أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

أوباما يحذّر موسكو من التدخل العسكرى فى أوكرانيا

- متابعة
واشنطن خرجت بعض الشىء عن تحفظها الدبلوماسى تجاه التحركات الروسية فى أوكرانيا. كما أنها أعربت وبنبرة أشد عن قلقها العميق تجاه تفاقم الأزمة، وكررت القول بأن التدخل العسكرى الروسى «خطأ فادح»، وأن ما يحدث سيكون له «ثمن» إلا أنه رغم هذا الموقف المعلن من جانب الرئيس أوباما فإن واشنطن كانت وما زالت لديها «خيارات محدودة» فى مواجهتها مع موسكو.
 
وقد حرص الرئيس الأمريكى أوباما، فى بيان مقتضب قرأه مساء يوم أول من أمس الجمعة بالبيت الأبيض، على أن يبدى قلق واشنطن العميق تجاه «التحركات العسكرية من جانب روسيا داخل أوكرانيا»، محذرًا أنها «سوف تدعو لتنديد الدول حول العالم». واكتفى أوباما بقراءة البيان، ولم يرد على أسئلة الصحفيين. وكان توالى الأنباء الواردة من أوكرانيا طوال يوم الجمعة يؤكد قرب التدخل العسكرى الروسى، ومن ثم ضرورة بل حتمية خروج واشنطن عن صمتها، وأيضًا الابتعاد عن حرصها فى الأيام الأخيرة على التأكيد بأنها لا تريد العودة إلى أجواء الحرب الباردة.
 
وعلى الرغم من أن أوباما لوّح بأن الخطوات الروسية لها «ثمن» فإنه لم يحدد بالضبط ما سوف يكلف روسيا. ولا شك أن أوباما لا يملك إلا خيارات محدودة فى الرد على التدخل الروسى فى القرم أو فى أوكرانيا بوجه عام. وحسب ما نقل عن مسؤولين أمريكيين فإن أوباما فى إمكانه أن يلغى اشتراكه فى قمة مجموعة الدول الثمانى الكبرى فى سوتشى، والمزمع عقده فى يونيو القادم. كما أن الإدارة فى إمكانها (كما قيل) أن تقطع أيضًا ما يجرى بينها وبين الحكومة الروسية من مفاوضات لاتفاقية تجارية محتملة. وكانت روسيا قد أرسلت خلال الأسبوع الماضى وفدًا إلى واشنطن لدراسة ومناقشة علاقات تجارية أكثر مع أمريكا.
 
وقد حذرت صحيفة «نيويورك تايمز» من تبعات التحريض الروسى فى القرم، وفى افتتاحية لها بعنوان «ماذا تستهدف روسيا فى أوكرانيا؟»، وقالت إن تكتيكات بوتين الخطيرة بالتأكيد ستكون لها رد فعل معاكس، وقد يدفع الأوكرانيين لرفض وعدم قبول أى دور روسى فى مستقبل بلدهم. وطالبت الصحيفة الأمريكية روسيا والدول الغربية بالعمل معًا من أجل المساعدة فى تحقيق استقرار أوكرانيا سياسيًّا، ومن أجل إيجاد صيغة اقتصادية تجارية تساعد على حل الأزمة الاقتصادية بها. فى المقابل انتقدت صحيفة «واشنطن بوست» موقف الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية إزاء تفاقم الأحداث فى أوكرانيا. وقالت فى افتتاحية لها بعنوان «التنديد لا يكفى»، «بينما تتحرك القوات الروسية فى القرم فإن الغرب يرد على ما يحدث بمكالمات هاتفية». وقالت الصحيفة: «إن السيد أوباما والقيادات فى أوروبا يجب أن يتحركوا بسرعة من أجل منع تقسيم أوكرانيا»، و«أن ما افتقده بيان الرئيس كان الخطوة الأولى الضرورية، وهى مطالبة كل القوات الروسية بلا استثناء بالانسحاب من كل مواقع انتشارها فى القرم، وأن تعترف موسكو بسلطة حكومة كييف فى المنطقة»، مضيفة «وإذا لم يمتثل السيد بوتين فإن الزعماء الغربيين يجب أن يوضحوا أن روسيا ستدفع ثمنًا باهظًا.. ليس تنديدًا فقط بل عقوبات اقتصادية ودبلوماسية».
 
