أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

الباحث المودع: أعضاء لجنة تحديد الأقاليم ديكور لتمرير أجندات هادي في تقسيم اليمن

- حوار

الفيدرالية ستؤدي إلى المزيد من الفراغ السياسي والضعف في السلطة بشكل عام ونشوء كيانات سياسية مستقلة في أماكنها تضعف الهوية السياسية الجامعة.. الناشط والمحلل السياسي/ عبد الناصر المودع يتحدث في هذا الحوار الذي أجرته "أخبار اليوم" معه عن ضعف القاعدة السياسية للرئيس/ عبد ربه منصور هادي, الذي قال إنه لا يمتلك أي مشروع سياسي حقيقي يلتف حوله الناس، ليبحث عن مواقع سياسية يتكئ عليها باستمرار بقاء اليمن تحت الوصاية الدولية...

 

 إلى الحوار:

 

 

·       تمزيق للهوية وتسويق للوهم..

 

*كيف تقرؤون التوجه لتقسيم اليمن إلى أقاليم دون دراسات علمية؟

 

ـ الفيدرالية أتت بغرض إعادة النظر في وحدة 90وكان يقف وراء هذه الفكرة- حينها- الحزب الاشتراكي وقوى أخرى في الدولة، وحالياً يقف الرئيس هادي وراء هذه الفكرة وأعتقد أنه ليس هناك من حاجة إدارية أو حتى اقتصادية للفيدرالية لأنها ستؤدي إلى مشاكل كبيرة لليمن التي لا تعاني من المركزية السياسية حتى يعاد النظر في السلطة؛ فاليمن يعاني من فراغ سياسي.. واللامركزية السياسية- من خلال الفيدرالية- ستؤدي إلى المزيد من الفراغ السياسي والضعف في السلطة بشكل عام, ونشوء كيانات سياسية مستقلة ستؤدي إلى إضعاف الهوية السياسية الجامعة وإضعاف فكرة الدولة بشكل عام.

 

* صيغة للفوضى..

 

*هل سيؤدي الفراغ السياسي الذي ذكرت إلى المزيد من الفوضى والانفلات الأمني؟

 

ـ بالتأكيد الفراغ السياسي ينتج عنه فراغ أمني، وهو ما يعني انتشار الجريمة بشكل عام والجريمة السياسية بشكل خاص.. ولهذا فالفيدرالية في دولة هشة مثل اليمن تزيدها هشاشة؛ ومن ثم فإن الفيدرالية هي صيغة للفوضى أكثر من كونها وسيلة للدمج كما يروج لها الفريق الحاكم الحالي وعلى رأسه الرئيس هادي, الذي يحاول تسويق الفيدرالية وكأنها الحل السحري للمشاكل, فيما الحقيقة أنه يسوّق للوهم.

 

*ماذا تقصد بتسويق الرئيس للوهم..؟

 

ـ الرئيس هادي رهن مصيره السياسي بمؤتمر الحوار- الذي كان يراد له أن يخرج بأي صيغة وتحديداً في شكل الدولة، من أجل أن يمنح الرئيس هادي صيغة ما للتمديد- وتبني الرئيس هادي للفدرالية بهذا الشكل، يريد من خلاله إيهام الناس بأن مؤتمر الحوار قد نجح وبأن الفيدرالية ستحل كل مشاكل اليمن، وهو بذلك يسعى لمنح نفسه إنجازات تعوضه عن إخفاقه في أكثر من ملف, فالفيدرالية بالصيغة التي يتحدثون عنها لن تبقي لا الشمال موحداً ولا الجنوب ولا اليمن بشكل عام دولة طبيعية.. فالانقسامات ستزداد داخل النخبة السياسية والأحزاب السياسية الوطنية سيتراجع حجمها وأهميتها لصالح الأحزاب المناطقية والفئوية والمذهبية وغيرها، والتي ستعمل الفيدرالية على ازدهارها ونموها, كما أن الفيدرالية بصيغة الأقاليم ستؤدي إلى المزيد من المركزية والتعقيدات الإدارية والنفقات غير الضرورية.

 

*كيف يمكن للفيدرالية أن تزيد المركزية؟

 

ـ في الوضع الحالي هناك مستويان للسلطة يتعامل معهما المواطن، وفدرالية الأقاليم ستعمل على إضافة مستوى جديد أمام المواطن، فعلى سبيل المثال حين يكون للفرد معاملة ما فإنه سيمر بالمعاملة في محافظته ومن ثم في الإقليم وبعد ذلك في الحكومة المركزية.

 

*ولماذا تعتقد بأن المعاملات ستكون على هذا النحو؛ ألن تحل الفيدرالية هذا التعقيد كما يقال؟

 

ـ من ينادي بالفيدرالية إما أنه جاهل بوضع اليمن أو أن له أجندة خفية؛ فاليمن لا يعاني من المركزية السياسية، ولكنه يعاني من اللامركزية السياسية، والتي نلاحظها في ضعف الدولة وعدم تطبيق القانون، وما يعانيه اليمن هو المركزية المالية والإدارية، وهي مركزية ستبقى في معظم مناطق اليمن, كون الموارد العامة ستظل مرتبطة بالمركز, حيث أن مصدر هذه الموارد هي عائدات النفط والغاز والدعم الخارجي، وهذه الموارد ليست متوفرة في الوقت الحالي إلا في ثلاث محافظات فقط، وهي محافظات "مأرب وحضرموت وشبوة" وسكان هذه المحافظات لا يزيدون عن 10% من سكان اليمن، وهؤلاء فقط من سيستفيد من الفيدرالية في حال أصبح لهم نصيب في الموارد النفطية والغازية، أما بقية السكان فإنهم سيظلون تابعين للحكومة المركزية التي ستتحكم في توزيع الموارد السيادية عليهم، وفي حال تم استحداث الأقاليم فإن هذه الأقاليم ستمثل عبئاً مالياً وإدارياً جديداً على الدولة ولن تضيف فوائد كما يتم تسويقه من قبل الرئيس هادي وفريق المطبلين. 

