ما يزال الحديث عن التنمية والحكم الرشيد في اليمن في مرحلتهما الأولى وبخاصة بعد خروج الشعوب ضد الانظمة البيروقراطية المستبدة التي جثمت على خيرات ومقدرات شعوبها وحقوقها الاساسية عقود من الزمن أدت الي درجة مهينه من التدهور في جميع المجالات التنموية الشاملة ودخولها في مصفوفة الدول الاقل فقرا وتحت خط الفقر فلم يكن للاقتصاد وتنميته مكانه تستطيع الدولة من خلاله مسايرة الدول المنتجة ، فحتى عهد قريب ، وربما قبيل صدور تقارير الأمم المتحدة والإنمائية كان المقصود بالتنمية هو النمو الاقتصادية وأستبدل التركيز من النمو الاقتصادي، إلى التركيز على التنمية البشرية ، والى التنمية المستدامة فيما بعد، أي الانتقال من الرأسمال البشري إلى الرأسمال الاجتماعي وصولاً إلى التنمية الإنسانية ببعدها الشامل، أي الترابط بكل مستويات النشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي بالاستناد إلى نهج متكامل يعتمد على مبدأ المشاركة والتخطيط الطويل الأمد في حقول التعليم والتربية والثقافة والإسكان والصحة والبيئة وغيرها، ويتوخى قدراً من العدالة والمساءلة والشرعية والتمثيل.،
فقد جاء في الأقوال المأثورة للإمام ابن تيمية رحمه الله "يقيم الله الدولة العادلة وان كانت كافره ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمه ، وقد وضع ديننا الإسلامي أسس الحكم الرشيد فساوى بين الناس ودعا للعف عن الأموال العامة، وأسس للتعاقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكومين وطبق الشورى وأشرك العامة في أمر السلطة،
وقد استرشد الغرب في نهوضه بتلك المفاهيم في الحكم الرشيد حتى بدا أقرب للرشد من عالمنا العربي والإسلامي ولذلك تبقى نهضتنا بطيئة طالما قيم النزاهة معطلة والطاقات مهدرة وتصرف في غير نصابها ومآلها، فقد اعتبر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الحكم والتنمية البشرية صنوان لا يمكن فصل الواحد منهما عن الأخر ،فالتنمية البشرية لا يمكن أن تتحقق في غياب حكم جيد، كما أن الحكم لا يمكن أن يكون جيدا ما لم يكفل إحداث تنمية بشرية شاملة ويعتبر مفهوم إدارة الحكم يتناول الآليات والعمليات والعلاقات والمؤسسات التي تمكن الإفراد والجماعات من التعبير عن حقوقهم والتمتع بها وأداء التزاماتهم وتسوية خلافاتهم ،
ولذا فانه يركز على تحسين القدرات على مستوى الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعلى مستوى الحكم المحلى ،وعلى مستوى منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ، فوجود العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني عن طريق الديمقراطية تعبر عن الفعاليات الثقافية والاجتماعية، نظراً لاعتبار الديمقراطية القاعدة الأساسية للتنمية كونها الضامن لتحويل النمو الاقتصادي إلى تنمية إنسانية مستدامة ،
ومع ذلك فقد ظل الحكم الصالح بحاجة إلى تأصيل وتوضيح خصوصاً في المنطقة العربية، التي تعاني من ضعف المشاركة ومركزية الدولة الشديدة وعدم إعطاء دور كاف لهيئات الحكم المحلى ناهيكم عن إبعاد مؤسسات المجتمع المدني من المشاركة وعدم توّفر بيئة صالحة سياسية وفكرية واقتصادية واجتماعية لذلك سواء على صعيد التشريعات أو بسبب ضيق مساحة الحريات الخاصة والعامة وبشكل خاص الحريات الأساسية والصحفية ولكن وفق مواثيق المهن الصحفية وليس كما نشاهد هذه الايام من تدهور للمهنية الصحفية فى كشف الفساد والمفسدين بدلا من كيل الاتهامات والمناكفات الحزبية والمذهبية التي لا تخدم الوطن ،
ولذلك كم يتمنى الشارع اليمني من هيئة مكافحة الفساد ان تقوم بدورها الوطني الملقي على عاتقها وان تعمل على الغاء المادة فى قانون مكافحة الفساد التي لازالت من عهد النظام البائد التي تمنع محاسبة من يتقلد منصب وكيل وزارة او وزير وهو ما كان عائقا امام الهيئة السابقة فى النجاح بدورها حيث كانت مجرد ديكور امام الشعب والعالم ولم نلمس ان تقدم اي مسئول حكومي للنيابة بموجب وثائق وملفات تثبت التورط فى التسبب فى ضياع المال العام واهداره فى غير المكان الذي خصص له ولذلك لا يمكن حدوث التنمية المرجوة لليمن بدون مكافحة الفساد وتطبيق اليات الحكم الرشيد التي ستكون الطريق الافضل لليمن واليمنيين كونها تعمل على ترسيخ دولة المؤسسات والقانون وليس كما يلحظ المواطن فى الشارع ان هناك فساد ومفسدين وان الحاج احمد كما هو لم يتغير حاله وذلك بسبب فساد السلطات المحلية التي كنا نتمنى ان تكون رافدا لليمن نحو التقدم ولكنها زادت من اهدار المال العام والمحسوبية على حساب التعليم والصحة والطرقات والمياه والأمن والاستقرار ، ومع ذلك لا يمكن تبرئة اى مسئول سابق او لاحق فى اي تقصير عن المسئولية التي القت على عاتقة ومن حق الشعب ان يقوم بكشف الحساب والشفافية لكل المسئولين حتى يكون للنجاح مكان وللفشل مكان ولا يمكن تحميل فساد البعض على حساب الحكومة جميعا وهذا ما سيكون له خلال الفترة القادمة.
Adelmozab2012@gmail.com