اخبار الساعة - عبدالخالق عطشان
حمل السلاح لا يعني ان الانسان يكره المدنية ويميل للعنف وحمله أيضا لا يعني الرجولة والقوة، وتجريد المجتمع من سلاحه تماما وبدون أي ضوابط او استثناءات هو ضرب من المستحيل ومحاولة لتحليل العادات والتقاليد بمحاليل المدنية وفيه نوع من المغامرة إذ سيؤدي هذا النوع من التحليل إلى انتاج انواع جديدة من المركبات الجديدة في المجتمع والتي تتمثل بضهور جماعات (عصابات ) أكثر تعقيدا وتعنتا تعمل على حيازة الاسلحة بل وتحرص على ذلك لأنها ترى في نزع السلاح انتزاعا لهيبتها بل ولموروث تاريخي واجتماعي كان له الاثر في بناء الشخصية وهيبتها..
الحديث عن نزع السلاح لا يقصد به الا الاسلحة الشخصية المحمولة والتي يقتنيها معظم اليمنيين وليس الاسلحة الثقيلة والمتوسطة ومعظم الخفيفة فهذه لا تحتاج ( لكلام ) فهي ملك الدولة ومنازعتها فيها وامتلاك أي جماعة لها فهو طريق للإرهاب والانقلاب عليها..، ولكن يبدو ان كلمة نزع تثير نوع من الحساسية لأنها توحي باستخدام القوة والاكراه من جانب والى ان البعض يرى ان مجتمعا منزوعا من سلاحه انما هو لعبة خارجية لصياغة مجتمع يسهل ثنيه وطيه والتلاعب به وجعله عرضة للإستبداد والاستعمار وهذا الرأي يحتاج الى فيض من الدراسة والبحث غير ان ما يرجوه الغالبية هو اعادة تنظيم حمل السلاح عبر تقنين ذلك ووضع اللوائح والضوابط وتحديد الاجراءات الكفيلة بذلك..
السلاح الذي تمتلكه الجماعات المسلحة يتفاوت نوعه والهدف منه ومصدره ومنشأه غير أن أخطره هو الذي تمتلكه جماعة الحوثي والذي يعتبر سلاحا متعدد الجهات وصالح في جميع الجبهات وذو هدف واحد فهو سلاح خفيف ومتوسط وثقيل وجاء عبر البر والبحر والجو وحصل عليه شراءً وهبة ونهبا وغنيمة والمقصد منه والغاية هو اقامة أو بالأصح اعادة حقه والذي هو ( حق الهي ) من وجهة نظرة بإقامة دولة الأئمة والذي يسعى لإقامتها باستخدام هذا السلاح وبالتحالفات مع اركان النظام السابق والذي استغله في دعمه بالسلاح الثقيل ( المدرعات والمدفعية ) ومضادات الطيران والتي اكسبته قوة اضافة الى الدعم الايراني اللامحدود عبر اكثر من سفينة بحرية تم شحنها بما لذ وطاب من الاسلحة وتم احتجاز بعضها واشهرها سفينة ( جيهان) ويزداد الامر تأكيدا حين اصرار الحوثي على الحاق محافظة حجة بإقليم خاص به وذلك طمعا منه في منفذ بحري يسعى من خلاله لتزويد نفسه بوسائل القوة العسكرية بكل سهولة ويسر من ايران وغيرها والتي اضافة لتزويده بالسلاح تزويده بالمال والذي يشتري به الذمم المحلية والتي اسهمت في اجتياحاته الاخيرة في مناطق القبائل ومحاولة بسط نفوذه من صعدة حتى صنعاء .
لا يلام كاتبٌ حوثي حين يصف سيده بأنه ( مظلومٌ ينتصر ) ولكن الذي يلام من يدعون أنهم رسل الحرية والسلام ودعاة التعايش والذين ظلوا أعواما ينافحون عن حقوق الانسان ونبذ العنف وإذا هم اليوم يصورون الحوثي على انه مظلوم ويبحث عن الأمان والتعايش ونشر فكره مثله مثل بقية الجماعات ويبدوا أن مثل هؤلاء قد عميت عليهم بصائرهم فلم يشاهدوا اجتياحاته وخيلائه بالسلاح الثقيل ونسفه للدور والمساجد والمدارس والى آلاف النازحين ومخيماتهم والذين ما شردهم الا سلاحه وتطرف فكره . لقد حدد الحوثي طريقه الى امريكا واسرائيل ومر اليهما عبر شعاب ارحب وقيعان عمران وسهول الجوف وها هو اليوم
يٌجلجل بسلاحه يريد سواحل حجة ليكون قريب من لوس انجلس..
إن دعوى رفع مظلوميته باستخدامه السلاح بكل اشكاله انما هو زيفٌ بَيّن فها هو اليوم وعبر دخوله في التسوية السياسية تُردُ له مظلوميته فما عاد هناك مبرر لحمله السلاح ، وزورٌ أن يدعي حمله لهذا السلاح لحماية نفسه فهل حماية نفسه تقتضي الزحف من مران متوغلا ومتشعبا عبر أكثر من محافظة قاصدا صنعاء ، ودَجلٌ يريد أن ينتصر ممن ظلمه وها هو اليوم يضع يده في يده لإسقاط التسوية السياسية فهل بقي له من مظلمة وهل هناك مبرر لدوام بغيه وتمرده..
يبدو أن الحوثي ما زال يعاني من نقص ويدرك أنه غير قادر على تمدد فكره وتمكنه إلا بالقوة وبهذا السلاح الثقيل وحين تسليمه سوف ينكمش ويتلاشى ولذلك يرى أن نزع الارواح ولا نزع السلاح وما علم ان القوة تعتمد على قوة الفكر ووضوح الهدف وصدق المعتقد وسلامة النهج ويُسر الطريقة وسهولة الاسلوب والمرونة والقدرة على التعايش مع جميع الفئات وتغليب المصلحة العليا على المصالح الذاتية وغير هذا وإن كُتب له التمكين بقوة السلاح فإنما كما كُتب لمن سبقه من أئمته فما قرّ لحكمهم قرار وما استكان لحكمهم شعب بل كان التنازع الداخلي العسكري هو السمة البارزة بين حكامهم وذويهم وشعوبهم ولن يكون مصيره الا شبيها بهم وما احدثه بالسلاح من الانقضاض على السِلم والحكم سيفضي به إلى الانقراض..