يظل الصراع هو السمة البارزة في المرحلة الراهنة وهو صراع يأخذ بعدين ( سياسي و عسكري ) غير ان الأخيرفي الغالب هو نتيجة الاول ويؤل ايضا الى اطماع سياسية أعلاها وذروة سنامها الانفراد التام بالحكم والاستحواذ على كل مفاصل الدولة ويعتبر الطرف الاول في الصراع السياسي هو ذلك الطرف الذي آمن بأن التغيير لابد منه وماض بل واصبح ضرورة حتمية وبالذات حينما وصل الامر الى حد التوريث واقصاء كل الاطراف الفاعلة في الساحة وهذا الطرف يحافظ على دوران عجلة التغيير ويدفعها بكل ما أوتي من قوة غير أنها مازالت تتحرك ببطء الأمر الذي جعل الطرف الثاني في هذا الصراع وهو الذي كان حاكما بالأمس واضحى اليوم حاكما معارضا في آن واحد يستخدم موقعه الحالي في الحكم للتحكم في مجريات التغيير عبر افتعال كل العراقيل لأي تسوية مستحدثا كل وسيلة يهدف منها بالدرجة الاساس الى عودته الى سدة الحكم مستخدما كل ما يناسبه من دستور الخارج ( المبادرة الخليجية ) ومؤمنا ببعضها وكافرا بالبعض الآخر.
افتعال الأزمات والترويج للشائعات ودعم الحركات المسلحة هي ابرز هذه الوسائل التي يستخدمها النظام السابق والمشارك بقوة في النظام الحالي فعبر رموزه وحلفائه في معظم مؤسسات الدولة وكوادره الذين مازالوا يؤمنون ايمانا مطلقا بعودة (الزعيم المنتظر) او احد عترته متكئين على وسائل اعلامية أنشأها واستطاع عبرها التنقيب عن عثرات الحكومة التوافقية وتهويلها وحشد اكبر قدر منها حتى لكأن المواطن العادي ليُخيل اليه من سحرهم الاعلامي أنه لو خرج بعد نشرة اخبارهم لرأى صنعاء قد خُسفت وحضرموت قد زُلزلت وأن التتار قد قدموا من الشمال فصاروا يبقرون بطون الحوامل بعد رأوا حقيقةً احراقهم لبيوت الله وكتابه. كل ذلك لخلق حالة من السخط العام والغضب الشعبي يدفعهم للتذمر والشكوى من التغيير وقواه والانخراط في تصديق الشائعات وتناقلها والاحتشاد لإثارة الفوضى والازدحام عند محطات الوقود ومخازن التمويل السلعي الأمر الذي يصوِر أن هذا هو التغيير وهذا هو الرئيس التوافقي ..
لقد كشفت الأيام الماضية عن حقد مركب ودفين وحلف قطباه من خلعهم الشعب واستبدل غيرهم [ المؤتمر وحليفه عدوه بالامس الحوثي ]وهذا الحلف ليس الهدف منه التوطئة ( للمهدي المنتظر ) وانما اسقاط ( الهادي ) القائم حاليا ومن اهتدى بهديه من قوى الثورة والتغيير وقد أفلح هذا التحالف بعرقلاته وشائعاته وأسلحته ليس في دق ناقوس الخطر فقد دقه وانما في دق ودك أسوار الجمهورية ابتداءً من صعدة وحتى همدان مشمرا للدخول صنعاء مستغلا هذا التحالف تلك الجذور التي مازالت له في باطن الجمهورية ومؤسساتها العسكرية والمدنية ومستفيدا من حجم الاخطاء التوافقية والتي هي بفعل هذا التحالف أساسا مستثمرا انصراف الرئاسة صوب القضية الجنوبية واخواتها وبحثها في الخارج عن مصادر لدعم خزينة الدولة التي استأثر بها ركن النظام السابق وصار اليوم يستخدمها مع حليفه لتحقيق هدفهما..
إن الثقة بين الرئيس هادي وبين المؤسسة العسكرية مازال هشا رغم ما تهيكل إلا أنها هيكلة في الشكل لا المضمون فمازال هناك قادة وضباط وافراد يحلُمون بحق العودة لقائدهم الأعلى أو من اصطفاه لقيادتهم ولا يُؤمَن عليهم في أي مهام وطنية ولا يُعول عليهم في بسط سلطان الدولة ولا يؤهل الرئاسة عبرهم للتصدي بعزم لكل عناصر الفوضى والتخريب وهذا ما دفع بالبعض بشن جام نقدهم وحقدهم على الرئاسة والتشكيك في الرئيس هادي فاعتبروا صمته تواطؤاً وصبره عجزاً... والله يعلم السرائر..
إن شرط المحاصصة في المبادرة الخليجية والغموض الذي يصاحب كل تحقيق في أي عملية ارهابية وعدم الشفافية الوطنية وليس الأُممية في كشف معرقلي التسوية السياسية وتحول الدولة إلى وسيط بين الجماعات الارهابية من جهة والقوات المسلحة والقبيلة اليمنية من جهة أخرى واعتبار الرئاسة نفسها أنها تقف على مسافة واحدة مما تُقدِم عليه تلك الجماعة الارهابية من زحف وتقدم وتوغل في ممتلكات المواطنين والذين يدافعون عن انفسهم أمام تتريتهم والاذعان لشروط تلك الجماعة السلالية واعتبارها الجيش طرفا خارجيا ومشاركا في الصراع وليس طرفا حكوميا رادعا له حق لازم في الانتشار والتدخل في أي مكان وزمان ودون شروط كل ذلك جعل الرئيس هادي يقف على ارض غير صلبة يزيد تراخيها الى حد الانزلاق اضافة الى ذلك هو محاولة الاعتماد التام على الدور الخارجي والذي ضرره اكثر من نفعه فالخارج يُطل من فوق اسوار الامم المتحدة ليرى لمن تكون الغلبة وسيتولى دعمه طالما وانه سيضمن مصالحه ودوام هيمنته ولا يضيره أي فكر أو منهج يحمل هذا الغالب ولا يهمه خسائر المغلوب ولو كان الوطن أو المواطن..
أرضية الرئيس هادي
اخبار الساعة - عبد الخالق عطشان