العناية المركزة بمستشفى مبارك للاطمئنان على صحته الأثر الكبير في اهتمام الحكومة بمثل هذه الرموز المخلصة.

لم يفرق السميط يوما قط بين مسلم وكافر طيلة عقود عديدة في القارة الأفريقية الفقيرة، فهو لم يطعم المسلم ويحرم الكافر بجانبه بل جعلهم سواء لأنهم مشتركون بحق الإنسانية. ولم يطلب يوما شهرة ولا مكانة بل كانت همته خدمة إخوانه المسلمين في أفريقيا من الذين ابتلاهم الله بالمرض والجوع والفقر ولكن الله كافأه فكانت أفريقيا يوم مرضه واشتداد أزمته تصدح له بالدعاء وقامت المساجد في بعض البلدان حسب ما توارد من أخبار بالدعاء في الصلوات له وهنالك الكثير لم نعلمه مما أصاب الناس بمرض السميط.

وفاته

وفي عبد الرحمن السميط يوم الخميس 15 أغسطس 2013م بعد مُعاناة طويلة مع المرض، ومسيرة حافلة في مجال الدعوة الإسلاميَّة والأعمال الخيريَّة، يشار إلى أن نبأ وفاة السميط كان قد أشيع أكثر من مرة، إلا أن نجله - صهيب - أكد الخبر هذه المرة.

وتم تشييع جثمانه في بلده الكويت ظهر الجمعة الموافق 16 أغسطس. بعد وفاته قرر المؤرخ عبد العزيز العويد إصدار كتاب خاص عن حياة الداعية عبد الرحمن السميط يضم جميع ما كتب عنه من سطور وصور وكلمات قيلت في حقه مع إجراء لقاءات ميدانية مع المقربين منه وممن عايشوه، كما اقترح ثابت البالول من السعي لاستثمار سيرتة السميط الإنسانية ومنهجه الدعوي من خلال تخريج أجيال تنتهج خط سيره ليستفيد من تجاربه عملياً الدعاة ممن يرغبون في اقتحام هذا المجال، حيث وضح بأن هذه الإستفادة لا يمكن أن تكون إلا من خلال تبني فكرة إنشاء كلية تخرج جيل دعاة الجديد وتعلمهم كيفية الدعوة والاسلوب التي انتهجه السميط منفرداً في بداية حياته ومع أسرته، واقترح أن تكون الكلية تحت اسم كلية د. عبدالرحمن السميط للدعوة والإغاثة.
ملصق تفاعلي مع وفاة السميط.

كما أطلق رجال أعمال سعوديون مبادرة لتكريم السميط، تتضمن وقفاً تعليمياً في تايلند ومسجداً في إحدى دول البلقان، تقديراً لجهوده الرائدة في مجال الدعوة الإسلامية في قارة أفريقيا، حيث سيحمل الوقف التعليمي اسم الدكتور السميط، وسيقام في العاصمة التايلندية بانكوك، ويهدف إلى تعليم الأطفال المسلمين القرآن الكريم وعلوم الشريعة واللغة العربية الذي تبرعت بانشائه أسرة المهيدب، ويرتفع خمسة طوابق ويتسع لأكثر من 600 طالب في وقت واحد، ويتضمن سكناً للطلاب ووقفاً تجارياً يدر عائدات لتمويل الوقف التعليمي. وأقيمت أمسية خاصة في مدينة جدة بعنوان (وقفة وفاء)، لاستذكار مآثر وجهود الداعية السميط في الدعوة إلى الإسلام في قارة إفريقيا، شارك فيها القنصل العام لدولة الكويت صالح علي الصقعبي، وعدد من الشخصيات السعودية التي زاملت الراحل وعملت معه في بعض المشاريع الدعوية.

