أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

ثورة مصر.. اليمن..حذار من تجاهل الشعوب!

- محمد رشاد عبيد

ربما أن الحكومة المركزية اليمنية في صنعاء، لم تستفيد من دروس انتفاضة الكرامة في تونس، التي أشعلها محمد البوعزيزي، بعدما أضرم النار في جسده الطاهر، أو إنتفاضة الغضب في مصر التي تحركت بسرعة وتطورات غير متوقعة، أسرع بكثير من تونس، التي استغرق الشعب فيها 14 يوماً للتخلص من نظام بن علي الطاغية، بينما أحتاج الشعب المصري 4 أيام لفعل الشيْ نفسه، بل نجزم أنها أي حكومة صنعاء لم تستوعبها بكل المقاييس، وهي التي تدير ظهرها لأكثر من 24 مليون إنسان، هم عدد سكان اليمن منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت، الذي ينحدر أكثر من 45% منهم إلى تحت خط الفقر العالمي، حسب صندوق النقد الدولي؛ وإلا لما كانت أقدمت على مواجهة مظاهراتٍ طلابية يقودها صحافيين وصحافيات وتعاملت معهم بطريقة خشنة وأطلقت الرصاص الحيَّ صوبهم، واعتقلتهم في وضح النهار،أو اختطافهم في عز الليل، مثلما حدث مع الصحافية والزميلة توكل عبد السلام كرمان، رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود اليمنية، التي اعتقلتها السلطات اليمنية من أمام زوجها، وبالقرب من منزلها الساعة العاشرة من ليل السبت الماضي 22 كانون الثاني- يناير الجاري،عندما كانت تستقل سيارة تاكسي أجرة عائدة إلى بيتها،   ، وتم الإفراج عنها صباح الاثنين الماضي 24 كانون الثاني- يناير الجاري، بعد مسيرات وتظاهرات جماهيرية صاخبة قادها أكاديميون في العديد من محافظات اليمن ، وكذلك الشوارع في محافظات صنعاء وإب وتعز.. ومحافظات أخرى ترفض اعتقالها، وتعتبر ذلك انتهاكاً سافراً لحق التظاهر السلمي الذي كفله الدستور اليمني، وطالبت بسرعة الإفراج الفوري عنها. وكذلك حقوقيون ومحامون أمثال المحامي والناشط خالد الآنسي والصحافي رداد السلامي، اللذان اعتقلا وزج بهما مع العشرات من المتظاهرين في سجن 22آيار-مايو غرب العاصمة صنعاء، أو اختطاف الأمن القومي اليمني سياسيون مثلما حدث مع نائف القانص القيادي في اللقاء المشترك، رئيس لجنة العلاقات الخارجية لحزب البعث الاشتراكي المعارض قُطر اليمن، بعدما شارك الاثنين الماضي في مظاهرة أمام مكتب النائب العام بصنعاء تطالب بالإفراج عن الصحافية توكل كرمان وزملائها المتظاهرين الآخرين المعتقلين في سجون الحكومة في صنعاء. نعود لنقول أن النظام اليمني يتخبط تجاه الشارع اليمني الغاضب، وبات يصب المزيد من الزيت السريع الاشتعال، على نار الاحتجاجات الصاخبة والحضارية – السلمية، الحاصلة هذه الأيام في الشارع اليمني ليس في العاصمة صنعاء وحسب وإنما في معظم إن لم نقل جميع المدن اليمنية، في عمران ومأرب والجوف في الشمال الشرقي لليمن، إلى ذمار والبيضاء وإب وتعز.. وبقية مدن الجنوب اليمني جنوباً،بقيام سلطات الحكومة اليمنية باعتقال أولئك المتظاهرين العزل والطلبة والخريجين الجامعيين، الغاضبين من اصطفافهم في طوابير بطالة وفقر طويلة منذ سنوات، واختطاف الصحافيين والصحافيات ومصادرة كاميراتهم وأجهزتهم المحمولة، والاعتداء عليهم بالضرب بالهراوات ومؤخرات الكلاشنكوفات التي يحملها أفراد قوات الأمن المركزي ومكافحة الصحوة الشعبية، أو الشغب كما تسمية الأنظمة العربية الفاسدة، واختطاف السياسيين من قادة المعارضة، دون أي مبرر مقنع لذلك ولا يمكن أن يخدم الحكومة المركزية في صنعاء بكل المقاييس، وربما يشعل ثورة في الشارع اليمني يصعب إخمادها على غرار تونس، وحالياً في الشقيقة مصر.. فيفترض أن القيادة اليمنية ومستشاريها وبطانتهم الفاسدة، يعرفون جيداً أن زمن القمع بكافة أشكاله، والتعتيم الإعلامي، ومصادرة كاميرات الصحافيين واعتقالهم عند أداء واجبهم المهني، أخفاءً للحقائق، وكذلك الإرهاب العسكري للأنظمة العربية الفاسدة تجاه شعوبها ، قد ولى إلى غير رجعةٍ، فعدم السماح لقنوات إعلامية فضائية مهنية كالجزيرة مثلاً، من العمل في تونس وفتح مكتبٍ هناك، من قبل نظام الرئيس التونسي المخلوع بن علي، لم تمنع الشعب التونسي والشريحة المثقفة والمتعلمة الشابة، من تصوير أحداث تلك الاحتجاجات والمظاهرات اليومية(انتفاضة الكرامة)، وكشف العنف الذي مارسته المؤسسة الأمنية الرئاسية التابعة لزين العابثينَ بن علي، وبالصوت والصورة الحية، عبر كاميرات هواتف محمولة صغيرة، أقل دقة ومهنية من كاميرات القنوات الفضائية الحديثة، واستطاع إيصالها ونشرها عبر مواقع إلكترونية وصفحات "الـيوتيوب" التفاعلية، مثل شارك على قناة الجزيرة مباشر القطرية.. فما كان لدى ما تبقى من نظام الرئيس التونسي المخلوع سوى قبول فتح مكتب للجزيرة في العاصمة تونس مؤخرا.ولم تنجي صرخات بن علي القائلة بإطلاق الحريات الصحافية والعامة لشعبة الغاضب، وقوله أن لا رئاسة أبدية في تونس، وأن سيعمل على تخفيض الأسعار.. وأن مستشاريه ضللوه.. بعد فوات الأوان، لم تنجيه من غضبة شعبة، الذي مل من كذبه وفساده ودكتاتوريته وخداعه، الذي استمر 23 عاماً، وأراد إلا أن يكسر قيوده، ويقضي على فساده ويرفض بقاء رجاله ورموز نظامه البائد في أي حكومة قادمة. والحال لا يختلف ولن يختلف كثيراً في مصر سوى في عامل الزمن وربما المفآجأت ، مثلما تفأجأ الجميع بتحرك الفيل المصري، إى أنه لم يكن مستبعداً.فمتى يعتبر الرئيس اليمني صالح؟ ويصم أذنيه عن مستشاريه وبطانته الفاسدة، ويأمر بتخفيض أسعار المواد الغذائية الأساسية للبقاء إلى النصف(المشتعلة في أسواق اليمن)، وكذلك أسعار المشتقات النفطية، ونصيحتنا له بعدم تصديق بطانته والكف عن التعامل بالقمع وتجاهل مطالب الشارع اليمني، الذي بدأ ينتفض. 

محمد رشاد عبيد

صحافي ومحرر الشؤون السياسية في صحيفة الحرة.  

 

Obeid2008@hotmail.com

Total time: 0.0431