 

* رئيس يتسول الشرعية ويواجه ثورة..

 

*إذاً ما مصلحة الرئيس هادي وبن عمر من هكذا حل؟

 

ـ الرئيس هادي قاعدته السياسية ضعيفة ولم يمتلك أي مشروع سياسي حقيقي يلتف حوله الناس، لم يستطع- خلال السنتين الماضيتين- أن يظهر للعالم بأنه رئيس ذو مشروع سياسي حقيقي، ولهذا السبب هو يبحث عن مواقع سياسية يتكئ عليها، يبحث عن شرعية، كون شرعيته ناقصة لأنه- كما نعرف- رئيس توافقي تم انتخابه دون أي تنافس، وبالتالي هو يحاول البحث عن الشرعية من خلال الترويج للفيدرالية وادعاء نجاح مؤتمر الحوار وهو المؤتمر الذي تم سلق مخرجاته وكلفتتها في دقائق في مخالفة صريحة للنظام الأساسي الخاص به، وقد رأينا كيف أن الرئيس هادي استخدم كل أدوات القسر والضغط في اللحظات النهائية للمؤتمر وتمت الموافقة على وثائق المؤتمر وقراراته التي تجاوزت أكثر من الف وثمانمائة قرار وموجه بطريقة الصياح والهتاف، والتي تشبه ما كان يحدث في المؤتمرات الشعبية الخاصة بمعمر القذافي وجماهيريته الفريدة.

 

*ماذا يعني ذلك إذا؟

 

ـ كل ذلك يدل على أن الرئيس هادي يتصرف بدون روية أو رؤية سياسية ويظهر تخبطه وكل هذه الإجراءات والأعمال ليس لها أفق سياسي حقيقي للرئيس هادي، كون الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية ستزداد تدهوراً وحينها سيضعف موقع الرئيس هادي وقد تظهر ثورة أخرى ضد الرئيس هادي، وحينها لن ينفع الرئيس هادي العالم الخارجي الذي يستقوي به ويتكئ عليه، حيث يلاحظ أن الرئيس هادي يسعى لإدامة الوصاية على اليمن ليعوض النقص في الدعم السياسي الداخلي, غير أن التجارب للشعوب الأخرى أثبتت أن العالم الخارجي ليس بديلاً مضموناً ولا دائماً عن الإنجاز الحقيقي والتأييد الشعبي.

 

وفي هذا الصدد نلاحظ أن الرئيس يستعين بجمال بن عمر لتعزيز موقعه السياسي، وهو ما يجعل جمال بن عمر وكأنه قد أصبح مستشاراً للرئيس هادي وليس مستشاراً للأمين العام للأمم المتحدة، فلا يخلو تصريح لبن عمر دون الإشادة بالرئيس هادي ومطالبة العالم الخارجي بتأييده ودعمه، وكأنه أصبح وكيلاً للرئيس هادي في الأمم المتحدة وليس العكس..

 

* مزيد من الوصاية والمراحل الانتقالية..

 

* إلى ماذا يشير ذلك؟

 

ـ هذا الوضع كله يشير إلى أن اليمن تتجه إلى المزيد من الوصاية الخارجية وإلى المزيد من المراحل الانتقالية التي لا يبدو أننا سنخرج منها في المستقبل المنظور إذا استمرينا على هذا النحو..

 

فاقدو الشرعية يمزقون اليمن..

 

*ما تعليقكم على الطريقة التي تشكلت بها لجنة تحديد الأقاليم؟

 

ـ في لجنة تحديد الأقاليم تم اختيار شخصيات لديها مواقف مسبقة وأغلبية أعضائها لا يمثلون قوى سياسية حقيقية وهم عبارة عن ديكور تحت إمرة الرئيس هادي الذي اختارهم وفق معاييره وأجندته للتقسيم، وبالتالي هم عبارة عن غطاء لتمرير رغبة الرئيس هادي في تقسيم اليمن، فهم ليسوا منتخبين من الشعب ولا يمتلكون شرعية, مثلهم مثل الرئيس هادي لا يمتلك شرعية حقيقية.

 

*خلاصة القول؟

 

ـ في المجمل تقسيم اليمن أمر سيادي يخص الشعب اليمني فقط ولا يخص حزباً أو طرفاً سياسياً كما لا يخص الأمم المتحدة.. ومن المفترض أن يقرر الشعب اليمني مصيره عبر ممثلين منتخبين ومن خلال تعديلات دستورية واستفتاء شعبي عن هذه التعديلات, كون الشعب اليمني هو المعني، وغير ذلك فكل الإجراءات غير شرعية وفاقدة لقيمتها القانونية والشرعية والسياسية.

 

حوار/ عبد الحافظ الصمدي

المصدر : اخبار اليوم

Total time: 0.8414