وأمر أمير الكويت صباح الأحمد بإطلاق اسم الدكتور عبد الرحمن حمود السميط على أحد شوارع الكويت تقديراً لأعماله الجليلة وخدماته المتميزة في العمل الخيري والإنساني. ونعى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم السميط وأشاد بمناقبه وبما خلفه من إرث كبير في مجال العطاء والعمل الخيري والدعوة إلى الدين الإسلامي. كما نعاه مجلس الوزراء في بيان وصفه فيه بأنه رمز بارز ونموذج مشرف للعمل الخيري الخالص لوجه الله تعالى. ونعت وزارة الخارجية الكويتية الفقيد الذي يعمل منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي كملحق صحي وديني لدى سفارة الكويت في كينيا، مثمنة ارتقاءه بالخير ليصل إلى مستويات شهد له فيها القاصي والداني وعمل بكل جد واجتهاد في إعلاء كلمة الخير والحق والإنسانية من خلال تجربته التي امتدت لما يقارب ثلاثة عقود.
نعيه

    الأمم المتحدة: قدمت مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق إغاثة الطوارئ فالاري آموس، خالص التعازي والمواساة الخاصة لأمير الكويت صباح الأحمد، وعائلة الفقيد والعاملين في جمعية العون المباشر، لوفاة مؤسس الجمعية الدكتور عبد الرحمن السميط في رسالة عزاء تلقاها رئيس الهيئة الخيرية الإسلامية ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الدكتور عبدالله المعتوق.

    قناة اقرأ: عزت قناة اقرأ عائلة الدكتور وأهل الكويت في السميط وسائر الأمة الإسلامية وقالت في بيان رسمي على النت «فإنها تستذكر جهود الدكتور السميط الطبيب الإنسان والداعية المسلم الصادق الذي قرن القول بالفعل فقضى زهرة شبابه بعيداً عن الأوطان في ديار الغربة التي ينفر الناس منها، لقد قضاها في مجاهل أفريقيا وبين قبائلها التي ينهشها الجهل والمرض والتخلف داعياً إلى الله وباذلاً علمه وماله لهم.»

    وقال الكاتب حسين الراوي في نعيه للداعية السميط:

   
عبد الرحمن السميط  عبد الرحمن بن حمود السميط لقد مُت يا سيدي وأنت مُخضب بالنور ومتزين بالشرف، مُت يا سيدي بكبرياء شهد له التاريخ، مُت بعد أن نقشت على جدار الزمن سيرتك بالورد والسنابل والعصافير والفراشات.

ربع قرن وأنت كُنت تدعو إلى الله على علم وبصيرة ورحمة، وعزم استحت منه الجبال الشوامخ. حزمت بين أضلاعك «لا إله إلا الله محمد رسول الله» ثم انطلقت مؤمناً بها، تنشرها في كل قطعة أرض استطاعت قدماك الوصول إليها. تركت «الفلل» المشيّدة بالرخام، وتركت الصالات المفروشة بالسجاد الفخم، وتركت الغرف المُكيّفة، وتركت السرير الناعم الليّن الوثير، لتتجه نحو الجوع والعطش والبرد القارس والحر الشديد من أجل اعلاء دين الله، ولكيّ تكون راية التوحيد خفاقة بمجدها وشموخها، فكنت داعياً في الاسكيمو وداعياً في الصحراء وداعياً في الوديان وداعياً في الأدغال وداعياً في الجبال والقفار والصخور، ولم يُثن عزمك كل الذي واجهته من مليشيات مسلحة وعصابات مارقة ووحوش مفترسة وأمراض فتاكة وقِلّة حيلة وضعف عدد، رغم أن بدنك مثخن ومنهك بمرض الضغط ومرض السُكري وضعف النظر. سيدي الفقيد يا سيد دعاة هذا العصر، رحمك الله عدد ما ترحم المسلم على المسلم، رحمك الله عدد ما نُطقت: «يرحمه الله». ويرحمك الله عدد ما كبر المسلمون، ويرحمك الله عدد ما أسلم على يديك من الناس، ويرحمك الله عدد ما في قلبك الطيب من حُب لله جل جلاله وحُب لرسوله وحُب للإسلام.
    
   
عبد الرحمن السميط
انتقادات


كتب بعض المنتمين للتيارات العلمانية ووالليبرالية عشرات المقالات تنتقد العمل الخيري والتي هددت استمرارية وجود المؤسسات الخيرية الإسلامية في الكويت, وكان المتبرعون يردون بطريقة خاصة، تتمثل في رفع

Total time: 0.0606