ويذكر أن إزاء هذا الموقف المتردد فى التصدى لتحركات موسكو فى الأيام الأخيرة (كما يقال) حرص مسؤولون كبار بالإدارة على الدفاع عن هذا التوجه. كما حرصوا على التأكيد أن روسيا وقعت اتفاقية للحد من الأسلحة النووية وتخفيضها مع الولايات المتحدة فى الولاية الأولى لأوباما. وأن موسكو أبدت تعاونًا فى مرور الأسلحة للقوات الأمريكية فى أفغانستان. وأيضًا شاركت مع واشنطن فى الجهود الدبلوماسية الرامية لتحقيق نزع وتخلص من السلاح الكيماوى لنظام الأسد فى سوريا. وفى المقابل أبدى كثير من قيادات الكونجرس وأعضائه قلقهم وانزعاجهم من أن بوتين يستعمل هذه المبادرات الدبلوماسية فى تحقيق تحكم أكثر على تحركات أمريكا تجاه حلفاء روسيا فى سوريا وإيران وكوريا الشمالية. وأن أوباما حسب رأيهم فى حاجة إلى أن يفعل أكثر فى تحديه المباشر لبوتين، وأن يعترف بأن زعيم الكرملين ليس شريكًا لأمريكا. وعدم فعل ذلك فى رأيهم قد يدفع الكرملين إلى اتخاذ خطوات أكثر شراسة فى تحديد ملامح أوكرانيا المستقبل. كما أن هذا التردد الأمريكى قد يدفع روسيا إلى الاستمرار فى تحدى مصالح أمريكا فى أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
 
وكانت واشنطن خلال الأيام الماضية قد حذرت فى تعاملها مع الأزمة المتصاعدة فى أوكرانيا ومتحفظة فى ردود أفعالها مع ما يصدر من موسكو خاصة، إلا كانت حريصة على التأكيد بأنها لا تريد تصعيد الموقف أو الرجوع إلى «أجواء الحرب الباردة». ويشهد الكونجرس فى الأيام القادمة مزيدًا من اللقاءات والمشاورات المكثفة لبحث سبل مساندة أوكرانيا والوقوف معها سياسيًّا وماليًّا من أجل الخروج من مأزقها الحالى. وتعد قضية تقديم المساعدات السريعة مسألة حيوية وملحة بالنسبة لأوكرانيا. وتكرر الحديث فى الأيام الأخيرة عن مشاورات تجرى على قدم وساق، وأن صندوق النقد الدولى طرف فيها من أجل التوصل إلى صيغة لتوفير الأموال اللازمة لأوكرانيا. وتباينت التقديرات الأولية لما تحتاجه أوكرانيا، وإن كانت تصل فى مجموعها إلى نحو 35 مليار دولار حتى نهاية 2015. كما أن ما تحتاجه فورًا 4 مليارات من الدولارات. ونقل عن كيرى منذ أيام أن واشنطن على استعداد أن تقدم بصفة عاجلة ضمانات قروضًا تقدر بمليار دولار، وكانت موسكو قبل اشتعال الموقف مؤخرًا قد تعهدت للحكومة الأوكرانية السابقة بتقديم 15 مليار دولار. وقد ذكر منذ أيام بأن هذا التعهد لم يترجم ماليًّا، وأن الأمر كله معلق فى الوقت الحالى.
 
ولا شك أن التصعيد الروسى الأخير والمتوالى فى أوكرانيا يضع واشنطن فى موقف لا تحسد عليه. والعالم كله يراقب رد فعل واشنطن وعواصم الغرب تجاه التحركات الروسية داخل أوكرانيا.

Total time: 0.0448