ظهر مفهوم الجودة منذ زمن بعيد، فهو قديم قدم الحضارة الإنسانية، فنجدة متمثلاًً في آثار الحضارة المصرية القديمة كالأهرامات والسدود ، وفي آثار الحضارة اليمنية كبناء سد مأرب ، وبناء القصور والمدرجات الزراعية، وفي الحضارة الصينية كسور الصين العظيم، وفي الحضارة الإسلامية كالمساجد والقصور، وتطور هذا المفهوم عبر رحلة تطور الفكر الإداري إلى أن وصل إلى مفهوم إدارة الجودة الشاملة، وكان تطور هذا المفهوم ضرورة حتمية فرضتها المتغيرات والتحديات المتلاحقة التي يشهدها العالم باستمرار، فقد يكون من المناسب الإشارة إلى معنى الجودة كما ورد في بعض المعاجم العربية أن الجودة تعنى كون الشيء جيداً،وفعلها الثلاثي جاد وهى تعنى إتقان الشيء وتجويده ،وقد أكد معنى الجودة الحديث الشريف "إن الله يحب أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه " صدق رسول الله صلى الله علية وسلم ، ويشير مفهوم الجودة بصفه عامة إلى التركيز على جودة المنتج والخدمة المتوقعة من أداء العاملين، ويعود الأصل الاستكشافي لكلمة الجودة إلى الأصل اللاتيني ( ( Qualities وتعنى طبيعة الأشياء ، وتعد جودة الخدمة المحور الأساسي لتكوين صورة ذهنية متميزة، ولتحقيق الفعالية التسويقية والميزة التنافسية للمنظمة، والتي من خلالها يمكن للمنظمة أن تقدم خدمة متميزة، لذا أصبحت جودة الخدمة إحدى الأساليب الإدارية التي تهتم بتحقيق الجودة في المنظمات الحكومية ، وقد ظهر هذا الأسلوب الإداري أول ما ظهر في كندا وفي مقاطعة كولومبيا البريطانية، عندما سعت حكومة المقاطعة إلى رفع مستوى الخدمات التي تقدمها للمواطنين ، فقامت بوضع برنامج لرفع جودة تلك الخدمات ، ولقد جاءت جودة الخدمة كنتيجة حتمية للمشاكل التي ترتبت على البيروقراطية العتيقة والقيود التنظيمية، وتسرب الموظفين ، بالإضافة إلى التطور التي شهدها القطاع الخاص ، حتى أصبح يضرب به المثل في الاهتمام بالعميل، وقد زاد الاهتمام في الفترة الأخيرة بقطاع الخدمات بصفة عامة نتيجة للتغيرات الاقتصادية العالمية وخاصة اتفاقية الجات التي لم تقتصر على تحرير السلع المادية بل امتدت لتشمل تحرير التجارة في مجال الخدمات، مما يعنى الاتجاه نحو العالمية في أداء الخدمات ، فقد أصبح من الممكن تبادل الخدمات في الأسواق الدولية (مثل التعليم – الرعاية الصحة... فالتعليم عن بعد أصبح ممكناً عن طريق الاتصال عبر شبكة الاتصال الإلكترونية والإنترنت بين الأستاذ والطالب )، وتعتبر المنظمة الحكومية هي الوسيلة الرئيسية للدولة لإحداث تغيير في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية في المجتمع، وبالتالي يجب على هذه المنظمة عدم الاحتكار في تقديم هذه الخدمات للجماهير، بل يجب عليها أن تعمل على إيجاد الطرق والآليات المناسبة التي من شأنها تقدم خدمة ذات جودة متميزة تنال من خلالها رضاء المجتمع.ولكي تستطيع المنظمات تحقيق أهدافها فلابد من تبنى فلسفة إدارية شاملة تركز على العميل والعمليات التي تؤدى بأسلوب علمي وإداري يواكب العصر، ولعل من أهم الفلسفات الإدارية الحديثة التي تتبنها كثير من المؤسسات الخدمية والإنتاجية هي فلسفة إدارة الجودة الشاملة والمبنية على أساس تأدية العمل الصحيح من أول مرة وفى كل مرة.
adelmozab2012@gmail.com
ثقافة الجودة المؤسسية
اخبار الساعة - د. عادل معزب