يقول المثل الشعبي المصري ( إرميه البحر يطلع في بقه سمكة ) وهذا قد يكون قريباً من الصحفي الأمريكي آدم براون الذي وفد إلى اليمن في مطلع العام 2011م ولازم ساحة التغيير ولبس الزي اليمني وخزن بجميع أنواع القات ، أكل جميع المأكولات الشعبية من (العصيد الى السلتة ) , وسافر لبعض المحافظات وكانت له صداقات كثيرة ، لازلت أتذكر حينما علق أحد المولعين القدماء بالقات أن : آدم براون يجيد شراء النوع الجيد من القات أفضل منهُ ، آدم الذي غادر اليمن بعد استدراجه من قبل مكتب الجوازات بصنعاء بحجة تجديد إقامته ومن ثم قاموا بترحيله حسب نشطاء في الفيس بوك لم يكن يفكر أصلا بمغادرة اليمن ، وهذا ما جعلنا أمام قصة فراق لرحال أمريكي عاش أتعس أيام اليمن ومرت عليه أهوال المواجهات أثناء الثورة ، تاركاً مدينته واشنطن بكل مقوماتها خلف ظهره ، لن أقول ليمضغ القات ولكنه أكتسب الكثير من العادات اليمنية فهو يلبس (المعوز) ويرتدي (الغترة ) على الجاكت وكأنه من مفرق ماويه ، كان (آدم) يتردد على ساحة التغيير وهو يحمل جهازهُ المحمول (اللابتوب) على كتفه و(علاقي) القات باليد الأخرى لا يبالي بالرصاص ولا بدوي الانفجارات ، في آخر التخزين تتجمع لديه الهموم كيمني (ضابح) ويتسلل من أحد منافذ الساحة متجهاً مسكنه للقاء بتخزينة أخرى ، لا أعرف إن كان قد تعلم كيف يشتري (علاقي القات) من مقوت همداني بسعر موفر(مخارج) أو من أرحبي يضع في صدره مائة علاقي قات يحسبه حزام ناسف .
أعتقد أن الصحفي الأمريكي (براون) سيحن لليمن وللهواء العليل ، ليس القات من جعل من آدم مغترب لا يريد العودة وإن كنا لا نعرف إن كان قد جاءه (الرازم ) في طريقه ، لكن جمال اليمن رغم انطفاء الكهرباء وانعدام مقومات الحياة ، يبقى في النفس أُنس إلى أهلها ، وطيبة ساكنيها تجبر الزائر على التوقف دون ملل بجوهرة بيد (فحام ) ، مع هذا تظل شامخة في أعين أهلها رافعة بجبالها ووديانها تحن لها الأفئدة في شوق تأريخي وحاضر ، أصالة ما بقى على جدرانها القديمة تجده على وجوه من تقابلهم وتعيش معهم ، وما كان من ردة فعل ناشطين يمنيين على قرار ترحيله ببعيد بكرم أهلنا في اليمن ، مع كل هذا يبقى القات يشوه ويدمر كعادة سيئة صحياً ونفسياً.
الصحفي الأمريكي مكث قرابة ثلاثة أعوم في اليمن فلا بد له من تجربة فريدة من نوعها في ظروف كهذه ، وخاصة أنه كان قريب من الواقع ، ولا نستبعد أن تتبنى (هوليوود) فلم يجسد أمريكي يخزن ويرتدي الزي اليمني ولا يرغب بالعودة إلى وطنه .